ولد الإمام الحسين (ع) في المدينة المنورة وتربى في كنف جده النبي المصطفى (ص) وأبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( ع) في شهر شعبان في السنة الرابعة من الهجرة وقيل في السنة الثالثة من الهجرة عام ٦٢٦م، وهو شخصية محورية في التاريخ الإسلامي أثرت في تاريخ الإسلام والإنسانية على حد سواء ، عرف بثورته ضد الظلم والفساد في عصره والتي تجسدت في معركة كربلاء المقدسة (الطف) عام ٦٨٠م هذه المعركة التي أصبحت رمزا وعنوانا للتضحية والفداء. وكان من (ع) من أبرز الشخصيات التي حملت راية الحق والعدل في وجه الظلم والاضطهاد والفساد .إن مأساة كربلاء التي قتل فيها الإمام الحسين (ع) وأهل بيته الأطهار وأصحابه الكرام لم تكن مجرد حدث تاريخي بل كانت نقطة تحول كبيرة في مسار التاريخ الإسلامي، فقد جسدت ثورته القيم والمبادئ الإسلامية الحقه وأصبحت رمزا خالدا في ضمير الأمة ، فقد كتب الكثير عن هذه الواقعة في مختلف المصادر وفي كتب التاريخ والسيرة إلى جانب الشعر والأدب لكنها لم تعط هذا الحدث العظيم حقه، إلا أنها بينت أبعادها المختلفة وأثرها على المسلمين، إذ كان للبعد الديني اثرا في تجسيد مبادئ البطولة والتضحية والفداء في سبيل آلله وإحياء قيم الإسلام الأصيلة، كما أظهر الجانب الأخلاقي معاني الشجاعة والإباء والوفاء، اما بعدها السياسي فكانت نقطة تحول كبيرة في التاريخ الإسلامي، وكان للبعد الاجتماعي اثرا في إلهام وتشجيع الثوار على القيام بالثورات والانتفاضات ضد قوى البغي والظلم والفساد..
لقد إختار الإمام الحسين (ع) التضحية اسلوبا في حركته الإصلاحية الكبرى إلا أن تضحيته كانت من طراز فريد آخر لم نر مثلها من قبل في تاريخ الإنسانية جمعاء. إذ كانت مسيرته وثورته في سبيل مرضاة آلله سبحانه وتعالى ولم تكن محصورة في زمان أومكان معين بل هي رسالة عالمية تعبر عن قوة الإرادة الإنسانية في مقاومة الظلم والاستعباد والظروف الصعبة. لقد اثبتت ثورة الحسين (ع) ان الدفاع عن الحق والأيمان يستحق الكفاح والنضال حتى آخر نفس لنصرة راية الحق والعدالة. لذا أصبحت صرخة عاشوراء صرخة مدوية ناصرة للحق والحرية وجامعة كبرى ومدرسة عالمية للتضحية والفداء، وحركة ناصعة انطلقت على أساس أن تبقى لله ولرسوله على مر العصور ودرسا تقتدي بها الأجيال للوقوف بوجه الظلم والطغيان انتصارا للحق والعدالة ودحضا للفساد والباطل.
و لأهمية هذا الحدث العظيم فقد تناول المستشرقون (واقعة الطف والإمام الحسين (ع)بالدراسة والتحليل حيث أظهرت كتاباتهم اهتماما كبيرا بشخصيته وتقديرا لشجاعته مع التركيز على أهمية الحدث كمنعطف وتحول تاريخي في الاسلام وإن كان هناك بعض التباين في وجهات النظر، حيث قال المفكر المسيحي إنطوان بارا (إن سيرة الإمام الحسين جذبتني ان اخوض فيها فقرأتها وتأملتها ووجدتها تستحق ان توضع في كتاب، وأكد لو كان الحسين منا لأقمنا له في كل أرض منبرا).
وكتب المفكر والكاتب الإنكليزي وليم كنت لوفيس قائلا(وهل ثمة قلب لا يغشاه الحزن والألم حين يسمع حديثا عن كربلاء وحتى غير المسلمين لا يسعهم إنكار طهارة الروح في هذه المعركة) ، وقال الكاتب الأمريكي رينر برونر (إن القرآن ونبي الأسلام والإمام الحسين ثالوث مقدس). أما الزعيم الصيني ماوتسي تونغ فقال (عندكم تجربة ثورية وإنسانية فذه قائدها الحسين فتأتون إلينا لتأخذوا التجارب).
لذا ينبغي أن يكون إحياء هذه الذكرى الخالدة والمقدسة بشعائرها المتنوعة إحياء لا يخلو من ذلك الوعي بثورة الحسين (ع) وقيمها الإسلامية الأصيلة والأهداف التي حققتها والتي ينبغي لنا ان نستحضرها دائما لتكون لنا منهاجا ومنارا نقتدي بها في حياتنا على مر العصور والأزمان.
فالسلام عليك يا سيدي يا أبا عبد آلله الحسين يوم ولدت ويوم تبعث حيا، السلام عليك يا عبير البطولة، ويا غريب الغرباء ، يا سيد الشهداء يامن بكته ملائكة الأرض والسماء، السلام عليك، يا سيدي ما بقيت حيا وبقى الليل والنهار.