السياسية بين التعبير في الفن .. والاعلام المقروء والمرئي والتشهير / ظافر جلود

هيئة التحرير3 ديسمبر 2025آخر تحديث :
جلود
جلود

 

يبدو أن علامة استفهام كبيرة بدأت تظهر بين الفن والإعلام ، فالإعلام بفروعه المتعددة والساطعة بين صحافة مقروءة وأخرى منظورة يناله الكثير من المظالم والتحديات تصل أحياناً لا إلى إغلاق صحيفة او قناة ما.. ومقاضاة القائمين عليها تحت قوانين المطبوعات والممنوعات، بل إلى إصدار الأحكام على أصحاب الصحف أنفسهم وربما زجهم في السجون.. أو إبعادهم نهائياً عن مسؤولية الكلمة أو حريتها الخ.. وهذا ما يثير غضب الناس ويجعلهم يعتقدون أن الصحافة مظلومة.. ولو كانت خارجة عن الحدود المعلومة وغير المعلومة.

أما في الصحافة المنظورة في الفضائيات التي أصبحت كخلايا النحل فإن الأمر يصل إلى حد القتل.. وكأن هذا الإعلامي أو ذاك يعمل لحسابات خطيرة يفسرها المحللون كما يريدون حتى أصبح اختفاء صحفي أو صحفية صرخة تطلقها أي جهة تمتد إليها يد العداء رغم الادعاء برحابة الفضاء.

وإذا نظرنا إلى الفنون جميعاً بما فيها الفن السابع أو السينما فإننا نجد المجال أرحب ولو أن الجدل حولها أصعب.. ففي الأدب وأجناسه ومنها الرواية كم من الجرأة على الكشف عن مظاهر التخلف.. ومن النقد للأوضاع الاجتماعية والسياسية ربما.. ومن السطو بشكل مباشر أو غير مباشر على مفاتيح المحظورات والممنوعات.. فيأتي المسرح والتجاري منه خاصة لينشر الغسيل كله على حبال الدراما أو الفكاهة والسخرية بشكل يثير الجماهير ويصل بها أحياناً إلى الانفعال والبكاء.. أو إلى الكوميديا السوداء.

وها هي مسرحيات كثيرة من هذا النوع تعرض في العواصم العربية دون أن يعترض عليها.. ولعلهم يفسرون إسقاطاتها السياسية وغير السياسية بأنها غير مؤذية.. ولا تسبب شيئاً من الأثر لدى الجماهير.. إلا بمقدار ضئيل.

والفنون الأخرى كذلك بما فيها التشكيل والنحت والتمثيل والأغاني فإنها تسرح وتمرح فيما يسمى التجديد والاستحداث.. أو الحداثة بينما التأثير أقوى من أي تعبير ودون الانسجام ولو جزئياً مع واقع الحال فيما يخص كل الأحوال.

والتمثيليات التلفزيونية وتليها العروض السينمائية أصبحت تتمدد لا إلى ظواهر السياسة، بل إلى عمقها فتطرح مقولات لا تطرحها الوقائع الجارية نفسها.. وهي تطمح أيضاً إلى نيل الجوائز المحلية، بل العالمية وكأنها تقرر حقائق تاريخية أو موضوعية.

فهل الفن أصبح أكثر جرأة من الإعلام؟ وهل الفن يسد الفراغ الحاصل من غياب حرية التعبير؟ وإذا كان الفن كذلك فإن عليه مسؤولية كبيرة وهي الصدق أو الصدقية والأمانة التاريخية.. فنحن نشهد عروضاً مسرحية أو سينمائية أو معارض فنية لا تحمل مقولات صحيحة، بل هي تعبر عن وجهات نظر ضعيفة أو سطحية فيما تهدف إليه من انتشار أو جماهيرية.. وهل نصدق مثلاً أن الفرق الموسيقية وحفلات الغناء الجماعية أصبحت توظف لأغراض سياسية لا في محصولها المادي، بل فيما تحققه من طرح اجتماعي أو سياسي؟ وهل نصدق أنه يجري التفكير في مطرب شعبي ذائع الصيت ليطلق أغنية تعبئ الجماهير وهي في أزمة كأزمة أنفلونزا الخنازير مثلا .

لا بأس من هذا وذاك.. إذا كانت الرؤية واضحة والطريق صحيح.. أما أن يطلق الفن على هواه.. ليصل إلى مبتغاة دون أي تصحيح لمساره فهذا ما يزيد الجماهير تشويشاً وربما عدم وضوح في الرؤية والإحساس بالأشياء أو كما يراد لها من نقطة الابتداء حتى الانتهاء.

عاجل !!