في هذا النص الذي يتكئ على الهدوء العميق ويتغذى من الوجع الخفي يمضي الكاتب ابراهيم البهرزي نحو مساحة مشبعة بالتأمل والفراغ والذكرى لا صراخ لا ضجيج لا أحكام كل شيء يسير برفق خافت كأن الكون ينسحب من الحياة بهدوء
الصمت هنا ليس فراغا بل امتلاء الصمت هنا صوت آخر لا يحتاج الى نطق هو شريك هو ظل هو وجه في المرآة لا يغيب
في لحظة الجلوس قرب نافذة تتجلى صورة شجرة التوت التي كبرت وحدها كناية عن الذات التي تشيخ بلا أحد عن الذاكرة التي تتساءل عن الايدي التي لم تعد تمتد عن ماض يشبه الصورة المائلة التي لا تجد موضعها الصحيح
ضحكة قديمة نصفها في الحاضر ونصفها في الذاكرة هذا الانشطار يكشف عن مأساة الانسان المعاصر الذي لم يعد يملك لحظة مكتملة لا فرح كامل ولا حزن صريح
دفتر الايام لا يحوي سوى البلل والانتظار والكلمات التي فقدت دورها وصارت تتدرب على نسيان نفسها مشهد يشبه أرشيفا تالفا للحياة
ثم يأتي الصمت يتحدث وكأنه كائن يتسلل يجلس على الكرسي يراقب ويعلن الحقيقة الصعبة الوحشة وانت وحدكما الباقيان
وهنا قمة الوجع لا احد لا حضور فقط انت وظلك وماضيك الغارق في الغياب
نص البهرزي يكتب وجع الانسان بصوت منخفض لذلك هو يوجع اكثر هو لا يعترض لا يشكو فقط يروي كيف يصبح الانسان صديقا لشيء لا شكل له كيف تصبح السماء قريبة جدا لكن الطريق اليها مجهول
هو نص لا يطلب شيئا سوى التأمل في المصير
نص هادئ جدا لكن موجعه حد الانهيار
هذا هو الصمت حين يكتبك




