الرئيس السوري يتهم إسرائيل بمحاولة تحويل بلاده لميدان للصراع وتصفية الحسابات، وصولا إلى مخطط للتقسيم
الرئيس السوري يؤكد أن الجميع ارتكب أخطاء في أحداث السويداء والشرع يؤكد أن بلاده نسجت علاقة جيدة مع الغرب وحافظت على علاقة هادئة مع روسيا
إسرائيل كان لديها مخطط تقسيم لسوريا وكانت تريدها أن تكون ميدانا للصراع مع الإيرانيين أو ما شابه وتفاجأت من سقوط النظام
يجري تفاوض على اتفاق أمني حتى تعود إسرائيل إلى ما كانت عليه قبل 8 ديسمبر/كانون الأول 2024 (تاريخ سقوط نظام بشار الأسد) دون أن يذكر تفاصيلا أخرى حول ذلك.
دمشق / النهار
قال الرئيس السوري أحمد الشرع، الجمعة، إن بلاده تجري مفاوضات أمنية مع إسرائيل للحفاظ على الاستقرار مشددا على أن السياسات الإسرائيلية تكشف حزنها على سقوط النظام السابق، ورغبتها في تحويل سوريا إلى ميدان للصراع وتصفية الحسابات، وصولا إلى مخطط للتقسيم، مؤكدا عدم التنازل عن “ذرة تراب” من أرض الوطن.
وأضاف الشرع في مقابلة متلفزة مع قناة “الإخبارية السورية”، تناول فيها الشأنين الداخلي والخارجي لبلاده “بعض سياسات إسرائيل (إزاء بلدنا) تدل على أنها قد حزنت على سقوط النظام السابق، هي كانت تريد من سوريا أن تكون دولة صراع مع دولة إقليمية على سبيل المثال، وميدانا للصراع المستمر وتصفية للحسابات”.
وأضاف “إسرائيل كان لديها مخطط تقسيم لسوريا، وكانت تريدها أن تكون ميدانا للصراع مع الإيرانيين أو ما شابه، وتفاجأت من سقوط النظام” معتبرا أن “الدولة العبرية اعتادت أن تعالج مشاكلها الاستخباراتية وفشلها الأمني، في بعض الأحيان، بأن تستخدم عضلاتها في الحذر الزائد في المخاوف الأمنية”.
وتابع “إسرائيل اعتبرت أن سقوط النظام هو خروج لسوريا من اتفاق عام 1974 (اتفاق فض الاشتباك بين الجانبين)، رغم أن سوريا أبدت من أول لحظة التزامها به”.
وأكد على أن بلاده “أبدت التزامها باتفاق 1974، وراسلت الأمم المتحدة، وطلبت من الأندوف (قوة الأمم المتحدة المؤقتة لمراقبة فضّ الاشتباك) أن تعود إلى ما كانت عليه”.
وأعلن أنه “يجري تفاوض على اتفاق أمني حتى تعود إسرائيل إلى ما كانت عليه قبل 8 ديسمبر/كانون الأول 2024 (تاريخ سقوط نظام بشار الأسد)”، دون أن يذكر تفاصيلا أخرى حول ذلك.
وتنتهك إسرائيل منذ سقوط نظام الأسد سيادة سوريا عبر القصف وتوسيع رقعها احتلالها لأراضيها، رغم أن الإدارة السورية لم تبد أي توجه عدواني إزائها.
ومنذ عام 1967، تحتل إسرائيل معظم مساحة هضبة الجولان السورية، واستغلت الوضع الجديد بعد إسقاط الأسد، واحتلت المنطقة السورية العازلة، وأعلنت انهيار اتفاقية فض الاشتباك بين الجانبين عام 1974.
وشدد ، على أن “سوريا لا تريد أن تكون بحالة من القلق والتوتر مع أي دولة في العالم، وبالتالي الكرة في ملعب الدول التي تريد إثارة الفتن والقلاقل في سوريا”.
وبيّن أن بلاده “تبحث عن الهدوء التام في العلاقات مع كل دول العالم والمنطقة، وهذه سياسة واضحة منذ اللحظات الأولى للتحرير”.
وكشف الرئيس السوري عن إجراء اتفاق مع روسيا خلال “معركة التحرير” التي أطاحت بالنظام المخلوع.
وفي السياق ذاته، أوضح أنه “عندما وصلنا إلى حماة (وسط) في معركة التحرير جرت مفاوضات بيننا وبين روسيا، وعند وصولنا إلى حمص (وسط)، ابتعد الروس عن المعركة وانسحبوا تماما من المشهد العسكري ضمن اتفاق جرى بيننا وبينهم”.
واعتبر أن “روسيا دولة مهمة في العالم وهي عضو في مجلس الأمن، وهناك روابط وثيقة بين سوريا وروسيا، ونحن ورثناها، فينبغي الحفاظ عليها وإدارتها بطريقة هادئة ورزينة”.
وكانت موسكو من الدول الداعمة لرئيس النظام المخلوع بشار الأسد ومنحته حق اللجوء الإنساني لديها.
ولفت إلى أن “سوريا استطاعت (بعد التحرير) أن تبني علاقة جيدة مع الولايات المتحدة ومع الغرب، وأن تحافظ على علاقة هادئة مع روسيا، وأن تبني علاقات جيدة مع دول الإقليم”.
وعن أحداث السويداء جنوبي البلاد، أوضح الشرع، أنه “خلاف بين البدو والطائفة الدرزية الكريمة، وتطور، وحصلت أخطاء من جميع الأطراف، والواجب كان أن نوقف سيل الدماء، ثم شكلنا لجانا لتقصي الحقائق، ويجب محاسبة كل من أساء أو أخطأ في هذا الجانب أو تعدى على الناس”.
وأضاف “مصلحة السويداء، ومصلحة شمال شرق سوريا، مع دمشق، وهذه فرصة لسوريا للملمة جراحها والانطلاق في حلة جديدة” متابعا “ما حصل في السويداء جرح يحتاج وقتا ليلتئم، وقد شكل ردة فعل لدى بعض الأطراف هناك”.
ومنذ 19 يوليو/تموز الماضي، تشهد السويداء وقفا لإطلاق النار عقب اشتباكات مسلحة دامت أسبوعا بين مجموعات درزية وعشائر بدوية، خلفت مئات القتلى.
وعن الأوضاع والعلاقة مع “قسد”، قال الشرع “منطقة شمال شرق سوريا يمثل فيها المكون العربي أكثر من 70 بالمئة، وقسد لا تمثل كل المكون الكردي حتى نقول إن هذا صوت المنطقة هناك”.
واستدرك “المفاوضات مع قسد كانت سارية بشكل جيد ولكن يبدو أن هناك نوعاً من التعطيل أو التباطؤ في تنفيذ الاتفاق”.
ومضى قائلا “الاتفاق مع قسد وُضع له مدة إلى نهاية العام، وكنا نسعى لأن تطبّق بنوده نهاية شهر 12 (ديسمبر/كانون الاول) القادم”.
وفي 10 مارس/ آذار الماضي، وقّع الشرع، وقائد “قسد” فرهاد عبدي شاهين، اتفاقا لدمج المؤسسات المدنية والعسكرية شمال شرق سوريا ضمن إدارة الدولة، ولتأكيد وحدة أراضي البلاد ورفض التقسيم، لكن التنظيم نقض الاتفاق أكثر من مرة.
وأكد الشرع، على أن “سوريا لا تقبل القسمة، والتقسيم يورث العدوى”. وفي رسالة واضحة لمن يسعون إلى تقسيم البلاد، قال الشرع مشددا “سوريا لن تتنازل عن ذرة تراب واحدة، وهذا قسم أقسمناه أمام الناس، يجب أن نحمي كل التراب السوري وأن تتوحد سوريا”.
وفي 8 ديسمبر/كانون الثاني 2024 بسطت فصائل سورية سيطرتها على دمشق بعد مدن أخرى، منهية 61 عاما من نظام حزب البعث الدموي، و53 سنة من حكم عائلة الأسد.
وبحث الرئيس السوري أحمد الشرع مع قائد القيادة المركزية الأميركية “سنتكوم” الأدميرال تشارلز برادلي كوبر اليوم الجمعة آفاق التعاون في المجالات السياسية والعسكرية، في أول زيارة لمسؤول عسكري أميركي بهذا المستوى الرفيع إلى سوريا، منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد أواخر عام 2024.
وتعتبر هذه الزيارة مؤشرًا قويًا على تغير في المناخ السياسي بين دمشق وواشنطن بعد سنوات من القطيعة، كما تعكس حرصًا متبادلًا على توسيع قنوات التواصل ومناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك.
ولا يستبعد أن تكون الزيارة تمهيدًا لمرحلة جديدة من الوجود العسكري الأميركي في سوريا، فبعد أن كان التركيز على دعم قوات سوريا الديمقراطية “قسد” ينتظر أن تشهد المرحلة القادمة توسيعًا للتعاون ليشمل الحكومة السورية في مكافحة الإرهاب، مع إعادة النظر في حجم الدعم المقدم لـ”قسد” في ظل الأوضاع الجديدة.
وتولي واشنطن اهتماما كبيرا لملف الآلاف من معتقلي تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” لدى “قسد” وتعمل مع المجتمع الدولي لنقلهم إلى بلدانهم الأصلية لمحاكمتهم.
ورغم الدعوات المتزايدة لإنهاء الوجود العسكري الأميركي في سوريا، فإن زيارة قائد “سنتكوم” تؤكد على أن واشنطن لن تتخلى عن مواقعها بسهولة، حيث يعتبر حضورها ضرورياً لتحقيق الاستقرار ومنع الفراغ الأمني الذي قد تستغله قوى أخرى مثل إيران أو روسيا
وذكرت الرئاسة السورية، عبر حسابها بمنصة “إكس” أن الشرع وعقيلته لطيفة الدروبي، استقبلا برادلي كوبر، وعقيلته سوزان كوبر، إلى جانب المبعوث الخاص للولايات المتحدة إلى سوريا توماس باراك، والوفد المرافق، بحضور عدد من الوزراء وكبار المسؤولين.
وأوضحت أن اللقاء “بحث آفاق التعاون في المجالات السياسية والعسكرية، بما يخدم المصالح المشتركة ويرسخ مقومات الأمن والاستقرار في سوريا والمنطقة”.
واعتبرت الرئاسة أن المباحثات “عكست الأجواء الإيجابية والحرص المشترك على تعزيز الشراكة الاستراتيجية، وتوسيع قنوات التواصل بين دمشق وواشنطن على مختلف المستويات”.
بدورها، ذكرت “سنتكوم”، في منشور عبر منصة “إكس” أن كوبر وباراك، شكرا خلال الاجتماع الرئيس الشرع، على دعمه في مواجهة تنظيم “داعش” الإرهابي في سوريا.
وأكدا أن القضاء على تهديد التنظيم داخل سوريا سيساهم في تقليل خطر وقوع هجمات ضد الولايات المتحدة، ويأتي في إطار رؤية الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لمنطقة شرق أوسط مزدهرة ولدمشق مستقرة تنعم بالسلام داخليًا ومع جيرانها.
كما أشاد المسؤولان بجهود سوريا في عمليات استعادة المواطنين الأميركيين داخل البلاد، وأكدا التزامهما بمواصلة المساعي الرامية إلى دعم أهداف واشنطن في الشرق الأوسط، بما في ذلك المفاوضات المتعلقة بدمج مجموعات مسلحة سورية مختلفة في قوات الجيش التابع للحكومة السورية الجديدة.
واتفق القادة الثلاثة على عقد اجتماعات مستقبلية لضمان استمرار تركيز البلدين على مواجهة “داعش” داخل سوريا.
وتدل زيارة كوبر على أن النقاشات بين الولايات المتحدة والإدارة السورية الجديدة انتقلت من الجانب الدبلوماسي إلى الأمني والعسكري، ما يعكس الأهمية الاستراتيجية للعلاقة الجديدة بين واشنطن ودمشق.
واقتحمت قوات الأمن السورية حي السومرية المتهدم بدمشق في أواخر الشهر الماضي، مدججة بالبنادق والسيوف وحاملة أوامر الإخلاء، وسرعان ما غادرت الحي بعد أن تركت على كل منزل علامة بخط كبير باللون الأسود إما “إكس” أو “أو” لتحديد من يمكنه البقاء ومن يجب عليه الرحيل.
واستهدفت المداهمات الحي الذي تقطنه عائلات آلاف الجنود السابقين في الجيش خلال حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد، الذي أطاحت به قوات المعارضة منذ تسعة أشهر في أحداث تبعتها موجة من العنف ضد الأقلية العلوية التي ينتمي لها.
ويحمل حي السومرية رمزية لعهد عائلة الأسد التي حكمت سوريا لأكثر من خمسة عقود سُحقت خلالها المعارضة التي تنتمي للأغلبية السنية بينما منحت المناصب العليا والأراضي للموالين العلويين.
وفي الفترة من 27 إلى 29 أغسطس/آب، داهم عشرات من أفراد الأمن بقيادة مسؤول من وزارة الداخلية يعرف باسم أبوحذيفة المنازل واحدا تلو الآخر وأبلغوا السكان بأنهم يعيشون على أراض استولت عليها عائلة الأسد بشكل غير قانوني وطالبوهم بإثبات ملكيتهم لمنازلهم، وذلك وفقا لما ذكره نحو عشرة من السكان واثنان من الزعماء المحليين الذين قالوا جميعا إنهم تعرضوا لهذه المعاملة.
وقال سكان لرويترز في الأيام الأخيرة من أغسطس/آب إن العائلات التي لم تتمكن من تقديم وثائق ملكية على الفور يكتب على جدران منازلها حرف “أو” بطلاء أسود ويلصق عليها أوامر إخلاء مطبوعة، وذلك في أكثر الروايات تفصيلا حتى الآن عن المداهمات والقوات التي تقف وراءها.
ويدهو هذا إخطار سكان المساكن غير القانونية في السومرية إلى مغادرة منازلهم في مدة لا تزيد عن 48 ساعة وإلا تعرضوا للعقاب بموجب القانون. وذكرت الوثائق أنها صادرة عن “لجنة الإسكان العامة التابعة للأمانة العامة لرئاسة الجمهورية”.
وقال سكان وزعماء محليون إن الكثير من المنازل كان يحمل العلامة “إكس” مما يشير إلى أنها آمنة، بينما كانت هناك منازل أخرى تحمل العلامتين “إكس و”أو” معا وضعتهما مجموعات مختلفة من قوات الأمن خلال المداهمات. كما وضعت إخطارات الإخلاء على بعض المنازل التي تحمل العلامة إكس فقط أو العلامتين معا.
وقال أشخاص أجريت معهم مقابلات إن العشرات من السكان الرجال تم استجوابهم حول ما إذا كانوا قد خدموا في الجيش خلال حكم الأسد. واحتُجز آخرون في مبنى سكني تم تحويله إلى مركز للشرطة وتعرضوا للضرب هناك من مسلحين، وفقا لأربعة من السكان من بينهم ثلاثة قالوا إنهم أنفسهم تعرضوا لذلك.
وذكر علي بركات، وهو عضو في لجنة حي السومرية التي تعمل كمجلس بلدي وتمثل السكان في الاجتماعات مع الحكومة “أنا محام وأسعى للحصول على الدكتوراه، وحتى أنا تعرضت للصفع”.
وأضاف “أعيش في منزلي منذ 40 عاما. اشتراه والدي بدمه وعرقه ودموعه حتى يتمكن من توريثي إياه. لن أتخلى عنه”.
وزار صحفي من رويترز السومرية في 11 سبتمبر/أيلول وأخبره السكان أن أبوحذيفة موجود الآن في المبنى الذي تم تحويله إلى مركز للشرطة. وقال مرؤوسون له هناك إنه لا يقبل طلبات إجراء المقابلات.
وقبل مداهمات الإخلاء، كان حي السومرية الذي يقطنه العلويون بالكامل تقريبا يضم حوالي 22 ألف شخص، نصفهم تقريبا من عائلات الجنود السابقين خلال حكم عائلة الأسد، وفقا لبركات وزميل له في لجنة الحي الذين قالا إنه خلال أسبوع واحد لم يبق سوى نحو ثلاثة آلاف شخص.
وشاهد مراسل زار المنطقة يومي الثالث والحادي عشر من الشهر الجاري ما هو أشبه بمدينة أشباح، حيث لا توجد أنوار في المنازل ولا سيارات على الطرقات بل عدد قليل فقط من الناس في الشوارع.
وفي 11 سبتمبر/أيلول، شوهدت قوات الأمن تحرس المدخل الرئيسي للسومرية وتمنع الوصول إلى الحي. ولم يتسن لرويترز التأكد مما إذا كان أي من السكان قد طُردوا من منازلهم. وقال جميع من أجريت معهم المقابلات إن المداهمات بثت شعورا عاما بالذعر أدى إلى فرار معظم العائلات في الأيام التالية، خوفا من العنف الذي شهدته المناطق الساحلية هذا العام عندما انقلبت جماعات مسلحة تابعة للحكومة الجديدة على المدنيين العلويين مما أسفر عن مقتل المئات.
ما جرى في حي السومرية بدمشق هو نتيجة لتراكم مشاكل الاستملاك الجائر والفساد العقاري
وطرد أفراد من عائلة الأسد، ومنهم بشار، السكان السنة من عدة ضواحي في العاصمة وبنوا مساكن لتوزيعها على الجنود وعائلاتهم، ومعظمها منازل رخيصة ورديئة من طابق واحد. شكلت هذه الأحياء طوقا علويا يحمي مقر السلطة.
واستولى رفعت الأسد، وهو مسؤول أمني سوري كبير وشقيق حافظ الأسد الذي كان رئيسا آنذاك، على السومرية نفسها في السبعينات وأعاد تسميتها تيمنا بابنه سومر، وكانت تعرف سابقا باسم البلان.
وخلال مداهمات الإخلاء الشهر الماضي، قال اثنان من السكان إنهما قدما وثائق ملكية، لكن أبوحذيفة رفض الأوراق، وأخبرهما أنها تعود إلى عهد الأسد وبالتالي تعتبر غير صالحة. ووضعت علامة “أو” على منازلهما.
وقال محافظ دمشق ماهر مروان، في بيان في الثالث من سبتمبر/أيلول، إن “ما جرى في حي السومرية بدمشق هو نتيجة لتراكم مشاكل الاستملاك الجائر والفساد العقاري عبر عقود من حكم النظام البائد”.
وأوضح أن الدولة السورية ملتزمة بحل هذه القضايا بعدالة وشفافية بعيدا عن التهجير أو الطرد القسري.
وأضاف أنه سيتم تشكيل لجان قانونية من محافظتي دمشق وريف دمشق للنظر في “الاستملاك الواقع على السومرية وما لحقه من عشوائيات دامت لعقود وتناقلت بين الأهالي”، لكنه لم يقدم مزيدا من التفاصيل.
ووصف ميلون كوثاري، الخبير المستقل في حقوق الإنسان والسياسة الاجتماعية، وأول مقرر خاص للأمم المتحدة معني بالسكن اللائق، ما حدث في السومرية الشهر الماضي بأنه “سلسلة من الانتهاكات بدءا من التهجير وصولا إلى تشتت السكان وتشرد بعضهم”.
وقال “عمليات الإخلاء القسري انتهاك صارخ لحقوق الإنسان… إذا كانت الحكومة السورية جادة في الالتزام بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان، فهي مسؤولة عن انتهاك حقوق هؤلاء الأشخاص. هذا موقف واضح على المستوى الدولي”.
وأدى السقوط المفاجئ للأسد إلى صعود حكومة جديدة بقيادة أعضاء سابقين في هيئة تحرير الشام، وهي أقوى جماعات التمرد الإسلامية السنية التي قاتلت الرئيس العلوي في الحرب الأهلية التي استمرت 14 عاما ودمرت البلاد.
وسعت الإدارة الجديدة إلى دمج العشرات من أفراد الفصائل المتمردة في قواتها الأمنية بما في ذلك بعض المقاتلين الأجانب. وحاولت ملء الفراغ الأمني الذي خلفه انهيار جهاز الدفاع التابع للأسد. وابتليت سوريا بنوبات من سفك الدماء لأسباب طائفية قتلت فيها الجماعات المسلحة التابعة للحكومة مئات المدنيين من الطائفتين العلوية والدرزية.
وتمثل عمليات الإخلاء في السومرية واحدة من المعضلات الشائكة التي تواجه حكام سوريا الجدد، وهي كيفية معالجة إرث مصادرة الممتلكات وقيام عائلة الأسد بإعادة توزيعها مما أدى إلى تفاقم التوتر الطائفي لفترة طويلة.
وأعطيت أيضا على مدى العقود الماضية مناطق علوية أخرى، مثل المزة 86 والورود، لموالين للأسد على حساب السكان السابقين.
وأصبح تحدي تسوية حقوق الملكية ملحا من جديد في الوقت الذي تهدف فيه سوريا إلى تنفيذ عدد من مشروعات البنية التحتية الكبيرة في دمشق، ومن بينها مشروع لإنشاء خط مترو بقيمة ملياري دولار أعلنت عنه الحكومة في أوائل أغسطس آب.
وأفادت وكالة الأنباء السورية بأن مشروع المترو يتضمن إنشاء مركز تبادلي رئيسي في السومرية مع مرآب يتسع لمئات السيارات.
وقال معتصم السيوفي المدير التنفيذي لمؤسسة “اليوم التالي”، وهي منظمة سورية غير ربحية تعمل على دعم الانتقال الديمقراطي في سوريا، إن أي تطوير عقاري في المستقبل يجب أن يأخذ الحساسيات الطائفية في الحسبان.
وأردف يقول “هناك حاجة إلى حل بشأن التخطيط العمراني على مستوى البلاد يأخذ في الاعتبار مسألة العشوائيات”، مضيفا “ومع ذلك، يجب ألا ينطوي أي حل بالتأكيد على إخلاء السكان من منازلهم بهذه الطريقة”.
وكانت السومرية تُزرع منذ زمن طويل من قِبل سكان معضمية الشام، وهي ضاحية سنية مجاورة. والآن مع رحيل عائلة الأسد، يُطالب البعض باستعادة المنطقة.
وقال محمد الواوي، وهو صاحب متجر لمواد التنظيف في معضمية الشام يبلغ من العمر 54 عاما، إن عائلته كانت تمتلك قطعة أرض صغيرة في غرب السومرية، مضيفا “لقد تخلينا عن استعادتها منذ سنوات. من كان يصدق أن النظام سيسقط هكذا؟”