يقف مستقبل الرئيس التركي نفسه على المحك، إذ تنتهي ولايته في 2028 ما لم يؤيد البرلمان فكرة إجراء انتخابات مبكرة أو تغيير الدستور لتمديد فترة حكمه
أكد عمر جليك المتحدث باسم الحزب الحاكم مجددا على مصداقية الأهداف القومية للرئيس موضحا أن العملية ليست رهن التفاوض والمساومة
أحزاب قومية ترفض تسليم حزب العمال الكردستاني أسلحته مطالبة باستجواب أعضائه واحدا تلو الآخر
وخلال فترة حكمه تلك المستمرة منذ 22 عاما، رفع أردوغان مكانة تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي ‘الناتو”، في الساحة العالمية
سعى أوميت أوزداج رئيس حزب النصر المعارض أيضا إلى إثارة المشاعر القومية منتقدا اللجنة ووصفها بأنها “محاولة لإضفاء المشروعية” على حزب العمال الكردستاني
أنقرة / النهار
يخاطر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بخسارة تأييد ناخبين من القوميين في البلاد بسبب عملية السلام مع مسلحي حزب العمال الكردستاني، إذ وصف البعض إحراق أسلحتهم الأسبوع الماضي بأنه حيلة للتظاهر فحسب.
واتضح التحدي الذي يواجهه أردوغان للموازنة بين مطالب القوميين والأكراد عندما تعرض لانتقادات لدعوته لتأييد برلماني واسع لعملية السلام، فيما يرجح أن يعرض إخفاقه في تحقيق هذا التوازن الخطة بأكملها للخطر.
كما يقف مستقبل الرئيس التركي نفسه على المحك، إذ تنتهي ولايته في 2028 ما لم يؤيد البرلمان فكرة إجراء انتخابات مبكرة أو تغيير الدستور لتمديد فترة حكمه، في وقت يصر على أن الاعتبارات السياسية الشخصية لا تلعب أي دور في قراراته.
وخلال فترة حكمه تلك المستمرة منذ 22 عاما، رفع أردوغان مكانة تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي ‘الناتو”، في الساحة العالمية. وقال عن أول تسليم رمزي للأسلحة “انفتحت الأبواب أمام أنقرة جديدة وقوية على مصراعيها”.
ورغم أن حزب الحركة القومية اليميني المتطرف، شريك حزب العدالة والتنمية في الائتلاف الحاكم، هو الذي قاد عملية السلام إلا أن أحزابا قومية أصغر حجما نددت بها.
واستدعوا للذاكرة تنديد أردوغان لسنوات بحزب المساواة والديمقراطية للشعوب الموالي للأكراد على أن له صلة بحمل حزب العمال الكردستاني للسلاح على مدى 40 عاما، والذي تقول الجماعة الآن إنه انتهى.
ولم تلق تصريحات الرئيس التركي حول “السير معا” مع هذا الحزب إلا ردا باردا حتى من الحزب نفسه، إذ قالت النائبة بيرفين بولدان إنه لا يربطه تحالف سياسي واسع مع حزب العدالة والتنمية الحاكم.
وأكد عمر جليك المتحدث باسم الحزب الحاكم مجددا على مصداقية الأهداف القومية للرئيس موضحا أن العملية “ليست رهن التفاوض والمساومة”.
وسيعقد البرلمان اجتماعا للجنة مكلفة باتخاذ قرارات بشأت كيفية التعامل مع مطالب الأكراد بمنحهم المزيد من صلاحيات الحكم الذاتي وإدماج المسلحين ممن امتثلوا لدعوة زعيم حزب العمال الكردستاني المسجون عبدالله أوجلان في فبراير/شباط للتخلي عن السلاح.
ويرفض الحزب الصالح المعارض المشاركة، إذ وصف مساوات درويش أوغلو زعيم الحزب عملية السلام في مطلع الأسبوع بأنها “خيانة” بعد صراع أودى بحياة أكثر من 40 ألفا، متابعا “لن نسمح بتدمير الجمهورية، ولن نسمح بتقسيم الوطن التركي.. لن نستسلم للخيانة”.
وسعى أوميت أوزداج رئيس حزب النصر المعارض أيضا إلى إثارة المشاعر القومية منتقدا اللجنة ووصفها بأنها “محاولة لإضفاء المشروعية” على حزب العمال الكردستاني. ووصف الحدث الذي أحرق فيه 30 عضوا من الحزب أسلحتهم بأنه “حفلة شواء”.
وأضاف “أنت لا تحرق 30 بندقية وتنهي الأمر. يجب تسليم الأسلحة واستجواب أعضاء العمال الكردستاني واحدا تلو الآخر”. وقال مسؤول تركي رفيع المستوى إن حرق البنادق هو “نقطة تحول لا رجعة فيها”، فيما ذكر مصدر آخر أنها جزء من عملية مؤلفة من خمس مراحل ستتوج بإصلاحات قانونية ومصالحة اجتماعية بحلول مطلع 2026.
…………………..
لا يزال القلق والشك يخميان على مدينة هكاري في جنوب شرق تركيا ذي الغالبية الكردية رغم بدء حزب العمال الكردستاني نزع سلاحه، إذ يشك العديد من السكان في نجاح مسار السلام، معتبرين أن الحرب التي تشنها أنقرة على معاقل المتمردين الأكراد بذريعة مكافحة الإرهاب، لم تنته بعد.
ولم تُقنع مراسم نظمت الجمعة في شمال شرق العراق المجاور، على الجانب الآخر من الحدود، وتمثلت بحرق ثلاثين مقاتلا من حزب العمال الكردستاني أسلحتهم، سكان هكاري باستدامة عملية السلام، بعدما شهدت المنطقة أعمال عنف بين الجيش ومقاتلين أكراد.
على الأرصفة وفي مقاهي هكاري، معقل الأكراد على بُعد 50 كيلومترا من الحدود العراقية، تتجهم الوجوه عند ذكر المراسم. وأودت الحرب بـ50 ألف مدني و2000 جندي وفقا للرئيس رجب طيب إردوغان، وطالت هذه المنطقة بشدة.
وشاهد مراسلو وكالة فرانس برس أفرادا من الشرطة بينهم رجال بملابس مدنية يجوبون شوارع المدينة الصغيرة. وفي الماضي، طارد الجيش التركي بشراسة عناصر في ”العمال الكردستاني”، مصنفين إرهابيين، انسحبوا إلى الجهة الأخرى من الحدود من حيث شنّوا عمليات توغل مسلحة غالبيتها دامية في المنطقة.
ورفض أحد رواد المقاهي أن يتم تصويره قائلا “لا نتحدث لأننا لا نعلم ماذا سيحدث غدا”، موضحا “يمكن أن نتحدث عن أمر الآن ونُعاقب عليه غدا. لا يزال انعدام الثقة قائما”، مشيرا إلى فشل محاولات سابقة لإرساء السلام.
وحاول رجب طيب إردوغان طمأنة الأتراك اليوم السبت مؤكدا أن “تركيا انتصرت” واعدا “الإخوان الأكراد بحل المشاكل عبر الحوار”، معلنا أن لجنة برلمانية ستدرس “وتناقش المتطلبات القانونية للعملية”، بناء على طلب قيادة حزب العمال الكردستاني.
وقف محمد دومان على رصيف أمام مطعم يعمل فيه، رافعا حاجبيه، وأكد أنه ما زال في السادسة والعشرين لكنه شهد ما يكفي ليشكك في الأمر. وقال الشاب “فرقونا، وعزلونا، وضربونا، لمجرد أننا أكراد. شهدنا كل أنواع الاضطهاد والقمع…”.
وأضاف “لذا، من الآن فصاعدا، إذا أرادت الدولة مستقبلا لتركيا، إذا أرادت أن تكون بيئة جيدة للجميع، وأن يعود الجميع ويتمكنوا من العيش بحرية، فعليها أن توقف كل هذا”.
واعتبر أن “على الدولة أيضا أن تتخذ خطوة” بعد عملية تدمير الأسلحة الرمزية التي نفذها حزب العمال الكردستاني في العراق. وقال “طوال هذه السنوات، من كلا الجانبين، ومن أجل جميع شبابنا، سُفكت دماء هباءً. لم نعد نريد هذا”.
ورأى أن “مَن ألقوا السلاح اليوم كان بإمكانهم أن يفعلوا ذلك في وقت سابق”، موجها اتهاماته أيضا لحزب العمال الكردستاني.
وتابع دومان “يُسمونها عملية سلام. لكن من جهة، يَعقدون سلاما مع الأكراد، ومن جهة أخرى، يعتقلون جميع أعضاء حزب الشعب الجمهوري”.
وهذا الحزب علماني ديموقراطي اجتماعي أسسه مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس الجمهورية التركية، ويُعدّ أبرز قوة معارضة لإردوغان. ونفذت الحكومة مئات عمليات التوقيف لأعضاء في صفوفه بينهم رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو.
وقال الشاب “لا يُمكن أن يكون هناك سلام كهذا”، مؤكدا أن “من لا يريدون السلام هم من لا يُحبون وطنهم”، مضيفا “اليوم نلتزم الصمت، ونأمل في الأفضل، وآمل أن يحدث. لكنني لا أُصدّق ذلك”.
وبدا إردوغان صباح السبت خلال كلمة أمام حزبه “العدالة والتنمية” في جلسة عامة، مُشجعا ومُطمئنا ومُدركا للشكوك التي تُثيرها هذه العملية. وقال الرئيس التركي ردا على مخاوف بعض الأتراك “نعرف تماما ما نقوم به، ولا داعي للقلق أو الخوف أو التساؤل. كل ما نقوم به هو من أجل تركيا، من أجل مستقبلها واستقلالها”.
………………………..
تخلى حزب العمال الكردستاني عن خيار الكفاح المسلح معلنا نزع سلاحه. فهل يعني ذلك اعترافا بالهزيمة؟
كان عبدالله أوجلان زعيم الحزب واضحا في كلامه. الاستمرار في ذلك الخيار يعني المشي في طريق مسدودة.
لقد سبق للزعيم الكردي الذي تم اعتقاله عام 1999 في سياق صفقة سياسية مبتذلة على المستوى الأخلاقي أن دعا غير مرة من سجنه إلى طي صفحة الحرب.
كان من الصعب على الحزب الذي تأسس عام 1984 أن يطوي تلك الصفحة التي انطلق منها من غير أن تتغير المعادلات السياسية في تركيا. تلك المعادلات المتحجرة التي كانت قائمة على عدم الاعتراف بوجود الأكراد جزءا من التركيبة الوطنية في تركيا.
قاوم الأكراد تحجّر العقل السياسي التركي بطريقة تعبّر عن معرفة عميقة بتعثر إمكانية الحوار تحت مظلة وطنية جامعة. فبغض النظر عن نوع النظام الحاكم في أنقرة، دينيا كان أم مدنيا فإن الاعتراف بحقوق الأكراد القومية كان خطاً أحمر لا يمكن تجاوزه، حتى أن تركيا لم تكن تعترف بوجود الأكراد قومية مستقلة وكانت تسمّيهم بأتراك الجبل.
وعلى الرغم من أن الحرب على الساحة الكردية قد كلفت تركيا خسائر بشرية ومادية هائلة فإن دولة أتاتورك كانت مستعدة لخرق القانون الدولي واحتلال أجزاء من سوريا والعراق من أجل مطاردة المتمردين الأكراد.
كان خيار السلم على الأراضي التركية التي يقيم فيها الأكراد مُستبعدا حتى بعد اعتقال أوجلان. ذلك لأن حزب العمال وقد وجد له حاضنة في شمال العراق كان يأبى أن ينضم إلى زعيمه في معتقله ويستسلم.
وإذا ما كان حزب العمال قد استفاد من الاستقلال النسبي للإقليم الكردي في شمال العراق فإنه استفاد أيضا من الظرف الإقليمي المضطرب بحيث كانت تركيا حائرة في أن تحارب على أيّ جبهة، في سوريا أم في العراق أم في الداخل التركي.
ولا يخفى على تركيا وهي الضليعة بمؤامرات الناتو التي هي جزء منه ما تخطط له الولايات المتحدة وهي تعمل على تأثيث وجودها في المنطقة بأسلوب استعماري جديد. كل تفكير بتركيا قوية يبدو ساذجا في ظل استضعافها محليا من خلال المسألة الكردية.
ولأن تركيا بدت عاجزة عن حل مشكلة محلية فقد بات الحل الدولي قريبا. فعلى الرغم من أن تركيا كانت حاضرة في المعالجة الدولية للمسألة السورية فإن ذلك لم يضمن لها انحياز الجانب الأميركي.
يملك الأكراد اليوم تمثيلا قويا في الحياة السياسية التركية. ذلك ما يعني أن تركيا قد تغيّرت. ولأن تركيا قد تغيّرت فقد آن للأكراد أن يتغيّروا.
من المؤكد أن أكراد حزب العمال لم يتخلوا عن خيار الكفاح المسلح إلا بعد أن ضمنوا أن هناك حياة وطنية عادلة في انتظارهم.
من المهم أن أنبه هنا إلى أن أكراد تركيا على الرغم مما عانوه من تهميش وعزل وازدراء إلا أنهم لم يطالبوا إلا بحقوقهم المدنية وهي حقوق المواطنة المتوازنة والسوية.
وكما يبدو فإن تركيا تغيرت عبر الزمن. لذلك صار على الأكراد أن يتغيّروا ويغيّروا نهجهم وطريقتهم في التلويح بمطالبهم. والأهم من ذلك أن مبدأ الكفاح المسلح لم يعد مقنعا للكثير منهم، أولئك الذين انخرطوا في الحياة السياسية التركية من خلال الأحزاب التي صار لها صوت في الشارع.
كان عبدالله أوجلان حكيما ورجلا مسؤولا حين صارح شعبه بأهمية الاستجابة لتلك التغيّرات والتفاعل معها بطريقة إيجابية. فالمهم بالنسبة إليه وإلى شعبه أن يكون الهدف الذي اختاروا من أجله اللجوء إلى الكفاح المسلح قد تحقق أو في طريقه إلى أن يكون واقعا وليس الكفاح المسلح هدفا في حد ذاته. هنا تكمن واحدة من أهم صفات الزعيم العاقل.
ليس من المعلوم حتى الآن ما هي الصفقة التي تخلّى حزب العمال بموجبها عن سلاحه منهيا الحرب التي أضرّت بالأكراد مثلما أضرّت بتركيا.
لكن اللافت هنا أن رجلا لا يزال قيد الاعتقال منذ أكثر من ربع قرن كان قادرا على أن يقول كلمة النهاية. وهو ما يعني أن الطرفين، الكردي والتركي، يثقان بذلك الرجل الذي وهب شعبه الجزء الأكبر من عمره.
لقد أنهى أوجلان الحرب بكلمة. غير أن تلك الكلمة ما كان لها أن تكون بذلك التأثير لولا أن الواقع السياسي التركي قد قدّم لها كل أسباب القوة.
………………..
سير تركيا بخطى متسارعة نحو إنهاء ملف حزب العمال الكردستاني بشكل نهائي، مع تصاعد المؤشرات على اكتمال عملية نزع سلاح الحزب في العراق خلال الأشهر المقبلة، وهي خطوة يرى فيها مراقبون بعدًا سياسيًا واضحًا، إذ يسعى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى توظيفها كورقة رابحة في معركته الانتخابية المقبلة في مواجهة خصومه.
وقال عمر جليك، المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم، في مقابلة مع قناة “ان تي في”، إن تركيا تتوقع اكتمال عملية نزع سلاح الحزب في العراق “خلال فترة تتراوح بين ثلاثة إلى خمسة أشهر”، محذرًا من أن تأخر العملية قد يفتح الباب أمام “استفزازات” قد تعرقل هذا المسار الحساس.
وأشار جليك إلى أن آلية إشراف مشتركة تضم ضباطًا من جهاز المخابرات التركية والقوات المسلحة ستقوم بمتابعة ومراقبة تنفيذ القرار، بما يضمن “إتمام هذه المرحلة التاريخية بنجاح وبدون انتكاسات”.
آلية إشراف مشتركة تضم ضباطًا من جهاز المخابرات التركية والقوات المسلحة
وتأتي هذه التصريحات بعد إعلان الحزب، المدرج على لائحة الإرهاب لدى أنقرة، في مايو/أيار الماضي عن قرار بحل نفسه طوعًا وإنهاء العمل المسلح، عقب مؤتمر عام عُقد في جبال قنديل شمالي العراق.
ومن المنتظر أن تُنظم أول مراسم رمزية لنزع السلاح بين 10 و12 يوليو/تموز الجاري في إقليم كردستان العراق، بمشاركة إعلامية، حيث سيقوم عدد من مقاتلي الحزب بتسليم أسلحتهم علنًا، في رسالة “حسن نية” تعكس التزامهم بقرار الحل، وبدء ما وصفوه بـ”مرحلة جديدة من العمل السياسي السلمي”.
ويعزز هذه التطورات ظهور عبدالله أوجلان، الزعيم التاريخي لحزب العمال الكردستاني، في رسالة مصوّرة نادرة بُثت للمرة الأولى منذ 26 عامًا، دعا فيها إلى التخلي عن الكفاح المسلح وتبنّي “السياسة الديمقراطية” كخيار استراتيجي. وأكد أن نزع السلاح سيتم “بسرعة”، مشددًا على ضرورة التأسيس لـ”مرحلة سلمية ومستقرة”.
ويأتي هذا الحراك في سياق تحضيرات تركية مبكرة للانتخابات العامة المقبلة، التي من المرجح أن تُجرى خلال 2026، وسط مساعٍ من قبل الرئيس أردوغان لتقديم إنجازات ملموسة في الملفات الأمنية والاقتصادية، بهدف كسب نقاط أمام المعارضة التي تنتقد أداء الحكومة في السنوات الأخيرة.
ويُعد ملف حزب العمال الكردستاني من أبرز التحديات الأمنية التي واجهتها الدولة التركية منذ عقود، إذ أسفر الصراع بين الجانبين عن مقتل أكثر من 40 ألف شخص منذ اندلاع التمرد عام 1984، وتسبب في نزيف اقتصادي ضخم وتوترات عرقية ومناطقية، خاصة في جنوب شرق البلاد حيث الكثافة السكانية الكردية.
ويقول محللون إن الرئيس أردوغان يراهن على هذا التحوّل التاريخي لإنهاء النزاع، وتقديم نفسه في الحملة الانتخابية المقبلة بوصفه “الرجل الذي جلب السلام وأنهى حرباً عمرها أربعة عقود”، في لحظة قد تعيد رسم خريطة الاستقطاب السياسي في البلاد.
ورغم الأجواء الإيجابية، لا تزال تحديات كبيرة تواجه هذا المسار. فبعض الأجنحة داخل الحزب، وخاصة من المقاتلين المتشددين في جبال قنديل، قد لا تلتزم بسلاسة بالقرار، فيما يتخوف مراقبون من تدخلات خارجية قد تسعى إلى إفشال مشروع التسوية، خاصة في ظل صراعات إقليمية مفتوحة، وتداخل الملف الكردي في تركيا وسوريا والعراق.
ومع ذلك، تبدو الحكومة التركية مصممة على المضي قدماً، مستفيدة من الزخم الإقليمي، والتفاهمات مع سلطات إقليم كردستان العراق، والدعم الشعبي الواسع لفكرة إنهاء الصراع، خاصة بعد أن أثبتت السنوات الماضية أن الخيار العسكري وحده لا يكفي لتصفية الحزب أو طي صفحة النزاع.
إذا ما نجحت تركيا في استكمال عملية نزع سلاح حزب العمال الكردستاني كما هو مخطط، فإن البلاد ستكون أمام نقطة تحول تاريخية من شأنها أن تعيد صياغة العلاقة بين الدولة والمجتمع الكردي، وتفتح آفاقًا جديدة نحو استقرار سياسي وأمني طال انتظاره.