والصحراء الغربية مصنفة من ضمن “الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي” بحسب الأمم المتحدة، وهي مستعمرة إسبانية سابقة مطلة على المحيط الأطلسي ويسيطر المغرب على 80 في المئة من أراضيها. وتطالب الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب “بوليساريو” المدعومة من الجزائر باستقلالها منذ 50 عاما.في مطلع نيسان/أبريل، أحيا اتصال هاتفي بين ماكرون ونظيره الجزائري عبد المجيد تبون الأمل في إرساء مصالحة.لكن مجددا قطعت كل قنوات التواصل.وفي حين كان من الممكن الإبقاء على مستوى معين من التعاون في مجال الهجرة في بداية العام، على الرغم من الخلافات، تراجع هذا التعاون إلى أدنى مستوى.تسعى وزارة الداخلية إلى ترحيل عشرات الجزائريين الصادرة بحقهم قرارات إبعاد، لكن السلطات الجزائرية تعيد من هؤلاء أكثر مما تستقبل خشية تخطي الطاقة الاستيعابية لمراكز الاحتجاز.إلى ذلك يشكل مصير الروائي بوعلام صنصال مصدرا إضافيا للتوتر.أوقف صنصال (75 عاما) في مطار الجزائر في 16 تشرين الثاني/نوفمبر، وحُكم عليه في 27 آذار/مارس بالحبس خمس سنوات لإدانته بتهمة “المساس بوحدة الوطن” في تصريحات لصحيفة “فرونتيير” الفرنسية المعروفة بقربها من اليمين المتطرف، تبنّى فيها موقف المغرب الذي يفيد بأنّ أراضيه سلخت عنه لصالح الجزائر تحت الاستعمار الفرنسي.إلى الآن لم تلقَ دعوات فرنسية عدة أطلقت، لا سيما من جانب ماكرون شخصيا، من أجل إطلاق سراحه أو منحه عفوا رئاسيا، أي تجاوب.
وفي سياق متصل، شهد مقر الاتحاد الوطني لأرباب العمل الموريتانيين جلسة مباحثات موسعة بين وزير التجارة الجزائري ورئيس الاتحاد، محمد زين العابدين ولد الشيخ أحمد، تناولت فرص الاستثمار في قطاعات الزراعة، والتنمية الحيوانية، والغاز، والطاقة المتجددة، والصناعة.وأكد ولد الشيخ أحمد خلال اللقاء حرص أرباب العمل الموريتانيين على تفعيل العلاقات مع نظرائهم الجزائريين، معلنًا عن زيارة مرتقبة لوفد من رجال الأعمال الموريتانيين إلى الجزائر في يونيو المقبل، للمشاركة في معرض الجزائر الدولي وبحث إقامة شراكات استثمارية.
من جانبه، أشار الوزير الجزائري إلى أن زيارته تأتي للإشراف على افتتاح المعرض الذي تعرض فيه نحو 200 شركة جزائرية، مشددًا على أهمية مشاركة موريتانيا في معرض الجزائر الدولي كخطوة لدفع التعاون الثنائي إلى مستويات جديدة.
ويمثل هذا الحدث تتويجًا لسلسلة من المبادرات الهادفة إلى تنشيط التبادل التجاري بين البلدين الجارين، في ظل إرادة سياسية مشتركة لتعزيز التكامل الاقتصادي الإقليمي.
ويشهد المشهد المغاربي تنافسًا متصاعدًا بين الجزائر والمغرب لتعزيز نفوذهما في موريتانيا، حيث تسعى كل من الجزائر والمغرب إلى توطيد علاقاتهما مع نواكشوط عبر مبادرات اقتصادية واستراتيجية متنوعة.
من جانبها، تعمل الجزائر على توسيع حضورها في موريتانيا من خلال مشاريع بنية تحتية ومبادرات اقتصادية؛ ففي سبتمبر 2023، افتتحت الجزائر أول بنك لها في نواكشوط، «البنك الجزائري للاتحاد»، كجزء من استراتيجية لتعزيز التبادل التجاري والاستثماري بين البلدين؛ كما تم إطلاق خط بحري تجاري بين الجزائر ونواكشوط في شباط/ فبراير 2022، بهدف تسهيل حركة البضائع وتعزيز التجارة الثنائية.
وفي المقابل، يسعى المغرب إلى تعزيز علاقاته مع موريتانيا من خلال توسيع الاستثمارات في قطاعات متعددة.
ويُعد المغرب أكبر مستثمر إفريقي في موريتانيا، حيث تنشط الشركات المغربية في مجالات البنوك، والاتصالات، والزراعة، والصناعات الغذائية.
كما شهدت العلاقات الاقتصادية بين البلدين تطورًا ملحوظًا، مع توقيع اتفاقيات للتعاون في مجالات الطاقة والربط الكهربائي.
وفي ظل هذا التنافس، تسعى موريتانيا إلى الحفاظ على توازن دقيق في علاقاتها مع الجارتين، مستفيدة من الفرص الاقتصادية التي يوفرها كل طرف.
ومع ذلك، تواجه نواكشوط تحديات في إدارة هذا التوازن، خاصةً عندما تتداخل المشاريع الاقتصادية مع القضايا السياسية الحساسة، مثل النزاع في الصحراء الغربية.
بالتالي، يُظهر هذا التنافس الإقليمي أهمية موريتانيا الاستراتيجية في المنطقة، وهو ما يظهره سعي الجزائر والمغرب لتعزيز نفوذهما من خلال التعاون الاقتصادي والاستثماري مع موريتانيا بوابة الساحل.