بعد ان انتهت مرحلة الاقتراع بدأت مرحلة التوافقات لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة التي ستمر بمرحلة اكثر تعقيدا من الانتخابات نفسها بعد ان أعلن تصدر كتلة رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني “الإعمار والتنمية” النتائج الأولية للانتخابات التشريعية الأخيرة. على ان تبدأ مرحلة المفاوضات والتحالفات بين الكتل لتحديد “الكتلة الأكبر” التي ستسمي رئيس الوزراء الجديد.
ووفق الكتلة الأكبر وحسباً للدستور والأعراف، فإن مرشح “الكتلة النيابية الأكبر عدداً” هو من يتم تكليفه بتشكيل الحكومة. وحيث لا توجد غالبية مطلقة عادةً، فإن عملية التشكيل تتم عبر التفاوض بين الكتل الفائزة لتشكيل هذا الائتلاف الأكبر.
ومن المفارقات فقد لعبها بالتمام والكمال رئيس الوزراء المنتهية ولايته والمهدد بعدم التجديد له نتيجة الأخطاء الكارثية التي جرت البلاد الى كوارث اقتصادية والمياه والكهرباء والتنازلات المذلة وفشله الذريع في التعامل مع قطاعات واسعة من المجتمع لعل أبرزها سقوط الاقربون وحاشيته بالفساد من اهله وعشيرته واشقاءه، لقد شكل السوداني كتلته الفاسدة “الاعمار والتنمية” ناكث عهده للاطار التنسيقي مع مجموعة من المقاولين والتجار والموعودين بعقود ملياريه من أموال السحت الحرام .. وهذا بدا واضحا من أساليب الدفع والرشاوي مستغلين حاجة الناس للأموال بعد جردهم من حقوقهم الشرعية لكي تتقدم هذه الكتلة على حساب كتل نزيهة مخلصة للعراق وشعبه
وسوف تتلخص مسؤولية الإطار التنسيقي في اختيار رئيس الوزراء العراقي، ومسألة موقفهم من محمد شياع السوداني بعد الانتخابات الأخيرة، فالإطار التنسيقي هو تحالف يضم أبرز القوى والأحزاب الشيعية في العراق (باستثناء التيار الصدري)، مثل ائتلاف دولة القانون وتيار الحكمة وعصائب أهل الحق وغيرهم. وتتركز مسؤوليته ودوره في تشكيل الحكومة على التمسك بالعرف الدستور عبر تمسك قوى الإطار التنسيقي بحق “المكون الشيعي” في تسمية مرشح رئاسة الوزراء، باعتباره المكون الأكبر سكانياً، وهذا عرف سياسي متبع منذ 2003.
ثم ان تشكيل الكتلة الأكبر بعد الانتخابات، يكون الهدف الرئيسي للإطار التنسيقي (أو لكتلته الأكبر ضمن الإطار) هو تجميع أكبر عدد من المقاعد النيابية لتشكيل “الكتلة النيابية الأكثر عدداً”. هذه الكتلة هي التي يكلفها رئيس الجمهورية بتقديم مرشحها لرئاسة الوزراء.
وهنا يبرز مرجعية القرار بعد ان يمثل الإطار التنسيقي القوة التي تتخذ القرار النهائي بشأن اختيار الشخصية التي ستتولى المنصب من المكون الشيعي، وذلك عبر التوافق بين قواه، وفي حال غياب التوافق، يتم اللجوء إلى القوة الأكثر تأثيراً ضمنه. يسعى الإطار إلى ضمان أن تكون الحكومة الجديدة متوافقة مع توازنات القوى داخله، وأن يتم توزيع المناصب الوزارية الرئيسية حسب استحقاقات الكتل المنضوية تحته.
ان الموقف من محمد شياع السوداني وإمكانية إبعاده فهو في الأصل مرشحاً توافقياً للإطار التنسيقي بعد الأزمة السياسية الطويلة التي تلت انتخابات 2021، وقد جاء بدعم كامل من هذا التحالف.
تشير تقارير سابقة إلى وجود توترات وخلافات واضحة داخل الإطار التنسيقي، خاصة بين السوداني وبعض قادة الإطار (مثل نوري المالكي الذي يتزعم ائتلاف دولة القانون والذي جاء به كرئيس للوزراء) قبل الانتخابات الأخيرة، حيث نافس كل منهما للحصول على أعلى الأصوات.
ان تهديد “تقويض الصلاحيات” في السابق (قبل الانتخابات الأخيرة)، حيث كان هناك حديث عن سعي بعض قوى الإطار إلى “تقويض صلاحيات السوداني” وتقليل فرصه الانتخابية، لكن فوزه الملحوظ لن يقلب هذه المعادلة. ووجوده سيشكل خطرا على العراق سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.
وفي النهاية ان مسؤولية اختيار رئيس الوزراء لا تزال في يد القوى الكبرى (ممثلة بالإطار التنسيقي حالياً)، لكن فوز قائمة السوداني التي تلاعبت بالأموال المسروقة من الشعب او الدولة وصرفتها ببذخ للوصول لهذه النتائج قد لا يغير من موازين القوى داخل الإطار نفسه.




