بين غزو الكويت وأزمة خور عبد الله: دروس لا تُنسى / د. ظافر العاني

هيئة التحرير3 أغسطس 2025آخر تحديث :
بين غزو الكويت وأزمة خور عبد الله: دروس لا تُنسى / د. ظافر العاني

في الثاني من آب عام 1990، ارتكب الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين خطيئة كبرى حين أقدم على غزو الكويت. ومهما بلغ حجم الاستفزاز الذي مارسه حكّام الكويت آنذاك، فإن شيئًا لا يمكن أن يبرّر احتلال بلدٍ عربي شقيق وشطبه من الجغرافيا.

لقد مثّل ذلك القرار ضربة صريحة لمبادئ الأمن القومي العربي، ودشّن مرحلة جديدة في تاريخ المنطقة، أصبحت فيها أراضي الخليج العربي ومياهه بؤرة للتواجد العسكري الأميركي والدولي ، وأُدخل العراق في دوامة استنزاف وعزلة انتهت بكارثة الاحتلال وسقوط الدولة ٢٠٠٣ .

الذرائع التي سيقت لتسويغ الغزو، سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو حتى تاريخية، لم تصمد لا أمام منطق المبادئ ولا حتى أمام منطق المصالح. فالكوارث لا تُبرَّر، مهما كانت النوايا المعلنة، لأنها لا تصيب الأنظمة وحدها، بل تحطم الأوطان وتسحق الشعوب. لقد فَتح ذلك القرار الباب أمام نظام دولي جديد بُني على أنقاض العراق، تُهيمن فيه الولايات المتحدة منفردة على القرار الدولي، وتتراجع فيه سيادة الدول أمام منطق القوة والعقاب الجماعي.

اليوم، وبعد مرور 35 عامًا على تلك الحادثة، تعود أجواء التوتر والكراهية لتطفو على سطح العلاقات العراقية الكويتية، على خلفية أزمة “خور عبد الله”. ومع قناعتي المطلقة بأن الخور عراقي، وبأن الكويت لم تتجاوز فقط على المساحة البحرية للعراق، بل توغلت أيضًا داخل حدوده البرية، فإنني مع ذلك لا أدعو سوى إلى حلول سياسية ودبلوماسية، بما فيها اللجوء إلى التحكيم الدولي.

إن التحديات التي تواجه العراق اليوم تتطلب وعيًا سياسيًا يتجاوز منطق الانتقام والتجييش، ويتبنى خطابًا عقلانيًا يحفظ حقوق البلاد دون أن يجرّها إلى أزمات جديدة. وبين غزو 1990 وتوتر 2025، ثمة فرق جوهري يجب أن نصونه: هو فرق الوعي بالتاريخ، والخوف الحقيقي على المستقبل .

عاجل !!