من جلسة منتدى نادي الصيد
حمدي العطار
أيها الأصدقاء، أيها العاشقون للكلمة والسفر والدهشة.
اليوم، نقف معا أمام أحد أجمل الفنون التي صاغها الإنسان ليحكي قصة الأرض والناس، فن أدب الرحلات.
إنه الفن الذي بدأ منذ أن خط الإنسان أولى خطواته نحو المجهول، وحمل قلمه ودفتره ليكتب عن دهشة الأمكنة، وعن وجوه البشر، وعن الثقافات التي تتفتح أمامه مثل زهرة غريبة لم ير لها مثيلاً من قبل.
دعوني أقول لكم شيئا مهما:
الأدب، أيا كان نوعه، لا يظل جامدا، بل يتطور ويتغير مثل نهر لا يتوقف عن الجريان. وهكذا كان أدب الرحلات – ابن الحياة – يتأقلم مع كل عصر، لكنه بقي يحمل شيئا واحدا ثابتا
*شغف الاكتشاف.
في الماضي، كان الرحالة أشبه بالأبطال المغامرين، يبحرون في المجهول، ويعودون إلينا بكتب مدهشة، توثق لنا تقاليد الشعوب، وتكشف لنا أسرار الحضارات البعيدة. أما اليوم، فإن الرحالة المعاصر لا يبحث فقط عن الغرابة أو العجائب، بل يحاول أن يفهم روح المكان، وأن يحلل نفسية الإنسان، ويكشف عن صراعات الهوية والانتماء.
أيها السادة،
أدب الرحلات ليس ترفا ثقافيا، بل هو ذاكرة العالم، هو دفتر الإنسانية المفتوح. فإذا أردنا أن نبقي هذا الأدب حيا، علينا أن نكتبه نحن، أن نرويه بصوتنا وتجاربنا، ألا نكتفي بكوننا قراء، بل نصبح نحن الرحالة الكتاب.
أقول لكل شاب وفتاة هنا:
اخرجوا إلى العالم، ولو إلى مدينة صغيرة قريبة، اكتشفوا، اكتبوا، ولا تخافوا من البساطة، لأن أجمل الرحلات تبدأ بخطوة واحدة، بكلمة واحدة، بحكاية واحدة.
وأختم كلمتي بهذه العبارة:
إن لم نكتب رحلاتنا، فإن الأماكن التي زرناها ستبقى صامتة، أما إذا كتبناها، فسوف تعيش للأبد في ذاكرة البشر.