تستمر مصر التي تعتمد على نهر النيل بنسبة تصل إلى 97 بالمئة لتلبية احتياجاتها المائية في حشد الدعم الدولي لموقفها
تشارك 11 دولة في نهر النيل، الذي يجري لمسافة 6 آلاف و650 كيلومترا وهي: بوروندي ورواندا والكونغو الديمقراطية وكينيا وأوغندا وتنزانيا وإثيوبيا وإريتريا وجنوب السودان والسودان ومصر
القاهرة تشدد على أن احترام القانون الدولي في نهر النيل أساس التعاون الإيجابي لتحقيق المصلحة المشتركة لجميع دول حوض النيل
القاهرة / النهار
أكدت مصر على لسان وزير خارجيتها بدر عبد العاطي استعدادها لاتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لحماية أمنها القومي، فيما تبدو رسالة تحذيرية موجهة إلى إثيوبيا التي أعلنت خلال الآونة الأخيرة اقترابها من تدشين سد النهضة الذي أدى إلى تأجيج التوتر بين البلدين.
وتصدرت هذه القضية المباحثات التي دارت بين عبد العاطي ونظيره الأوغندي، هنري أورييم أوكيلو، بحضور وزير الري المصري هاني سويلم خلال زيارتهما الحالية غير محددة المدة للعاصمة الأوغندية كمبالا، وفق بيان للخارجية المصرية.
وتستمر مصر، التي تعتمد على نهر النيل بنسبة تصل إلى 97 بالمئة لتلبية احتياجاتها المائية، في حشد الدعم الدولي لموقفها، سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي، وتدرس كافة الخيارات القانونية المتاحة لحماية حقوقها وهي رسالة واضحة للمجتمع الدولي ودول حوض النيل بأنها لن تتهاون في تسوية هذا الملف.
وتتشارك 11 دولة في نهر النيل، الذي يجري لمسافة 6 آلاف و650 كيلومترا، وهي: بوروندي ورواندا والكونغو الديمقراطية وكينيا وأوغندا وتنزانيا وإثيوبيا وإريتريا وجنوب السودان والسودان ومصر، وسط خلافات لاسيما بين القاهرة وأديس أبابا بسبب ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي ورفض مصري سوداني لاتفاقية عنتيبي بسبب مخاوف من تأثيرات على الحصص المائية.
وتناول اللقاء سبل تعزيز العلاقات المصرية الأوغندية، وتكثيف التنسيق والتشاور إزاء القضايا ذات الاهتمام المشترك بجانب ملف الأمن المائي.
وشدد وزير الخارجية المصري على “أهمية التعاون وفقا لقواعد القانون الدولي للحفاظ على مصالح جميع دول حوض النيل مع التأكيد على رفض الإجراءات الأحادية المخالفة للقانون الدولي في حوض النيل الشرقي”.
وأكد أن “مصر ستتخذ كافة الإجراءات اللازمة اتساقاً مع القانون الدولي لحماية أمنها المائي”، دون توضيح طبيعة تلك الإجراءات. من جانبه استعرض وزير الموارد المائية والري المصري خلال اللقاء “أوجه التعاون الثنائي والمشروعات القائمة بين مصر وأوغندا في مجال الموارد المائية”.
وأكد أن “احترام القانون الدولي في نهر النيل أساس التعاون الإيجابي لتحقيق المصلحة المشتركة لجميع دول حوض النيل”، مشيرا إلى أن مصر تتحرك بملف المياه في مسارين الأول مرتبط بدول حوض النيل والثاني متعلق بسد النهضة الإثيوبي.
وبشأن دول حوض النيل، طالبت وزارة الري المصري في أكتوبر/تشرين أول 2024، البلدان الموقعة على اتفاقية عنتيبي، بمراجعة مواقفها من الاتفاقية، والعودة للنقاش حول التعاون بين دول النهر.
وفي 1999 جرى الإعلان عن اتفاقية إطارية لدول حوض النيل، عرفت باسم “عنتيبي” (مدينة أوغندية)، ثم في 2010 وقعت عليها إثيوبيا ورواندا وتنزانيا وأوغندا وبورندي، وانضمت إليها جنوب السودان في يوليو/تموز 2024، وسط رفض مصري وسوداني مستمر لها.
وتعتبر القاهرة والخرطوم أن الاتفاقية لا تراعي اتفاقيات 1902 و1929 و1959 التي حددت حصص مياه معينة (55 مليارا و500 مليون متر مكعب لمصر و18 مليارا و500 مليون متر مكعب للسودان) وحقوق نقض لمصر والسودان لأي مشاريع تُقام على النيل ويمكن أن تؤثر سلبا على كميات المياه أو تعدّل وقت وصولها.
ويمكّن سريان الاتفاقية دول حوض النيل من إنشاء مفوضية يُناط بها إدارة الحوض والإشراف على استخدامات مياهه وحمايته وتنميته، دون مراعاة اتفاقيات 1902 و1929 و1959.
وبخلاف الاتفاقية التي تدعمها أديس أبابا، تطالب القاهرة والخرطوم بالتوصل أولا إلى اتفاق ثلاثي قانوني ملزم بشأن ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي الذي بدأ بناؤه في 2011، ولاسيما في أوقات الجفاف لضمان استمرار تدفق حصتيهما من مياه نهر النيل.
في المقابل تعتبر أديس أبابا أن الأمر لا يستلزم توقيع اتفاق، وتردد أنها لا تعتزم الإضرار بمصالح أي دولة أخرى، ما أدى إلى تجميد المفاوضات لمدة 3 أعوام، قبل أن تُستأنف في 2023، وتجمد مرة أخرى في 2024.
وفي يوليو/تموز الماضي دعا رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، نظيره الإثيوبي آبي أحمد، خلال لقاء في قمة مجموعة “بريكس” الاقتصادية التي استضافتها مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية، إلى إبرام وثيقة بشأن سد النهضة تضمن “عدم الإضرار بمصر”، وفق بيان لمجلس الوزراء المصري.
ويثير تقدم حركة الشباب التابعة لتنظيم القاعدة مخاوف من تفاقم الاضطرابات الأمنية في المنطقة، فيما بدأ صبر الجهات الدولية المانحة ينفد، في ظل انهيار الجيش الصومالي رغم الدعم الدولي الذي حصل عليه بمليارات الدولارات.
واستعاد عناصر حركة الشباب في السابع من يوليو/تموز بلدة موكوكري معتمدين على مئات المقاتلين ومركبة محمّلة بالمتفجرات استُخدمت لتنفيذ هجوم انتحاري، في آخر حلقة ضمن سلسلة الهزائم التي مُنيت بها الحكومة هذا العام.
ومنحتهم الخطوة موقعا جغرافيا إستراتيجيا لشن هجمات على منطقة هيران لكنها شكّلت أيضا انتصارا رمزيا قويا على ميليشيا محلية اعتُبرت “أفضل قوة مقاتلة” تابعة للحكومة في مواجهة حركة الشباب، بحسب عمر محمود من مجموعة الأزمات الدولية.
وتخوض مقديشو معارك ضد الجماعة الإسلامية منذ بدايات الألفية ومرّت بفترات شهدت فيها انتصارات وانتكاسات، لكنها حاليا تواجه وضعا صبعا يتمثّل بتراجع الدعم الدولي ومعنويات الجيش على حد سواء واقتتالات داخلية.
واعتمدت الحكومة على ميليشيات محلية تعرف باسم “ماكويسلي” في حملتها الناجحة خلال عامي 2022 و2023، إذ انتزعت نحو 200 بلدة وقرية من حركة الشباب.
لكن هجوم المتمرّدين المضاد هذا العام ساعدهم على استعادة حوالي 90 في المئة من أراضيهم التي خسروها، بحسب تقديرات رشيد عبدي من مركز “ساهان للبحوث”.
وسقطت في أيدي الحركة بلدات كان يفترض أنها نماذج للاستقرار على غرار مساجد عالي غادود وأدان يابال كما تدمّرت ثلاثة جسور على نهر شبيلى تعد حيوية بالنسبة إلى خطوط الإمداد العسكري.
وقال عبدي إن “المنطقة بأكملها من شمال غرب حتى جنوب غرب مقديشو باتت حاليا خاضعة بمعظمها لسيطرة حركة الشباب”، مشيرا إلى أن “حملة “ماكويسلي” انهارت، نظرا إلى أن حكومة الرئيس حسن شيخ محمود تفتقر بشكل كبير إلى المهارة في التعامل مع القبائل إذ تدعم بعضها وتتجاهل أخرى بناء على المحسوبية السياسية لا الحاجات العسكرية”.
وأفاد عضو ميليشيا محلية في هيران يدعى محمد حسن بأن “التعبئة مضت بشكل جيد عندما قدم الرئيس من مقديشو لبدء المرحلة الأولى من الهجوم عام 2022. كان الجميع يشاركون بشكل كبير في القتال.. يساعدون الجيش الوطني”.
وأضاف “لم يعد الأمر هكذا نظرا إلى أن القيادة لم تعد مهتمة ويبدو أن هناك سوء تنظيم في ما يتعلق بطريقة تعبئة الميليشيات المحلية”.
ولم يقم الجيش بالكثير لضبط المتمرّدين، وهو أمر غير مفاجئ بالنسبة إلى قوة “ما زالت في مرحلة التطور بينما تحاول خوض حرب في الوقت ذاته”، بحسب المحلل محمود.
وأضاف عبدي أن ذراعه الأكثر فعالية، وحدة “داناب” المدرّبة من الولايات المتحدة، أفضل في القضاء على المقاتلين من السيطرة على الأراضي بينما تعرّضت إلى خسائر في صفوف الضباط، موضحا “بدأنا نرى جيشا ليس غير فعّال فحسب، بل لم تعد لديه الرغبة في القتال”.
وتنبع هذه المشاكل من حالة الفوضى الأوسع في المشهد السياسي الصومالي حيث لم تقد مجموعة المطالب المختلفة للقبائل قط إلى توافق وطني.
وتعهّدت الحكومة بتحرّك عسكري جديد، لكن الرئيس يركّز حاليا على إجراء أول انتخابات بالتصويت المباشر وفقا لمبدأ “شخص واحد، صوت واحد” العام المقبل.
وقال دبلوماسي غربي طلب عدم الكشف عن هويته إن ذلك “لن يحصل”. وحتى في مقديشو، حيث تعد الإجراءات الأمنية مشددة أكثر، “يمكن لأي مركز اقتراع أن يتعرض لتفجير”.
وصرح الرئيس السابق شريف شيخ أحمد لصحافيين مؤخرا بأنه “أمر مؤسف بأن الأنظار انصرفت باتّجاه مسائل غير مهمّة مرتبطة بالسياسة لا تساعد الأمن بدلا من التركيز على تعزيز القوات المسلحة”.
ولم تطلق حركة الشباب هجوما كاملا على العاصمة، لكنها كشفت مرارا عن حضورها. وسجّل عدد قياسي من الطلقات العشوائية التي استهدفت المطار، بحسب الدبلوماسي، بينما نجا الرئيس من هجوم على موكبه خارج القصر الرئاسي في مارس/آذار، كما أن الحركة تسيطر على الجزء الأكبر من الاقتصاد.
وقال عبدي إن عائدات الجماعة المتطرفة “تتجاوز إيرادات الدولة إذ تمتد أذرعها التجارية في كل مكان.. إنها واحدة من حركات التمرّد الأكثر ثراء في إفريقيا”.
وفي الأثناء، بدأ صبر داعمي الحكومي الخارجيين ينفد، حيث دفع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أكثر من سبعة مليارات دولار على أمن الصومال، خصوصا على مختلف البعثات التي يقودها الاتحاد الإفريقي، منذ العام 2007، بحسب معهد الاتحاد الأوروبي للدراسات الأمنية.
وانتهت مهام القوة الافريقية في ديسمبر/كانون الأول، لكن تقرر استبدالها فورا بأخرى جديدة اسمها “بعثة الاتحاد الإفريقي لدعم وتحقيق الاستقرار في الصومال” (أوسوم)، نظرا إلى أن القوات الصومالية غير مستعدة بعد لتولي مهامها.
وقال الدبلوماسي “هناك كم كبير من الكلل في أوساط المانحين. يتساءل الناس: ما الذي حققناه خلال السنوات العشر الأخيرة؟. رؤية الجيش يهرب والاضطرار إلى إنشاء أوسوم كان أمرا صعبا حقا بالنسبة إلى الناس”.
ويتردد المانحون، خصوصا واشنطن، في مواصلة تمويل بعثة الاتحاد الأوروبي. ويقدّر محمود من مجموعة الأزمات بأنها ستجمع بصعوبة ثلثي التمويل الذي تحتاج إليه للعام 2025 وهو “ما يكفي لإبقائها قائمة… لكن هناك عجز مزمن واضح”.
وأبرمت الصومال اتفاقات مع شركاء أجدد مثل الإمارات وقطر ومصر. من جانبها، نشرت تركيا نحو 500 جندي مدعومين بمسيّرات، لتعزيز أمن مقديشو.
لكن محمود المحلل يؤكد أن هذه الجهات مهتمة بحماية الاستثمارات مثل مشروع تركي مقترح لإقامة منشأة لإطلاق الصواريخ إلى الفضاء، بدلا من مواجهة حركة الشباب، بينما يقول عبدي بدوره “نحن أمام وضع قاتم جدا”.
وسلّمت فرنسا رسميا آخر قواعدها العسكرية في السنغال خلال مراسم تاريخية في دكار مثلت نهاية الوجود الدائم للجيش الفرنسي في البلاد، لكن أيضا في وسط إفريقيا وغربها، في وقت يشهد فيه نفوذ القوة الاستعمارية السابقة في المنطقة تراجعا مستمرا.
ويأتي هذا الانسحاب الفرنسي الذي بدأ في السنوات الأخيرة، فيما تواجه منطقة الساحل هجمات جهادية متزايدة في مالي، بما فيها هجوم وقع أخيرا قرب السنغال، وبوركينا فاسو والنيجر.
وبدأت مراسم التسليم في وقت سابق في دكار بحضور رئيس أركان القوات المسلحة السنغالية الجنرال مبايي سيسي والجنرال باسكال ياني، رئيس قيادة الجيش الفرنسي في إفريقيا.
ويعود الوجود الفرنسي الدائم في السنغال إلى سنة 1960، وهو العام الذي حصلت فيه البلاد على استقلالها.
ومنذ 2022، أنهى الجيش الفرنسي وجوده الدائم في مالي وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد والغابون حيث أصبحت القاعدة الفرنسية بمثابة “معسكر مشترك” غابوني – فرنسي يركز على التدريب.
ويمثل هذا اليوم النهاية الرسمية لوجود العناصر الفرنسيين في السنغال الذين بلغ عددهم 350 جنديا كانت مهمتهم الرئيسية إجراء نشاطات شراكة عسكرية عملياتية مع القوات السنغالية.
وبدأ الانسحاب الفرنسي في مارس/آذار الماضي، وأعاد الجيش الفرنسي العديد من المنشآت للسنغال منذ مطلع الشهر الماضي. ويقع “معسكر غاي” في منطقة أواكام في دكار، ويضم مركز قيادة هيئة الأركان المشتركة ووحدة التعاون الإقليمي.
وبعد استقلالها، بقيت السنغال واحدا من أقوى الحلفاء الأفارقة لفرنسا، القوة الاستعمارية المهيمنة السابقة في غرب إفريقيا.
لكن القادة الجدد الذين تولوا السلطة في أبريل/نيسان 2024 تعهدوا بمعاملة فرنسا على قدم المساواة مع الشركاء الأجانب الآخرين، باسم استعادة السيادة.
وأعلن الرئيس السنغالي باسيرو ديومايي فايي في نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه أن الوجود العسكري الفرنسي والأجنبي على الأراضي الوطنية سينتهي بحلول العام 2025.
وقال إن “السنغال دولة مستقلة، وهي دولة ذات سيادة، والسيادة لا تسمح بوجود قواعد عسكرية أجنبية”، مؤكدا أن الأمر ليس بمثابة “قطيعة” ودافع عن “شراكة متجددة” مع فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة والحليف التاريخي لبلاده.
ويستند الوجود العسكري الفرنسي في البلد الافريقي منذ العام 1960 إلى اتفاقات دفاع وتعاون ثنائية، مع “دعم بناء” الجيش السنغالي بين عامَي 1960 و1974.
وفي العام 2011، أفسحت “القوات الفرنسية في الرأس الأخضر” التي أنشئت عام 1974، الطريق أمام العناصر الفرنسيين في السنغال التي لم تكن تضم وحدات قتالية بل مجموعة من المدربين المتخصصين.
وعام 2012، تمت المصادقة على تغيير شكل الشراكة العسكرية بتوقيع معاهدة في مجال التعاون العسكري بين البلدين. وأصبحت القوات السنغالية وحدها مسؤولة عن الدفاع عن سلامة أراضي البلاد.
وبين عامَي 2020 و2023، أدت الانقلابات في بوركينا فاسو والنيجر ومالي إلى وصول قادة عسكريين إلى السلطة. وقطعت كل هذه الدول علاقاتها مع فرنسا وتحولت إلى روسيا لمساعدتها في مكافحة التمرد الجهادي.
وطالبت جمهورية إفريقيا الوسطى، وهي مستعمرة فرنسية سابقة أرسل إليها الكرملين مقاتلين من مجموعة فاغنر، بانسحاب القوات الفرنسية.
وبعد تسليم القاعدة في دكار، ستكون جيبوتي، الدولة الصغيرة الواقعة في القرن الإفريقي، الموطن الإفريقي الوحيد لقاعدة عسكرية فرنسية دائمة ستضم حوالي 1500 جندي.