يستعد الجيش السوري لشن هجوم واسع قرب الحدود العراقية، لانتزاع مناطق من قسد الكردية، ما يفتح الباب أمام سلسلة من التداعيات الإقليمية، لعل العراق في قلبها. فالمعادلة الميدانية لا تنفصل عن الحسابات السياسية، إذ إن دير الزور والرقة ليستا مجرد أراضٍ داخل الجغرافيا السورية، بل هما ممرّان استراتيجيان يلاصقان الحدود العراقية، ويؤثران مباشرة في أمن الأنبار والموصل وعلى حركة الفصائل العابرة للحدود. ويكشف حشد خمسين ألف مقاتل في محيط تدمر عن نية دمشق تغيير قواعد الاشتباك، في وقت تقف فيه واشنطن في موقع المفاوض بين النظام و”قسد”، بينما تلوح أنقرة من بعيد بمشروعها الدائم لتفكيك نفوذ القوات الكردية.
وهنا يبدو العراق متأرجحاً بين صدى العمليات العسكرية المحتملة وبين خطر انتقال الفوضى إلى أراضيه، خاصة في ظل وجود فصائل عشائرية على طرفي الحدود تربطها علاقات متداخلة مع العشائر السورية.
وتتبدى المخاوف العراقية من ثلاثة مسارات متوازية: عودة نشاط خلايا “داعش” مستفيدة من الفوضى المقبلة، اتساع نفوذ الجماعات العابرة للحدود على حساب الدولة المركزية، وتزايد موجات النزوح من الداخل السوري إلى غرب العراق. وهذه كلها عناصر تزيد من تعقيد المشهد الأمني والسياسي داخل بغداد، التي تتأرجح بين خطاب السيادة الوطنية وحتمية التكيّف مع توازنات الميدان.