ظهرت إلى السطح معلومات تتحدث عن عمليات منظمة لشراء بطاقات انتخابية في مناطق الوسط والجنوب يقف وراءها خليط من جهات داخلية وأخرى خارجية، وبدت الغاية المباشرة من هذه الممارسات هي تقليص نسبة مشاركة الشيعة في الانتخابات المقبلة بما يفتح المجال لخلخلة ميزان القوى،وبدت الأهداف الأبعد مرتبطة بإحداث اختلال في التوازن لصالح السنة داخل المعادلة العراقية المعقدة، فيما تؤكد روايات متقاطعة أن ضخ أموال هائلة بات يُستخدم كوسيلة لبلوغ هذا الغرض السياسي الحساس.
ويسلط هذا المشهد الضوء على واحد من أكثر التحديات خطورة في التجربة الانتخابية العراقية، إذ يتحول التصويت من ممارسة ديمقراطية إلى أداة للمساومة، وتُختزل إرادة الناخب في رقم مالي يحدد اتجاه المشاركة من عدمها، بما يفرغ العملية الانتخابية من مضمونها السياسي ويحوّلها إلى صفقة نفوذ عابرة للحدود.
ويدفع هذا النمط من السلوك إلى التساؤل حول قدرة الدولة على حماية التوازن المجتمعي في ظل استراتيجيات متعمدة لإضعاف مشاركة مكوّن رئيسي يمثل ثقلاً سكانياً وسياسياً، ويكشف في الوقت ذاته عن محاولة فرض معادلات جديدة تعيد إنتاج اصطفافات طائفية على حساب الهوية الوطنية الجامعة.
