لوموند: تنديد دولي واسع بالمخطط الإسرائيلي في غزة.. لكن المواقف العربية ضعيفة مقارنة بالتداعيات المتوقعة

هيئة التحريرمنذ ساعة واحدةآخر تحديث :
لوموند: تنديد دولي واسع بالمخطط الإسرائيلي في غزة.. لكن المواقف العربية ضعيفة مقارنة بالتداعيات المتوقعة

أثار قرار الحكومة الإسرائيلية احتلال قطاع غزة عسكريًا موجة من الاستنكارات العالمية

أعلن المستشار المحافظ فريدريش ميرتس تعليق جميع صادرات الأسلحة التي يمكن استخدامها في النزاع حتى إشعار آخر

قد يسهم هذا التحول في إعادة رسم التوازنات الدبلوماسية داخل الاتحاد الأوروبي الذي ظل حتى الآن مشلولًا بسبب انقساماته الداخلية

دان وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو “بشدة” الخطة الإسرائيلية، معتبرًا أنها “لن تؤدي إلا إلى تفاقم وضع كارثي بالفعل

اقتصرت المواقف العربية الرسمية على إدانات مبدئية وهي ضعيفة مقارنة بالتداعيات المتوقعة لاحتلال عسكري لقطاع غزة

 

باريس / النهار

تحت عنوان “من أوروبا إلى الدول العربية تنديد شبه إجماعي بالمخطط الإسرائيلي في غزة”، قالت صحيفة “لوموند” الفرنسية إن المجتمع الدولي، بينما يدين إسرائيل ويؤيد في الوقت نفسه خطة القضاء على حركة “حماس”، فإنه يبدو عاجزًا عن ثني رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن خطته. وحدها ألمانيا، التي كانت حتى الآن من أبرز الداعمين لإسرائيل إلى جانب الولايات المتحدة، أعلنت تعليق صادرات الأسلحة “حتى إشعار آخر”.

فقد أثار قرار الحكومة الإسرائيلية احتلال قطاع غزة عسكريًا موجة من الاستنكارات فبينما كان الهجوم الإسرائيلي على القطاع الفلسطيني، الذي جاء في أعقاب هجمات حركة “حماس” في 7 أكتوبر/تشرين الأول عام 2023، قد أحدث انقسامًا عميقًا بين الدول الغربية والعربية، فإن تصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تبدو وكأنها تؤسس لنوع من الإجماع في إدانة التصعيد العسكري، حتى مع تأييد مشروع تحييد “حماس”.

ربما كانت ردّة الفعل الألمانية الأبرز إذ أعلن المستشار المحافظ فريدريش ميرتس تعليق جميع صادرات الأسلحة التي يمكن استخدامها في النزاع “حتى إشعار آخر”. وبما أن برلين كانت قد رفعت أمن إسرائيل إلى مرتبة “مبدأ من مبادئ الدولة” (Staatsräson) استنادًا إلى ذكرى المحرقة، فإن هذا القرار يمثل تراجعًا سياسيًا واضحًا على المستويين الداخلي والأوروبي. وتُعد ألمانيا ثاني أكبر مورّد للأسلحة لإسرائيل بعد الولايات المتحدة، إذ صدّرت معدات عسكرية بقيمة 485 مليون يورو منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، وفق وزارة الاقتصاد في 3 يونيو/حزيران.

مع ذلك، تراجعت هذه الصادرات تحت ضغط الرأي العام، إذ بلغت حوالي 28 مليون يورو في الربع الأول من 2025، مقارنة بـ80 مليون يورو في الفترة السابقة. ورفضت الوزارة التعليق على صادرات الأسلحة بعد 6 مايو، تاريخ وصول ميرتس إلى السلطة.

 “حكومة نتنياهو تخسر أوروبا”

داخل الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD)، الشريك في الائتلاف الحاكم، يطالب بعض الأعضاء بالمزيد. فقد صرّح أيديس أحمدوفيتش، المتحدث باسم الكتلة البرلمانية للشؤون الخارجية، لمجلة “دير شبيغل”: “لا يمكن أن تكون هذه سوى خطوة أولى، ويجب أن تتبعها خطوات أخرى”. وقد يسهم هذا التحول في إعادة رسم التوازنات الدبلوماسية داخل الاتحاد الأوروب، الذي ظل حتى الآن مشلولًا بسبب انقساماته الداخلية. ورغم أن الأمر لا ينبئ بإلغاء اتفاقية الشراكة بين الاتحاد وإسرائيل، فإن إجراءات، خصوصًا تجارية، قد تُتخذ بالأغلبية المؤهلة، ما يوسع مجال العمل، تضيف “لوموند”.

وقال وزير الخارجية الهولندي كاسبار فِلدكامب لموقع “أكسيوس” الأمريكي: “حكومة نتنياهو تخسر أوروبا، بالكامل”. أما رئيس المجلس الأوروبي، البرتغالي أنطونيو كوستا، فاعتبر أن القرار الإسرائيلي “يجب أن تكون له عواقب على العلاقات بين الاتحاد وإسرائيل”، مندّدًا بمشروع “يقوّض المبادئ الأساسية للقانون الدولي”. من جهتها، حافظت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين على موقفها، مجددة الدعوة إلى “وقف فوري لإطلاق النار” من دون التهديد بفرض عقوبات.

ورأى نتنياهو أن الحظر الألماني على الأسلحة “يكافئ إرهاب حماس”، وهو الموقف نفسه الذي أبداه تجاه فرنسا عندما أعلن قصر الإليزيه، في 24 يوليو/تموز، اعتزامه الاعتراف الكامل بدولة فلسطين في سبتمبر/أيلول، خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة.

في 8 أغسطس/آب الجاري، دان وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو “بشدة” الخطة الإسرائيلية، معتبرًا أنها “لن تؤدي إلا إلى تفاقم وضع كارثي بالفعل، من دون أن تحقق إطلاق سراح الرهائن أو نزع سلاح “حماس” أو استسلامها”. ونقلت “لوموند” عن مصدر دبلوماسي فرنسي قوله: “إنها أخبار سيئة للغاية. لا نرى منطقًا عسكريًا في هذه العمليات”.

أما المملكة المتحدة، فكانت من أوائل الدول التي تفاعلت، ووصفت هذه الهجمة الجديدة بأنها “خطأ” لن يؤدي إلا إلى “مزيد من المجازر”.

في العالم العربي، حيث تحرص الحكومات عادة على مراعاة الرأي العام الموالي للفلسطينيين، اقتصرت المواقف الرسمية على إدانات مبدئية، وهي ضعيفة مقارنة بالتداعيات المتوقعة لاحتلال عسكري لقطاع غزة.

فقد دانت السعودية “بأشد العبارات” القرار الإسرائيلي، واستخدمت مصر نفس التعبير، بينما عبّر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني عن “رفضه القاطع” للخطة الإسرائيلية. فالقاهرة وعمّان تتأثران بشكل خاص بالأحداث، فهما الدولتان الحدوديتان مع غزة (مصر) والضفة الغربية (الأردن)، وتخشَيان تهجيرًا قسريًا للفلسطينيين إلى أراضيهما، توضّح “لوموند”، مشيرةً إلى أن المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين، التي سُمِح بها عند بدء الهجوم الإسرائيلي في أكتوبر/تشرين الأول عام 2023، لم يعد مسموحًا بها. كما تم حظر نشاط جماعة “الإخوان المسلمين”، التي تُعد “حماس” جناحها الفلسطيني ولها حضور اجتماعي قوي.

وفي نص صدر في 22 يوليو/تموز، اتهمت “حماس” الدول العربية بـ“التخلي عن الشعب الفلسطيني الذي يموت جوعًا”، ودعتها إلى تكثيف الدعم.

بعد أسبوع، وخلال مؤتمر في الأمم المتحدة، دعت 17 دولة عربية “حماس” إلى تسليم أسلحتها إلى السلطة الفلسطينية من أجل التوصل إلى “حل عادل وسلمي ودائم للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس تنفيذ حل الدولتين”.

ترتبط مصر والأردن باتفاقيات سلام مع إسرائيل (وقعت عامي 1979 و1994 على التوالي) تضمن لهما المساعدات الأمريكية، ولم يشككا يومًا في صلاحيتها. وفي 7 أغسطس/آب، وقعت القاهرة وتل أبيب اتفاقًا ضخمًا بقيمة 30 مليار يورو لتصدير الغاز الطبيعي الإسرائيلي إلى مصر حتى عام 2040. أما الإمارات العربية المتحدة، التي طبّعت علاقاتها مع إسرائيل عام 2020، فقد وقعت عقودًا مع الصناعة العسكرية الإسرائيلية، إذ اشترت شركة إماراتية حكومية في يناير/كانون الثاني 30% من أسهم مورد للأسلحة.

في لبنان، – تتابع “لوموند” – لم يعلّق “حزب الله”، الذي عادة ما يسارع إلى التنديد بـ“اعتداءات العدو الصهيوني”، لانشغاله بالضغوط التي تُمارَس عليه للتخلي عن ترسانته الخاصة.

أما إيران فلم تذكر “حماس”، لكنها ندّدت بخطة تهدف إلى “إجبار السكان على النزوح”.

وفي اليمن، كان الحوثيون – آخر بقايا “محور المقاومة” – الوحيدين الذين حشدوا الشارع للتظاهر دعمًا للفصيل الفلسطيني المسلح.

ومن المقرر أن يعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعًا طارئًا، هذا السبت 9 أغسطس/آب، بناءً على طلب جميع أعضائه، باستثناء بنما والولايات المتحدة. وبالرغم من الاستنكارات شبه الإجماعية، فإن الموقف الأمريكي المنفرد ينبئ بمأزق دبلوماسي جديد وعجز المجتمع الدولي عن ثني إسرائيل عن التصعيد العسكري المعلن.

وأقرت حكومة إسرائيل، اقتراح رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو لـ»احتلال قطاع غزة بشكل كامل».

السبب الحقيقي للقرار أن حكومة نتنياهو لا تسعى لهدف سياسي ممكن الإنجاز عبر العمليات العسكرية أو المفاوضات، وأن مسعاها هو الوصول إلى «الحل النهائي» الذي طبّقه النازيون مع اليهود (وكذلك فئات أخرى مثل الغجر والسود والبولنديين وذوي الإعاقة وحتى المتمردين من الألمان) خلال الحرب العالمية الثانية: الإبادة التامة، والتطهير العرقي للفلسطينيين.

لقد انقلبت المعادلة التاريخية، فأصبح أحفاد ضحايا ماضي المحرقة عنصريي اليوم الذين استطابوا دور الجلادين النازيين، وأخذ الفلسطينيون، السكان الأصليون لهذا البلد المنكوب، دور الضحايا المطلوب من آلة القتل والحرق والتجويع إلغاءهم وجوديا. عبّرت الممثلة البريطانية اليهودية ميريام مارغوليس عن هذا ببلاغة شديدة حين قالت: «يبدو أن هتلر قد انتصر. لقد حوّلنا إلى أمة شوفينية متوحشة ترتكب الإبادة الجماعية وتقتل النساء والأطفال»، داعية «باسم الإنسانية» جميع اليهود لرفع أصواتهم.

حسب استطلاع نشر مؤخرا فإن نسبة مهمة من الإسرائيليين (57% حسب استطلاع معهد «لازار») تؤيد إبرام «صفقة شاملة» لإطلاق الأسرى حتى لو كان الثمن وقف الحرب. يمكن طبعا افتراض أن سبب هذه النسبة الوازنة هو تعاطف المستطلعين مع الأسرى وليس مع أهل غزة، لكنّ هناك مؤشرا آخر يمكن استبيانه من توقيع 2000 فنان ومثقف إسرائيلي عريضة دعت إلى وقف الحرب «والفظائع في غزة». حسب هؤلاء لا ينبغي التسليم بـ»قتل أطفال وغير مشاركين، وتجويع وطرد سكان، وتدمير مدن غزة».

التقطت بعض البيانات التي صدرت عن المنظومتين العربية والدولية الموضوع الإنساني، فتحدث بيان الخارجية السعودية عن «إمعان إسرائيل في ارتكاب جرائم التجويع والممارسات الوحشية والتطهير العرقي» مدينا «الأفكار والقرارات اللاإنسانية التي تتبناها سلطات الاحتلال دون رادع»، وقامت بلجيكا بإدانة واضحة للقرار، كما استدعت السفيرة الإسرائيلية، وأشارت السويد الى «انتهاك القوانين الدولية»، كما تحدث الأردن عن «الخروقات الجسيمة للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني»، وكان هذا قريبا من تصريحات الكويت ومصر والجامعة العربية، فيما اقتصر حديث مسؤولين آخرين عن كون القرار «خاطئا» (رئيس وزراء بريطانيا)، و»غير مقبول بتاتا» (رئيس وزراء اسكتلندا)، و»سيؤدي لمزيد من الدمار والآلام» (وزير خارجية إسبانيا)، و»خطوة في الاتجاه الخاطئ (روسيا)، وكان الموقف المفاجئ، من نصيب ألمانيا، الحليف الوثيق لإسرائيل، التي أعلنت وقف تصدير أسلحة يمكن استخدامها في الحرب على غزة.

على الجهة الأخرى من «ضفة الإنسانية»، نجد نتنياهو الحاصل على «ضوء أخضر» من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والمنتشي بالقوة الإسرائيلية المهولة التي تجتاح تأثيراتها فلسطين ولبنان وسوريا واليمن وإيران؛ ونجد وزراء حكومته الذين ما انفكوا يتحدّون شرع وقوانين العالم بإطلاق تصريحات الإبادة الصريحة، والتي كان آخرها ما قاله «وزير المالية» بتسلئيل سموتريتش حين سئل عن تمويل عمليات احتلال غزة هو: «الغزيون في القطاع لا يهمونني. ما يهمني هو النصر وإبادة حماس».

على هذه الجهة أيضا، تقف الدول الغربية، التي رغم التغيّرات السياسية التي طرأت على مواقفها أخيرا تجاه حكومة نتنياهو، فإنها لم تتوقف عن مدّ إسرائيل بالأسلحة، وعدم مقاطعتها اقتصاديا، بل واستئجار طائرات تشارك في التجسس على الفلسطينيين، كما فعلت بريطانيا التي حظرت أيضا منظمة «بالستاين أكشن» واستدعت العديد من أئمة الجوامع لمساءلتهم على انتقاد إسرائيل، ومثال بريطانيا يمكن أن ينطبق على العديد من الدول الغربية أيضا.

وذكرت مصادر طبية أعلنت، أن “6 فلسطينيين استشهدوا بينهم طفل وأصيب 8 آخرون جراء استهداف الاحتلال الإسرائيلي، تجمعات المواطنين بالقرب من نقطة توزيع المساعدات على شارع صلاح الدين جنوبي منطقة وادي غزة (وسط)”.

وفي جنوب قطاع غزة قالت مصادر طبية، إن “شهيدة وإصابة وصلا مستشفى ناصر بقصف جوي إسرائيلي استهدف شقة سكنية بالقرب من المحكمة الشرعية غربي مدينة خان يونس”.

وأضافت المصادر، أن “فلسطينيين اثنين بينهما سيدة استشهدا جراء إطلاق الجيش الإسرائيلي النار على طالبي المساعدات في محيط مركز التوزيع الأمريكي في شارع الطينة جنوبي خان يونس”.

وبعيدا عن إشراف الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية الدولية، بدأت تل أبيب منذ 27 مايو/ أيار الماضي تنفيذ خطة توزيع مساعدات عبر ما يعرف بـ”مؤسسة غزة للإغاثة الإنسانية“، وهي جهة مدعومة إسرائيليا وأمريكيا، لكنها مرفوضة من قِبل الأمم المتحدة.

في الأثناء، أطلقت الزوارق الإسرائيلية نيران رشاشاتها تجاه ساحل منطقة “تلة النويري” غربي المحافظة الوسطى لقطاع غزة.

كما أطلقت المدفعية الإسرائيلية عددا من القذائف تجاه محيط “سجن أصداء” شمال غرب مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، وفق شهود عيان.ولم يبلغ عن وقوع ضحايا أو مصابين جراء الحدثين.

ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ترتكب إسرائيل بدعم أمريكي إبادة جماعية في غزة تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقفها.

وخلفت الإبادة 61 ألفا و330 شهيدا و152 ألفا و359 مصابا من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين.

 

عاجل !!