التعاون الاقتصادي وتذليل كافة العقبات أمام الاستثمارات الإماراتية من بين الملفات المطروحة بين الرئيسين
جهود مصرية واماراتية لوقف حرب غزة وتخفيف معاناة الفلسطينيين و ملفات مثل الحرب في السودان والتوتر في سوريا ولبنان يرجح أنها من بين الملفات المطروحة
تمارس أبوظبي ضغوطًا ملموسة على حكومة بنيامين نتنياهو عبر قنوات دبلوماسية مؤكدة رفضها لأي محاولات لفرض واقع جديد على الأرض الفلسطينية
القاهرة/ النهار
يبحث الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مع نظيره الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الذي يزور القاهرة العديد من الملفات في توقيت حساس تمر فيه المنطقة حيث تحمل الزيارة أبعادًا سياسية واقتصادية عميقة، وتأتي على وقع تصاعد التوترات الإقليمية، واستمرار الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة، وسط حديث عن خطة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب لانهاء حرب غزة، فيما ستكون العلاقات الثنائية والتعاون الاقتصادي على جدول الاعمال.
وتعليقا على الزيارة قال السفير محمد الشناوي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية في تغريدة على تويتر “أن المباحثات تناولت تطورات الأوضاع الإقليمية، وفي مقدمتها الوضع في قطاع غزة، حيث أعرب الزعيمان عن ترحيبهما بالمبادرة التي طرحها الرئيس دونالد ترامب لوقف الحرب في القطاع، مؤكدين أهمية دعم هذه المبادرة السلمية بما يمهد الطريق أمام مسار تحقيق سلام دائم وشامل في المنطقة.”
من جانبها قالت وكالة أنباء الإمارات (وام) “رئيس الدولة يصل القاهرة في زيارة أخوية. والرئيس المصري في مقدمة مستقبليه”.
وتأتي الزيارة، التي وصفها مراقبون بـ”الاستراتيجية”، بينما تخوض الأطراف العربية نقاشًا محتدمًا حول ما يُعرف إعلاميًا بـ”خطة ترامب المعدّلة”، والتي تضم 21 نقطة لإنهاء الصراع، بينها ترتيبات أمنية في غزة، وتغييرات جذرية في المشهد الفلسطيني، ما يثير مخاوف بشأن التوافق العربي حول مستقبل القطاع والدور المصري الحيوي في تلك المعادلة.
وبحث اللقاء على الاغلب تصاعد القلق الإقليمي من استمرار العمليات العسكرية في غزة وتداعياتها على الاستقرار في مصر والمنطقة، لا سيما بعد التصريحات الإسرائيلية التي ألمحت إلى إعادة النظر في حدود القطاع وتهديدات التهجير وهو ما تعتبره القاهرة خطا أحمر.
وتمارس أبوظبي ضغوطًا ملموسة على حكومة بنيامين نتنياهو عبر قنوات دبلوماسية، مؤكدة رفضها لأي محاولات لفرض واقع جديد على الأرض الفلسطينية. وكانت الإمارات قد لمّحت مؤخرًا إلى إمكانية مراجعة العلاقات مع إسرائيل في حال استمرت سياسات الضم وتهديد اتفاقيات السلام.
وفي هذا السياق، لعبت القاهرة دورًا محوريًا في جهود التهدئة والتوصل الى هدنة من خلال وساطة إلى جانب قطر فيما ضغطت أبوظبي بدورها من أجل إحلال السلام وذلك عبر علاقاتها الدولية القوية وإبقاء قنوات اتصال مع الدولة العبرية. وكان لقاء وزير الخارجية الاماراتي عبدالله بن زايد برئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في نيويورك يرمي الى وقف الحرب على القطاع المحاصر وفسح المجل لتعزيز المساعدات الإنسانية لسكانه.
وبعيدًا عن غزة، حملت الزيارة أيضًا أبعادًا إقليمية متشابكة، فمن غير المستبعد أن يتناول اللقاء الحرب في السودان، حيث تسعى الإمارات ومصر إلى رأب الصدع بين الأطراف المتقاتلة، وسط مخاوف من توسع النزاع وتداعياته الإنسانية والأمنية في دول الجوار.
كما من المتوقع أن يشمل اللقاء الحديث عن الأوضاع في سوريا ولبنان، في ظل تصاعد التوتر بين “حزب الله” وإسرائيل واستمرار الضربات الجوية في سوريا. وتلتقي وجهات نظر البلدين في أهمية تجنيب المنطقة الانزلاق إلى حرب إقليمية شاملة.
وعلى الصعيد الاقتصادي، تشكل الاستثمارات الإماراتية الضخمة في مصر محورًا رئيسيًا في أي لقاء بين الرئيسين. وتبرز دولة الإمارات اليوم من أكبر الداعمين للاقتصاد المصري، الذي يعاني من ضغوط تمويلية وعجز في النقد الأجنبي.
وفي هذا الصدد قال السفير الشناوي “استهل الرئيس السيسي اللقاء بالتأكيد على عمق ومتانة العلاقات الثنائية بين مصر ودولة الإمارات، مشيداً بالتطور الملحوظ في التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، لا سيما في مجالي التجارة والاستثمار. كما أعرب سيادته عن حرص الدولة المصرية على تذليل كافة العقبات أمام الاستثمارات الإماراتية، مثمناً الطفرة التي تشهدها العلاقات الاقتصادية بين الجانبين. من جانبه، أشاد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بما يشهده مناخ الاستثمار في مصر من تطور كبير، يعكس الجهود المبذولة لتعزيز بيئة الأعمال وجذب الاستثمارات”.
والسنة الماضية، أعلنت القاهرة عن اتفاق مع صندوق أبوظبي السيادي لضخ نحو 35 مليار دولار استثمارات مباشرة في السوق المصرية. كما وقّعت اتفاقيات ضخمة لتطوير مشروع مدينة “رأس الحكمة” السياحية، الذي تتجاوز استثماراته 22 مليار دولار، وهو ما يعكس الرغبة الإماراتية في تحويل سواحل مصر الشمالية إلى وجهة استثمارية عالمية.
ويرى خبراء أن هذه الاستثمارات تمثل “صمام أمان” للاقتصاد المصري، وتكشف عن الشراكة الاستراتيجية الممتدة بين القاهرة وأبوظبي، التي لا تقتصر على الجانب المالي فحسب، بل تشمل الأمن الإقليمي والطاقة والنقل والسياحة.
وتعتبر زيارة الشيخ محمد بن زايد إلى القاهرة بمثابة رسالة دعم سياسي شخصي للرئيس السيسي، في وقت يزداد فيه الضغط على مصر من أطراف إقليمية ودولية بسبب دورها المركزي في القضية الفلسطينية، وتوازناتها الدقيقة مع إسرائيل، ومع الحلفاء الخليجيين.
ومن المتوقع أن تعزز هذه الزيارة من وتيرة التنسيق المصري الإماراتي في ملفات تتجاوز حدود الشرق الأوسط، مع تزايد الرهان الدولي على دول الاعتدال العربي للعب أدوار حاسمة في ملفات الحرب والسلام.
في ظل التعقيدات المتزايدة في غزة، وتصاعد التوتر في دول الجوار، تحاول القاهرة وأبوظبي الإمساك بخيوط اللعبة الإقليمية من خلال دبلوماسية نشطة وشراكات اقتصادية استراتيجية. والرسالة الأهم التي خرجت بها الزيارة هي أن التنسيق العربي يظل عنصرًا لا غنى عنه في مواجهة زلازل الجغرافيا السياسية المتلاحقة.
وكان الشيخ محمد بن زايد زار مصر آخر مرة في 25 أغسطس/آب الماضي والتقى السيسي بمدينة العلمين شمالي مصر في إطار زيارة استمرت عدة أيام.
وسلطت وسائل إعلام عبرية الضوء على مفاوضات مصرية مع السويد بشأن شراء طائرات إنذار مبكر متطورة من طراز “غلوباي إي”، وسط مخاوف إسرائيلية من اتجاه مصر لتعزيز دفاعاتها الجوية.
وأشار تقرير موقع “ناتسيف نت” إلى أن القاهرة تسعى من خلال هذه المفاوضات إلى تعزيز قدراتها العسكرية، بينما يصف هذه الخطوة بأنها جزء من استراتيجية مصرية للضغط على الولايات المتحدة للحصول على طائرات الإنذار المبكر الأميركية من الجيل الجديد، بحجة أن أسطولها الحالي أوشك على الخروج من الخدمة.
ورغم الإشارة إلى القيود الاقتصادية لمصر، أكد التقرير وجود مفاوضات جادة، حيث زار وفد عسكري مصري رفيع جناح شركة “ساب” السويدية خلال معرض باريس الجوي في يونيو 2025.
وأظهر الجيش المصري اهتماما بمنصة “غلوبال اكسبريس6000” المحسّنة، والمزودة برادار من شركة “إريكسون” بمدى كشف يصل إلى 450 كيلومتراً، ما يمكنها من رصد الأهداف الجوية والبحرية الصغيرة، بما في ذلك الطائرات بدون طيار وصواريخ كروز.
ويتيح دمج هذا الرادار المتطور في الطائرة إنشاء منصة إنذار مبكر جوية قادرة على تنفيذ مهام بعيدة المدى في مختلف الظروف التشغيلية، مع إمكانية استخدام رادارات مساعدة لرصد دقيق للأهداف البرية والبحرية، مما يعزز قدرة مصر على مراقبة أجوائها وحدودها البحرية بكفاءة أعلى.
ويقول الإعلام الإسرائيلي أن مصر تبدي استعدادات غير مباشرة لاحتمال مواجهة عسكرية مع إسرائيل، على خلفية تصعيد واضح في “الخطاب الدبلوماسي” بين الجانبين، إلا أن تقديرات الجيش المصري “تقلل من هذا الاحتمال”.
ورفض خبراء عسكريون مصريون بشدة المزاعم الإسرائيلية الأخيرة حول “تهريب الأسلحة عبر الطائرات المسيرة” من الأراضي المصرية، معتبرين أنها اتهامات مُلفقة تهدف إلى تحقيق أهداف سياسية.
جاء ذلك ردا على تقارير إعلام إسرائيلي، زعمت فيها قناة “اي24 نيوز” أن ما أسمته “ظاهرة تهريب الأسلحة عبر المسيرات”، تشكل الخطر الأبرز على أمن إسرائيل.
واستبعد اللواء د. هشام الحلبي، المحاضر بالأكاديمية العسكرية المصرية، هذه الادعاءات تماما، قائلا أن “إسقاط طائرات يعني وجود حطام، فأين هذا الحطام إذن؟”، وأكد في تصريحات لـ”العربية.نت” أن هذه المزاعم “غير صحيحة ولا توجد أدلة عليها”.
وأشار الحلبي إلى أن الجهة المنوطة بمتابعة الترتيبات الأمنية على الحدود هي “القوة متعددة الجنسيات” وفقا لمعاهدة السلام، موضحا أن أي مخالفات كان يجب إبلاغ هذه القوة بها رسميا.
وأكد الخبراء أن مصر ملتزمة بجميع الاتفاقيات الدولية، وأن هذه الاتهامات تهدف إلى التغطية على الفشل العسكري الإسرائيلي وخلق مبررات للضغط على الدور المصري الداعم للقضية الفلسطينية.
في المقابل، كشف موقع أكسيوس الأميركي مؤخرا، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، طلب من إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ممارسة الضغط على القاهرة لتقليص وجودها العسكري في سيناء.
ونقل الموقع عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن “التعزيزات العسكرية المصرية في سيناء تحولت إلى بؤرة توتر إضافية بين البلدين مع استمرار الحرب في غزة”.
وبحسب ما صرّح به مسؤولان إسرائيليان فإن “المصريين يشيدون بنية تحتية عسكرية، بعضها يمكن استخدامه في عمليات هجومية، في مناطق يُسمح فيها فقط بحمل أسلحة خفيفة بموجب معاهدة السلام الموقّعة بين مصر وإسرائيل عام 1979”.
وأضاف التقرير أن نتنياهو قدّم خلال لقائه وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو في القدس، قائمة تتضمن الأنشطة العسكرية المصرية في سيناء.
وتزعم إسرائيل، وفقاً للموقع، أن “القاهرة قامت بتوسيع مدارج بعض القواعد الجوية في سيناء بما يسمح باستخدامها من قبل الطائرات المقاتلة، كما أنشأت منشآت تحت الأرض تعتقد الاستخبارات الإسرائيلية أنها قد تُستخدم لتخزين الصواريخ”.
ورغم ذلك، أشارت المصادر الإسرائيلية إلى أنه “لا يوجد دليل على أن المصريين يخزنون فعلياً صواريخ في تلك المنشآت”، لكنها لفتت إلى أن “السلطات المصرية لم تقدم تفسيراً مقنعاً عندما طلبت إسرائيل إيضاحات عبر القنوات الدبلوماسية والعسكرية”.
وختم أكسيوس تقريره بالقول إن إسرائيل “قررت اللجوء إلى إدارة ترامب بعد أن فشلت المحادثات المباشرة مع المصريين في إحراز أي تقدم”.
وكشف وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي، ، عن وجود مرونة تجاه مقترح نشر قوات دولية في قطاع غزة، في إطار ترتيبات ما بعد الحرب. ويأتي ذلك في وقت أفادت فيه تقارير إعلامية بريطانية وإسرائيلية بأن رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، توني بلير، يجري مشاورات لتولي دور محوري في إدارة القطاع، ضمن خطة سلام تعمل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على بلورتها.
وقال عبدالعاطي في مؤتمر صحفي بنيويورك، حول “التحالف الدولي من أجل حل الدولتين”، ضم وزراء خارجية دول عربية وأوروبية منها الأردن والسعودية والنرويج، على هامش أعمال الدورة الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة “منفتحون على نشر قوات دولية في غزة بموجب قرار من مجلس الأمن الدولي بهدف مساعدة السلطة الفلسطينية على إدارة القطاع”.
وأشار إلى “وجود توافق على إدارة فلسطينية مؤقتة للقطاع دون مشاركة الفصائل”، لكنه لم يقدم تفاصيل أكثر بالخصوص.
بدوره، أعلن وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، إطلاق تحالف دولي طارئ لتمويل السلطة الفلسطينية موضحا في المؤتمر الصحفي نفسه، أن تمويل السلطة الفلسطينية سيكون “بشكل مباشر، مع عدد من الشركاء الهامين”.
وكشف الوزير السعودي عن تقديم المملكة 90 مليون دولار لتمويل السلطة الفلسطينية مشيرا إلى وجود “توافق عربي على أن مصير غزة موحد مع الضفة الغربية تحت إدارة السلطة الفلسطينية”.
وخلال المؤتمر الصحفي، قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، إن “التحالف الدولي من أجل حل الدولتين” يؤكد أنه “ثمة إجماع دولي على تنفيذ هذا الحل باعتباره سبيلًا وحيدًا لتحقيق السلام العادل والشامل”.
وأضاف الصفدي، أن “التحالف يعتبر أن العائق الوحيد أمام تنفيذ حل الدولتين هو موقف الحكومة الإسرائيلية المتطرّف الذي يعلن على لسان رئيس وزرائها (بنيامين نتنياهو) أنه لن يسمح بإقامة الدولة الفلسطينية”.
وأوضح أنه “عندما يقول نتنياهو أنه لن يسمح بإقامة الدولة الفلسطينية، فهو يقول إنه لن يسمح بتحقيق السلام العادل والشامل، لأنه لا بديل عن حل الدولتين”.
وأشار إلى أن “كافة تصرفات رئيس الوزراء الإسرائيلي تحول دون تحقيق السلام العادل والشامل، ومنها حرب الإبادة بغزة، وتوسعة المستوطنات ومصادرة الأراضي بالضفة، بالإضافة إلى عدوانه على سوريا وبث الفتنة فيها، وكذلك عدوانه على لبنان”.
وتابع “إننا في المجموعة العربية الإسلامية نريد السلام العادل، ونعرف أن سبيل السلام العادل هو دولة فلسطينية مستقلة على التراب الوطني الفلسطيني تعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل”.
وأكد “الاستعداد للتوصل لسلام يضمن حق الشعب الفلسطيني، ويضمن أمن إسرائيل وقبولها في المنطقة، ويحمي المنطقة من التبعات الكارثية للعدوانية الإسرائيلية التي يجب أن يتحرك المجتمع الدولي عمليًّا للجمها قبل فوات الأوان”.
وفي سبتمبر/ أيلول الماضي، أعلنت السعودية إطلاق “التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين”، وانطلق الاجتماع الأول له بالرياض أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وشارك في الاجتماع حينها “كل من المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، فيليب لازاريني، وكبيرة منسقي الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في قطاع غزة سيجريد كاخ، وأكثر من 35 دولة ومنظمة وهيئة إقليمية ودولية”.
وفي وقت سابق الخميس، دعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس، خلال خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى تمكين السلطة من السيطرة الكاملة على غزة، مؤكداً استعدادها لتحمل المسؤولية الأمنية والإدارية ونزع سلاح الفصائل.