لم تعد الحملات الانتخابية في محافظة الأنبار مجرّد سباقٍ للبرامج والشعارات، ولا ساحة يتنافس فيها المرشحون على كسب ثقة الناس عبر الأفكار والخدمات، بل تحولت — في بعض أوجهها — إلى عروض استعراضية للمال والنفوذ، تتجسد في «مواكب طويلة» من السيارات الفارهة والحمايات المسلحة التي تجوب الشوارع وكأنها استعراض قوة عسكرية لا علاقة له بالانتخابات.في الأيام الأخيرة، ومع اقتراب موعد الاقتراع النيابي، تتكرر المشاهد ذاتها في مدن الرمادي والفلوجة وحديثة وهيت: عشرات السيارات المظللة، بعضها مزود بأسلحة خفيفة ومتوسطة، ترافق مرشحاً يلوّح للناس من نافذة سيارته الفارهة، بينما تتكدس السيارات المدنية في طوابير خانقة، ويضطر المواطنون إلى التوقف أو تغيير مساراتهم لتفادي موكب لا يعرف أحد سببه سوى أنه “موكب انتخابي”.بين سخرية الناس وغضبهم، وبين عجز السلطات عن ضبط هذه الفوضى المموهة بعنوان الديمقراطية، تتكشف أزمة أخلاقية وسياسية عميقة: انتخابات في الشكل، واستعراض سلطوي في المضمون.




