المكان من وجهة نظر الفلسفة /  عبد الهادي الزعر

هيئة التحرير9 سبتمبر 2025آخر تحديث :
المكان من وجهة نظر الفلسفة /  عبد الهادي الزعر

المكان من وجهة نظر الفلسفة

عبد الهادي الزعر

لغوياً : المكان على وزن ( مفعل ) ولما كثر استعماله حوله الصرف الى   (فعال )

فقالوا — مكناً له — وقد تمكن –  وجمعه امكنة  كقذال واقذلة –

ارتبط المكان بالذاكرة  بفعل ما قد حصل ( سيء أو مسر )  وقد خزنها الفكر الانسانى عبر ادراكه بكلمتين (  سبب ونتيجة ) فالصور الذهنية لدى الانسان البدائي هي مظاهر محسوسة  تشير الى مواقع بعينها ربما تكون مسالمة او معادية  فالكهوف مثلا لازالت تحتفظ  بمئات الصور رسمها القدماء تعبر عن لحظات مرت    < تفسر الاّن بتفسيرات شتى < ولهذا قسم ارسطو الامكنة الى ابعاد ثلاثة  : السماء والارض والعالم السفلى وكلها مأهولة  – افلاطون عد المكان و الزمان عنصران متلازمان اما الفلاسفة العرب فلهم مباحث شتى الكندى  والفارابى والرازى كل له راى فى المكان منهم من قال : موجود لايمكن انكاره ومنهم  من وصفه بانه مطلق غير متناهٍ  ومنهم من قال  انه وعاء -أما أبن طفيل فقد كان متميزاً من خلال – حى بن يقضان -وكان لابن خلدون وقفات فكرية جمة  فى هذا السياق من خلال دراساته عن المجتمع وعلم السكان المدينى العالم الاجتماعي الراحل د- على الوردي : اهتم اهتماماً كبيرا بالأمكنة وما حدث فيها ، فكتابه الأثير لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث بأجزائه المتعددة ملئ حتى أذنيه بأحداثٍ جسامٍ لا زالت مضرب امثال  يعتد بها لوثوقها –  ولو فتشنا مباحث الاوربين نجد تفاسير كثيرة  للمكان فما بين ديكارت – سيبونوزا  – باركلى  وصولا الى نظرية انشتاين النسبية حيث عد الزمان بعدا رابعا  يضاف الى الابعاد الثلاثة  – مارلو بونتى يقول : لايصح ان نقول ان جسدنا فى المكان لوحده بل يجب اشراك الزمان  به –

فالامكنه ليست كلها واحدة منها ماهو اثير وهو شبيه بالفردوس لا نعيش فيه بل يعيش فينا  نشعر فيه بالطمأنينة  وكأننا فى حجور أمهاتنا – ربما تكون الامكنة  بيتاً  أو نهراً أوبستانا أو مدينة  ،  المهم أن تستمد النفس منها  قيمة الانتماء والامان وهى ضد الزمن المتحول الخئون فنرى التوحد قائم بين النفس والمكان حد ( الحلول )  وربما شبيه بالارتباط المشيمى  الرحمى  ؛ وهناك من يقابل بعض الامكنة  بالضيق والنكد والاشمئزاز وقد يثير فيه القلق عند تذكره – يشبه  العارفين بعض الامكنة  السيئة  بالفوضى التى تزيد  الارهاق والغثيان وكأنها قبرا  أو سجنا – فى اغلب مدننا العراقية الاّمنة منذ زمنٍ سحيق كانت ( اللقالق ) تختار  بناء اعشاشها على قمم المنائر او فى الاماكن الناتئة الامينة ،  تمارس – الطقطقة والتناسل – بزهو  وكأنها فى اوج  الامان والسرور  كان لها وقع بالغ فى انفسنا ( البريئة منذ ايام الصبا )  فهى  جزء من مكونات الامكنة التى نحيا فيها !  لم نراها منذ زمن بعيد مع الاسف ، الظاهر انها غيرت  نظامها  ( الفسلجى )  حتى تحيا –

عاجل !!