حينما يصبح النقد مرآة للغواية لا للوعي / الناقد لؤي التميمي

هيئة التحريرمنذ 5 ساعاتآخر تحديث :
حينما يصبح النقد مرآة للغواية لا للوعي / الناقد لؤي التميمي

حينما يصبح النقد مرآة للغواية لا للوعي

الناقد لؤي التميمي

نقد بالمجاملات لا بالمعايير:

لم يعد الناقد في بعض الأوساط الثقافية قارئًا جادًا، بل مُجاملًا بالأجرة أو بالإعجاب، يكتب مديحًا لأي نص يمر أمامه ما دام صاحبه يملك حضورًا جماليًا أو شهرة رقمية، لا حضورًا أدبيًا.

النص التافه صار ملحمة:

تقرأ نصًا نثريًا خاليًا من الوزن والتفعيلة، ركيك اللغة، ساذج الصورة، فتفاجأ بمن يكتب تحته:

“نصّ يوازي أنشودة المطر للسياب” أو “يذكّرنا بالمعلم ليوسف الصائغ”!

وكأنّ مجرّد استخدام كلمات مثل “المطر” و”الرحيل” كافٍ لتتويج صاحبة النص شاعرة القرن!

النساء الجميلات و”نقاد المديح”:

بعض النقاد ـ للأسف ـ يتحولون إلى مروّجين للجمال لا للنصوص، فيكتبون مقالات نقدية أقرب إلى بطاقات إعجاب، تمجّد صاحبة النص لا النص ذاته، وتخلط بين الشعر والفتنة، وبين القصيدة والابتسامة.

ردّ الجميل بالمبالغة:

بالمقابل، تقرأ بعض النساء نصوصًا نثرية كتبها رجال، فتنهال التعليقات والألقاب:

“أنت نهر الشعر الحديث”، “أنت وريث السياب ودرويش”!

حتى بات توزيع الألقاب الأدبية أرخص من طباعة ديوان نثري في مطبعة محلية.

النقد تحوّل إلى مديح متبادل:

النقد الأدبي الذي وُجد أصلاً لفرز الجمال من الادعاء، أصبح حلقة تبادل من المجاملات: كل يمدح الآخر على أمل أن يُمدح في الغد. لا أحد يقرأ بصدق، ولا أحد يقول: “هذا نص ضعيف”.

المشهد الأدبي كمسرحية هزلية:

إذا حضرت ندوة أو قرأت منشورات الأدباء اليوم، ستشعر أنك في مسرحية من التصفيق الذاتي:

شاعر عظيم يصفق لنص رديء، وناقد كبير يبرر الركاكة بالحداثة، وجمهور يصفق دون أن يفهم.

غياب الشعراء الحقيقيين:

وسط هذا الضجيج النثري المليء بالمديح الزائف، انسحب الشعراء الحقيقيون بصمت، لأنهم لا يريدون أن يكونوا جزءًا من مشهد يكرّم الجهل باسم الحداثة.

خاتمة السخرية:

هكذا أصبح الأدب عند بعضهم: منصّة للغزل المقنّع باسم النقد، وسوق ألقاب تُوزع حسب العلاقات لا الموهبة. أما الشعر الحقيقي، فما زال هناك… في دفاتر المنسيين الذين كتبوا بصدق، لا بطلاء.

عاجل !!