نتنياهو تدخل في اللحظات الأخيرة لتعديل خطة ترامب للسلام في غزة ما أثار عاصفة من الاستياء بين مسؤولين عرب
حماس قالت انها تدرس المقترح بجدية ومسؤولية وطنية فيما اعتبرت قيادات من الحركة على غرار حسام بدران انهم منفتحون على جميع الأفكار
الدول العربية الرئيسية التي شاركت في بلورة النسخة الأولية من الخطة – مثل السعودية ومصر والأردن وتركيا – فوجئت بتغيرات جوهرية أدخلها نتنياهو
تمكن نتنياهو بمشاركة مستشاره الأمني رون ديرمر من فرض مجموعة من التعديلات التي أعادت صياغة بنود رئيسية أبرزها تلك المرتبطة بجدول انسحاب القوات الإسرائيلية من غزة
واشنطن / النهار
قال موقع أكسيوس نقلا عن مصدرين مطلعين إن قطر ومصر وتركيا حثت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) على تقديم رد إيجابي على مقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإنهاء الحرب في غزة ما فسر أنه ضغط قوي من الدول الثلاث على الحركة حيث أن الكرة الان باتت في ملعبها.
وكانت حماس قالت انها تدرس المقترح بجدية ومسؤولية وطنية فيما اعتبرت قيادات من الحركة على غرار حسام بدران انهم منفتحون على جميع الأفكار والمقترحات دون التنازل عن الثوابت الوطنية” مؤكدا أن “حق الشعب الفلسطيني في المقاومة مشروع ويتماشى مع القانون الدولي”.
وتصريحات بدران فيها رفض ضمني تجاه عدد من بنود الخطة خاصة تسليم السلاح وشكوك بشأن جدية إسرائيل في الانسحاب من القطاع.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال انه استطاع قلب الطاولة على حماس وتوجيه الضغوط اليها حتى من قبل الوسطاء فيما منح الرئيس الأميركي دونالد ترامب قيادة الحركة ثلاثة أو أربعة أيام للرد قبل دعم أي خطوات عسكرية تصعيدية إسرائيلية بشكل كامل.
والحديث عن ضغوط من دول عربية وإسلامية على حماس يأتي وسط معطيات جديدة نشرها موقع اكسيوس وفق مصادر وصفها بالمطلعة جاء فيه أن تدخل نتنياهو في اللحظات الأخيرة لتعديل بشأن الخطة أثار عاصفة من الاستياء بين مسؤولين عرب، اعتبروا الخطوة “تقويضاً لاتفاق جماعي” و”إعادة هندسة للمبادرة وفق المصالح الأمنية الإسرائيلية”.
وبحسب مصادر مطلعة على فحوى المباحثات، فإن الدول العربية الرئيسية التي شاركت في بلورة النسخة الأولية من الخطة – مثل السعودية ومصر والأردن وتركيا – فوجئت بتغيرات جوهرية أدخلها نتنياهو، حولت المقترح من صيغة متوازنة إلى وثيقة أحادية تُعلي الأولويات الإسرائيلية، خاصة الأمنية منها.
وفي اجتماع مغلق استمر ست ساعات، ضم كبار المسؤولين الأميركيين بمن فيهم جاريد كوشنر ومستشار البيت الأبيض ستيف ويتكوف، تمكن نتنياهو بمشاركة مستشاره الأمني رون ديرمر من فرض مجموعة من التعديلات التي أعادت صياغة بنود رئيسية، أبرزها تلك المرتبطة بجدول انسحاب القوات الإسرائيلية من غزة.
ولم تعد النسخة المعدلة، وفقًا للمصادر، تضمن انسحابًا متدرجًا ومشروطًا فقط، بل منحت إسرائيل صلاحية تقرير وتيرة الانسحاب وربطه بتقدم عمليات نزع سلاح حركة “حماس”، مع إضافة بند يمنح تل أبيب حق الاعتراض (الفيتو) على سير هذه العمليات في أي مرحلة.
وكانت اللغة المستخدمة في الوثيقة أيضًا محل جدل، إذ استخدمت تعابير فضفاضة مثل “التهديد الإرهابي المحتمل”، لتبرير استمرار الوجود العسكري الإسرائيلي داخل ما أسمته الخطة “منطقة أمنية داخل غزة”، دون تحديد سقف زمني واضح لهذا التواجد.
وكشفت المصادر أن الدوائر الرسمية في عدد من العواصم العربية أعربت عن انزعاجها مما وصفته “تلاعباً دبلوماسياً”، لا سيما بعد أن عكست التعديلات الجديدة اختلالًا واضحًا في التوازن بين الحقوق الفلسطينية والمطالب الإسرائيلية. الدوحة، التي لعبت دور الوسيط الأساسي مع حماس، طالبت بتأجيل إعلان الخطة المعدّلة، معتبرة أن النسخة النهائية قد تفقد المصداقية أمام الشارع العربي والفلسطينيين على حد سواء.
ورغم هذه التحفظات، أصر البيت الأبيض على الإعلان الرسمي للمبادرة المعدلة يوم الإثنين، مع ممارسة ضغوط على الدول العربية والإسلامية لإظهار الدعم لها علنًا. ونتيجة لهذا الضغط، أصدرت ثماني دول – بينها قطر والسعودية ومصر وتركيا – بيانًا مشتركًا “يرحب” بالإعلان، دون تقديم دعم صريح لبنوده التفصيلية.
وأكدت مصادر دبلوماسية أن هذا الترحيب المشروط لا يعكس موافقة فعلية على محتوى الخطة، بل جاء في سياق الحفاظ على قنوات الحوار مفتوحة مع واشنطن، في انتظار مفاوضات تكميلية لتعديل “ثغرات خطيرة” لا تزال قائمة.
ثغرات خطيرة لا تزال قائمة
وفي الوقت ترامب إلى جانب نتنياهو في البيت الأبيض، مروجًا للخطة على أنها “اتفاق تاريخي”، كان رئيس الوزراء القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني يعرض النسخة نفسها على قادة حركة حماس في الدوحة.
وبحسب مصدر مطلع على اللقاء، أعربت قيادة حماس عن استعداد أولي لـ”دراسة المبادرة بحسن نية”، لكنها عبّرت في الوقت نفسه عن قلق بالغ من نوايا إسرائيل الخفية خلف البنود المعدلة، لا سيما تلك المتعلقة بالبقاء العسكري و”حق الفيتو”.
وأضاف المصدر أن الحركة لا تمانع مبدئياً في التعامل مع الجهود السياسية، لكنها ترى أن الصيغة الحالية تفتقر إلى الضمانات، وتفتح الباب أمام استمرار الاحتلال الإسرائيلي بأشكال جديدة.
وأحد أكثر البنود إثارة للجدل تمثل في “الخطة الاحتياطية” التي وضعها ترامب للتعامل مع احتمال رفض حماس. الخطة تنص على تنفيذ المبادرة في مناطق غزة “الخالية من الإرهاب”، بحسب التعبير الأميركي، وتسليمها إلى “قوة أمنية مؤقتة”، دون توضيح الجهة المسؤولة عن هذه القوة أو آلية اختيارها.
وفي إشارة واضحة إلى الموقف الأميركي المنحاز، توجه ترامب إلى نتنياهو خلال المؤتمر الصحفي قائلًا: “إذا رفضت حماس الاتفاق يا بيبي، فستحصل على دعمنا الكامل للقيام بما يجب عليك فعله” – جملة اعتبرها مراقبون تفويضًا مفتوحًا لتل أبيب باستخدام القوة، ما يقوض مصداقية المبادرة باعتبارها مسارًا للسلام.
ولم يقتصر الجدل على الساحة العربية، بل امتد إلى داخل إسرائيل نفسها، حيث رأى محللون أمنيون أن تعيينات جديدة وقرارات سياسية مثل تعيين ديفيد زيني رئيسًا جديدًا لجهاز الشاباك، وتعديل خطة غزة، تعكس توجه نتنياهو لتغليب السيطرة الأمنية على المسار السياسي، وهو ما قد يفاقم العزلة الدولية لإسرائيل ويزيد من تعقيد الوضع الميداني.
وتُتهم حكومة نتنياهو بأنها تستغل الزخم الأميركي لتكريس حلول مفروضة بالقوة، بدلًا من الالتزام بخطوات سياسية متفق عليها دوليًا، ما أثار مخاوف لدى عواصم عربية من أن تكون الخطة الحالية مجرد غطاء لتوسيع الاحتلال لا لإنهائه.
…………………….
تضع خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للسلام في غزة الخطوط العريضة لمخطط لإقامة دولة فلسطينية، لكن في الضفة الغربية، حيث ستتحقق هذه الرؤية، يتم خنق الآفاق الاقتصادية، فيما تزداد الأوضاع قتامة مع عجز السلطة عن القيام بأي إصلاحات.
فقد قسمت شبكة من المستوطنات الإسرائيلية ممرات النقل التي تستخدمها الشركات، ولم يتقاضَ موظفو المؤسسات الفلسطينية رواتبهم بسبب منع الدولة العبرية تحويل عائدات الضرائب، كما أن تحويلات العمال المتجهين إلى إسرائيل، والتي تعد ركيزة أساسية، قد جفت منذ بدء الحرب على غزة.
وقال رامي حرفوش “بنفكر مرتين قبل ما نصرف الشيقل”، بينما كان ابنه البالغ من العمر 13 عاما يتابع وتدور في ذهنه تساؤلات عما إذا كان سيلتحق بالجامعة يوما ما. ولم يعد الأب قادرا على شراء جهاز سمع بديل لابنه منذ أن فقد الراتب الشهري الذي كان يتقاضاه من عمله في إسرائيل والبالغ 1700 دولار.
وحصل ترامب على دعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الاثنين لمقترح السلام الذي ترعاه الولايات المتحدة لإنهاء الحرب المستمرة منذ عامين تقريبا في غزة، وهناك دعم دولي متزايد لإقامة دولة فلسطينية.
لكن السلام في غزة ليس مضمونا فهناك تساؤلات عما إذا كانت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية “حماس” ستقبل الخطة، وقال ترامب إن إسرائيل يمكنها “أن تفعل ما يجب أن تفعله” إذا رفضت الحركة الخطة.
كما أن قيام دولة فلسطينية قابلة للبقاء في غزة والضفة الغربية قد لا يكون وشيكا أيضا. فالسلطة، التي تمارس حكما محدودا للمناطق التي يعيش فيها معظم السكان الفلسطينيين، تعتبر نفسها الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني.
لكن مصداقيتها تراجعت بسبب تأثير ضغط إسرائيل ماليا عليها وسوء إدارتها للاقتصاد والبناء الاستيطاني الإسرائيلي السريع على أراض يريدها الفلسطينيون لإقامة دولتهم وغياب الإصلاحات السياسية.
وقال البنك الدولي في تقرير “أدت الضغوط المالية المستمرة إلى تآكل قاعدة إيرادات السلطة الفلسطينية بشدة مما فرض قيودا شديدة على تمويل الخدمات الأساسية”، مشيرا في تقريره “إذا ما استمرت هذه الآليات، فقد تؤدي إلى انهيار مالي”.
ونفت السلطة الفلسطينية مزاعم الفساد وقالت إن إسرائيل تشن حربا مالية لمنع إمكان قيام دولة فلسطينية قابلة للبقاء.
لا يفكر رامي ثلثين كثيرا في فكرة الدولة الفلسطينية، شأنه في ذلك شأن العديد من الفلسطينيين. فقد كان يعيش حياة كريمة في موقع بناء في إسرائيل لسنوات، لكنه يجد صعوبة الآن في إعالة أسرته منذ أن توقفت تصاريح العمل بعد الهجوم الذي قادته حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 الذي أطلق شرارة حرب غزة.
وفي هذه الأيام، نادرا ما يجد عملا يكفي لإعالة أسرته في الضفة الغربية، حيث يقترض المال من والده وإخوته. ويقول ثلثين إنه لا يستطيع الاعتماد على السلطة الفلسطينية لإصلاح الاقتصاد أو توفير فرص عمل أو خدمات صحية كافية، مضيفا “ما حد مطلع علينا أو مساعدنا، لا السلطة ولا نقابة العمال ولا حد شايفنا”.
ولم تجر السلطة، التي يقودها الرئيس محمود عباس، انتخابات برلمانية في الضفة الغربية منذ 2006، ويقول مسؤولون فلسطينيون إنها تواجه واحدة من أخطر أزماتها منذ إنشائها بموجب اتفاقات السلام المؤقتة مع إسرائيل قبل 30 عاما.
وبموجب ترتيب قائم منذ فترة طويلة، تجمع إسرائيل الضرائب على البضائع التي تمر عبر إسرائيل إلى الضفة الغربية وتقوم بتحويلات شهرية إلى السلطات في مدينة رام الله.
ومنذ مايو/أيار، تحتجز وزارة المالية الإسرائيلية حوالي 10 مليارات شيقل (2.96 مليار دولار) من الأموال التي تجمعها من الضرائب والرسوم نيابة عن السلطة الفلسطينية التي تقلص الآن الرواتب وتعجز عن دفع مبالغ مستحقة للمتعاقدين.
وبعد شن الحرب على غزة، بدأ وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش المنتمي إلى اليمين المتطرف باقتطاع جزء من تلك الإيرادات يعادل المبلغ الذي تحوله السلطة الفلسطينية إلى غزة حيث تواصل الإدارة التي يقودها عباس تمويل الخدمات والرواتب والمعاشات التقاعدية على الرغم من سيطرة حماس على القطاع. ويقول سموتريتش إن هذه الأموال سينتهي بها المطاف في أيدي الحركة.
وقال وائل الشيخ، وكيل وزارة الصحة الفلسطينية، إن هناك نقصا حادا في الأدوية، بما في ذلك أدوية الأورام ومستلزمات الجراحة العامة.
وأضاف “اليوم، إذا بنحكي عن نقص في الأدوية عنا 150 صنفا رصيدهم صفر في المستودعات، منهم أدوية حيوية 40 صنفا أدوية أورام ومنهم 15 صنفا أدوية بيولوجية وأصناف أخرى والمستهلكات الطبية تقريبا 30 صنفا رصيدها صفر في المستودعات منها 20 صنفا تخصصات طبية تخصصية”، واصفا الوضع بأنه “حرج جدا”.
ومنذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، خُفضت الرواتب التي تدفعها السلطة الفلسطينية إلى نحو 70 بالمئة من الأجور الكاملة، ثم انخفضت أكثر في منتصف 2025 بعد تعليق تحويل إيرادات المقاصة من إسرائيل. وفي مايو/أيار 2025، دُفعت الرواتب بنسبة 60 بالمئة، ثم انخفضت المدفوعات إلى 50 بالمئة في يونيو/حزيران.
وقال وزير التخطيط والتعاون الدولي الفلسطيني اسطفان سلامة “لم يعد لدينا القدرة على الاقتراض من البنوك، كل الحلول الفنية الداخلية قمنا بها، كل موضوع تقليل المصاريف قمنا به”.
وقال ليث دراغمة المدير التنفيذي لهيئة تنظيم قطاع الاتصالات إنه كان هناك تحرك كبير من الجانب الاسرائيلي باتجاه تقوية الشبكات الاسرائيلية وبناء أبراج ومعدات اتصالات تخدم في مناطق أراضي السلطة الفلسطينية وتحديدا في مناطق الضفة الغربية بشكل كبير وأيضا على المناطق المحاذية لقطاع غزة خلال العامين السابقين
وأضاف دراغمة “كان هناك عدة قرارات بدعم وتمويل الشركات الإسرائيلية خلال العام 2025 من أجل بناء 22 برج اتصالات حتى نهاية هذا العام” قرب المستوطنات اليهودية.
وتابع “لكن هو ملامسة توجيه مباشر للتأثير على الاقتصاد الفلسطيني من خلال تقليل مستخدمي الشبكات الفلسطينية وخلق ‘الفجوة الرقمية‘ التي يسعون إليها دائما”، مضيفا أن بعض المناطق الفلسطينية لا تتوفر فيها خدمات الاتصالات على الإطلاق.
وتشعر الأجيال الشابة بالقلق على مستقبلها في الضفة الغربية. وتخرجت لينا (22 عاما) بمرتبة الشرف في الأدب الإنكليزي وإدارة الأعمال من جامعة بيرزيت في الضفة الغربية هذا العام، لكنها لم تتمكن من العثور على وظيفة مدفوعة الأجر في رام الله.
وفي العام الماضي أمضت خمسة أشهر في رحلة تعليمية في ألمانيا. وذكرت لينا أنها رأت أنهم في برلين يستطيعون رؤية المستقبل ولديهم خططا، أما هنا فالأمر مختلف، وأنه لا يوجد أحد من أصدقائها إلا ويفكر في المغادرة.