الجزائر/ النهار
عاد الجنرال عبد القادر آيت وعرابي، الشهير باسم “حسان”، إلى صدارة المشهد الأمني في الجزائر، بعد سنوات من الغياب القسري خلف جدران صامتة، حيث أصبح رسميا مديرًا عامًا للأمن الداخلي، وهو أقوى أجهزة المخابرات الجزائرية وأكثرها حساسية
وورد في بيان لوزارة الدفاع الوطني، أن الفريق أول السعيد شنقريحة، الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني ورئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، أشرف على مراسم التنصيب الرسمي للعميد آيت وعرابي عبد القادر، المعروف باسم “الجنرال حسان”، مديرًا عامًا للأمن الداخلي، خلفًا للعميد حداد عبد القادر.
وجرت المراسم الرسمية بمقر المديرية العامة للأمن الداخلي باسم رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة وزير الدفاع الوطني، حيث قام الفريق أول شنقريحة بتنصيب المدير الجديد في أجواء رسمية بحضور عدد من الإطارات السامية في القطاع.
وخلال المناسبة، التقى الفريق أول برؤساء المديرية العامة للأمن الداخلي، حيث قدم لهم مجموعة من التوجيهات والتعليمات، شدد من خلالها على ضرورة الالتزام الصارم بأداء المهام الحساسة المنوطة بهم، داعيًا إلى مضاعفة الجهود المخلصة والمثابرة في خدمة الوطن والحفاظ على أمنه واستقراره، وفق بيان الوزارة.
ويأتي تعيين العميد آيت وعرابي عبد القادر في ظرف إقليمي ودولي كثير التحديات خاصة في جوار الجزائر الجنوبي والشرقي، حيث باتت الأوضاع في منطقة الساحل وسلوك قادة هذه الدول اتجاه الجزائر، مثيرا للتساؤلات الأمنية، في وقت تشهد هذه المنطقة نشاطا غير مسبوق للجماعات الإرهابية وعصابات الجريمة المنظمة والاتجار بالبشر.
خارج ذلك، تمثل عودة الجنرال حسان للواجهة بالنسبة لشخصه نوعا من إعادة الاعتبار بعد مسار متعرج تقلد فيه أعلى المناصب في جهاز المخابرات قبل أن ينتهي إلى السجن في فترة رئيس أركان الجيش الراحل أحمد قايد صالح.
وفي سيرته المختصرة، بدأ الجنرال عبد القادر آيت وعرابي، المولود عام 1947 مسيرته العسكرية في البحرية الجزائرية خلال ستينيات القرن الماضي، حيث تلقى تعليمه في مدارس عسكرية مرموقة. التحق لاحقًا بمديرية أمن الجيش قبل أن يبرز اسمه في مجال مكافحة الإرهاب منذ سنة 1992، وهو المجال الذي قاده إلى تولي مناصب قيادية حساسة داخل الجهاز الأمني، قبل أن يُعين في 21 مايو/أيار 2025 مديرًا عامًا للمديرية العامة للأمن الداخلي.
وخلال مسيرته المهنية، قاد مهام استخباراتية في مناطق الساحل والتشاد والسنغال، وأصيب بجروح خطيرة خلال مهمة في أنغولا نال على إثرها تهنئة من الأمين العام للأمم المتحدة لشجاعته. بعد عودته إلى الجزائر عام 1999، لعب دورًا حاسمًا في التصدي للعمليات الإرهابية، مما جعله محل تقدير لدى شركاء دوليين من فرنسا والولايات المتحدة، ويُعتبر أحد أكثر الضباط الجزائريين تتويجًا.
وكانت أبرز محطات مسيرته العملية الاستخباراتية في ليبيا عام 2013، عقب هجوم تيقنتورين (الهجوم الإرهابي على قاعدة غازية جنوب شرق الجزائر)، حيث كلفه الجنرال محمد مدين (توفيق) بمهمة سرية لاسترجاع أسلحة خطيرة، من بينها صواريخ مضادة للطيران، كانت موجهة لجماعة يقودها مختار بلمختار. نجح رجاله في اختراق الجماعة، والمشاركة في صفقة الأسلحة، ثم القضاء على عناصرها واسترجاع العتاد والمال، في عملية نوعية لم تكن بعلم قائد الأركان آنذاك، أحمد قايد صالح، الذي شعر بالإهانة وقرر سجنه.
لكن تلك العملية كانت وبالا على الرجل، ففي 27 أغسطس/آب 2015، أُودع الجنرال حسان سجن البليدة العسكري بأمر من قايد صالح، ووجهت إليه تهم تتعلق بإتلاف وثائق ومخالفة التعليمات العسكرية، وهي قضايا مصنفة ضمن “أسرار الدفاع”. حكم عليه بالسجن خمس سنوات قضاها كاملة حتى 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، وبعد إطلاق سراحه، عاد إلى شقة متواضعة في حي عسكري بأعالي العاصمة، وفق ما ترويه مجلة لوبوان الفرنسية. وفي عام 2021، تمت تبرئته رسميًا، واستعاد ممتلكاته واعتباره المهني.
الى ذلك وبدعم من المجموعة العربية، طرحت الجزائر مسودة مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي يطالب بالتدخل الفوري لإيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، في ظل الأوضاع الكارثية التي تقترب من المجاعة الشاملة وتهدد آلاف المدنيين.ووزعت الجزائر مسودة مشروع القرار على الدول الأعضاء الخمسة عشر في المجلس، والتي ما زالت قيد النقاش، إذ لم تُعتمد بعد باللون الأزرق، وهو ما يعني أنها لم تصل بعد إلى صيغتها النهائية.
ومن المقرر أن يعقد مجلس الأمن جلسة مفتوحة يوم الأربعاء، 28 أيار/مايو، لمناقشة الأوضاع السياسية والإنسانية في غزة والضفة الغربية. ورغم ترجيحات بوصول المسودة إلى نسختها النهائية قبل هذا الموعد، فإن مصدرا دبلوماسيا عربيا أكد أن موعد التصويت لم يُحدد بعد بشكل رسمي.
كما ان مسودة القرار، التي تبدأ بفقرات ديباجة تشير إلى: التأكيد على مبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة؛ الإشارة إلى قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالوضع في الشرق الأوسط، بما في ذلك القضية الفلسطينية؛ الإعراب عن القلق البالغ إزاء الكارثة الإنسانية الراهنة في قطاع غزة؛ دعم جهود مصر وقطر والولايات المتحدة لإعادة تفعيل اتفاق وقف إطلاق النار.
أما في الفقرات العاملة، فجاءت أبرز البنود كالتالي: يطالب مجلس الأمن بالرفع الفوري وغير المشروط لجميع القيود المفروضة على دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وضمان توزيعها في جميع أنحاء القطاع، إلى جانب استعادة خدمات الكهرباء والمياه والخدمات الأساسية الأخرى، بما يتوافق مع القانون الإنساني الدولي ومبادئ الإنسانية والحياد والنزاهة والاستقلال، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
وأشار مصدر دبلوماسي رفيع إلى أن مشروع القرار يركّز حصريا على البعد الإنساني المتعلق بالمساعدات، في محاولة لتجنّب استخدام الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو)، ما يعزز فرص تمريره بإجماع أو شبه إجماع داخل المجلس.
الى ذلك عُقد اجتماع خُصّص للأزمة مع الجزائر في الإليزيه في خضم تعليق كل أشكال التعاون بين باريس والجزائر، وفق ما أفادت مصادر حكومية .وقالت هذه المصادر إن “اجتماعا عُقد في الإليزيه لمناقشة الوضع مع الجزائر”، موضحة أن الاجتماع ضم إلى الرئيس إيمانويل ماكرون رئيس الوزراء فرنسوا بايرو ووزير الخارجية جان-نويل بارو ووزير الداخلية برونو ريتايو ووزير العدل جيرالد دارمانان.
تشهد العلاقات بين فرنسا والجزائر منذ نحو عشرة أشهر أزمة دبلوماسية غير مسبوقة تخلّلها طرد متبادل لموظفين، واستدعاء سفيري البلدين، وفرض قيود على حملة التأشيرات الدبلوماسية.