صادق الجمل… الأديب الذي حمل اللغة بيد، والانتماء باليد الأخرى / د.عزيز جبر الساعدي

هيئة التحرير15 يونيو 2025آخر تحديث :
صادق الجمل… الأديب الذي حمل اللغة بيد، والانتماء باليد الأخرى / د.عزيز جبر الساعدي

في زمن يتسارع فيه النسيان، تبقى بعض الشخصيات مثل الأستاذ صادق الجمل شاهدة على الأصالة والثبات، وعلى علاقة وثيقة بين الكلمة والموقف، بين الأدب والمجتمع.

صادق الجمل ليس مجرد كاتب، بل هو صوت ثقافي مميز عرفه الوسط الأدبي كقامة فكرية وإنسانية. بأسلوبه الرصين، استطاع أن يجمع بين البيان العربي النقي و*العمق الإنساني* الذي يجعل من كل مقال أو نص يكتبه وثيقة للوعي، لا مجرد كلمات عابرة.

ما يميز الجمل أنه لم يفصل يومًا بين قلمه وهويته. انحاز للناس، ودافع عن القيم، وكتب بضميرٍ حيّ، دون أن يتورط بالشعارات الجوفاء. كان حريصًا على نشر الجمال والفكرة العاقلة في زمن يعاني من الضجيج الثقافي.

في الأمسيات الثقافية، تراه هادئًا متأملاً، لكن حين يتكلم، فإن الجملة تصبح موقفًا، والمفردة تضيء طريقًا. هو من أولئك القلائل الذين يعيدون الهيبة للغة، والإيمان بدور المثقف الحقيقي.

ترك أثرًا طيبًا أينما كتب أو حضر، وكان قريبًا من الأجيال الجديدة، محاورًا لا متعاليًا، دافعًا لا مثبطًا، وواعيًا لدوره كمثقف لا ينعزل عن قضايا الناس.

صادق الجمل ليس اسمًا فقط، بل ذاكرة حيّة للصدق والإبداع والالتزام في زمن يفتقر لكثير من هذه الصفات.

صادق الجمل… الأديب الذي جمع بين الكلمة والموقف في المشهد الثقافي العراقي والعربي، يبرز الأستاذ صادق الجمل كأحد الرموز النادرة التي جمعت بين الحرف النظيف والموقف النبيل، وبين العمق الإنساني والحضور المهني الرصين.

صادق الجمل ليس مجرد كاتب، بل هو أديب متعدد المواهب، تنقّل بين المقالة والرواية والقصة القصيرة، وترك فيها جميعًا بصمته الخاصة، المزيج بين السلاسة والوعي، بين التقاليد والابتكار. له جولات بارعة في كتابة الرواية والقصة، حيث استطاع أن يعكس هموم الإنسان المحلي بلغة رشيقة وحس درامي عميق.

كما عُرف الجمل مقدمًا ناجحًا لبرامج تلفزيونية ثقافية واجتماعية، استطاع من خلالها أن يقترب من الجمهور بأسلوبه الهادئ العميق، فكان صوته مميزًا، ومداخلاته مدروسة، بعيدة عن الإثارة وقريبة من جوهر الموضوع.

في زمن يتخبط فيه الخطاب الثقافي بين السطحية والادعاء، يبقى صادق الجمل مثالًا للمثقف الذي يفكر قبل أن يكتب، ويحترم المتلقي كما يحترم الكلمة. جمع في شخصيته وقار الأديب، وحرارة الإنسان، ونبض الإعلامي الواعي.

هو ليس فقط حاضرًا في المشهد الثقافي، بل هو جزء من ضمير هذا المشهد، يذكّرنا دائمًا أن *الأدب ليس ترفًا، بل مسؤولية.

عاجل !!