والرئيس الفلسطيني يكلف بإنجاز دستور مؤقت خلال ثلاثة أشهر لإقامة الدولة
لم توضح حماس موقفها من نزع السلاح أو منعها من السلطة السياسية لكنها طالبت بضرورة إشراكها في أي نقاش حول مستقبل القطاع
شروط عباس على المرشحين تتضمن الالتزام بحل الدولتين وبرنامج منظمة التحري
أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن القيادة السياسية في البلاد أصدرت تعليمات للجيش بتقليص النشاط الهجومي في غزة
كرّس ترامب الذي صوّر نفسه على أنه الشخص الوحيد القادر على تحقيق السلام في غزة جانبا كبيرا من نفوذه السياسي في جهود لإنهاء حرب مستمرة منذ عامين
رام الله / النهار
دعا الرئيس الأميركي دونالد ترامب إسرائيل إلى التوقف عن قصف غزة فورا بعد موافقة حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) على إطلاق سراح الرهائن وبعض الشروط الأخرى في خطة أميركية لإنهاء الحرب، لكن القضايا الأكثر تعقيدا مثل نزع السلاح بدت دون حل.
وذكر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن إسرائيل تستعد “للتنفيذ الفوري” للمرحلة الأولى من خطة ترامب بشأن غزة لإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين، وذلك عقب رد حماس.
وبعد ذلك بوقت قصير، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن القيادة السياسية في البلاد أصدرت تعليمات للجيش بتقليص النشاط الهجومي في غزة.
أصدر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي تعليمات للقوات بتعزيز الجاهزية لتنفيذ المرحلة الأولى من خطة ترامب دون أن يذكر ما إذا كان سيتم تقليص النشاط العسكري في غزة.
كانت حماس أصدرت ردها على خطة ترامب المكونة من 20 نقطة بعد أن أمهلها الرئيس الأمريكي مهلة حتى يوم الأحد لقبول خطته أو مواجهة عواقب وخيمة.
كرّس ترامب، الذي صوّر نفسه على أنه الشخص الوحيد القادر على تحقيق السلام في غزة، جانبا كبيرا من نفوذه السياسي في جهود لإنهاء حرب مستمرة منذ عامين، والتي أودت بحياة عشرات الآلاف وتركت إسرائيل، حليفة الولايات المتحدة، في عزلة متزايدة على الساحة العالمية.
وقال ترامب إنه يعتقد أن حماس أظهرت “استعدادها لسلام دائم”، ووضع المسؤولية الآن على عاتق حكومة نتنياهو.
وكتب ترامب على منصته “تروث سوشيال” “يجب على إسرائيل أن توقف قصف غزة فورا حتى نتمكن من إخراج الرهائن بأمان وبسرعة”.
وأضاف “نجري بالفعل مناقشات حول التفاصيل التي يتعين العمل عليها. الأمر لا يتعلق بغزة فحسب، بل يتعلق بالسلام الذي طال انتظاره في الشرق الأوسط”.
وذكر مكتب نتنياهو أن إسرائيل “ستواصل العمل بتعاون كامل مع الرئيس وفريقه لإنهاء الحرب وفقا للمبادئ التي حددتها إسرائيل، والتي تتوافق مع رؤية الرئيس ترامب”.
وقال سكان إن الدبابات الإسرائيلية قصفت شارع الثلاثيني وهو شريان رئيسي في قلب مدينة غزة بعد رسالة ترامب إلى إسرائيل بالتوقف.
وذكر شهود أن طائرات عسكرية إسرائيلية كثفت قصفها على المدينة في الساعة التي تلت بيان حماس حيث أصابت عدة منازل في حي الرمال.
وقال سكان إن غارات جوية استهدفت خان يونس، ولكن لم ترد أنباء عن سقوط ضحايا.
قبل أحدث تصريحات لإسرائيل، دعت عائلات الرهائن المحتجزين لدى حماس في غزة نتنياهو إلى إصدار “أمر فوري ببدء مفاوضات لإعادة جميع الرهائن”.
على الصعيد المحلي، يجد رئيس الوزراء نفسه محاصرا بين ضغوط متزايدة لإنهاء الحرب – من عائلات الرهائن والجمهور المنهك من الحرب – ومطالب من أعضاء متشددين في ائتلافه اليميني المتطرف يصرّون على عدم التهاون في الحملة الإسرائيلية على غزة.
وفقا لنسخة من رد حماس، لم توضح الحركة ما إذا كانت ستوافق على نزع السلاح وإخلاء غزة من الأسلحة وهو أمر تريده إسرائيل والولايات المتحدة لكن حماس سبق وأن رفضته.
ولم توافق حماس أيضا على انسحاب إسرائيلي على مراحل كونه يتعارض مع مطالبها بانسحاب فوري وكامل.
وقال مسؤول كبير في حماس لقناة الجزيرة إن الحركة لن تلقي السلاح قبل انتهاء “الاحتلال” الإسرائيلي للقطاع، وهي تصريحات تبرز الفجوة بين الطرفين مع اقتراب الحرب من عامها الثاني.
ومن جهته قال المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية على منصة إكس إن قطر بدأت التنسيق مع الوسيط المصري والولايات المتحدة لمواصلة المحادثات حول خطة ترامب بشأن غزة.
وتنص خطة ترامب على وقف فوري لإطلاق النار وتبادل كل الرهائن الذين تحتجزهم حماس مقابل الإفراج عن سجناء فلسطينيين لدى إسرائيل وانسحاب إسرائيلي مرحلي من قطاع غزة ونزع سلاح حماس وتشكيل حكومة انتقالية بقيادة هيئة دولية.
وفي ردها على خطة ترامب، قالت حماس في بيان “تقدر حركة المقاومة الإسلامية حماس الجهود العربية والإسلامية والدولية وجهود الرئيس الأميركي دونالد ترامب الداعية إلى وقف الحرب على قطاع غزة وتبادل الأسرى ودخول المساعدات فورا” ضمن بنود أخرى.
ووافقت الحركة على “الإفراج عن جميع أسرى الاحتلال أحياء وجثامين وفق صيغة التبادل الواردة في مقترح الرئيس ترامب ومع توفير الظروف الميدانية لعملية التبادل”.
وأضافت “في هذا السياق تؤكد الحركة استعدادها للدخول فورا من خلال الوسطاء في مفاوضات لمناقشة تفاصيل ذلك”.
وأكدت حماس موافقتها على “تسليم إدارة قطاع غزة لهيئة فلسطينية من المستقلين (تكنوقراط) بناء على التوافق الوطني الفلسطيني واستنادا للدعم العربي والإسلامي”.
ولم توضح حماس ما إذا كانت ستوافق على اقتراح ترامب بمنعها من ممارسة السلطة السياسية في غزة، لكنها قالت إنه يجب “إشراكها ومساهمتها” في أي نقاش وطني فلسطيني حول مستقبل غزة.
وسبق لحماس أن عرضت إطلاق سراح جميع الرهائن وتسليم إدارة قطاع غزة إلى جهة أخرى.
وكان ترامب قد حذر من أن “الجحيم سيندلع” في غزة إذا لم توافق حماس على اقتراحه بشأن القطاع بحلول الساعة السادسة مساء بتوقيت شرق الولايات المتحدة ولم تشارك حماس في المفاوضات التي أدت إلى هذا الاقتراح.
كما أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، تكليف الجهات الفلسطينية المختصة، بإنجاز دستور مؤقت لدولة فلسطين، على أن يُنجز خلال ثلاثة أشهر، ويشكّل قاعدة للانتقال من السلطة إلى الدولة.
وجدد عباس، في بيان نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية “وفا”، تأكيد “الالتزام بإجراء انتخابات عامة رئاسية وبرلمانية خلال عام واحد من تاريخ انتهاء الحرب على غزة، وتكليف الجهات المختصة بإنجاز دستور مؤقت للدولة، على أن يُنجز خلال ثلاثة أشهر، ويشكّل قاعدة للانتقال من السلطة إلى الدولة”.
يُنظر إلى هذا التوقيت على أنه محاولة لتجديد الشرعية الفلسطينية وإعادة توحيد الصفوف بعد سنوات من الانقسام، وهو ما يُعتبر ضروريا لأي عملية سلام أو بناء دولة مستقبلا.
وتأتي تصريحات عباس في سياق زخم دبلوماسي غير مسبوق، حيث اعترف 11 بلدا إضافيا بدولة فلسطين خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي، وهي بريطانيا وكندا وأستراليا والبرتغال ولوكسمبورغ وبلجيكا وأندورا وفرنسا ومالطا وموناكو وسان مارينو، ليرتفع الإجمالي إلى 159 من أصل 193 دولة عضوا بالأمم المتحدة.
وهذا الاعتراف المتزايد يفرض على القيادة الفلسطينية تقديم نموذج حوكمة فعال وموحد يستوفي معايير الدولة المستقلة.
وأضاف الرئيس الفلسطيني أنه “سيتم تعديل قانون الانتخابات والقوانين ذات الصلة، استنادا إلى أحكام الدستور المؤقت، بحيث يُحظر على أي حزب أو قوة سياسية أو فرد الترشح ما لم يلتزم بالبرنامج السياسي والالتزامات الدولية والقانونية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وتنفيذ مبدأ حل الدولتين، ومبادرة السلام العربية، وقرارات الشرعية الدولية، ومبدأ النظام الواحد، والقانون الواحد، ووجود قوة أمنية شرعية واحدة”.
ويهدف هذا التحديد بشكل واضح إلى ضمان أن تكون الإدارة القادمة ملتزمة بالمسار التفاوضي وتنبذ أي شكل من أشكال الميليشيات المسلحة أو الحكم المزدوج، في إشارة ضمنية إلى ضرورة إدماج أو إنهاء سيطرة حركة حماس على قطاع غزة في أي ترتيب مستقبلي.
وجاءت هذه التوجيهات بعد سوابق لم تكتمل، ففي مطلع عام 2021، أصدر عباس مرسوما بإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية وانتخابات المجلس الوطني، لكن أيا منها لم يتم تنفيذه فعليا.
وفي يوليو الماضي، قرر عباس، إجراء انتخابات المجلس الوطني قبل نهاية عام 2025، في أول انتخابات منذ عقد مؤتمره الأول في القدس عام 1964.
وينص النظام الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية على أن المجلس الوطني، هو السلطة العليا لمنظمة التحرير، وهو الذي يضع سياسة المنظمة ومخططاتها وبرامجها، مما يبرز أهمية تجديد هذا الجسم التمثيلي.
وأشار عباس أيضا إلى إصدار تعليمات للحكومة الفلسطينية “بتطوير وتحديث المناهج التعليمية، لتتماشى مع معايير اليونسكو (منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة)، وذلك ليتم الانتهاء من هذه العملية خلال عامين”.
ويمثل هذا التحديث محاولة لإظهار التزام السلطة الفلسطينية بالمعايير الدولية في التعليم، والابتعاد عن أي محتوى قد ينظر إليه على أنه تحريضي.
في خطوة ذات أبعاد اجتماعية وإصلاحية، أكد عباس “إلغاء كل القوانين والتعليمات السابقة، المتعلقة بمستحقات عائلات الأسرى والشهداء والجرحى، وتحويلها إلى المؤسسة الوطنية الفلسطينية للتمكين الاقتصادي لتوحيد برامج الحماية والرعاية الاجتماعية تحت منظومة واحدة، وفقًا للمعايير الدولية المعروفة”.
وفي فبراير الماضي، أصدر عباس، مرسوما رئاسيا يلغي قوانين وأنظمة تتعلق بدفع مخصصات لعائلات الشهداء والأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، وإحالتها إلى مؤسسة حكومية.
وحتى صدور المرسوم، كان الأسرى يخضعون لمجموعة أنظمة وقوانين خاصة بهم، منها “النظام الخاص بالفئة العليا للأسرى المحررين”، و”قانون الأسرى والمحررين”، التي تنظم صرف مخصصات للأسرى حسب السنوات التي أمضوها في السجون الإسرائيلية، وتأمين صحي، ووظائف، وغير ذلك.
تشكّل هذه الإجراءات مجتمعة خارطة طريق فلسطينية داخلية، تستهدف بناء أساس قانوني ودستوري صلب للدولة المنشودة، وتأتي بالتزامن مع تزايد الضغوط الدولية لإنهاء الحرب، وتزايد الاعتراف بدولة فلسطين.
وأمهل الرئيس الأميركي دونالد ترامب حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية “حماس” حتى مساء يوم الأحد للتوصل إلى اتفاق بشأن خطته لمستقبل قطاع غزة، واصفا إياها بـ”الفرصة الأخيرة” للحركة.
وكتب ترامب على منصة (تروث سوشيال) “لقد وافقت جميع الدول! إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق الفرصة الأخيرة هذا، فسيندلع جحيم لم يشهده أحد من قبل ضد حماس”.
ووصف الرئيس الأميركي، الذي يزداد إحباطه من الفشل في تأمين وقف إطلاق النار، حماس بأنها “تهديد عنيف لا يرحم في الشرق الأوسط”، وقال إن هجومها على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 أثار ردود فعل انتقامية شديدة.
وفي منشوره، قال ترامب إن مقاتلي حماس المتبقين في غزة محاصرون و”سيتم مطاردتهم وقتلهم” في حال عدم التوصل إلى اتفاق، محذرا الفلسطينيين الأبرياء طالبا منهم المغادرة إلى مناطق آمنة في غزة دون تحديد هذه الأماكن.
وقال الرئيس الأميركي يوم الثلاثاء إنه سيمهل حماس ثلاثة أو أربعة أيام لقبول وثيقة مؤلفة من 20 نقطة تدعو الحركة لإلقاء السلاح وهو مطلب رفضته حماس من قبل وقال مصدر مقرب منها يوم الأربعاء إنها تنظر في أمر الاقتراح.
وتحدد الخطة وقفا فوريا لإطلاق النار وتبادلا لكل الرهائن الذين تحتجزهم حماس مقابل الإفراج عن سجناء فلسطينين لدى إسرائيل وانسحابا إسرائيليا مرحليا من قطاع غزة وتشكيل حكومة انتقالية بقيادة هيئة دولية.
وخلال مؤتمر صحفي مع ترامب بالبيت الأبيض الاثنين الماضي أعلن رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، أنه “يدعم خطة ترامب”، معتبرا أنها “تحقق الأهداف الإسرائيلية من الحرب”.
وأعلنت قطر الأسبوع الماضي أنها ومصر (دولتا الوساطة) أبلغتا “حماس” بخطة ترامب، مضيفة أن “الحركة تعاملت بمسؤولية، ووعدت بدراستها”.
وقال الرئيس الأميركي إن بلاده “ستحصل على غزة” إضافة إلى سلام شامل في المنطقة وذلك في مقابلة أجراها مع شبكة “ون أميركا نيوز” الخميس، ولم يوضح ترامب المقصود من تصريحه “الحصول على القطاع الفلسطيني”. وأكد أنه أنهى 7 حروب منذ توليه منصبه لولاية ثانية، وقال إن هذا العدد سيرتفع قريبا إلى 8.
ولم تنم مدينة غزة المحاصرة، الليلة الماضية، تحت وابل من الغارات الإسرائيلية التي طالت أحياء الرمال والدرج والتفاح والزيتون والصبرة وتل الهوى، محولة سماءها إلى دخان ونيران.
ومع هذه الغارات المتواصلة، يشتد الخناق على المواطنين تحت حصار إسرائيلي يمنع دخول الغذاء والدواء والوقود، لتتضاعف معاناتهم في وقت تسعى فيه تل أبيب إلى احتلال المدينة وتهجير أهلها قسرا، ضمن حرب إبادة الجماعية مستمرة منذ عامين.
وعلى الأرض، تحولت شوارع أحياء الزيتون والصبرة وتل الهوى إلى ساحات نار بعد تفجير الجيش لمنازل وبنايات بآليات مفخخة، حتى بات البقاء أو مجرد التنقل مغامرة قد تنتهي بالموت.
وترك هذا الخراب الفلسطينيين يواجهون مصيرا قاسيا بلا مأوى ولا غذاء ولا دواء، وتحت قصف لا يتوقف، ما دفع كثيرين إلى المجهول.
ومع انهيار البنية التحتية وانقطاع الإمدادات، لم يبق أمام آلاف الأسر سوى ما تبقى في البيوت من معلبات بسيطة، وهي كميات آخذة بالنفاد يوما بعد يوم، فيما المجاعة تزحف على الأحياء، والطحين أصبح عملة نادرة تضاعفت أسعاره، بينما الخروج للبحث عنه قد ينتهي بالموت تحت القصف الإسرائيلي.
وزاد من حدة المأساة إغلاق الجيش الإسرائيلي “شارع الرشيد”، الشريان الساحلي الوحيد المتبقي للمدينة، ما أدى إلى توقف آخر قنوات الإمداد وترك غزة في عزلة شبه كاملة.