قصة قصيرة / حارس المقبرة / حسن الموسوي

هيئة التحرير22 يوليو 2025آخر تحديث :
قصة قصيرة / حارس المقبرة / حسن الموسوي

لأكثر من مرة راح يتطلع إلى قبر الزعيم ، بعد أن نجح في رشوة إدارة المقبرة و حقق حلمه بأن يكون حارسا لقبر الزعيم .

حفظ الوصايا التي تلاها عليه مدير المقبرة عن ظهر غيب و حرص على حماية قبر الزعيم من الأعداء الذين لا هم لهم سوى الانتقام حتى و لو من جثة الزعيم .

الوصول إلى الهدف المرسوم بعناية غاية لا ينالها إلا من خبر الحياة و خاض في معتركها العتيد ، أما العاطلون عن الحلم فما زالوا بعيدين جدا عن الولوج في متاهات الأمنيات .

كان يؤمن ان الحصول على هذه الوظيفة تستحق بأن يضحي بالأموال التي حصل عليها من ميراث جده .

مرة أخرى راح يمتع ناظره بمنظر قبر الزعيم ، متسائلا في الوقت نفسه ، أيعقل أن يكون هذا هو مصير الزعيم الذي أقام الدنيا و لم يقعدها .

بخطوات واثقة اقترب من قبر الزعيم ، أمسك بحفنة من ترابه ، على مهل قربها من أنفه ، شمها طويلا ثم ما لبث ان رماها و بصق على القبر .

 ـ يا لك من عفن حتى قبرك لا يشبه بقية القبور ، قال في سره

جلس تحت ظل شجرة صفصاف انتصبت بعيدا عن قبر الزعيم و كأنها تريد ان تكون في أرض غير ملعونة ، و لأول مرة منذ أمد بعيد خلع يشماغه و راح يتحسس أذنه المقطوعة .

شعر براحة كبيرة بعد ان خلع اليشماغ الذي كان ثقيلا جدا و كأنه خوذة مصنوعة من النحاس .

انقضت خلال ساعات النهار و هو يحاول ان يستكشف المكان خصوصا و ان هذا هو يومه الأول في العمل .

من جديد جلس تحت شجرة الصفصاف ، على حين غرة غالبه الوسن ، استسلم بعدها لإغفاءة لم تدم طويلا ، فعلى ايقاع خطوات بالقرب منه فز مذعورا ، تحسس بندقيته تحسبا لأي طارئ .

كان ثمة دخلاء  يقتربون من قبر الزعيم ، و هذا يعني الاختبار الحقيقي له .

لم تثن صيحاته الرجال عن تنفيذ ما جاؤوا من أجله ، و أخيرا أطلق الرصاص في الهواء مما جعلهم  يفرون مسرعين .

بعد منتصف الليل أضاء الشموع حول قبر الزعيم ، مر شريط حياته بسرعة ، استذكر ذلك اليوم الأسود الذي ما زال يعاني من آثاره الى يومه هذا ، تحسس أذنه المقطوعة ، متسائلا  و الدموع تغالبه أيعقل أن تقطع أذنه لأنه غاب عن وحدته العسكرية لمدة عشرة أيام ، كانت تلك الأيام العشرة هي الأسوء في حياته ، ففي تلك الأيام فقد أمه و زوجته .

لم تجدي  توسلاته بآمر الوحدة العسكرية بشطب غيابه و انتهى به المطاف سجينا ، ثم تقطع أذنه .

مرة أخرى يقترب من قبر الزعيم ، تطلع مليا  في الحجارة  المصفوفة بعبث أمامه ، أخذ يتكلم مع الزعيم المقبور

ـ اذا كانت عقوبة الغياب لمدة عشرة ايام هي قطع الأذن و انا جندي بسيط ، فما الحكم الذي تستحقه بعد أن تركت ساحة المعركة و هربت و أنت القائد العام .

بحركة هستيرية جثا على ركبتيه و راح بنبش قبر الزعيم ، بصعوبة بالغة وضع الجثة عند حافة القبر و مزق الكفن بغضب شديد .

ـ هيا أجبني أيها القائد ما عقوبتك بعد أن تركت ساحة المعركة و اختبأت في جحر حقير كالجرذان .

هيا تكلم

بعد أن هدأ روعه ، استنشق الكثير من الهواء ، استل سكينا كان قد أخفاها في جيب بنطاله ، و بقوة قطع أذني الزعيم و هو يردد

واحدة بواحدة و البادي أظلم .

 

عاجل !!