نتنياهو يقدم لهرتسوغ طلبا رسميا للعفو عنه

هيئة التحرير30 نوفمبر 2025آخر تحديث :
نتنياهو يقدم لهرتسوغ طلبا رسميا للعفو عنه

يتم الآن وفقا للقواعد تحويل الطلب إلى دائرة العفو في وزارة العدل لجمع الآراء القانونية من الجهات المختلفة بالوزارة

كشف الاستطلاع أن الإسرائيليين يفضّلون نتنياهو لمنصب رئاسة الحكومة على جميع منافسيه في المعارضة

وفق للقانون الإسرائيلي يلزم تشكيل الحكومة الحصول على ثقة 61 نائبا على الأقل من أعضاء الكنيست البالغ عددهم 120

مع نهاية القتال الشديد في غزة يمتنع نتنياهو عن ضم “يهودا والسامرة” ويثني على قرار مجلس الأمن الذي يشق مساراً مستقراً لدولة فلسطينية

 

 

وكالات / النهار

قدّم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، طلبا رسميا إلى الرئيس إسحاق هرتسوغ للعفو عنه على خلفية محاكمته بقضايا فساد.

وقالت هيئة البث الرسمية: “قدّم رئيس الوزراء طلب عفو إلى الرئيس إسحاق هرتسوغ .

وأوضحت أنه تم إحالة الطلب إلى القسم القانوني في مكتب الرئيس عبر محامي نتنياهو، عميت حداد.

وأضافت: “يتم الآن وفقا للقواعد، تحويل الطلب إلى دائرة العفو في وزارة العدل، لجمع الآراء القانونية من الجهات المختلفة بالوزارة”.

و”بعدها ستُحال الآراء إلى المستشارة القانونية لمكتب الرئيس وفريقها لإعداد رأي قانوني إضافي لرئيس الدولة” قبل إصدار قراره، بحسب البيان.

ويُحاكم نتنياهو في قضايا فساد تستلزم سجنه في حال إدانته.

بدوره قال مكتب هرتسوغ، في بيان، إن نتنياهو طلب العفو من الرئيس الإسرائيلي، وسيُحال طلبه إلى وزارة العدل لجمع آراء قبل أن يصدر الرئيس قراره.

وأظهر استطلاع للرأي العام الإسرائيلي، نشرت نتائجه أن المعارضة ستتمكن من تشكيل حكومة إذا جرت انتخابات اليوم، رغم أن غالبية الإسرائيليين يفضلون رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لرئاسة الحكومة.

 

الاستطلاع أجراه معهد “لازار”، وشمل عينة عشوائية من 500 إسرائيلي وكان هامش الخطأ 4.4 بالمئة، وفق ما ذكرت صحيفة “معاريف” العبرية.

وقالت الصحيفة إنه “لو جرت انتخابات اليوم، ستحصل المعارضة على 61 مقعدا من أصل 120، وهو العدد ذاته الذي حصلت عليه في استطلاع الأسبوع الماضي”.

في المقابل، يحصل حزب “الليكود” بزعامة نتنياهو والأحزاب الداعمة للأخير على 49 مقعدا، فيما يحصل النواب العرب على 10 مقاعد، وفق الاستطلاع.

ورسميا تُجرى الانتخابات في أكتوبر/تشرين الأول 2026، ما لم يقرر إجراء انتخابات مبكرة.

ورغم تفوق المعارضة، كشف الاستطلاع أن الإسرائيليين يفضّلون نتنياهو لمنصب رئاسة الحكومة على جميع منافسيه في المعارضة.

فقد حصل نتنياهو على تأييد 44 بالمئة، مقابل 41 أيّدوا رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت.

وحصل على 43 بالمئة مقابل 38 بالمئة أيّدوا رئيس الأركان الأسبق غادي آيزنكوت.

 

كما حصل على 46 بالمئة مقابل 32 بالمئة أيّدوا وزير الدفاع الأسبق وزعيم حزب “إسرائيل بيتنا”، أفيغدور ليبرمان.

فيما حصل على 47 بالمئة مقابل 33 بالمئة أيدوا رئيس المعارضة يائير لبيد.

ووفق للقانون الإسرائيلي يلزم تشكيل الحكومة الحصول على ثقة 61 نائبا على الأقل من أعضاء الكنيست البالغ عددهم 120.

وأظهر استطلاع للرأي في إسرائيل، نشرت الصحيفة نتائجه في 7 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، انقساما متساويا في المواقف بشأن تبكير الانتخابات العامة، وتفوّق أحزاب المعارضة على معسكر نتنياهو إذا أجريت الانتخابات اليوم.

وعلى مدى سنين طويلة جداً، أصبحت السياسة الإسرائيلية ساحة صدام شخصي. الخطاب الجماهيري، الذي عصف في الماضي بمسائل تتعلق بـ “الطريق” – اشتراكية مقابل رأسمالية، بلاد إسرائيل الكاملة مقابل تسوية إقليمية – تقلص إلى المسألة الضحلة: “نعم بيبي” أم “لا بيبي”. المأساة الكبرى للعقد الأخير ليست الاستقطاب الاجتماعي بل ضياع الطريق. دولة إسرائيل، التي هي في إحدى الفترات الأكثر تعقيداً في تاريخها، تدار بلا بوصلة. نحن في أزمة قيادة عميقة، تنبع من أن سياسيين أحلوا التكتيك محل الأيديولوجيا، والاستطلاعات محل الرؤيا.

 

النموذج الأكثر صراحة على الفجوة التي بين الشكل والمضمون هو نتنياهو. نتنياهو علامة تجارية بحد ذاته بنجاحه كـ “قائد اليمين”، الدرع الحصري لبلاد إسرائيل والأمن القومي. لكن مراجعة صادقة لأعماله على مدى السنين تظهر صورة معاكسة بل وأحياناً مذهلة في ثغراتها. فهو الذي صافح عرفات، ووقع على اتفاق “واي”، وسلم الخليل. كان نتنياهو هو الذي صوت في صالح فك الارتباط (حتى لحظة الحقيقة)، وجمد البناء في “يهودا والسامرة” غير مرة تحت ضغط أمريكي، وأدار سياسة “احتواء” تجاه حماس في غزة على مدى نحو 15 سنة في ظل الامتناع الثابت عن حسم عسكري واضح – إلى أن فرض علينا الواقع.

مع نهاية القتال الشديد في غزة يمتنع نتنياهو عن ضم “يهودا والسامرة”، ويثني على قرار مجلس الأمن الذي يشق مساراً مستقراً لدولة فلسطينية، ويخلق تدويلاً للمواجهة الإسرائيلية – الفلسطينية، ويصدر بحكم الأمر الواقع الحلول الأمنية الإسرائيلية إلى دول أخرى. هذا ليس يميناً. خطاب نتنياهو يميني – صقري، لكن السياسة الفعلية سياسة يسار – وسط حذرة، مترددة وبراغماتية أكثر مما ينبغي. هذه الفجوة تخلق طيفاً معرفياً لدى الجمهور الذي ينتخب اليمين ويتلقى سياسة حفظ الوضع الراهن التي تتميز بها أحزاب الوسط – اليسار.

يقف على الجانب الآخر من المتراس السياسي – الفكري (ظاهرا) نفتالي بينيت، الذي يمثل مشكلة من نوع آخر تماماً. فلئن كنا لدى نتنياهو نعرف ما هي الأيديولوجيا المعلنة لكننا نرى تنفيذاً معاكساً، فإننا لدى بينيت لا نعرف ما هي الأيديولوجيا أو هل هي موجودة أصلاً، باستثناء التطلع إلى الكرسي. بينيت الذي بدأ طريقه كمدير عام مجلس “يشع” للمستوطنين وكرمز يميني لنتنياهو، أثبت في ولايته كرئيس للوزراء بأن المرونة قيمته العليا.

إن إقامة “حكومة التغيير” للشراكة مع أحزاب يسار بامتدادها ومع “الموحدة”، كشفت عن فراغ فكري. فهل يؤيد بينيت الضم؟ التسوية؟ الاقتصاد الحر أم الدعم المالي الحكومي؟ حقيقة أنه كان يمكنه أن يجلس في الحكومة ذاتها مع نيتسان هوروفيتس ومع منصور عباس، تشهد على أن الأيديولوجيا عنده ليست سوى عجينة يمكن تصميمها وفقاً للظروف السياسية. الجمهور الإسرائيلي يبقى مشوشاً: هل هو رجل يمين؟ رجل وسط؟ أم مجرد مدير تكنوقراطي يسعى إلى “تهدئة الخواطر” وإعادة انتخابه لرئاسة الوزراء بكل ثمن؟

إن نتيجة غياب قيادة أيديولوجية نتيجة هدامة. فعندما لا يعمل القادة انطلاقاً من منظومة قيم مرتبة، فإن الدولة تدار على طريقة “إطفاء الحرائق”. فلا توجد استراتيجية بعيدة المدى، لأن الاستراتيجية تنشأ عن الرؤيا، والرؤيا تنشأ عن الأيديولوجيا. الجمهور يصبح تهكمياً، والثقة بمؤسسات الدولة تتآكل، والإحساس أن السياسة لعبة تهكمية للبقاء الشخصي.

 

إن إسرائيل بحاجة ماسة إلى قيادة “الحقيقة في النشر”. نحن بحاجة إلى قائد يمين ينفذ سياسة يمين – سيادة، حوكمة وردع – وإلى قائد يسار يعرض بديلاً سياسياً واقتصادياً واضحاً، دون أن يتخفى في صورة وسط. نحن بحاجة إلى قادة مستعدين لدفع ثمن سياسي على مبادئهم، ولا يبيعون مبادئهم من أجل ثمن سياسي. وحدها العودة إلى الصراع الفكري الحقيقي، بين مذاهب مرتبة وواضحة، يمكنها أن تعيد إسرائيل إلى مسار النمو والأمن والأمل. حان الوقت للتوقف عن التصويت للأشخاص والبدء بالتصويت للطريق.

ومرت فترة طويلة منذ سمع تعبير “النصر المطلق”. هذا التعبير المثير، الذي تحول من مجرد قول إلى أحد مبادئ الإيمان، تلاشى كلياً، ولم يعد صالحاً حتى كنكتة. يبدو أننا أدركنا بشكل متأخر بأن النصر المطلق بعيد المنال، بل يهدد النظام بشكل مباشر، ومن ثم لا يجب تحقيقه. لأن ذلك يعني أن الحرب انتهت، وأن جميع أهدافها تحققت، وأنه يمكن العودة إلى الحياة الطبيعية، حيث يتمتع المواطنون بـ “أوقات فراغ” يتخيلون فيها المستقبل وبث الأمل.

 

لو أمكن للنظام لانطلقت صافرات الإنذار على مسامع المواطنين في كل ساعة، ولعرضت خريطة على الشاشات تشير إلى المواقع التي يحتمل حدوث قصف فيها، ولفعلت تطبيق قيادة الجبهة الداخلية من أجل تذكير المواطنين بأنه حتى لو ظهر كل شيء هادئ فنحن في حالة حرب، وأنه لا يمكن ولا يجب أن يكون لها تاريخ انتهاء. الأمر لا يقتصر على الرغبة في توسيع الأراضي الوطنية والسيطرة على السكان وعلى المناطق التي تم احتلالها، بل الهدف هو السيطرة الكاملة على وعي المواطنين بضرورة الحرب.

 

الحرب في غزة كانت مثالاً. هل يستطيع أحد تحديد متى وإذا كانت ستنتهي أصلاً؟ في البداية، حددوا ثلاثة أهداف: القضاء على البنية التحتية العسكرية لحماس، وإبعادها عن الحكم، وإعداد الظروف لإعادة المخطوفين. ثم أضيف هدف آخر وهو إعادة سكان المنطقة الشمالية إلى بيوتهم سالمين. باستثناء إعادة المخطوفين، الهدف الذي عانى من المماطلة والإفشال المتعمد، لم يتحقق أي هدف آخر، لا لأنه كان من المستحيل تحقيقه. كان يمكن القيام بإزاحة حماس عن الحكم لو لم تُحمّل أعباء ثقيلة، تتمثل في معارضة مشاركة السلطة الفلسطينية غير المفهومة في قطاع غزة. كان يمكن أن تؤدي هذه الخطوة إلى تشكيل حكومة بديلة والسماح بدخول القوة متعددة الجنسيات والبدء في إعادة إعمار القطاع. ولكن حماس ما زالت تسيطر على نصف القطاع تقريباً، بل وتستعيد قوتها العسكرية بالتدريج، وما زالت القوة متعددة الجنسيات فكرة نظرية. النتيجة، استمرار القتال بدون تحديد موعد نهائي.

 

تعويد الجمهور على وضع دوام الحرب دائمة وضرورة وجودية، هو أمر حيوي للنظام، ليس فقط لتنمية والحفاظ على الخوف الذي سيبعد أي فكرة من أجل استبداله، بل إن المجتمع الخائف والمذعور يمنح النظام الشرعية والقوة لإحداث تغييرات عميقة في صورته واقتلاع قيمه وسحق الأسس الديمقراطية في الدولة وترسيخ اعتماد الجمهور على الحاكم، لأنه هو وحده القادر على ضمان الأمن وتحقيق النصر المطلق.

 

إسرائيل أصبحت في عمق عملية تحولها إلى نسخة مشوهة من نفسها. هي على وشك فقدان الأمل في التغيير والإيمان بحاجتها إليه. لأن المعركة على رسم ملامح “اليوم التالي” – التي وعدت بحساب طويل وحاسم لمنفذي الدمار – استبدل بها ضبط النفس والخضوع. وهذه القيم ستبقى لأننا في “حالة حرب”، لكن علينا ألا فقد الصبر لأن هذا اليوم سيأتي بعد “النصر المطلق”.

وبرزت في العام الماضي ظاهرة غريبة في عملية اتخاذ القرارات الاستراتيجية في إسرائيل؛ فبعد إعلان ترامب عن خطوات معينة، انضمت إسرائيل إلى الموجة، مُبالغةً أحيانًا في التوجهات، لكنها سرعان ما تكتشف أنها تُركت وشأنها بعد أن فقد الرئيس الأمريكي اهتمامه بها. كان هذا هو الحال مع رؤية ترامب لإقامة ريفييرا متوسطية في قطاع غزة أثناء إجلاء الغزيين من المنطقة، وهي فكرة تخلى عنها هو نفسه بعد فترة، لكنها لا تزال حية في إسرائيل وتتجسد في الإدارة الغريبة التي شُكّلت لهذا الغرض في وزارة الدفاع.

هذا الأسبوع، عادت الظاهرة بعد توقيع ترامب أمراً رئاسيًا يقضي بدراسة تعريف فروع جماعة الإخوان المسلمين في الأردن ومصر ولبنان كمنظمات إرهابية، استنادًا إلى الدعم الذي تقدمه لحماس والتعاطف الذي أظهرته تجاه مذبحة 7 أكتوبر. كانت هذه الخطوة قيد الدراسة في الإدارة الأمريكية منذ هجمات 11 سبتمبر 2001، وقد تعامل ترامب نفسه معها خلال ولايته السابقة.

يتأثر التوقيت الحالي بقرار مماثل اتخذه حاكم ولاية تكساس جريج أبوت الأسبوع الماضي، بالإضافة إلى ضغوط من دول عربية معادية للإخوان المسلمين للترويج لهذه الخطوة، وعلى رأسها مصر والسعودية والإمارات والأردن. سلّط ​​الأمر الضوء على تجاهل أنشطة جماعة الإخوان المسلمين في الدول التي تربطها بواشنطن علاقات وثيقة، وعلى رأسها تركيا (حيث تُعتبر فعليًا الحزب الحاكم)، وقطر التي تستضيف قادة الحركة وتتماهى مع رسالتها.

ينبغي تركيز الجهود بشكل أساسي على الهيئات التابعة لجماعة الإخوان المسلمين العاملة في الغرب والتي تدعم حماس، لا سيما من خلال التمويل، وكذلك على فروع الإخوان المسلمين التي تعمل عسكريًا ضد إسرائيل، وعلى رأسها تنظيم الجماعة الإسلامية في لبنان، المتورط في إطلاق الصواريخ وله علاقات وثيقة مع حزب الله وحماس”، كما يوضح الباحثان ماثيو ليفيت ومايكل جاكوبسون من معهد واشنطن. “ستُسهم مثل هذه الخطوات في إضعاف حماس وردع فروع أخرى من جماعة الإخوان المسلمين عن التواصل معها”.

في إسرائيل – كما جرت العادة – تم توظيف قرار ترامب فورًا لتلبية احتياجات سياسية داخلية، كما يتضح من إعلان نتنياهو هذا الأسبوع: “لقد حظرنا بالفعل بعض فصائل الإخوان المسلمين، ونعمل على إتمام العملية قريبًا”. منذ حظر الفرع الشمالي للحركة الإسلامية عام 2015، وسجن زعيمها الشيخ رائد صلاح لفترة طويلة، لم يكن صعباً فهم أن نتنياهو كان يستهدف الفرع الجنوبي للحركة، الذي تعمل نيابةً عنه حركة “الموحدة” بقيادة منصور عباس على المستوى السياسي الرسمي. يكاد يكون هذا تضليلاً إعلامياً، لكنه يثير جدلاً حاداً، لا سيما في المجتمع العربي.

 

يحاول نتنياهو سرقة الانتخابات وإلغاء شرعية “الموحدة” لمنعها من الترشح، سعياً منه لضمان فوزه. هذه خطوة تمس بحقوق المواطنين العرب وتُهدد النظام الديمقراطي في البلاد. هذا هو نتنياهو نفسه الذي أكد سابقاً إمكانية تشكيل حكومة مع “القائمة العربية الموحدة”، كما أعلن عباس هذا الأسبوع، مُلمّحاً إلى الاتصالات التي أجراها نتنياهو معه قبل تشكيل حكومة التغيير عام 2021، والتي أفشلها سموتريتش في النهاية. وزعم عباس أيضاً أن نتنياهو يتبنى تدريجياً نهج بن غفير الذي يسعى إلى تقويض شرعية “القائمة المشتركة”، ويتصرف انطلاقاً من فهم مفاده أن الحزب – كما في الماضي – ربما يعمل كعامل توازن “يكمل النصاب” لتشكيل ائتلاف جديد ويضمن استبدال حكومته.

أوضح عباس في حديثٍ له قبل أيام: “يتحرك نتنياهو وفق خطة من ثلاث مراحل: الأولى، سيعمل على حظر الجمعيات العامة العربية، وفي الثانية سيدفع باتجاه خطوة مماثلة ضد الفصيل الجنوبي، وفي الثالثة منع “الموحدة” من الترشح للانتخابات، ما سيضرّ بتمثيل المجتمع العربي في الكنيست. على السلطات القضائية أن تتحرك بحزم للحفاظ على النظام في الحكومة ومنع نشوء وضعٍ تؤدي فيه الاعتبارات السياسية إلى إقصاء المواطنين العرب. لقد بدأنا نحن في “الموحدة” بالفعل في التحرك لإحباط هذا التهديد أمام كبار المسؤولين في الجالية اليهودية في الولايات المتحدة، الذين تربطنا بهم علاقات جيدة. يدرك العديد من هؤلاء القادة اليهود الأمريكيين الضرر الذي ستلحقه هذه الإجراءات السياسية الإقصائية بصورة إسرائيل الدولية، ويتعاطفون مع فكرة دمج حزب عربي في ائتلاف حاكم”.

حقق عباس إنجازًا جديدًا عندما ضمّ، ولأول مرة في التاريخ، حزبًا عربيًا (وحزبًا ذا طابع ديني) إلى ائتلاف حكومي في إسرائيل، وبرز بخطواته غير التقليدية العديدة التي أكسبته أعداءً كثرًا في المجتمع العربي، بل وواجه انتقادات أحيانًا من داخل “الموحدة” والفصيل الجنوبي. على سبيل المثال، عندما أعلن ضرورة الاعتراف بيهودية إسرائيل؛ وعندما دعا المجتمع العربي باستمرار إلى تحمّل مسؤوليته عن آفة الجريمة والعنف، لا مجرد إلقاء اللوم على الدولة؛ وعندما شجع على إشراك “الشاباك” في الصراع، مدعيًا أن “على العرب أن يقرروا: أكل العنب أم مقاتلة الناطور؟”، أي القضاء على الجريمة والعنف أم التمسك بالشعارات. يُدلي عباس بهذه التصريحات باللغتين العربية والعبرية، ورسائله ليست مصقولة ومُصفّاة وفقًا لهوية الجمهور.

نجح عباس أيضاً في إثارة غضب الفلسطينيين خارج الخط الأخضر، وخاصةً يحيى السنوار، الذي زعم في خطاب لاذع ألقاه في نيسان 2022 أن وجود “الموحدة” في الائتلاف يُعدّ للهجوم على الحرم القدسي، ووصف عباس بأنه “أبو جهل العصر الحالي”. في الحرب، برز عباس بإدانته الواضحة لمجزرة 7 أكتوبر، وهاجم من يحاولون إنكارها بشدة.

يبدو أن التلميحات التي أطلقها نتنياهو هذا الأسبوع تستهدف “جمعية إغاثة 48” التابعة للفصيل الجنوبي (اسمها الكامل: الجمعية الإسلامية للأيتام والمحتاجين)، والتي اتُهمت في السنوات الأخيرة بالتواصل مع عناصر إرهابية، وقد تُحظر في نهاية المطاف. في تموز الماضي، أوصى مسجل الجمعيات بحلها على خلفية مخالفات ودعم الإرهاب، وخاصةً تحويل الأموال إلى جمعيات خيرية تابعة لحماس. صاغ مسجل الجمعيات توصية، لكن لم تُتخذ أي خطوة عملية، “لقد قدمنا ​​ جميع الوثائق اللازمة إلى الجهات القانونية، بما فيها جهاز الأمن العام (الشاباك)، ولم يُثر رأيه ورأي المستشارة القانونية أي إشكاليات”، كما يوضح عباس. “أثبتنا أن الجمعيات الخيرية التي كنا على اتصال بها تخضع منذ سنوات لسيطرة السلطة الفلسطينية، وليس حماس، وخاصة في الخليل. على أي حال، منذ 7 أكتوبر، لم يكن هناك أي نشاط إغاثي مدني من قبل الفصيل الجنوبي في الضفة الغربية، وبالتأكيد ليس في غزة”.

يحاول عباس وقيادات بارزة في الفصيل الجنوبي أيضاً دحض ادعاء اليمين القائل بأن “الموحدة” والفصيل فرعان من جماعة الإخوان المسلمين. وأوضح في حديث هذا الأسبوع مع رئيس الفصيل الجنوبي، الشيخ صفوت فريج، من كفر قاسم، عاصمة الفصيل: “نحن ملتزمون بأحكام الشريعة الإسلامية من جهة، وبالقانون من جهة أخرى. هذا مبدأ أساسي راسخ أرساه الشيخ عبد الله نمر درويش، مؤسس الحركة الإسلامية في إسرائيل، وهو متجسد أيضاً في دستورها”. لقد أكدنا مرارًا وتكرارًا وبشكل لا لبس فيه أننا لا ننتمي إلى حركة الإخوان المسلمين، لا تنظيميًا ولا سياسيًا. استقلاليتنا ليست شعارًا، بل هي أساس عملي وأيديولوجي أرساه الشيخ درويش ومن بعده من القادة. نعمل في ضوء واقعنا الخاص في إسرائيل، وليس وفقًا لفتاوى جهات خارجية. نتنياهو يحاول الهروب من الفشل السياسي ومحاكمته، ولذلك يخلق عدوًا وهميًا ويسعى جاهدًا لصرف انتباه الرأي العام.

ويضيف عباس: “لو كنا جماعة الإخوان المسلمين، لما كنا جالسين في الكنيست. نحن حركة إسلامية محلية وجزء من المجتمع الإسرائيلي، ونركز على مشاكل مجتمعنا، لا على التطلع إلى إقامة خلافة إسلامية. هذه حركة واسعة النطاق ذات تنوع هائل ومتناقض في التفسيرات. نتشارك أفكارًا أساسية حول مراعاة الوصايا والأخلاق وأسلوب الحياة، لكننا منفصلون تمامًا عن البعد السياسي للإخوان المسلمين، الذي يؤكد على ضرورة محاربة إسرائيل. ولزيادة الشكوك والعداء تجاهنا، يزعمون أننا نستخدم “التقية” والتمويه والخداع فيما يتعلق بأهدافنا الحقيقية التي تبدو خبيثة. يُظهر الخطاب الحالي بأكمله صعوبة إجراء نقاش معقد في إسرائيل اليوم، في مواجهة جدار من الشعارات والوصمات والتعميمات”.

يوضح الشيخ فريج: “وضعنا فريد ومعقد، وليس هناك أي أمل في أن يفهمه أعضاء الإخوان المسلمين الأجانب. مجرد كوننا نصلي خمس مرات يوميًا لا يعني أننا أعضاء في نفس التنظيم أو نتشارك نفس الأجندة السياسية”. يستند تصورنا إلى نظرية الدوائر الخمس التي صاغها الشيخ درويش، والتي نتنقل بينها نحن المسلمين في إسرائيل باستمرار، بصفتنا بشرًا، ومواطنين إسرائيليين، وجزءًا من الأمة الإسلامية، عربًا وفلسطينيين؛ وهذه مصادر متطابقة تتكامل فينا، وحسب الظروف المتغيرة، يبرز أحدها أو يتعزز. عندنا، كل شيء مفتوح، لا “تقية”.

 

تلميحات نتنياهو تُعمّق عزلة العرب عن الحكومة والمجتمع اليهودي، التي ازدادت خلال الحرب. الجريمة والعنف متفشّيان (235 قتيلًا منذ بداية العام) ويتدفقان بثبات إلى الحيز اليهودي، وغالبية الجمهور العربي مقتنعة بأن بن غفير يتجنب عمدًا معالجة جذور المشكلة لإضعاف العرب، مُركّزًا فقط على هدم البناء غير القانوني (خاصةً في النقب)، وكذلك على الجهود – بالتعاون مع مايا جولان – لتحويل الأموال المخصصة للتعليم والرعاية الاجتماعية في المجتمع العربي إلى “الشاباك” بحجة استخدامها لمعالجة الجريمة.

يتجلى هذا التأرجح بين اليأس الشديد وضعف الأمل في استطلاع رأي نُشر قبل بضعة أشهر من قِبل برنامج كونراد أديناور للتعاون اليهودي العربي في مركز “موشيه ديان” بجامعة تل أبيب: يشعر 75 في المئة من المواطنين العرب أن الحرب تؤثر سلبًا على علاقاتهم مع اليهود، ويشعر 35 في المئة أن صلتهم بالدولة قد ضعفت، ولكن في المقابل، لا يزال 73 في المئة يؤيدون انضمام حزب عربي إلى الحكومة مستقبلًا. وأظهرت توقعات الانتخابات فوز تحالف الجبهة العربية للتغيير بـ 4.8 مقاعد، وتحالف “الموحدة” بـ 4.3، وحزب التجمع الوطني الديمقراطي بـ 3 مقاعد (دون تجاوز العتبة الانتخابية)، وسيحصل حزب “الديمقراطيين” بقيادة يئير غولان على تفويض من المجتمع العربي.

ويتفاقم هذا الشعور باليأس بسبب مواقف أحزاب الوسط – الشركاء السياسيين في حكومة التغيير – التي تتردد حاليًا في التحالف مع حزب عربي، ويبدو أنها تأمل في “عرب مدجنين”، في ظل الأوهام المنتشرة مؤخرًا حول خلق عوامل مواتية لإسرائيل، مثل الميليشيات في غزة. قطاع غزة، أو عشائر الخليل، أو تحالف مع الأقليات في جميع أنحاء الشرق الأوسط. يؤكد صفوت فريج: “إذا كانت أحزاب الوسط تطمح إلى تغيير الحكومة الحالية واستبدالها، فعليها أن تتعلم من التاريخ وتُحلل الواقع السياسي بوعي: لا يمكن تحقيق هذه الأهداف دون التعاون مع الجمهور العربي”. ويوضح الدكتور أريك رودنيتزكي، مدير مشروع برنامج أديناور، في حديث له: “إن اقتراح حظر الحركة الإسلامية، وربما منع “الموحدة” من الترشح في الانتخابات، قد يُلحق ضررًا بالغًا بجزء كبير من الجمهور العربي الذي يدعم نهج عباس البراغماتي في السعي إلى تعزيز التعاون مع الأحزاب اليهودية دون الاصطدام بالمؤسسة في القضايا المتعلقة بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني”. ويؤكد: “مثل هذه الخطوة ستُحبط اتجاه دمج المواطنين العرب في البلاد الذي لم يتوقف رغم الحرب الصعبة”.

حتى لو لم يُنفذ نتنياهو في نهاية المطاف حظر حركة “الموحدة”، فإن تلميحاته، إلى جانب رسائل أحزاب الوسط وصعوبة إعادة تشكيل القائمة المشتركة، ستُضعف من فرص نجاحها. قد تُرسّخ القائمة العربية الموحدة (راعم) لدى الجمهور العربي قناعة بعدم جدوى المشاركة في الانتخابات. سيتطلب هذا من “الموحدة” بذل جهد أكبر من ذي قبل لإثبات أن التجربة لم تفشل، أي أنه من الممكن دمجها وزيادة تأثيرها في صنع القرار، ولتحقيق ذلك، لا بد من المشاركة في التصويت (وهو ما اعتبره نتنياهو تهديدًا، حيث حذّر في انتخابات 2015 من أن “الناخبين العرب يتوافدون إلى صناديق الاقتراع بأعداد كبيرة”). في الوقت الذي يتزايد فيه احتمال تجديد حملة انتخابية واسعة في لبنان، وتزداد الحاجة إلى جولة أخرى مع إيران، وهناك علامة استفهام جدية حول استقرار اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وهناك خوف دائم من التصعيد في الضفة الغربية، تُروّج الحكومة لتحركات قد تُشعل جبهة أخرى، هذه المرة من الداخل. إن محاولة حجب شخصية سياسية تُمثل شريحة كبيرة من المواطنين العرب وتُمثّل اختراقًا في طموحات الاندماج لدى الكثيرين منهم ستُعمّق الاغتراب والإحباط، وقد تُسبب انفجارًا واسع النطاق في المجتمع العربي، وهو ما كان يأمل السنوار أن يحدث في 7 أكتوبر- كما حصل في عملية “حارس الأسوار” في أيار 2021، لكنها لم تتحقق.

من منظور أكثر تفاؤلاً، يُؤمل أن يستوعب صانعو القرار تطلعات اندماج العديد من المواطنين العرب، وأن تُترجم إلى مشاريع عملية وشراكات مُعززة، وأن تُشجع في الوقت نفسه على صياغة مُفصلة ومُحدثة للعلاقة بين الدولة والجمهور العربي – وهي قضية ظلت دون حل. حُكم عليها منذ عام 1948 وحتى اليوم.

عاجل !!