اليوم نلتقي مع شخصية أدبية وثقافية وأكاديمية مرموقة على الساحة النقدية والأدبية العربية, والعراقية , الناقد الأكاديمي الأستاذ الدكتور مصطفى لطيف عارف للحديث عن تجربته النقدية , وثقافته الأدبية وسوف اطرح على سيادتك مجموعة من الأسئلة للإجابة عليها من خلال الحوار الآتي:-
حوار / جميلة لوفاق
س1 / بادئ الأمر أود أن أسأل حضرتك أستاذ مصطفى لطيف لو طلب منك أن تقدم نفسك للقارئ لا كأديب وناقد، بل كحكاية تُروى، كيف كنت ستكتب افتتاحيتها؟
ج/ تحصنت بروح الأسطورة السومرية المتجذرة بالمعرفة التاريخية التي اتخذتها منذ صباي لأرسم ملامح طفولتي منذ بداياتها الأولى التي تشكلت داخل العراق ، فكانت مطالعتي الأولى تبعث اشراقات الأمل, وكانت ولادتي في مدينة الناصرية , لعائلة كان ربها من ووجهاء وشخصيات المدينة الذين قاموا بدور علمي , وتربوي في تعليمي القرآن الكريم حفظا وتلاوة, عشت صباي في مدينة الناصرية,التي هي الامتداد لبقايا مدينة أور السومرية التي ولد, فيها النبي إبراهيم عليه السلام هذه المدينة تنام على شاطئ الفرات الذي يرتفع بسد رملي لمنع الفيضان فيها , أول كتاب قرأته هو القرآن الكريم الذي تتلمذت على يد والدي رحمه الله في القراءة ,والحفظ ,والتجويد ,كان والدي يملك مكتبة كبيرة تضم أمات الكتب , والتفاسير , والدواوين الشعرية , والروايات العالمية ,والعربية .
س2/ الطفولة هي الفصل الأول في حكاية أي كاتب. كيف كانت ملامح هذا الفصل في حياتك؟ ومتى بدأت تشعر أن الأدب ليس مجرد هواية، بل شغف يسري فيك؟
ج/ في مرحلة الدراسة الابتدائية كان أخي الأكبر الدكتور علي يعلمني قراءة مجلات الأطفال كـ ( مجلتي, والمزمار), وعند انتقالي لمرحلة المتوسطة كانت مطالعتي للكتب ,والقصص, والشعر أكثر وعيا, وإدراكا أتذكر أول قصة قرأتها هي ( الشبح المحارب), وغيرها من القصص التي يدركها عقلي في تلك المرحلة , وكان أستاذي شوقي الطعان يقرأ لنا شعر الشاعر الكبير نزار قباني في نهاية المحاضرة ,وهو أستاذ لمادة التاريخ , أول مكتبة اشتريتها من الأستاذ فاروق السامرائي رحمه الله تضم بين طياتها مجموعة كبيرة من الكتب النفسية ,والاجتماعية, والنقدية , والفلسفية ,وكنت اعشق التاريخ في بداية حياتي , إذ قرأت تاريخ الطبري, ومجموعة كبيرة من الكتب ,والموسوعات التاريخية , أحدثت تطورا كبيرا في حياتي وعندما انتقلت إلى مرحلة الإعدادية وتعرفت على أستاذ للغة العربية في مدينة الناصرية المرحوم الأستاذ حسين عبد الرؤوف الخليل الذي جعلني اعشق اللغة العربية ,وفتح قلبه ,وبيته, ومكتبته على مصراعيها ,واهداني كتابه (في الأدب العباسي للدكتور محمد مهدي البصير) ما زال في مكتبتي احتفظ به ,وأنا في مرحلة الإعدادية عشقت الأدب العباسي بدأت أتذوق الشعر , والرسم , وتكونت عندي موهبة للحفظ , والتحليل, ومعرفة بعلم العروض, وحفظ الشعر الرومانسي والتأثر بشاعر المرأة الكبير نزار قباني .
س3 / هل كان هناك نص معين كتبته وشعرت معه أنك وجدت صوتك الحقيقي؟
- نعم هذا أول نص سردي كتبته , ووجدته فيه صوتي الحقيقي .
(( لفت نظري رجل كبير السن تجاوز السبعين عاما في بداية سوق شعبية على جانب الرصيف ,وأمامه جمبر خشبي قديم يتمايل مع كل هبة ريح ,يحدث ضجة يحس بها من كان على مقربة منه ,صفت أنواع كثيرة من السكائر , وولاعات ملونة , وبعض أقلام الجاف عليه إلى آخر النص .
س4/ الكاتب هو ابن قراءاته بقدر ما هو ابن تجاربه. من هم الكتاب أو الأعمال الأدبية التي تركت أثرا عميقًا في تكوينك الأدبي؟وهل هناك كاتب شعرت معه بأنك تكتشف ذاتك من خلال كلماته؟
ج/ بدأت مع قصص دستوفسكي , وتيشخوف , وترجنيف , وغوغول, وتولستوي , وجوركي , وأشعار بوشكين , وما يكلوفسكي من الروس , ومسرحيات شكسبير وبرنادشو , وقصص ديكنز من الانكليز , وقصص فكتور هيجو بلزاك ومسرحيات راسين وكورني وموليير وأشعار لويس اراغوان وبول ايلوال من الفرنسيين وأشعار غوته وشيلر من الألمان , ومن الأمريكان قصص همنغواي ومارك تويمي وجونشتايف بك , وكتب طه حسين وقصص نجيب محفوظ, وخصوصا الثلاثية( بين القصرين وقصر الشوك والسكرية ) وأشعار صلاح عبد الصبور وأشعار الجواهري والسياب وسعدي يوسف وبلند الحيدري ومظفر النواب واني املك اكبر مكتبة في مدينتي .
س5/ كيف كانت رحلتك في تشكيل أسلوبك الأدبي؟ وما التحديات التي واجهتها في ذلك؟
ج/ من خلال النظرية النقدية التي طبقتها في مؤلفاتي, وجدت أسلوبي في التحليل مختلف جدا لأنه يمثل نسجا من التداخلات التي ظهرت في الساحة الروائية العراقية وقد تطرقت إلى مقصدية المتكلم في النص السردي , وذلك في أطار السرد الذي يضم تحت مظلته عناصر تمتزج فيما بينها لتطوير الدلالة,ان هذا التحليل النقدي لم يك موجودا على هيأته هذه من الإيحاءات والرمز ,والتشظي الدلالي في الروايات العربية والعراقية في بواكير تأليفها , بل كانت في بادئ الأمر معتمدة على السرد المباشر التصاعدي الخالي من الصور,والإيحاءات ,وأصبح يحمل بين طياته صورا شعرية , ورموزا أسطورية ,واستخدمت آليات عدة منها المنولوج الداخلي , ومناجاة النفس ,والمونتاج السينمائي , وغيرها 0
س6/ قرأت قصتك المؤثرة والمحزنة وأظن أن هذا النص الذي كتبته يحمل بعدا إنسانيا عميقا فكيف أثرت كتابته عليك ككاتب؟ وهل غيرت هذه التجربة نظرتك إلى دور الأدب في تسليط الضوء على القضايا الاجتماعية والسياسية؟
يمكن صياغة السؤال بطريقة أخرى ما مدى تأثير تجربتك السردية على مسيرتك الأدبية، وكيف توازن بين الفن والواقع في كتاباتك؟
ج/ اكتب قصصي بصدق,صدق الإحساس ,وخفة الحلم,وكأني أحصي خسارة شعبي التي هي خسارتنا, أنصت لنبض الحياة رغبة بالكتابة,لنزعة إنسانية بداخلي,نزعة مفرطة في الصدق , قصصي تعلن رصد تعارضات حادة تشكل الواقع العراقي في مشهديه سينمائية0 و تعلن امتدادها الزمني نهاية الألفية الثالثة ,وصولا إلى بداية الألفية الجديدة بوصفها الخيط الدقيق الذي يربط بين الواقع ,والخيال ,بين الحياة نفسها ,والحلم .
س7/ هل كنت كاتبا قبل أن تصبح ناقدا ، أم أن النقد كان شغفك الأساسي؟
بدأت النقد أولا لسببين , الأول تخصصي الدقيق في الجامعة هو النقد الحديث , والثاني خلو الساحة الأدبية والنقدية من الناقد المتخصص 0
ثانيا الكتابة عندي هواية أمارسها في بعض الأحيان .
س8/ ما أول تجربة نقدية كتبتها، وكيف كان صداها؟
ج/ من خلال قراءة نقدية لكتاب (يوم في بغداد) للشاعر شوقي عبد الأمير هناك صدى كبير للقراءة النقدية0
تميز أسلوب الشاعر , والكاتب شوقي عبد الأمير في كتابه الجديد (يوم في بغداد) بأسلوب يحيل اليوم إلى فن اليوميات أكثر من فن السيرة , فهو يوم ليس ككل الأيام , أو هو احتدام الأيام في دورة زمان قياسية محددة , تتصادم فيها أيام الدكتاتورية مع أيام الاحتلال , وصباحات المنفى مع فجر العودة , ساعات الإحباط بأوقات الأحلام , وخلاصته قوافل أحداث كابوسيه تمتد من الليل إلى الليل , لكن ليل بغداد ليس ضاجا بالحياة إلى هذا الحد , بل نراه يسرد لنا المواقف الصعبة التي تمر بها بغداد في ظل الاحتلال الغاشم كما لو أن بغداد تواصل من جديد دورة الموت التي وعدت بها والتي نذرت لها منذ أن خط المنصور حدودها بالنار ليعمدها بالسيف العباسي وليسميها من بعد بـ مدينة السلام 00 وهو الاسم الذي تعطيه اليوم الملايين من العراقيين لأكبر مقبرة في مدينة النجف .
س8/ هل تغيرت طريقة قراءتك وتحليلك للأدب؟
ج/ أكيد من خلال القراءة , والاطلاع الواسع على الدراسات النقدية الحداثوية , فضلا عن الرسائل والاطاريح الجامعية , والكتب المؤلفة من قبل النقاد , أصبحت لدي القدرة , والمقدرة النقدية على تذوق النصوص وتحليلها .
س9 / من هم النقاد أو الفلاسفة الذين أثروا في رؤيتك النقدية؟
فرويد ودراساته النقدية النفسية , ونازك الملائكة كناقدة , وأستاذي في الجامعة الدكتور ناصر حلاوي خريج الجامعة البريطانية , وغيرهم
س10/هل تتبع منهجا نقديا محددا، أم تفضل التنوع في أساليب التحليل؟
في الحقيقة اتبع أساليب متعددة في النقد , بداياتي كنت اعتمد على المناهج النقدية السياقية ( المنهج التاريخي , والتاثري الانطباعي , والنفسي وغيرها من المناهج ) وفيما بعد اتبعت المناهج النصية في التحليل ( المنهج البنيوي ,السيميائي , والتفكيكي , وغيرها من المناهج النقدية ) , وفي الوقت الحالي اتبع المنهج ألعتباتي من خلال دراسة العنوان , ولوحة الغلاف , والمطبعة , والتصدير , وغيرها من العتبات النصية الأخرى .
س11 / برأيك، هل يجب على الناقد أن يكون صارما في منهجه، أم أن لكل عمل أدبي خصوصيته التي تفرض أسلوب تحليل مختلف؟
ج/ يجب ان يكون الناقد صارما في حكمه النقدي ولا يجامل , وفي اغلب الأعم يتبع اغلب النقاد المنهج التاثري الانطباعي والذي يعتمد على ذكر حسنات النص ولا يغوص إلى الأعماق , أي بمعنى آخر دراسة الشكل , والابتعاد تماما عن المضمون .
س12/ كيف ترى دور الناقد اليوم وهل يمكن للنقد أن يكون أدبيًا بقدر ما هو تحليلي؟
ج/ في الوقت الحالي يعتمد النقد الأدبي على مشاركة المتلقي في عملية النقد ,والتحليل ولا بد ان يتحلى الناقد ,والمتلقي, وكاتب النص بثقافة عالية في فهم النص حتى يستطيع ان يغور في أعماقه, ويفهمه فهما صحيحا ويفضل ان يكون الناقد أديبا حتى يعطي صورة مشرقة عن موضوعه .
س13/ يقال إن الكاتب يكتب ليكتشف نفسه، ويقال أيضًا إنه يكتب ليُغيّر العالم. بين هذين المنظورين، أين تجد نفسك؟ وما هو الدافع الأعمق الذي يجعلك تستمر في الكتابة؟
ج/ عند اختياري لعنوانات قصصي اكدت فيها على الزمن ,وكان الزمن-زمنها- هو زمن سقوط أمل العراقيين,أمل الإنسانية في حياة حرة كريمة,فقد كانت الآمال راقصة لذلك الزمن العراقي الذي عشناه حروبا,وحصارات,ومؤامرات كان زمنا راقصا مثل ذلك الرجل المذبوح كما ورد في الشعر,وقد يرقص المذبوح من الم الذبح , بقي العنوان,قد يرتبط بالشخصية أو لا يرتبط تماما,فهناك عنوانات بعض القصص باسم أحدى شخصياتها,وقد يكون العنوان لا يحمل اسم شخصية من شخصيات القصة , كما يبين إحجامه عن تقييد القارئ بعنوان ربما يوجه اهتمامه نحو مظهر من القصة دون آخر,اعتقادا منه أن العنوان يمثل جزءا حيويا من بنية النص إلى جانب كونه مفتاحا تأويليا,والعنوان في تركيبته التأويلية ينبئ عن علم مكتظ من العلامات ,والشفرات التي تتحول إلى دوائر تدور حول بعضها مثيرا عددا غير قليل من الدلالات,والبنى الإيحائية0
س14/ ترى أن الأدب مرآة للواقع، أم أنه وسيلة لإعادة تشكيله؟ وكيف توازن في كتاباتك بين التعبير عن الحقيقة وبين ضرورات الخيال والإبداع؟
ج/ إذا كانت القصة في المقام الأول,فنا زمنيا يضاهي الموسيقى في بعض تكويناته, ويخضع لمقاييس مثل الإيقاع, ودرجة السرعة فإنها من جانب آخر تشبه الفنون التشكيلية من رسم,ونحت في تشكيلها للمكان,إذ إن المكان في إبعاده يحتوي الزمن مكثفا, والمكان يمثل الخلفية التي تقع فيها إحداث القصة,في حين يتمثل الزمان في هذه الإحداث نفسها,وتطورها,لذلك فان طريقة إدراك الزمان تختلف عنها في المكان,فالزمان يرتبط بالإدراك النفسي,إما المكان فيرتبط بالإدراك الحسي, وللمكان أهمية كبيرة في القصة إذ انه هو الميدان الحاضن للحدث,والشخصيات المشاركة فيه,لذا فانه ينظم العناصر المكونة للقصة, ويرتبط المكان بالزمان بحيث لا يمكن فصلهما في القص, لأنهما لا يوجدان منفصلين في الواقع,إلا إن كلا من الزمان والمكان يأخذان بعدا جديدا في النص مع ارتباطهما بالواقع, ولقد أدرك الإنسان منذ القدم الدور المتميز للمكان,وعلاقته بوجوده,ولعبت فكرة المكان دورا أساسيا في الفكر الإنساني قديما,وحديثا,وتطورت هذه الفكرة مع تطور الفكر البشري في تعامله مع العالم الخارجي المحيط به , لذا القصة ندي واقعية تعبر عن الواقع المعيش .
س15/ كيف تصف علاقتك بالكتاب الذين تناولت أعمالهم نقديا؟ وهل سبق أن أثر نقدك في أحدهم إيجابا أو سلبا؟
ج/ في الحقيقية أنا أتعامل شخصيا مع النص , وتذوقه بمعنى آخر ( موت المؤلف) عندي عشرات القراءات النقدية وليس لي علاقة مع أصحابها المهم عندي النص المتميز / الرواية , أو المجموعة القصصية , أو الشعرية إذا احتوت على تقنيات فنية أو نقدية ادرسها وأبين السلبيات ,والايجابيات , وأحايين كثيرة تصلني من المؤلفين بعض المؤلفات الذين تربطني معهم صلة أو صداقة والتي أجدها تستحق الدراسة والقراءة النقدية أقوم بتحليلها مما يتسبب في بعض الأحيان إلى زعل اغلبهم لأنني لا أجامل في نقدي .
س16/هل ترى أن النقد الأدبي العربي يواكب التحولات الحديثة في الأدب، أم أنه لا يزال متأثرا بالمناهج التقليدية؟ وما الذي يحتاجه النقد العربي ليصبح أكثر تأثيرا وحيوية؟
ج/ ربما ما زال النقد إلى وقتنا الحالي متأثرا بالمناهج التقليدية السياقية ( من تأثري وتاريخي ونفسي ) ويحتاج النقد إلى المواكبة والتطور على الساحة الأدبية والنقدية ولا سيما في المناهج النقدية الحداثوية التي ظهرت وانتشرت في الوطن العربي .
س17/ “ما المعايير الأساسية التي تعتمدها في تقييم أي عمل أدبي؟ وهل ترى أن الذائقة النقدية تختلف كثيرًا عن الذائقة العامة للقُرّاء؟”
ج/ الشروط النقدية المتوافرة في النص , وبحسب المناهج النقدية المتبعة في التحليل إذا كانت سياقية فمثلا الفكرة , الأسلوب , العواطف , الخيال وغيرها , وإما إذا كانت المناهج نصية مثلا العتبات , و الدال والمدلول , وعلم الإشارة , وغيرها من التقنيات الأخرى .
أكيد الذائقة النقدية للناقد المثقف المطلع على المناهج النقدية الغربية والعربية تختلف في فهم النص وتحليله لما يمتلك من خزين معرفي
س18/ هل يمكن للنقد أن يصنع كاتبا؟
وهل ترى أن النقد الجاد اليوم لا يزال له تأثير قوي على المشهد الأدبي، أم أن وسائل الإعلام والتسويق أصبحت تلعب دورا أكبر في توجيه القراء؟
ج/ برأيي المتواضع يمكن للناقد ان يكون كاتبا , وليس العكس .
النقد الجاد ضعيف أو معدوم بسبب العلاقات الاجتماعية القائمة على تبادل المنفعة بين الناقد , والكاتب .
مع الأسف الشديد أن وسائل الإعلام تلعب دورا كبيرا في النفاق الاجتماعي وتعطي حجما كبيرا للكاتب وهو لا يستحقها بسبب المجاملات الزائفة من قبل النقاد والتي نجدها في اغلب المواقع الالكترونية إذ تعطي حجما كبيرا لبعض النصوص وهي لا تستحق الدراسة , ولا تحتوي على أبجديات الكتابة .
س19/ مع ظهور تيارات سردية جديدة وتداخل الأجناس الأدبية، هل تعتقد أن النقد يجب أن يتطور أيضا؟ وما أبرز التحديات التي تواجه الناقد اليوم عند التعامل مع هذه الظواهر الحديثة؟
ج / يجب على الناقد أن يواكب العصر والتطورات النقدية الجديدة , ولكن مع شديد الأسف الناقد اليوم لا يتطور ولا يمكنه الاطلاع على المناهج النقدية الحديثة التي انتشرت بشكل كبير في مواقع التواصل فضلا عن الكتب النقدية الجديدة , والمجلات العلمية والأدبية لابد له من الاطلاع عليها جميع حتى يواكب العلم والتقدم المعرفي 0
س20/ إلى أي مدى يمكن للناقد أن يكون موضوعيا؟ وهل يمكن للنقد أن يكون خاليًا تمامًا من الذائقة الشخصية، أم أن الناقد في النهاية إنسان يتأثر بما يحب ويكره؟
ج/ في الأغلب الأعم يجب ان يتحلى الناقد بالموضوعية والأنصاف في حكمه النقدي , والناقد المثقف وأكد على كلمة المثقف لابد ان يتأثر بالظروف المحيطة به 0
س21/ في عصر المنصات الرقمية، أصبح هناك الكثير من النقاد عبر وسائل التواصل الاجتماعي. كيف ترى تأثير هذا التوجه على النقد الأدبي التقليدي؟ وهل يمكن أن يؤثر على المعايير النقدية المتعارف عليها؟
ج/ ظهر في الآونة الأخيرة مجموعة من الشباب تمارس النقد عبر مواقع التواصل الاجتماعي واعتمادهم على الذكاء الاصطناعي والنقل الحرفي لأراء غيرهم , وهذا يثر سلبا على نظريات النقد .
س22/بما أنك تمارس النقد والكتابة الإبداعية معا، هل تجد أن أحدهما يؤثر على الآخر؟ هل هناك لحظات تشعر فيها أن الناقد داخلك يحد من حرية الكاتب؟
ج/ أن كليهما يعتمد على الموهبة والثقافة والقدرة على الكتابة والتحليل , عندما اكتب نصا قصصيا اعتمد فيه على توافر التقنيات الأدبية في الكتابة , وفي الوقت ذاته أمارس النقد المباشر عليه قبل نشره .
س23/هل هناك عمل أدبي معين كنت تتمنى لو أنك كتبته، أو نص شعرت بأنه يختصر جوهر الأدب كما تراه؟ وما الذي يجذبك أكثر في أي نص تحلله : الموضوع، الأسلوب، أم البناء الفني؟
ج/ نعم نصوص الكبار دوستويفسكي , وتشيخوف , وغيرهما , الأدب يعتمد على الموضوعات الإنسانية التي يعيشها الإنسان ويشعر بها , والأديب هو القادر على تجسيد هذه المشاعر في نصه , اعتمد على البناء الفني كاملا في تحليل النصوص .
س24/في ظل هذا المشهد الأدبي المتغير، ما النصيحة التي تقدمها للكتاب الشباب الذين يسعون إلى تطوير أساليبهم الأدبية؟ وهل هناك أخطاء شائعة يقع فيها الكتّاب الجدد برأيك؟
ج/ نصيحتي للشباب القراءة المتواصلة للكتب النقدية والدراسات والقراءات القديمة والحديثة , لان اغلبهم يعتمد على القوالب الجاهزة للنقد , أو ينقد القشور الخارجية ويترك المضمون أو مغزى النص .
س25/ بعد هذه الرحلة الطويلة في الأدب والنقد، لو كان بإمكانك أن تهمس بجملة واحدة للقارئ الذي يتابع هذا الحوار، فماذا ستقول له؟
ج/ امة تقرأ لا تقرأ أتمنى من الشباب التوجه إلى الكتاب الورقي , وترك مواقع التواصل التي دمرتهم , والاطلاع على تراث أمتهم الكبير .
س26/ السؤال الأخير سيكون مفتوحا لكم أستاذنا الكريم مصطفى لطيف وعليك أن تجيب عليه كما شئت لربما نسيت شيئا لم أسألك عنه فمنك السؤال ومنك الجواب !؟
ج/ من أهم القضايا النقدية التي طرأت على الساحة الأدبية والنقدية هي السرقة التي يتعرض لها الكتاب والنقاد تسرق جهودهم وتنسب إلى الآخرين ومع كل الأسف هذه المشكلة الكبيرة انتشرت بشكل واسع في وقتنا الحالي .
س27/ ما الحلول الممكنة للحد من ظاهرة السرقة الأدبية والنقدية؟
ج/ المتابعة الجدية من قبل النقاد وعدم المجاملة وغض الطرف عن السرقات والتهاون فيها وفضح السارق وأمام الجميع حتى يكون عبرة لغيره .