اختار رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أن يضع صوته في قلب العاصفة، متموضعاً عند تقاطع النيران بين تل أبيب وطهران، ومتخذاً من بغداد منصة للحياد الفاعل لا الحياد السلبي. فجاءت أجوبته في حوار تلفزيوني كرسمٍ لخارطة توزان هش، تسعى فيها الدولة العراقية، التي أنهكتها الحروب وتخشى شراراتها، إلى أن تكون صانع استقرار لا ساحة تصادم.وفتح السوداني أبواب الأزمة من غزة إلى دمشق، فمرّ على حرب الأيام الـ12 بين إسرائيل وإيران، متحدثاً عن الخرق الجوي للأجواء العراقية باعتباره ليس مجرد حادث سيادي، بل تحدٍّ استراتيجي لنظرية “العراق أولاً” التي رفعها حكماً ومنهجاً. وفي إشارة سياسية مزدوجة، قدّم السوداني شكوى إلى مجلس الأمن، وحرّك خطوط الاتصال مع طهران وواشنطن، مؤكداً أن بغداد لا تنوي أن تكون جسراً تعبر فوقه الطائرات، ولا ساحةً يدار فيها صراع الآخرين. ووقف السوداني عند المفترق الأخطر، متحدثاً عن المفاوضات الإيرانية – الأميركية التي رعاها العراق ضمنياً، مشيراً إلى رغبة “جادة” من إيران في تسوية نووية شاملة، وعن تفاؤل أميركي مشروط بصفقة تؤسس لاستقرار مستدام في المنطقة. وهنا بدا أن العراق يحاول أن يلعب دور “الجسر المطمئن” بين الضدين لا مجرد المراقب المرتبك.