أثناء حملته الانتخابية وعد ترمب بإنهاء الحروب حول العالم وقال في خطاب تنصيبه إنه يريد أن يُذكر بأنه رئيس صانع للسلام
ستيفن بانون في برنامجه الإذاعي «غرفة الحرب»: خلاصة القول أنه لا يمكن جرنا إلى حرب في الشرق الأوسط أو في أوروبا الشرقية
أكدت المبعوثة الأممية وجود “تضليل إعلامي مدمر” للمجتمع الليبي المنقسم بشدة حتى على الإنترنت مع وجود “جيوش إلكترونية أجنبية حقيقية
استذكرت ويليامز مقتل النائبة سهام سرقيوة التي اختفت في بنغازي بعد حملة تشهير على وسائل التواصل الاجتماعي مضيفة “لقد دار الصراع في ليبيا عبر الإنترنت بقدر ما دار على الأرض
واشنطن / النهار
بينما تدُكّ إسرائيل إيران بموجات من الضربات الجوية، يتابع الرئيس الأميركي دونالد ترمب تعمّق الانقسامات داخل الحزب الجمهوري حول ما إذا كان ينبغي أن تتورّط الولايات المتحدة في صراع خارجي جديد. ويخشى المعسكر «الانعزالي» أن تجرّ إسرائيل الولايات المتحدة إلى حرب جديدة في الشرق الأوسط، في حين يدعو «صقور» الحزب ومؤيدو إسرائيل إلى هذا النوع من العمل العسكري ضد إيران منذ سنوات. ويبدو أن ترمب يتأرجح بين الطرفين، إذ يحاول أن ينأى بالولايات المتحدة عن الهجوم الإسرائيلي على إيران، بينما يحتفل بنجاح الهجمات ويحذر إيران من أن المزيد قادم. وفي هذا الصدد، قال تشارلي كيرك، الناشط اليميني ومذيع البودكاست، في مدونته الصوتية: «أعتقد أن هذا الأمر سيسبب الآن انشقاقاً كبيراً في مجتمع (ماغا) على الإنترنت».
وكان ترمب قد ثنى إسرائيل عدة مرات هذا العام عن شنّ هجوم، قائلاً إنه يريد التوصل إلى تسوية تفاوضية مع إيران. وبعد فترة وجيزة من بدء الهجوم، أرسل البيت الأبيض بياناً من وزير الخارجية ماركو روبيو أكد فيه أن الولايات المتحدة لم تشارك في العملية العسكرية الأولية. وقال روبيو: «اتخذت إسرائيل إجراءً أحادي الجانب ضد إيران. نحن لا نشارك في الضربات ضد إيران، وأولويتنا القصوى هي حماية القوات الأميركية في المنطقة». لكن في مقابلات لاحقة، قال الرئيس الأميركي إنه تحدث مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، وإنه كان على علم بخطط الهجوم، ووصف الضربات بأنها «ممتازة». وكتب في منشور على منصّة «تروث سوشيال» أن إسرائيل «خططت بالفعل لهجمات» ستكون «أكثر وحشية». وقال مسؤول أميركي إن الجيش ساعد إسرائيل في اعتراض بعض الصواريخ الباليستية التي أطلقتها إيران رداً على الهجمات.
أثناء حملته الانتخابية، وعد ترمب بإنهاء الحروب حول العالم. وقال في خطاب تنصيبه إنه يريد أن يُذكر بأنه رئيس صانع للسلام. وحتى الآن، فشلت الجهود الدبلوماسية التي بذلها ترمب في إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وهو ما وعد بتحقيقه في غضون 24 ساعة، أو الحرب بين إسرائيل و«حماس». وعلى مدى الأسابيع العديدة الماضية، كانت إدارة ترمب تحاول التوصل إلى اتفاق نووي جديد مع إيران، وكان الرئيس قد حثّ نتنياهو على تأجيل أي أعمال عسكرية مع استمرار المحادثات.
وقال ترمب للصحافيين في البيت الأبيض قبل ساعات فقط من وقوع الهجمات: «لا أريدهم أن يدخلوا (في مواجهة عسكرية) لأن ذلك من شأنه أن يفسد الأمر».
تأييد واسع
وبعد إطلاق إسرائيل الصواريخ، ألقى ترمب باللوم على إيران، مُوجّهاً اللوم إلى قادتها لرفضهم قبول اقتراح كان من شأنه أن يمنعها من تخصيب اليورانيوم.
وكتب على موقع «تروث سوشيال»،: «لقد أعطيت إيران فرصة تلو أخرى للتوصل إلى اتفاق. قلت لهم بأقوى العبارات (افعلوا ذلك فحسب)، ولكن مهما حاولوا جاهدين، ومهما اقتربوا من ذلك، لم يتمكنوا من إنجازه». وأشار إليوت أبرامز، وهو زميل بارز لدراسات الشرق الأوسط في مجلس العلاقات الخارجية، إلى أن ترمب غيّر موقفه بشأن ما إذا كان ينبغي لإسرائيل ضرب إيران. لكنه قال إن إسرائيل قامت بمراهنة محسوبة على أن ترمب سيوافق على الفكرة. وأوضح: «لقد راهنوا على الرئيس ترمب»، مضيفاً: «لقد كان ترمب، لفترة طويلة – معظم الوقت الذي أمضاه في منصبه (متمسّكاً) بالتفاوض»، إلا أنه سارع إلى وصف الهجوم الإسرائيلي بأنه «ممتاز».
بالنسبة للكثير من الجمهوريين، كانت الضربات العسكرية الإسرائيلية متأخرة كثيراً، وسط مخاوف متزايدة من اقتراب إيران من امتلاك قدرات نووية كاملة. وقال السيناتور ليندسي غراهام، وهو جمهوري من ولاية كارولينا الجنوبية وحليف مقرب من الرئيس، إن «عدد الجمهوريين الذين لا يرون في إيران المسلحة نووياً تهديداً لإسرائيل والعالم قليل جداً». وأكّد أن «الأغلبية الساحقة من الجمهوريين تؤيّد استخدام إسرائيل للقوة العسكرية لتحييد التهديد النووي الإيراني».
أميركا أولاً
أما معسكر «ماغا» المتحمّس للرئيس ترمب وسياساته، فيرى الأمر بشكل مختلف. فأنصار هذا الطرح يجادلون بأن الضربات الإسرائيلية واحتمال تورط الولايات المتحدة في الصراع يتعارضان مع أجندة «أميركا أولاً».
ويقول كيرك، عن ردود الفعل التي تلقاها من مستمعيه، إن «رسائل البريد الإلكتروني تعارض إلى حد كبير قيام إسرائيل بذلك، وأود أن أقول إنها ربما تكون 99 (معارضاً) مقابل واحد». وجادل بعض مؤيدي «ماغا» بأن الضربات الإسرائيلية التي استهدفت المواقع النووية وكبار القادة العسكريين على حد سواء كانت جزءاً من محاولة لإشعال صراع أكبر وجرّ الولايات المتحدة إليه. وقال مسؤولون أميركيون، الجمعة، إن البنتاغون كان ينقل سفناً حربية وأصولاً عسكرية أخرى في الشرق الأوسط للمساعدة في حماية إسرائيل والقوات الأميركية في المنطقة من أي انتقام إيراني آخر.
وقال ستيفن بانون، الذي كان مستشاراً بارزاً لترمب في ولايته الأولى ولا يزال مقرباً من الرئيس، في برنامجه الإذاعي «غرفة الحرب»: «خلاصة القول أنه لا يمكن جرنا إلى حرب في الشرق الأوسط أو في أوروبا الشرقية». وقال عن إسرائيل: «لقد فعلتموها يا رفاق. أنتم تضعون بلدكم أولاً. الدفاع عن بلدكم أولاً. هذا جيد، ولكن علينا أن نضع الدفاع عن مصالحنا أولاً». لكن مايكل روبن، وهو زميل بارز في معهد «أميركان إنتربرايز»، قال إن إدارة ترمب «تصرخ من على الهامش». وتابع: «من المرجح أن يبقي ترمب الولايات المتحدة خارج الصراع ويعرض الوساطة. ستتضح (توجهات الجمهوريين) في الكونغرس خلال المناقشات حول المساعدات الإسرائيلية وتجديد مخزونات الأسلحة الإسرائيلية».
………………………………
ستيفاني ويليامز تكشف دورا أميركيا غامضا في الأزمة الليبية
الارتباك في الادارة الأميركية أدى من بين أمور أخرى إلى الضوء الأخضر لهجوم قائد الجيش الليببي خليفة حفتر على طرابلس
من الأخطاء الجسيمة وفقًا لويليامز خيانة الصلاحيات التي منحهت للحكومة الجديدة حيث كان من المفترض أن تكون سلطة تنفيذية مبسطة
طرابلس / النهار
كشف المبعوثة الأممية السابقة إلى ليبيا ستيفاني ويليامز عن دور الولايات المتحدة “الغامض” في الأزمة الليبية، وكواليس المحادثات التي أجرتها بين الفرقاء الليبين مشيرة إلى نكث رئيس الحكومة الموقتة المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة بتعهداته بشأن عدم الترشح إلى المنصب.
وتحدثت ويليامز في حوار أجرته مع وكالة “نوفا” الإيطالية عن كتابها الجديد، الذي يتناول الأوضاع في ليبيا بعد العام 2011، عن وجود فوضى وارتباك بين الوكالات الأميركية خلال الولاية الأولى للرئيس دونالد ترامب، قائلة “خلال إدارة ترامب الأولى، كان هناك انقطاع عميق وانعدام في التواصل بين البيت الأبيض وبنتاغون ووزارة الخارجية. بالإضافة إلى ميل ترامب إلى نهج معاملاتي في السياسة الخارجية، “يثير مخاوف مشروعة بشأن الاتجاه الذي قد تتخذه السياسة الأميركية في ليبيا”.
ونقل موقع “بوابة الوسط” المحلي تفاصيل الحوار الذي جاء فيه، أن هذا الارتباك في الادارة الأميركية أدى من بين أمور أخرى، إلى الضوء الأخضر لهجوم قائد الجيش الليببي خليفة حفتر على طرابلس، بينما كانت “وزارتا الخارجية والدفاع على غير علم بالأمر تمامًا، ولم يكونوا حتى على علم بأن ترامب قد اتصل بحفتر. وكان هناك تأخير أربعة أيام بين تلك المكالمة وإصدار بيان رسمي، وهو أمر لا يحدث أبدًا في واشنطن”.
وأشارت ويليامز إلى “ضوء أخضر” ثاني من الولايات المتحدة في اتفاقية النفط “السرية” الموقعة في يوليو/تموز 2022 بين عائلتي حفتر والدبيبة، وهي اتفاقية أحدثت زلزالًا سياسيًا ومؤسسيًا داخليًا، متابعة “استبدال مصطفى صنع الله، كان للاتفاق الذي جرى التوصل إليه بين حفتر والدبيبة على رأس المؤسسة الوطنية للنفط أثرٌ مدمر على استقلالية المؤسسة وسلامتها، التي لطالما حظيت بحماية المجتمع الدولي، واعتبرها مقدسة”.
من الأخطاء الجسيمة وفقًا لويليامز خيانة الصلاحيات التي منحهت للحكومة الجديدة حيث كان من المفترض أن تكون سلطة تنفيذية مبسطة
وتابعت مرة أخرى، كما في أبريل/نيسان 2019، حظي الاتفاق بموافقة ضمنية من البيت الأبيض، مما خلق وضعًا مقلقًا للغاية بشأن الشفافية والاستقرار الاقتصادي في البلاد. وأضافت ويليامز أن هذه الحادثة تحديدًا هي التي دفعتها إلى ترك منصبها في الأمم المتحدة في يوليو /تموز2022.
وانتقدت ويليامز القادة الليبيين أنفسهم مشيرة إلى أن “الدبيبة خلال ملتقى الحوار السياسي الليبي الذي نظمناه برعاية الأمم المتحدة، أعلن علنًا ورسميًا عدم ترشحه للرئاسة، بل وقّع إعلانًا رسميًا بذلك، إلا أنه بعد بضعة أشهر نكث وعده، ما يمثل خرقًا صارخًا. وقد اعتبر العديد من الليبيين هذا الخيار خيانة سياسية أضعفت عملية السلام، وعرقلت الطريق نحو الانتخابات”.
وتُمثل انتخابات 24 ديسمبر/كانون الأول 2021 الفاشلة إحدى أكثر اللحظات حرجًا وإيلامًا في تاريخ ليبيا الحديث. وقالت ويليامز “لقد حددنا مواعيد نهائية واضحة في إطار الحوار السياسي الليبي، خاصةً فيما يتعلق بالإطار الدستوري. وعندما اتضح أنه لن يجرى التوصل إلى اتفاق دستوري بحلول فبراير/شباط 2021، كان ينبغي على المجتمع الدولي التدخل فورًا، وكان عدم القيام بذلك خطأً استراتيجيًا فادحًا”.
وكان الليبيون يأملون أن تكون الانتخابات الرئاسية التي كان من المقرر تنظيمها في 2021، عرسا وطنيا وفرصة لا تهدر لإعادة بناء بلادهم بعد سنوات من العنف والدمار التي تلت سقوط نظام معمر القذافي في 2011. لكن التجاذبات السياسية وتضارب المصالح وكثرة المتدخلين الخارجيين ونقص التنظيم حال دون تحقيق هذا المبتغى. ووقفت هذه العقبات صامدة أمام عبور هذا البلد الغني بالنفط من العنف إلى بر الأمان السياسي.
وأشارت ويليامز إلى أنه “من الصعب للغاية الذهاب إلى صناديق الاقتراع دون إطار دستوري واضح يتناول من بين أمور أخرى، المسألة الشائكة المتعلقة بمعايير أهلية المرشحين للرئاسة، وهي مسألة لم تُحل بعد. نعلم جيدًا أن هذه المشكلة تتمحور حول شخصية واحدة في ليبيا، وتتطرق إلى قضايا حساسة، مثل الجنسية المزدوجة، وإمكانية ترشح الضباط العسكريين في الخدمة”.
وأردفت “تجاوز هذا النقاش، كما حدث آنذاك، والسماح للبرلمان بإقرار القوانين الانتخابية بطريقة مبهمة وغير توافقية، فتحا الطريق أمام كثرة الترشيحات الرئاسية، مما أدى إلى تأجيج المزيد من الانقسامات والتوترات”.
ومن الأخطاء الجسيمة الأخرى، وفقًا لويليامز خيانة الصلاحيات التي منحت للحكومة الجديدة. حيث كان من المفترض أن تكون سلطة تنفيذية مبسطة، تهدف إلى تحقيق اللامركزية، وضمان تمويل البلديات، لتسهيل تنظيم العملية الانتخابية. لم يكن من المفترض أن تتحول إلى نظام محاصصة تقليدي، وهو ما حدث بالضبط”. وهو انحراف، وفقًا لويليامز، لم يُعرّض مصداقية العملية الانتقالية للخطر فحسب، بل أضرّ أيضًا بالشروط الدنيا اللازمة للتوصل إلى تصويت شامل وشفاف حقًا.
كما أكدت المبعوثة الأممية وجود “تضليل إعلامي مدمر” للمجتمع الليبي المنقسم بشدة حتى على الإنترنت، مع وجود “جيوش إلكترونية أجنبية حقيقية، بما في ذلك الروس والأتراك، منخرطة في خلق روايات متعارضة ومستقطبة”.
واستذكرت ويليامز، مقتل النائبة سهام سرقيوة، التي اختفت في بنغازي بعد حملة تشهير على وسائل التواصل الاجتماعي، مضيفة “لقد دار الصراع في ليبيا عبر الإنترنت بقدر ما دار على الأرض”.
قالت ويليامز إن ليبيا “دولة فيسبوك”، حيث يفوق عدد حسابات فيسبوك عدد المواطنين. هذه هي القناة الرئيسية للتواصل، وفي الوقت نفسه، قناة الدعاية.
وأضافت الممثلة السابقة للأمم المتحدة “نشرت جامعة ستانفورد تقريرًا معمقًا للغاية في نهاية عام 2020، يُحلل ليس فقط الوضع في ليبيا، بل أيضًا في سوريا والسودان، ويربط التضليل بشكل مباشر بشبكات يفغيني بريغوجين (القائد السابق لمجموعة فاغنر)، وكذلك بمصادر في دول الخليج ومصر وأماكن أخرى في المنطقة”. وأوضحت ويليامز أن هذه الدراسة دفعت شركة ميتا إلى إزالة العديد من الصفحات والملفات الشخصية المزيفة.
وخلال المقابلة، أعربت ويليامز عن إدانتها الواضحة للفرضيات التي انتشرت في الصحافة الدولية أخيرًا حول اتفاق محتمل لنقل جزء من سكان غزة موقتًا إلى ليبيا. وقالت “لا أتصور أن الشعب الليبي يقبل بمثل هذا الاتفاق. أي ليبي شارك حتى في هذا النوع من النقاش، في رأيي، سيُستبعد تلقائيًا من أي منصب مسؤول في البلا”، واعتبرت ويليامز أن هذه مبادرة ساخرة وتجارية بحتة. كما أن استخدام ليبيا كمنصة لرفض المهاجرين أمرٌ لا يقل خطورة.
وأكدت المبعوثة الأممية الأسبق “ليبيا ليست بلدًا آمنًا لأي مهاجر. لقد ناقشنا هذه القضية أيضًا هنا في روما مع الحكومة الإيطالية. لطالما عارضت الأمم المتحدة إعادة المهاجرين إلى ليبيا وإلى مراكز الاحتجاز تلك التي تُعتبر، بكل بساطة، جحيمًا على الأرض”.