متطوعون دروز ويهود يجهزون حزم مساعدات من طعام ويؤكد الزعيم الروحي الشيخ أمين طريف أن إيصالها يتم عبر الطائرات والهلال الأحمر
أسفرت الاشتباكات عن مقتل أكثر من 1400 شخص العدد الأكبر منهم دروز وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان
شهدت محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية في جنوب سوريا ولمدة أسبوع اشتباكات اندلعت بين مسلحين من البدو ومقاتلين دروز
يتهم السكان السلطات بفرض حصار على السويداء مع تقييدها حركة الوصول اليها وانتشار قواتها في أجزاء عدة من المحافظة
وكالات / النهار
في قرية جولس الهادئة في الجليل، يعمل متطوعون إسرائيليون دروز على تنظيم المساعدات لأبناء الطائفة الدرزية في سوريا الذين عانوا جراء أعمال عنف طائفية دامية وقعت أواخر يوليو.
على أحد جدران مركز القرية الاجتماعي المجاور لضريح الزعيم الروحي للدروز الشيخ أمين طريف الذي يعتبر مزارا لأبناء طائفة الموحدين، علق العلم الدرزي بألوانه الخمسة إلى جانب لافتة كتب عليها باللغة العبرية “خلية أزمة الطائفة الدرزية”.
ويشهد المركز حركة مكثفة إذ ينشط المتطوعون فيه ما بين مركز اتصال أقيم لجمع آخر المعلومات القادمة من سوريا، وركن لوجستي لتنسيق جمع المساعدات وتوزيعها، وخلية إعلامية تقوم بحملة عبر الإنترنت للتوعية إلى محنة الدروز في سوريا.
وقال الزعيم الروحي الحالي للدروز في إسرائيل الشيخ موفق طريف “أنشأنا غرفة عمليات هنا لمراقبة ما يحدث في السويداء وفي جميع أنحاء المنطقة، حتى نتمكن من مساعدة إخواننا وأخواتنا هناك”.
وشهدت محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية في جنوب سوريا ولمدة أسبوع اشتباكات اندلعت بين مسلحين من البدو ومقاتلين دروز، قبل أن تتوسع مع تدخل القوات الحكومية ومسلحي العشائر الى جانب البدو.
وأسفرت الاشتباكات عن مقتل أكثر من 1400 شخص، العدد الأكبر منهم دروز وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، قبل أن يدخل وقف إطلاق نار حيز التنفيذ في 20 يوليو.
ويتهم السكان السلطات بفرض “حصار” على السويداء، مع تقييدها حركة الوصول اليها، وانتشار قواتها في أجزاء عدة من المحافظة، وهو ما تنفيه دمشق. ولا يزال طريق رئيسي يربط السويداء بدمشق مقطوعا، مع تمركز مجموعات مسلحة محسوبة على السلطة تمنع حركة المرور واستئناف الحركة التجارية، بحسب المرصد السوري.
وأعرب طريف عن أسفه لهذا الوضع، في وقت يسجل بطء في عمليات تسليم المساعدات منذ وصول قافلة المساعدات الإنسانية الأولى في 20 يوليو مع عودة الهدوء إلى السويداء حيث أبلغت اللجنة الدولية للصليب الأحمر عن “ظروف صعبة للغاية” ورفوف فارغة في المتاجر وانقطاع متكرر للتيار الكهربائي.
وأفادت الأمم المتحدة أن نحو 175 ألفا من سكان السويداء نزحوا منها.
وفي جولس، قال سليمان عامر المندفع للمساعدة “بمجرد أن سمعنا أن غرفة عمليات أقيمت هنا، جئنا على الفور”.
وعاد المهندس البالغ 35 عاما إلى المركز بعد يوم من قضائه ست ساعات في العمل التطوعي فيه.
وأوضح وهو ينظر إلى خريطة السويداء أن فريقه يساعد في “جمع المعلومات وإجراء بعض الأبحاث كم عدد القرى التي تعرضت للهجوم؟ وكم عدد القتلى؟ وكم عدد المخطوفين؟”
وإسرائيل التي تضم أكثر من 150 ألف درزي، بمن فيهم نحو 23 ألفا يعيشون في الجولان المحتل، تدخلت في الصراع وشنّت في الأيام الأولى ضربات طالت القصر الرئاسي ومقر هيئة الأركان في دمشق وأهدافا عسكرية في السويداء، تحت ذريعة حماية هذه الأقلية.
ونظم الدروز في إسرائيل تظاهرات طالبوا فيها الحكومة بالدفاع عن أبناء طائفتهم في سوريا، بل وعبر مئات منهم من الجولان إلى سوريا، رغم أن البلدين ما زالا في حالة حرب منذ العام 1967، تاريخ احتلال إسرائيل لجزء من هضبة الجولان، وخاضا آخر حرب عام 1973.
وقال المتطوع أكرم الذي أفصح فقط عن اسمه الأول لأسباب تتعلق بالخصوصية “العيش كدرزي في إسرائيل، أنت تملك القدرة على التأثير (…) لأنه مكان ديمقراطي”.
وندد بقلة الاهتمام والدعم الدوليين، معربا عن خشيته من أن قادة سوريا الجدد لم يقطعوا صلتهم بماضيهم الجهادي.
وعلى جدران المركز، علقت ملصقات للرئيس السوري أحمد الشرع الذي تولى السلطة بعد الإطاحة ببشار الأسد في ديسمبر، تصفه بأنه “إرهابي يرتدي بذلة”، ما يعكس الخطاب الرسمي الاسرائيلي.
وفي مستودع قريب، كان عشرات الأشخاص بينهم إسرائيليون يهود ومتدينون دروز ودرزيات يعملون على تجهيز وتوضيب حزم مساعدات من الطعام والحفاضات.
وقال الشيخ طريف “اليوم نقوم بإرسال المساعدات بالطائرات (…) وهناك مساعدات نشتريها ونرسلها عبر الهلال الأحمر”.
ولم يتم التأكد بشكل مستقل من كيفية وصول المساعدات الإسرائيلية إلى السويداء. ونشرت وزارة الصحة الإسرائيلية صورا على مواقع التواصل الاجتماعي لصناديق مساعدات قالت إنها ألقيت بالمظلات في المنطقة.
ووصف أكرم الذي أنهى مؤخرا خدمته في الجيش الإسرائيلي، غرفة عمليات جولس بأنها “نصف مدنية”، مع بعض المتطوعين مثله الذين يستخدمون خبرتهم العسكرية ومهارتهم في جمع المعلومات والخدمات اللوجستية.
ويقول بعض المحللين إن إسرائيل تستخدم الدروز كذريعة لتحقيق هدف عسكري يقضي بإبقاء قوات الحكومة السورية بعيدة عن حدودهما المشتركة.
ولكن في جولس، يؤكد السكان الذين جاؤوا للمساعدة أنهم فعلوا ذلك انطلاقا من شعورهم بالمسؤولية الجماعية.
وقالت طالبة شابة لم تذكر اسمها “حتى لو كان ذلك في بلد آخر، هذا هو مجتمعنا”.
وقال الشيخ أنور حمودي البالغ 62 عاما “بسبب إنسانيتنا المشتركة، يجب علينا الوقوف إلى جانبهم ومساعدتهم بقدر استطاعتنا”.
وطالب المئات من سكان السويداء ذات الغالبية الدرزية بجنوب سوريا في مظاهرات حاشدة اليوم الجمعة السلطة الانتقالية بسحب مقاتليها من المنطقة ورفع الحصار عنها، بعد اشتباكات دامية، فيما يتهم نشطاء ومنظمات حقوقية إدارة الشرع بالسعي إلى تطويع الدروز.
وتشهد المحافظة ظروفا إنسانية صعبة رغم سريان وقف لإطلاق النار منذ 20 يوليو/تموز، أنهى أسبوعا من المواجهات التي اندلعت بين مقاتلين من الدروز ومسلحين بدو، قبل أن تتفاقم مع تدخل القوات الحكومية ومسلحي العشائر الى جانب البدو.
وأسفرت أعمال العنف عن مقتل أكثر 1400 شخص، العدد الأكبر منهم دروز، وفق المرصد، وشردت 176 ألف شخص من منازلهم، بحسب الأمم المتحدة.
وفي ساحة الكرامة في وسط مدينة السويداء، حيث تجمع العشرات من المتظاهرين بينهم نسوة وأطفال، قالت روان أبوعساف، الناشطة في منظمة غير حكومية، “نتظاهر للمطالبة ببنود عدة بينها فكّ الحصار المفروض على محافظة السويداء وخروج قوات السلطة من كافة قرى المحافظة”.
ورفع المتظاهرون لافتات بلغات عدة، تضمنت عدة شعارات من بينها “السويداء تحت الحصار” “وارفعوا الحصار عن الأطفال”. وطالبت أخرى مكتوبة بخط اليد بـ”فتح ممر إنساني مع الأردن”.
ويتهم سكان السلطات بفرض “حصار” على السويداء، مع تقييدها حركة الوصول اليها، وانتشار قواتها في أجزاء عدة من المحافظة، وهو ما تنفيه دمشق.
ولا يزال طريق رئيسي يربط المدينة بدمشق مقطوعا، مع تمركز مجموعات مسلحة محسوبة على السلطة تمنع حركة المرور واستئناف الحركة التجارية، بحسب المرصد السوري.
وتنفي السلطات السورية بالمطلق فرض حصار على السويداء، وتلقي باللوم على “مجموعات خارجة عن القانون”، وهي تسمية تطلقها على المقاتلين الدروز.
وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية نورالدين البابا إنه لو كان ثمة حصار مفروض على السويداء “لما دخلت أساسا قوافل المساعدات الإنسانية” اليها. وسأل “كيف تُستأنف الحركة التجارية إذا كانت مجموعات مسلحة خارجة عن القانون تحتل المنطقة؟”.
ودخلت خلال الأيام الماضية قوافل مساعدات عدة إلى المحافظة، بواسطة الهلال الأحمر السوري. وأعلنت الأمم المتحدة الخميس إرسال مواد منقذة للحياة من أجل تلبية “الاحتياجات العاجلة للأسر والمجتمعات المتأثرة بالتطورات الأمنية الأخيرة والانقطاع الحاد في إمكانية الوصول إلى الخدمات الأساسية”.
وقال الناشط المدني خالد سلوم لفرانس برس على هامش مشاركته في التظاهرة “الوضع في السويداء كارثي بامتياز، وبالكاد تكفي المساعدات التي يتم إدخالها”، متابعا “نحن بحاجة ماسة لفتح معبر إنساني فورا وفكّ الحصار”.
وبحسب مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن، “تفرض القوات الحكومية حصارا على محافظة السويداء من أجل تطويع سكانها، في موازاة سماحها بإدخال المساعدات من أجل الحفاظ على صورتها أمام المجتمع الدولي”.
وأكد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة قبل أيام أن “الوصول الإنساني إلى السويداء ما زال مقيدا بشدة بسبب الحواجز الأمنية وانعدام الأمان وغيرها من العراقيل”.
وأسفرت الاشتباكات عن انقطاع خدمات الماء والكهرباء، عدا عن شح في المواد الغذائية والأدوية والمحروقات. وألحقت دمارا واسعا وقال مصور لفرانس برس في السويداء إن السكان يقفون في طوابير طويلة أمام الأفران التي ما زالت تعمل للحصول على الخبز.
وأعلنت الحكومة السورية في مرسوم صادر عن وزير العدل مظهر الويس عن تشكيل لجنة للتحقيق في أعمال العنف التي وقعت في محافظة السويداء الجنوبية الشهر الماضي والتي أدت إلى مقتل المئات.
وتعرضت الإدارة السورية الجديدة بقيادة الرئيس الانتقالي أحمد الشرع لانتقادات دولية بسبب تلك الأحداث التي أعقبت أحداث مماثلة في الساحل السوري قتل فيها العشرات من الأقلية العلوية، وأثارت مخاوف من تصفيات طائفية وعمليات انتقامية من الطائفة التي ينتمي لها الرئيس المخلوع بشار الأسد.
وجاءت أحداث السويداء لتؤجج تلك المخاوف محليا ودوليا خاصة مع تورط عناصر من قوات النظام الجديد في عمليات قتل خارج اطار القانون وانحيازها للعشائر في قتالها مع المسلحين الدروز.
وأرسلت الحكومة السورية قوات لوقف القتال، لكن إراقة الدماء تفاقمت. ونفذت إسرائيل غارات على القوات السورية قائلة إنها بهدف دعم الدروز.
والدروز هم أقلية دينية يمارسون طقوسا مشتقة من الإسلام، ويعيش أتباعها في سوريا ولبنان وإسرائيل. ومحافظة السويداء ذات أغلبية درزية لكن تقطنها أيضا عشائر سنية، ويوجد توتر طويل الأمد بين الدروز والبدو بشأن الأراضي والموارد الأخرى.
وأنهت هدنة بوساطة أميركية القتال الذي استمر قرابة أسبوع في مدينة السويداء والبلدات المحيطة بها.
وفي مارس/آذار، قُتل مئات المدنيين العلويين بعد انتشار جماعات مسلحة موالية للحكومة في مناطق بالساحل السوري عقب هجوم دام على القوات الحكومية الجديدة شنته ميليشيات لا تزال متحالفة مع الأسد، المنتمي للأقلية العلوية.
وتحولت حملة الأسد الوحشية على احتجاجات الأغلبية السنية ضده عام 2011 إلى حرب أهلية استمرت قرابة 14 عاما.
ويحرص قادة غربيون على ضمان أن تجري الحكومة الجديدة، التي تقودها جماعة هيئة تحرير الشام السنية، انتقالا ديمقراطيا منظما.
وأحالت لجنة تقصي الحقائق، التي تشكلت بعد أحداث مارس/آذار الماضي، 298 شخصا يشتبه في ارتكابهم انتهاكات ضد العلويين إلى القضاء.
وقالت اللجنة إنها لم تجد دليلا على إصدار قادة أوامر للقوات بارتكاب انتهاكات وإن 265 شخصا شاركوا في الهجوم على قوات الأمن الحكومية في بداية الأحداث.
ويشير تشكيل اللجنة الجديدة في أحداث السويداء إلى اعتراف السلطات السورية بخطورة الأحداث وحجم الخسائر البشرية التي نتجت عنها والتي أودت بحياة المئات، بينما يبدو القرار محاولة لاحتواء الضغوط الدولية ورسالة طمأنة للداخل السوري بأن السلطة الجديدة حريصة على محاسبة المسؤولين عن تلك الأحداث.
وقد يكون تشكيل اللجنة استجابة لضغوط داخلية وخارجية للمطالبة بالتحقيق في هذه الأحداث ومحاسبة المسؤولين عنها، خاصة بعد أن كانت هذه الاشتباكات ثاني حادثة كبيرة للعنف الطائفي منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد.
وتهدف اللجنة إلى “الكشف عن الظروف والملابسات التي أدت إلى الأحداث”، و”التحقيق في الاعتداءات والانتهاكات التي تعرض لها المواطنون”، و”إحالة من تثبت مشاركته إلى القضاء”. ويعكس ذلك محاولة من السلطات لاستعادة السيطرة على الوضع الأمني والقانوني في المنطقة.
وقد تكون اللجنة محاولة لتهدئة التوترات بين العشائر البدوية والفصائل الدرزية، والمساهمة في تحقيق المصالحة بعد الاشتباكات العنيفة التي شهدتها المحافظة.
وعلى الرغم من أن النتائج الفعلية للجنة ستحدد مدى جديتها، فإن الإعلان عن تشكيلها يعطي انطباعًا بمحاولة إظهار الشفافية والمساءلة أمام الرأي العام المحلي والدولي.
وتهدف اللجنة إلى تحديد المسؤولين عن أعمال العنف والانتهاكات، وهو ما قد يؤدي إلى محاكمات أو إجراءات قانونية ضد المتورطين.
والإشارة إلى تدخل إسرائيل في دعم الدروز قد تكون جزءًا من السياق الذي تسعى فيه سوريا لإظهار قدرتها على التعامل مع الأوضاع الداخلية والتحقيق فيها بشكل مستقل.
ويمكن اعتبار تشكيل هذه اللجنة خطوة نحو معالجة تداعيات العنف في السويداء، وإن كانت فعاليتها ونتائجها النهائية ستتضح في الأشهر القادمة مع تقديم تقريرها.
وستضم اللجنة سبعة أشخاص، منهم قضاة ومحامون ومسؤول عسكري وستتولى مهمة التحقيق في الظروف والملابسات التي أدت إلى هذه الأحداث، والاعتداءات والانتهاكات التي تعرض لها المدنيون، وإحالة المتورطين إلى القضاء. ومن المتوقع أن تقدم اللجنة تقريرها النهائي خلال مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ تشكيلها.
وكانت أعمال العنف في السويداء قد اندلعت في 13 يوليو/تموز 2025 بين عشائر من البدو ومسلحين من فصائل درزية، وتفاقمت رغم تدخل القوات الحكومية. وقد أسفرت هذه الاشتباكات عن مقتل المئات، وتعد ثاني حادثة كبيرة للعنف الطائفي منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد. وقد قامت إسرائيل بشن غارات على القوات السورية في المنطقة، مدعية دعم الدروز.
وتعهدت دمشق بالتحقيق في الاشتباكات التي وقعت في محافظة السويداء جنوب البلاد والتي أودت بحياة المئات الشهر الماضي. وفي مرسوم بتاريخ 31 يوليو/تموز، قال وزير العدل مظهر الويس إن لجنة من سبعة أشخاص، بينهم قضاة ومحامون ومسؤول عسكري، ستنظر في الظروف التي أدت إلى “أحداث السويداء”.
وقالت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) “تحدد مهام اللجنة بكشف الظروف والملابسات التي أدت إلى الأحداث في السويداء، والتحقيق في الاعتداءات والانتهاكات التي تعرض لها المواطنون، وإحالة من تثبت مشاركته فيها إلى القضاء”.