منتدى ميدايز: المغرب قاطرة الإقلاع الأفريقي نحو الاستقرار والتنمية رؤية الملك محمد السادس تحول التحديات الأفريقية إلى فرص ملموسة.

هيئة التحرير3 ديسمبر 2025آخر تحديث :
منتدى ميدايز: المغرب قاطرة الإقلاع الأفريقي نحو الاستقرار والتنمية رؤية الملك محمد السادس تحول التحديات الأفريقية إلى فرص ملموسة.

نموذج عملي للمرونة والتكامل القاري

منتدى ميدايز الدولي يعكس رؤية العاهل المغربي الملك محمد السادس لإفريقيا قوية ومستقلة، حيث يحوّل المغرب التحديات إلى فرص عبر الاستثمار، تمكين الشباب، وترسيخ السيادة الاقتصادية والأمنية، ليصبح القارة فاعلاً رئيسياً في صياغة مستقبلها.

 

طنجة ( المغرب) – عبّرت كلمات العاهل المغربي الملك محمد السادس خلال القمة الـ29 لقادة دول وحكومات الاتحاد الإفريقي في أديس أبابا عام 2017 عن رؤية استراتيجية شاملة لإفريقيا المستقبلية، ترتكز على تحويل التحديات إلى مكاسب ملموسة من تقدم واستقرار.

 

وشدّد العاهل المغربي على أهمية الاستفادة من العوامل الديموغرافية ومقومات الشباب والهجرة والمؤسسات القارية لتحويل إفريقيا إلى قارة قوية وجريئة، قادرة على الدفاع عن مصالحها ومؤثرة على الساحة الأممية.

 

ومن جوهر هذه الرؤية أن تحقيق إفريقيا الجديدة يتطلب التحرر من الأوهام والانطلاق من منظور واقعي وملموس يمكنه إنتاج قارة مبادرة ومتضامنة، قادرة على مواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين بمرونة وفاعلية.

 

وتتجسد هذه الرؤية الملكية اليوم على أرض الواقع في المغرب، الذي أصبح نموذجًا عمليًا للانخراط الفاعل في مسار الإقلاع الإفريقي، من خلال مقاربات دبلوماسية موازية استراتيجية وفعالة.

 

ولعب المغرب دور القاطرة في دعم مبادرات تهدف إلى تعزيز التعاون جنوب-جنوب، وأبرزها معهد أماديوس ومنتدى ميدايز الدولي في طنجة، الذي يسعى إلى تحويل المنتدى إلى منصة استراتيجية لتطوير أجندة عمل إفريقية شاملة ومتناسقة مع الرؤية الملكية.

 

ويأتي هذا التوجه في ظل تحديات عالمية معقدة تتمثل في التصدعات الجيوسياسية، الاستقطاب المتزايد، والأزمات المتلاحقة التي تواجه دول الجنوب، بدءًا من النزاعات المتجددة، تراجع الثقة في النظام الدولي، تهديدات تغير المناخ، الإرهاب، الهجرة، والجريمة العابرة للقارات.

 

ويعد منتدى ميدايز اليوم أكثر من مجرد منصة للحوار، فهو مركز استراتيجي لتحويل النقاشات إلى إجراءات تنفيذية ملموسة. فقد نجح المنتدى في الاستفادة من الموقع الاستراتيجي للمغرب على المحيط الأطلسي كقاطرة للاستثمار والتنمية، واستقطب أكثر من 7,000 مشارك من 120 دولة في دورته السابعة عشر، من بينهم رؤساء دول وحكومات ووزراء وخبراء ومفكرون مرموقون.

 

ويعكس اختيار شعار الدورة الأخيرة “التصدعات والاستقطاب: إعادة ابتكار المعادلة العالمية” التزام المنتدى بتحويل إفريقيا من دور المتفرج إلى الفاعل الرئيسي في صياغة مستقبلها، وتحقيق التوازن في مواجهة الضغوط الدولية المتزايدة.

 

ويلعب الاستثمار دورًا محوريًا في استراتيجية المنتدى لتعزيز النفوذ الإفريقي والسيادة القارية، فهو لا يقتصر على النمو الاقتصادي فقط، بل يمتد ليكون أداة لتعزيز المرونة الوطنية والقارية في مواجهة الصدمات الخارجية.

 

وتتركز خارطة الطريق الاستثمارية على أربعة محاور أساسية: البنية التحتية والممرات العابرة للحدود، أمن الطاقة والانتقال الأخضر، التحول الرقمي والسيادة الرقمية، والاقتصاد الأزرق.

 

ويعزز الاستثمار في البنية التحتية المتكاملة، بما في ذلك تطوير الممرات التجارية الإقليمية والموانئ الكبرى في المغرب مثل طنجة المتوسط والداخلة الأطلسي والناظور المتوسط، القدرة الإفريقية على مواجهة التهديدات الاقتصادية والضغط الدولي.

 

كما يشكل الاستثمار في الطاقة وأمن الطاقة، عبر مشاريع الربط القاري وتمكين الاستقلالية الطاقية، أداة استراتيجية لحماية القرار الوطني من تقلبات الأسواق العالمية.

 

ويساعد التحول الرقمي على سد الفجوة الرقمية وتمكين الشباب من التحكم في بياناتهم وهويتهم الرقمية بعيدًا عن السيطرة الخارجية، بينما يوفر الاقتصاد الأزرق قاعدة مستدامة لتنمية الموارد البحرية بالقارة، ما يجعل الاستثمار أداة حيوية للسيادة والمرونة الاقتصادية.

 

ولا يقل محور الأمن أهمية عن الاستثمار، إذ يرى منتدى ميدايز أن السيادة الوطنية والقارية ليست مجرد وثيقة سياسية، بل مرادف للمرونة الاقتصادية والأمنية في مواجهة الصدمات الخارجية، سواء كانت حروبًا على الطاقة أو اضطرابات في سلاسل الإمداد أو تهديدات جيوسياسية.

 

ويؤكد المنتدى على رفض إفريقيا أن تتحول إلى ساحة للتنافس العالمي أو صراع بالوكالة، مع اعتماد “دبلوماسية التوازن” التي تهدف إلى الاستفادة من المنافسة الدولية لتعزيز شروط الشراكات والاستثمار دون الانحياز لأي طرف.

 

المنتدى تحول إلى نموذج عملي للرؤية الملكية: أفريقيا لم تعد متفرجة، بل أصبحت فاعلًا رئيسيًا في صياغة مستقبلها الاقتصادي والسياسي والجيوسياسي

 

ويولي المنتدى اهتمامًا خاصًا بتطوير أدوات الإفادة الذاتية في المجال الأمني، عبر مبادرات مثل مرصد النزاعات الإفريقي الذي يتيح الإنذار المبكر وإدارة الأزمات داخليًا بعيدًا عن التدخل الخارجي، ما يسهم في تعزيز الاستقرار الإقليمي ويجعل القارة أقل عرضة للضغوط الخارجية.

 

ويمثل الشباب ركيزة أساسية في استراتيجية ميدايز لتعزيز النفوذ الإفريقي المستدام، إذ يشاركون بشكل مباشر في النقاشات الرفيعة المستوى ويكتسبون أدوات تحليل القضايا الجيوسياسية المعقدة، ما يحولهم إلى قوة دفع أساسية في صياغة الحلول التنموية والأمنية.

 

ويرتبط تمكين الشباب بشكل وثيق بالأمن القومي، إذ يضمن الاستثمار في التعليم والتدريب والفرص الاقتصادية الحد من التطرف والفوضى، ويخلق قاعدة اجتماعية قوية ومستقرة تدعم السيادة الوطنية. ومن هذا المنطلق، يتم ربط الاستثمار في طاقات الشباب بالأمن القومي باعتباره خط الدفاع الأول لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية.

 

وتبرز الدبلوماسية الإفريقية متعددة الأبعاد كعنصر مكمل للاستثمار والأمن وتمكين الشباب، حيث يساهم منتدى ميدايز في تعزيز قدرة القارة على المشاركة الفاعلة في السياسات الدولية دون تبعية خارجية.

 

ويعتمد المنتدى نموذج الشراكات المنتقاة، الذي يسمح بالاستفادة من المنافسة بين القوى الكبرى لتعزيز الاستثمار الإفريقي ورفع مستوى الشراكات بما يحمي استقلالية القرار الوطني والإقليمي.

 

ويجسد هذا التوجه استراتيجية المغرب كقوة توازن، تدمج بين الاستقرار الداخلي والتنمية الاقتصادية والتكامل الإقليمي، ليصبح محورًا للإقلاع الإفريقي وإرساء بيئة آمنة ومستقرة يمكن أن تحتذي بها دول أخرى في القارة.

 

ويعمل المنتدى على تحويل النقاشات إلى التزامات مالية واستثمارية ملموسة تشمل القطاعات الحيوية لضمان سيادة القارة، مثل البنية التحتية والطاقة والتحول الرقمي.

 

ويؤكد هذا التحول أن المنتدى لم يعد ملتقى سنويًا للحوار فحسب، بل أصبح أداة استراتيجية لتعزيز النفوذ الإفريقي وضمان أن تكون إفريقيا فاعلًا رئيسيًا في هندسة مستقبلها بعيدًا عن أدوار المتفرج أو التبعية التقليدية.

 

وفي هذا الإطار، يمثل منتدى ميدايز منصة حقيقية لتفعيل الإرادة الإفريقية في المجالات الاقتصادية والأمنية والسياسية، وتحويل الرؤى الملكية إلى أفعال ملموسة.

 

ويعزز المنتدى استقلالية القرار الوطني والقاري، ويبني قدرات القارة على مواجهة الصدمات الاقتصادية والجيوسياسية، ويحول الاستثمار إلى أداة حماية واستقرار.

 

ويُظهر هذا النموذج كيف يمكن لإفريقيا أن تتحول من متفرج إلى فاعل رئيسي، مع بناء اقتصاد قوي، أمن مرن، شباب قادر على القيادة، ودبلوماسية نشطة، ما يجعل القارة أكثر استعدادًا لمواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين وتحويل مواردها ومقدراتها إلى أدوات للنمو المستدام والاستقرار الاستراتيجي.

 

ويمكن القول إن منتدى ميدايز، تحت رعاية الملك محمد السادس، قد ترسخ كمركز استراتيجي للجنوب العالمي، يحول الأفكار والرؤى إلى إجراءات ملموسة ويجمع بين الحوار السياسي والاستثمار الاستراتيجي وتمكين الشباب وبناء القدرات، ليصبح منصة شاملة لترسيخ السيادة الوطنية والقارية وتعزيز المرونة الاقتصادية والأمنية وضمان استقلالية القرار الإفريقي.

 

وبذلك، يتحول المنتدى إلى نموذج عملي للرؤية الملكية المتبصرة، مؤكدًا أن إفريقيا لم تعد متفرجة، بل أصبحت فاعلًا رئيسيًا في صياغة مستقبلها الاقتصادي والسياسي والجيوسياسي، مع اعتماد واضح على الذات والتعاون القاري لضمان استدامة التنمية والأمن.

 

عاجل !!