صمتي وحده ينادي / نور فيلبسون

هيئة التحرير27 سبتمبر 2025آخر تحديث :
صمتي وحده ينادي / نور فيلبسون

صمتي نافذةٌ لا تُغلقُ

زجاجها مرآةُ بحرٍ بلا ميناءٍ

تتلقَّفُ الضياعَ كما يتلقَّفُ الليلُ قنديلَه

السماءُ تفقأُ أجنحتها ضوءاً

تُسقطهُ كحجارةِ لؤلؤٍ على الدروبِ الخائنة،

لا تبكي بل تُعلنُ غيابَ اسمٍ قديمٍ

جمعتُ روحي كخيط مِحوَرٍ في ساعةِ زمرّدٍ،

خيطتُ منها قصيدةً لا تُقرَأُ إلا بالعينِ المغلقة.

على صدرِ المدينة نقشْتُ خارطةَ وحشةٍ:

آثارُ صخورٍ تُذكرُ بالأساطيرِ، وأسماءٌ لم تُولد بعد.

أيُّ نافذةٍ أنتِ؟

بوابةٌ أم جرحٌ يُقدَّسُ؟

دَعِي الهَواءَ يقرأُ على شفتيكِ حروفَ الحجرِ،

فالحجرُ يختزنُ ذاكرة مطرٍ واسمِ معبدٍ مهجور.

الريحُ تَزفُّ الكلمات كموكب من معدنٍ،

تُسدلُ على المدينةِ عباءةَ ضوءٍ وتُنعَّمُ الظلال.

الفجرُ ينامُ في بئرِ أسماءٍ منسيةٍ

هناك تُولدُ أسطورةٌ قَصيرةٌ تبحثُ عن وجهِ الحزنِ.

يا صوتَ السماءِ لا تكن غضباً بلا معنىٍ،

كُن قصيدةً تقطعُ الليلَ كما يقطعُ السيفُ خيطَهُ.

أريدُ مدينةً تصحو وتكسرُ قلعَتها من حجرٍ ودمعٍ،

تخرجُ من العتمةِ مُعلِّقةً تاجاً من كلامٍ لا يُموت.

النجوى تُنحتُ على شفةِ الصخرِ، والغيمةُ شاهدةٌ

الحارةُ تصرخُ باسمي كما لو أنَّ الأزقَّةَ تُذكّرُ نفسها،

أراكِ في عيونِ طيورٍ رُسِمت على شُرفاتِ الحلمِ،

أراكِ في ظلِّ عمودٍ قديمٍ حيثُ تلدُ الأسطورةُ صمتَها.

أعطي الريحَ قصيدتي الأخيرةَ، لتأخذها إلى جبالٍ صمّاء،

حيثُ يفتحُ الحجرُ فمهُ ويبوحُ باسمٍ لم يُحكَ بعد.

انهضي لا كنداءٍ بل كأنثىٍ قد نسِيت موتَها،

هناك إلهةٌ صغيرةٌ تَحصي عشّاقَ المدينةِ وتُعيدُ لهم الأسماء.

في لغتي الآن اختصارٌ، وانفجارٌ، وموتُ الكلماتِ التقليديةِ

يبقى الزجاجُ، يبقىُ الصوتُ، يبقى الحجرُ الذي اختارَ الصحو،

ونحنُ أبناءُ أسطورةٍ نعلمُ أن النهضةَ لا تُقالُ

إلا بصمتٍ صارَ اسماً

عاجل !!