ابدع وليم فوكنر ايما ابداع بمفهوم تيار الوعى والذى جسده عام 1929 بروايته ذائعة الصيت ( الصخب والعنف ) وقد اعتبرت ثورة حقيقية على الرواية التقليدية والتى كا نت شائعة منذ اواسط القرن الثامن عشر فقد سبقه بصور فنية متفاوتة كل من دستوفسكى – جين اوستن -وكانت تلك الحيثية مبنية على ثلاثة ركائز : الحدث \ الشخصية \ اللغة الروائية وقد صممت ( الرواية ) على امتصاص كل الاجناس الفنية كالشعر والمسرح والموسيقى والفلسفة و عرفت بقدرتها على تصوير الشخصية ( الجوانية ) كونها لاتقدم الانسان من الخارج بل من دواخله وتعتنى بالفرد لا بالمجتمع فالروائى يقدم شخوصه الورقية بشىء يسير من الحقيقة ويضيف لها أضعافاً من الخيال الجامح ولا يعير اهتماما لردة فعل الاخر – حيث إنمازت الرواية الحديثة بقدرتها اللغوية المدهشة وتمكنها من تقديم الرموز كبدائل للافكار -من قرأ قصص – صومايل بيكت – القصيرة وعوليس لجيمس جويس يرى مبدأ تيار الوعى ظاهرا -ولإيضاح مفهوم ذلك التيار اقول :
ان فكرة – انا السارد – مارست سلطتها وهيمنتها على المتلقى بقوة ، ففن الرواية الحديثة ظاهرة معرفية ومغامرة غير مأمونة النتائج تتبنى مهمة
( النبش عن أثر الشىء وليس الشىء نفسه )
ولهذا نرى اشياءً غير مهمة مبثوثة فى المتون ليس لها علاقة بمجريات السرد اعتمدت التأويل والحدس ولا يملك المتلقى ازاءها رفضا ام قبولا !؟ وللحقيقة ان بعض الروايات العراقية المحبوكة ظهرت تباعاً بعد الغزو الدامي لبلدنا كانت لوحات معبرة وواقعية عن مادار وحدث مثل :
الذباب والزمرد — مشرحة بغداد — وحدها شجرة الرمان — سيدات زحل — مقتل بائع الكتب – بابا سارتر
تلك الروايات ( وغيرها ) أتت استجابة للمستحدات التى طرأت غلى عالم القص وظفت تيار الوعى بدرجات متباينة لكنها تمادت بوصف ” العنف المستشرى الحادث عن قرب ” بأساليب جديدة غير مطروقة و الذى عم العراق بعد الغزو الامريكى الكريه ، على اعتباره سلوكاً جديداً لم يألفه المواطن الاّمن من ذى قبل -اول قاصيين عربيين استوعبا لعبة تيار الوعى بأمعان هما الفلسطينيان اميل حبيبى وغسان كنفانى -تيار الوعي هو تيار مضاد للرواية التقليدية اسهم في تهشيم البنى التقليدية للرواية العالمية، عبر التجريب في الاشكال والمضامين والتقنيات.. التداعي الحر المونولوج بدلا من الديالوك، التشذير تفتيت الحبكة، التناوب، تقطيع الزمن بدلا من الزمن الخطي الكرونولوجي، هجرة الراوي العليم، وتفعيل دور الراوي المشارك او الشخصية، النكوص نحو الداخل بدلا توصيف العالم الخارجي .. وغيرها.. وهو ثورة على تيار الواقعية للتأسيس لواقعية جديدة يكون الفرد مركزها لا الجماعة ..