هل يتطور التوتر بين فرنسا والجزائر الى قطع للعلاقات الاستراتيجية

هيئة التحرير10 أغسطس 2025آخر تحديث :
هل يتطور التوتر بين فرنسا والجزائر الى قطع للعلاقات الاستراتيجية

الجزائر لا تسعى للقطيعة لكنها لم تعد تخشى العواقب وأن الكرة الآن في ملعب فرنسا فإما أن تقبل شراكة مع جزائر مستقلة أو تفقد حليفا استراتيجياً

يشهد التوتر بين فرنسا والجزائر تصعيدا متزايدا في الآونة الأخيرة لدرجة أن بعض المحللين وصفوا الأزمة بأنها الأسوأ منذ عقود

قد تتحول العلاقات الجزائرية الفرنسية إلى شبه قطع للروابط الاستراتيجية لكنها ستصبح علاقات عادية بين دول تعتمد على المصالح المتبادلة والمساواة الكاملة

تمثل الجالية الجزائرية الكبيرة في فرنسا والتي تضم مئات الآلاف من الأشخاص جزءًا لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي والثقافي الفرنسي

باريس / النهار

 حذر سليمان زرقاني نائب رئيس المجلس الشعبي الوطني الجزائري، احتمال تطور التوتر الحالي بين بلاده وفرنسا إلى قطع العلاقات الاستراتيجية وهي علاقات متداخلة ومتجذرة لعقود، لكن محللين استبعدوا هذا السيناريو لعدة أسباب، مرجحين أن التوتر قد يستمر وأن لا تغادر العلاقات مربع التذبذب لفترة طويلة خاصة إذا استمر العناد من الطرفين وغابت المعالجة الواقعية والدبلوماسية للأزمة.

وجاءت أحدث خطوة تصعيدية من فرنسا حين أعلن الرئيس امانويل ماكرون أنه كلف وزير الخارجية جان نويل بارو بإبلاغ الجزائر تعليقا رسميا لاتفاقية عام 2013 التي تسمح لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية والرسمية بدخول فرنسا دون تأشيرة، في خطوة ردت عليها الجزائر بالمثل.

ونقلت وكالة نوفستي الروسية عن زرقاني قوله “قد تتحول العلاقات الجزائرية الفرنسية إلى شبه قطع للروابط الاستراتيجية، لكنها ستصبح علاقات عادية بين دول تعتمد على المصالح المتبادلة والمساواة الكاملة، متجاهلة الروابط التاريخية والشراكة التي لم تعد موجودة إلا في الخطابات الرسمية”.

وتابع “الجزائر لا تسعى للقطيعة لكنها لم تعد تخشى العواقب، الكرة الآن في ملعب فرنسا: إما أن تقبل شراكة مع جزائر مستقلة، أو تفقد حليفا استراتيجياً في منطقة جنوب المتوسط إلى الأبد”.

ويشهد التوتر بين فرنسا والجزائر تصعيدا متزايدا في الآونة الأخيرة، لدرجة أن بعض المحللين وصفوا الأزمة بأنها الأسوأ منذ عقود. ومع ذلك، فإن فكرة قطع العلاقات الاستراتيجية بشكل كامل تظل صعبة ومستبعدة إلى حد كبير، وذلك لعدة أسباب جوهرية من بينها الارتباطات التاريخية العميقة.

ولا يمكن تجاهل التاريخ الطويل والمعقد بين البلدين، بما في ذلك فترة الاستعمار. وقد ترك هذا التاريخ بصمات عميقة على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي، مما يجعل فك الارتباط الكامل أمرًا في غاية الصعوبة.

 

وهناك علاقات تجارية قوية بين فرنسا والجزائر، حيث تعد باريس شريكًا اقتصاديًا مهمًا للجزائر، لا سيما في مجالات الطاقة، وقد تستبعد الجزائر فرنسا من بعض المناقصات، ولكن العلاقات الاقتصادية لا تزال حيوية لكلا البلدين.

وتمثل الجالية الجزائرية الكبيرة في فرنسا والتي تضم مئات الآلاف من الأشخاص، جزءًا لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي والثقافي الفرنسي. وأي قطع للعلاقات سيكون له تأثيرات عميقة على هذه الجالية وعلى العلاقات الأسرية والاجتماعية بين البلدين.

ويتعاون البلدان في قضايا أمنية مهمة، خصوصًا في منطقة الساحل. وهذا التعاون الأمني ضروري لمواجهة التهديدات المشتركة، مثل الإرهاب، وأي قطع للعلاقات قد يضر بالأمن الإقليمي والدولي.

ويستخدم القادة في كلا البلدين ورقة “العلاقات مع الآخر” أحيانًا في سياقات سياسية داخلية، ففرنسا، لا سيما في ظل صعود اليمين المتطرف، قد تتخذ مواقف أكثر صرامة بشأن ملفات الهجرة، في حين قد تستخدم الجزائر هذا التوتر لتعزيز خطابها السيادي.

 

وفي حين أن التوتر الحالي قد يتسبب في خطوات تصعيدية مثل سحب السفراء، أو تقييد التأشيرات، أو تجميد بعض الاتفاقيات، فإن قطع العلاقات الاستراتيجية بشكل كامل يعتبر خطوة جذرية قد لا تخدم مصالح أي من الطرفين على المدى الطويل. وبدلًا من ذلك، من المرجح أن تستمر العلاقة في التذبذب بين فترات التوتر والتهدئة، مع محاولات لإيجاد أرضية مشتركة لتجاوز الأزمات.

وأصدرت السلطات الفرنسية مذكرة توقيف دولية بحق مسؤول كبير سابق في السفارة الجزائرية بفرنسا في إطار التحقيق في خطف واحتجاز المعارض الجزائري أمير بوخرص عام 2024، فيما يأتي هذا القرار في ذروة توتر غير مسبوق بين البلدين.

وأصدر قاضي التحقيق في 25 يوليو/تموز مذكرة توقيف بحق المدعو س.س، وهو جزائري يبلغ 37 عاما بتهمة خطف واحتجاز شخص في إطار شبكة إرهابية وعصابة إجرامية، بحسب مصدر مطلع على الملف.

 

وفي الـ23 من الشهر نفسه طلبت النيابة العامة الوطنية لمكافحة الإرهاب التي تولت التحقيق في فبراير/شباط في القضية، إصدار مذكرة توقيف بحق الدبلوماسي الجزائري السابق لوجود “شكوك جدية” في ارتكابه الجرائم المزعومة، بحسب المصدر نفسه.

وخُطف المؤثّر والمعارض الجزائري أمير بوخرص الملقّب بـ”أمير دي زد” في 29 أبريل/نيسان 2024 في فال-دو-مارن قبل الإفراج عنه في الأوّل من مايو/أيار.

وفي تقرير حول التحقيق وجهت المديرية العامة للأمن الداخلي تهمة التورط في القضية إلى هذا المسؤول الكبير السابق في السفارة الجزائرية في باريس، وفق ما أفاد مصدر آخر قريب من القضية.

ويرجّح التحقيق أنه أتى إلى باريس بغطاء دبلوماسي بصفته السكرتير الأوّل للسفارة. وصرح إريك بلوفييه محامي أمير بوخرص “إنها خطوة مهمة لتجنب قدر الإمكان إفلات العملاء الجزائريين المتورطين في هذه الأحداث الخطيرة من العقاب”، مشيرا إلى أن “المتهم  لم يتعرّض للتوقيف ومن المحتمل أن يكون غادر الأراضي الفرنسية وقد يتحجّج بحصانته الدبلوماسية”.

وأضاف أنه “من الخطير أن نعتبر أن اعتقال معارضين سياسيين على الأراضي الفرنسية يندرج في المهام الدبلوماسية، وأنه بعد انتهاء مهمته الدبلوماسية لم يعد عميل مكافحة التجسس الجزائري يتمتع إلا بحصانة وظيفية” ممنوحة لعملاء الدولة.

ووُجِّهت اتهامات إلى سبعة أشخاص على الأقل في هذا الملف بينهم موظف قنصلي جزائري. ويُشتبه في أنهم كانوا منفذين لقاء أجر دون دوافع سياسية، وفقا لمصادر أخرى قريبة من الملف.

وقال أمير بوخرص إن التقدم في التحقيق “يبعث على الارتياح”، مضيفا “رأيت الموت خلال عملية الخطف التي استمرت 27 ساعة في غابة في سين إيه مارن”.

وبوخرص البالغ 42 عاما يقيم في فرنسا منذ 2016، ولديه مليون متابع على تيك توك. وهو معارض لنظام الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون ومُنح اللجوء السياسي في فرنسا في 2023.

وأصدرت الجزائر تسع مذكرات توقيف دولية بحقّه متّهمة إياه بالاحتيال وارتكاب جرائم إرهابية. وعام 2022، رفض القضاء الفرنسي تسليمه.

وقال بلوفييه “في حال اعتقاله مستقبلا سيكون من المثير للاهتمام الاستماع إلى أقوال (س.س.) ومعرفة الجهة التي أصدرت له الأوامر لتنفيذ هذه العملية الخاصة”، معتبرا أنه “من الصعب في الظروف الحالية توقع تعاون السلطات الجزائرية”.

وأثار هذا الإجراء القضائي التوتر مجددا بين فرنسا والجزائر اللتين تشهد علاقتهما تدهورا مستمرا منذ صيف 2024. وتتداخل القضايا القضائية مع العلاقات الدبلوماسية، مثل قضية الكاتب بوعلام صنصال، والمواطنين الجزائريين المطلوبين للعدالة في الجزائر والذين يحصلون على اللجوء السياسي في فرنسا.

وتشير السلطات الجزائرية إلى أن إجراءاتها تأتي في سياق الحرص على تحقيق التوازن وترسيخ مبدأ المعاملة بالمثل في العلاقات، كما حدث مؤخرًا في قضية جوازات السفر الدبلوماسية والعقارات الفرنسية في الجزائر.

واتهمت الجزائر فرنسا بالتبرؤ من مسؤولياتها في الأزمة الثنائية التي نشبت قبل عام، وأعلنت استنكارها لقرار باريس تعليق الإعفاء من التأشيرة لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية.

وقالت الخارجية الجزائرية إن رسالة الرئيس الفرنسي “تُبرّئ فرنسا بشكل تام من كامل مسؤولياتها وتُلقي باللائمة كاملة على الطرف الجزائري. ولا شيء أبعد عن الحقيقة وأبعد عن الواقع من هكذا طرح”.

وأضافت “في هذا الصدد، تودّ الجزائر التذكير مرة أخرى بأنها لم تُبادر يومًا بطلب إبرام اتفاق ثنائي يُعفي حاملي جوازات السفر الدبلوماسية وجوازات السفر المهمة من التأشيرة. بل كانت فرنسا، لوحدها من بادر بهذا الطلب في مُناسبات عديدة. ومن خلال قرارها تعليق هذا الاتفاق، تكون باريس قد أَتاحت للجزائر الفرصة المُناسبة لتُعلن من جانبها نقض هذا الاتفاق بكل بساطة ووضوح”.

ووجّه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأربعاء حكومته للتحرك بمزيد من الحزم والتصميم تجاه الجزائر وطلب اتخاذ “قرارات إضافية” في هذا الصدد. وقال في رسالة إلى رئيس وزرائه فرنسوا بايرو نشرتها صحيفة لوفيغارو، إنه “يجب على فرنسا أن تكون قوية وتحظى بالاحترام”.

ولتبرير توجيهاته، أشار الرئيس الفرنسي إلى الكاتب بوعلام صنصال الذي حُكم عليه بالسجن خمس سنوات بتهمة “تقويض الوحدة الوطنية”، والصحافي الفرنسي كريستوف غليز الذي قضت محكمة جزائرية بسجنه سبع سنوات بتهمة “تمجيد الإرهاب”.

ومن بين التدابير الواردة في الرسالة، طلب ماكرون من الحكومة أن تعلق “رسميا” تطبيق الاتفاقية المبرمة عام 2013 مع الجزائر “بشأن الإعفاءات من التأشيرة لجوازات السفر الرسمية والدبلوماسية”.

وأكدت الخارجية الجزائرية أنه “منذ نشوب هذه الأزمة بين البلدين والتي تسببت فيها فرنسا، اختارت هذه الأخيرة معالجتها بمنطق القوة والتصعيد. فهي من لجأت إلى التهديدات والإنذارات والإملاءات”.

وتابعت أنه تم استدعاء القائم بالاعمال الفرنسي وإبلاغه “بقرار السلطات الجزائرية إنهاء استفادة سفارة فرنسا بالجزائر من إجراء الوضع تحت تصرفها، وبصفة مجانية، عددا من الأملاك العقارية التابعة للدولة”.

كذلك، تبلغت باريس “إشعارا بإعادة النظر في عقود الإيجار المبرمة بين السفارة الفرنسية ودواوين الترقية والتسيير العقاري بالجزائر والتي كانت تتسم بشروط تفضيلية”.

وبحسب تقرير للوكالة الجزائرية يعود إلى مارس/آذار، تستأجر فرنسا 61 عقارا في الجزائر بأسعار مغرية، وأحيانا مقابل بدل “رمزي”، بينها 18 هكتارا للسفارة الفرنسية وأربعة هكتارات لمقر إقامة السفير في الجزائر العاصمة.

وذكرت الخارجية أن “البعثة الدبلوماسية الجزائرية في فرنسا لا تستفيد من امتيازات مماثلة. وبالتالي، فإن هذا الإجراء يأتي هو الآخر في سياق الحرص على تحقيق التوازن وترسيخ مبدأ المعاملة بالمثل في العلاقات الثنائية برمتها”.

وكتب خالد درارني، الصحافي وممثل منظمة مراسلون بلا حدود لشمال إفريقيا، تعليقا على الموضوع على منصة “إكس” أن “التبريرات الرسمية، نقص التعاون في مجال الهجرة وطرد الدبلوماسيين، غير مقنعة. إنها مجرّد ذرائع”، معتبرا أن السبب الحقيقي هو “عدم صدور عفو رئاسي عن بوعلام صنصال”.

ورأى أن “ماكرون جسم الأمر واصطف وراء تصرفات وزير داخليته المفرطة بشأن المسألة الجزائرية، مما أضعف آمال التهدئة بين الجزائر وباريس”.

غير أن الرئيس الفرنسي شدد على أن هدفه يظل استعادة علاقات فعالة وطموحة مع الجزائر، فيما أكد رئيس وزرائه فرنسوا بايرو اليوم الخميس أن بلاده “لا تتبنى المواجهة الدائمة” مع البلد الواقع في شمال أفريقيا وتأمل أن تستعيد يوما ما علاقات متوازنة وعادلة.

بدوره، كتب مدير مركز الدراسات والبحوث حول العالم العربي والمتوسط حسني عبيدي على منصة إكس قائلا إن “رسالة الرئيس ماكرون إلى رئيس وزرائه تمثل فشلا جماعيا في إدارة أزمة مكلفة للغاية لكلا البلدين. إنها اصطفاف كامل مع سياسة الضغوط التي أظهرت حدودها”، معتبرا أن هذه القرارات ستؤدي إلى تعزيز خيار القطيعة الدبلوماسية التامة.

وأكد مسعد بولس مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه كان واضحا خلال لقائه الرئيس عبدالمجيد تبون أثناء الزيارة التي أداها الأسبوع الماضي إلى الجزائر، بتشديده على أن واشنطن تعتبر أن مقترح الحكم الذاتي تحت سيادة الرباط، في الصحراء المغربية هو الحل الوحيد لحسم القضية، وفق صحيفة “الوطن الجزائرية”، فيما يبعث هذا الموقف برسالة تحذيرية إلى الجانب الجزائري من مغبة نفاد صبر إدارة ترامب في حال عدم القبول بهذه التسوية والاستمرار في عرقلة الجهود الهادفة إلى طي هذا الملف.

وقال بولس إنه جدد خلال لقائه تبون ووزير خارجيته أحمد عطاف دعوة ترامب كافة أطراف النزاع إلى الانخراط فورًا في المناقشات، على أساس مقترح الحكم الذاتي المغربي كإطار وحيد، للتفاوض على حل مقبول.

ويعكس هذا التصريح ضغطا أميركيا وأمميا على الجزائر وجبهة بوليساريو التي تدعمها وتمول أنشطتها العدائية للقبول بهذا الحل و الانخراط بجدية في مناقشته.

وتكتمت الجزائر على تفاصيل المباحثات التي دارت بين بولس وتبون بشأن هذه القضية، ما يشير إلى ارتباكها، في وقت تتوجس فيه من اتساع قائمة الدول الداعمة لسيادة المغرب على صحرائه، فيما تشير التطورات المتسارعة إلى أن المملكة تقترب أكثر من أي وقت مضى من حسم قضيتها.

ولافت للنظر أن بولس حدد خلال لقائه تبون وعطاف بوضوح المسار الذي تراه واشنطن الأنسب للمفاوضات المستقبلية، مما يقلل من مساحة المناورات أو طرح بدائل أخرى قد تعرقل التقدم نحو إنهاء النزاع المفتعل.

وكان ترامب قد جدد خلال رسالة وجهها إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس بمناسبة عيد العرش التأكيد على التزام واشنطن بدعمها الراسخ لمقترح الحكم الذاتي المغربي في الصحراء، مشددا على أنه “الحل الجدي وذي المصداقية والواقعي لتسوية عادلة ودائمة لهذا النزاع”، وفق وكالة المغرب العربي للأنباء.

وتدرك الولايات المتحدة أن الجزائر ليست مجرد داعم لبوليساريو، بل هي طرف رئيسي ومؤثر في النزاع، لذلك، فإن أي حل لن يكون ممكنًا دون انخراط جزائري إيجابي وهو ما تؤكده زيارة بولس إلى البلد الواقع في شمال إفريقيا ولقائه بالرئيس تبون ووزير الخارجية.

وقد يؤدي الضغط الأميركي على الجزائر إلى ربط التعاون والمساعدات بموقفها من قضية الصحراء، فيما تشير بعض التحليلات إلى أن التصنيف المحتمل لبوليساريو كمنظمة إرهابية من قبل مجلس الشيوخ الأميركي قد يؤثر على العلاقات والصفقات في حال لم يتخل الجانب الجزائري عن دعمه للجبهة الانفصالية.

وعلى الرغم من تمسك الجزائر بموقفها الحالي، فإن الضغط الدولي المتزايد، خاصة مع التغييرات في موازين القوى الإقليمية والدولية، قد يدفعها إلى إعادة تقييم استراتيجيتها في هذا الملف وبالتالي القبول بمقترح الحكم الذاتي، إما بشكل كامل أو مع محاولة التفاوض على تفاصيله لضمان بعض المكاسب.

وتولي إدارة ترامب أهمية بالغة لحسم نزاع الصحراء لقناعتها بأنه يشكل عامل عدم استقرار في شمال إفريقيا وبلدان الساحل الإفريقي، وهي مناطق حساسة تعاني من تحديات الإرهاب، والجريمة المنظمة، والهجرة غير الشرعية.

ويعتبر المغرب حليفًا رئيسيًا للولايات المتحدة في المنطقة، ويلعب دورا بارزا في بسط الاستقرار ومكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخباراتية، فيما يُعتبر دعم واشنطن لسيادة المملكة على صحرائها جزءا من تعزيز هذه الشراكة الإستراتيجية.

وتستعد الولايات المتحدة لضخ استثمارات هامة في الأقاليم الجنوبية التي تتمتع بإمكانيات هائلة خاصة في مجال الطاقات المتجددة، كما تضع اللمسات الأخيرة على افتتاح قنصلية لها في الداخلة، في إطار حرصها على ترجمة موقفها على أرض الواقع.

وترى واشنطن في المغرب، وخاصة الصحراء، بوابة استراتيجية للولوج إلى أسواق أفريقيا، فيما تتوافق هذه المقاربة مع الرؤية المغربية لتطوير المنطقة كمنصة اقتصادية تربط المملكة بعمقها الأفريقي.

عاجل !!