يحكى أن نصير الجادرجي قال : كنت موظف في شعبة الايجارات وكانت وظيفتي تنظيم عقود الايجارات وتوجيه
الانذارات لمن لا يدفع الايجارات الى الدولة بالصدفة كان الجواهري مستأجرا لدار تابعة للأموال المجمدة وفيها مطبعته وقد كان مدينا لدائرتنا بمبلغ قدره 400 دينار لم يسدده وفي احد الايام وجدت على طاولتي انذارا مطبوعا وموقعا كان قد وجه الى الجواهري بصيغة غير لائقة وهذا امر غريب لأني مسؤول عن توجيه الانذارات..!!
سالت زميلي عن الذي قام بهذا العمل ؟؟؟ لكنه نفى علمه بهذا الكتاب وكان صادقا بقوله.
فأخذت الورقة الى هاشم الذي كان موظفا كفؤا وذا خلق.. وسألته عما اذا كان يرضيه تصرف كهذا بحق الشاعر الجواهري.؟؟؟ فأجابني… ما الذي نفعله اذا كان لا يدفع, ولا علم لي بكتاب كهذا؟!
قلت له… مع ذلك ليس من اللائق ان نوجه له انذارا بهذه الصيغة…!!؟؟
اخبرته بعزمي تمزيق الانذار..؟؟
فقال…لا دخل لي افعل ما تشاء.
مزقت الورقة امامه وخرجت.
يبدو ان تصرفي هذا قد وصل خبره الى الجواهري…
وبعد عدة ايام اتصلت بي زوجة الجواهري عبر الهاتف في الدائرة وسلمت علي وعلى اسرتي فردا فردا وسألت عن زوجتي كونها كانت تعرفها.. وبعد ان سألت عن احوالنا جميعا قالت لي… اننا مدينون الى دائرتكم بمبلغ قدره 400 دينار…
سائلة: هل بإمكاننا دفع مئة دينار منها؟
قلت لها… ابعثي لي بعشرة دنانير فقط من الاربعمائة دينار التي بذمتكم لنا.
فقالت: كيف؟
قلت لها… افعلي هكذا واتركي الامر لي.
بعد مضي ساعة ونصف رأيت الجواهري يقف قبالة طاولتي في مكتبنا بالدائرة..
وحين رأيته عانقته وابديت احتفائي به.. ودعوت الموظفين لمشاركتي بذلك..
ما اثار الغبطة والسرور في نفسه لاحظناها جميعا عليه.
علق على ما قمت به وقال لنا جميعا…
مضى شهر علي لم اخرج خلاله من المنزل… بسبب قيام احد الاشخاص (صعلوك) برمي الحجارة علي . .
ثم قال… قلت في نفسي حينها…..
هذا الشعب لا يستحق منا شيئا..!!!؟؟
بعد ثوان من الصمت قال:
لكنني حين استمعت الى مكالمة زوجتي ام نجاح معك وشرحت لي موقفك معي غيرت رايي بهذا الشعب وقلت بأنه طيب ويستحق كونك منه.. فأصررت على زيارتك وابداء الشكر لك.
ناولني مبلغا من المال لكنني اصدرت على ان يكون عشرة دنانير فقط…
وابدى تساؤله فيما اذا كان يصح ذلك واكدت له بأنه يصح..!!!
لكن احد الموظفين اخذ منه العشرة دنانير، وقال بانه سيدفعها الى المحاسب.. لكنه سيحتفظ بها كأرث تاريخي قادم من شاعر العرب الاكبر وسيسلم غيرها الى دائرته… ما اثار السرور في نفسه مرة اخرى .ودعناه الى الشارع العام حيث استقل سيارة تكسي.. ليكون ذلك اليوم ايذانا بصداقة طويلة جمعتني به ولازلت أعتز بها.




