سد النهضة: اثيوبيا تُراهن على إيرادات ضخمة وسط أزمة ممتدة

هيئة التحريرمنذ ساعتينآخر تحديث :
سد النهضة: اثيوبيا تُراهن على إيرادات ضخمة وسط أزمة ممتدة

بين الاحتياجات التنموية المشروعة والمخاوف الوجودية المُبرَّرة يبقى سد النهضة قضية مفتوحة على احتمالات التصعيد أو التسوية

آبيي : العائدات المنتظرة من السد سيتم توجيهها لاستثمارها في مشاريع أخرى مضيفًا أن أديس أبابا تخطط لإنشاء مشروعات كهرومائية جديدة

انطلق العمل في سد النهضة الإثيوبي الكبير عام 2011 بميزانية بلغت نحو 4 مليارات دولار ويُعد اليوم أكبر مشروع كهرومائي في إفريقيا

رغم ما يمثله السد من أهمية استراتيجية لإثيوبيا إلا أنه يظل محور توتر إقليمي حاد خاصة مع مصر والسودان، اللتين تخشيان من آثار تشغيل السد دون اتفاق قانوني ملزم

أديس أبابا / النهار

أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي آبيي أحمد، أن بلاده تتوقع تحقيق إيرادات سنوية تصل إلى مليار دولار من مشروع سد النهضة الذي شُيِّد على مجرى النيل الأزرق، مشيرًا إلى أن التشغيل الكامل للسد سيبدأ في سبتمبر/أيلول الجاري.

وفي مقابلة متلفزة مع وسائل إعلام رسمية قال آبيي إن العائدات المنتظرة من السد سيتم توجيهها “لاستثمارها في مشاريع أخرى”، مضيفًا أن أديس أبابا تخطط لإنشاء مشروعات كهرومائية جديدة مشابهة خلال الأعوام الخمسة إلى الخمسة عشر المقبلة.

أكبر مشروع كهرومائي في إفريقيا

وانطلق العمل في سد النهضة الإثيوبي الكبير عام 2011 بميزانية بلغت نحو 4 مليارات دولار، ويُعد اليوم أكبر مشروع كهرومائي في إفريقيا، إذ يبلغ عرضه 1.8 كيلومتر وارتفاعه 145 متراً، وتصل سعته التخزينية إلى 74 مليار متر مكعب من المياه.

وبحسب الحكومة الإثيوبية، فإن السد قادر على توليد أكثر من 5000 ميغاواط من الكهرباء، أي ما يعادل ضعف الإنتاج الكهربائي الحالي في البلاد، في وقت لا يزال فيه نحو 60 مليون إثيوبي محرومين من التيار الكهربائي، وفق تقرير للبنك الدولي صدر في يناير/كانون الثاني 2025.

توتر إقليمي وقلق مصري – سوداني

ورغم ما يمثله السد من أهمية استراتيجية لإثيوبيا، إلا أنه يظل محور توتر إقليمي حاد، خاصة مع مصر والسودان، اللتين تخشيان من آثار تشغيل السد دون اتفاق قانوني ملزم. وقد فشلت جولات التفاوض الثلاثية المتكررة خلال السنوات الماضية في التوصل إلى أي تسوية شاملة، رغم الوساطات الدولية والإفريقية.

وتُعد مصر من أكثر الدول اعتمادًا على نهر النيل، إذ يغطي النهر 97% في المئة من احتياجاتها المائية، ما يجعلها ترى في المشروع الإثيوبي تهديدًا وجوديًا مباشرًا. أما السودان، فيخشى من الآثار المحتملة على أمنه المائي وسلامة بنيته التحتية المائية، لا سيما في ظل غياب آلية تنسيق وتشغيل شفافة.

وفي تعليقه على هذه المخاوف، قال آبيي أحمد “الكثير من أصدقائنا ناقشونا، حذرونا، وهددونا، لكننا لا نرغب في أن يُسبب السد قلقًا أو مخاوف لأحد، سواء في القاهرة أو الخرطوم”.

اقتصاد متعطش للطاقة والاستثمار

وتسعى إثيوبيا، التي يبلغ عدد سكانها نحو 130 مليون نسمة، إلى تأمين احتياجاتها المتزايدة من الطاقة لدفع عجلة التنمية الاقتصادية، خاصة في ظل محدودية البنية التحتية وانقطاع الكهرباء المتكرر.

وتأمل الحكومة أن يتحول سد النهضة إلى محور اقتصادي محلي وإقليمي من خلال تصدير الفائض من الكهرباء إلى دول الجوار مثل السودان، وجيبوتي، وكينيا، ما يعزز مكانة إثيوبيا في سوق الطاقة شرق الإفريقية، ويمنحها نفوذًا اقتصاديًا وجيوسياسيًا متزايدًا في المنطقة.

مشروع اقتصادي أم أداة جيوسياسية؟

ورغم الأبعاد الاقتصادية لسد النهضة، إلا أن المشروع يُنظر إليه بشكل متزايد كـأداة جيوسياسية تستخدمها أديس أبابا لإعادة رسم موازين القوى في حوض النيل. ويأتي الإعلان عن العائدات المتوقعة بالتزامن مع تصاعد القلق الإقليمي، ليطرح سؤالًا محوريًا:

هل تسعى إثيوبيا حقًا إلى التنمية المستدامة فقط، أم أنها تبني مشروعًا كهربائيًا يُوظَّف كورقة ضغط استراتيجية في مواجهة القاهرة والخرطوم؟

وبين الاحتياجات التنموية المشروعة والمخاوف الوجودية المُبرَّرة، يبقى سد النهضة قضية مفتوحة على احتمالات التصعيد أو التسوية، رهنًا بإرادة سياسية تضع المصالح المشتركة فوق منطق الهيمنة.

ولقي أكثر من ألف شخص مصرعهم في انزلاق أرضي ضخم أتى على قرية بأكملها في إقليم دارفور في غرب السودان، بحسب ما أعلنت ليل الإثنين-الثلاثاء حركة مسلّحة تسيطر على المنطقة.

وقالت حركة/جيش تحرير السودان في بيان إنّ “انزلاقات أرضية كبيرة ومدمّرة” أدّت إلى “دمار كامل لقرية ترسين – شرق جبل مرة، بالقرب من منطقة سوني، ومصرع كامل سكّانها الذين يُقدَّر عددهم بأكثر من ألف شخص، لم ينجُ منهم سوى شخص واحد”.

وأوضح البيان أنّ الكارثة وقعت الأحد “بسبب الامطار الغزيرة التي هطلت في الأسبوع الاخير من شهر أغسطس المنصرم”.

وبحسب البيان فإنّ “المعلومات الأولية تفيد عن موت جميع سكّان القرية ويقدّر عددهم بأكثر من ألف شخص ولم ينج من بينهم إلا شخص واحد فقط”.

ولفتت الحركة في بيانها إلى أنّ القرية “سوّيت بالأرض تماما” نتيجة لهذا الانزلاق الأرضي، مناشدة “الأمم المتحدة والمنظمات الاقليمية والدولية والضمير الانساني الحيّ مساعدتنا لانتشال جثامين الموتى من تحت التراب ويقدّر عددهم بأكثر من الف شخص من الرجال والنساء والأطفال”.

وأظهرت مقاطع تداولها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي ومنصات إعلامية منطقة مسطحة بين سلاسل الجبال مع مجموعة من الأشخاص يبحثون في المنطقة.

ولم يصدر تعقيب رسمي من الخرطوم بشأن الحادثة حتى الساعة 7:00 (ت.غ)، لكن حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي، قال فجر الثلاثاء، “إن ما وقع بقرية ترسين في جبل مرة مأساة إنسانية تفوق حدود الإقليم، إذ فقدنا عدد كبير من أهلنا في كارثة طبيعية مدمرة”.

وناشد مناوي “المنظمات الإنسانية الدولية بالتدخل العاجل، لتقديم الدعم والمساعدة في هذه اللحظة الحرجة، فالمأساة أكبر من طاقة أهلنا”.

ووقعت المأساة في الوقت الذي يشهد فيه السودان حربا أهلية مدمرة بعدما تصاعدت التوترات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية لتتحول إلى قتال مفتوح في أبريل 2023 في العاصمة الخرطوم ومناطق أخرى من البلاد.

حذرت منظمة أطباء بلا حدود من أن العديد من المجتمعات في دارفور، بما في ذلك جبال مرة، أصبحت معزولة بعد أكثر من عامين من الحرب والعزلة، ووصفت هذه المناطق بأنها “ثقب أسود” في الاستجابة الإنسانية للسودان.

وقالت المنظمة في تقريرها الصادر في يوليو/تموز إن الناس في هذه المجتمعات “حرموا من المساعدة الكافية وتعرضوا للتجاهل من قبل الجهات الفاعلة في مجال الإغاثة … على الرغم من الظروف المروعة التي يعيشونها”.

وتعد جبال مرة سلسلة بركانية وعرة تمتد لمسافة 160 كيلومترا (100 ميل) جنوب غرب مدينة الفاشر، التي تعد بؤرة للقتال بين الجيش وقوات الدعم السريع. وتحولت المنطقة إلى ملاذ للأسر النازحة الفارة من القتال في الفاشر ومحيطها .

أدى الصراع في السودان إلى مقتل أكثر من 40 ألف شخص ، وإجبار أكثر من 14 مليون شخص على الفرار من منازلهم، وترك بعض الأسر تأكل العشب في محاولة يائسة للبقاء على قيد الحياة، بينما اجتاحت المجاعة أجزاء من البلاد.

وقد اتسمت هذه الحرب بفظائع جسيمة، بما في ذلك القتل والاغتصاب بدوافع عرقية، وفقًا للأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان. وأعلنت المحكمة الجنائية الدولية أنها تحقق في مزاعم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية .

تقع قرية تراسين في وسط جبال مرة، وهي منطقة بركانية يزيد ارتفاع قمتها عن 3000 متر (9840 قدمًا). وتشتهر هذه السلسلة الجبلية، المُدرجة ضمن قائمة التراث العالمي، بانخفاض درجة حرارتها وغزارة أمطارها مقارنةً بالمناطق المحيطة بها، وفقًا لليونيسف. وتقع على بُعد أكثر من 900 كيلومتر (560 ميلًا) غرب العاصمة الخرطوم.

كان الانهيار الأرضي الذي وقع يوم الأحد أحد أفدح الكوارث الطبيعية في تاريخ السودان الحديث، واحدا من أسوأ الكوارث الطبيعية في تاريخ السودان الحديث، إذ يلقى مئات الأشخاص حتفهم سنويا جراء الأمطار الموسمية والفيضانات التي تمتد من يوليو إلى أكتوبر. تسببت الأمطار الغزيرة العام الماضي في انهيار سد في ولاية البحر الأحمر الشرقية، مما أسفر عن مقتل 30 شخصًا على الأقل، وفقًا للأمم المتحدة.

وأدى محمد حمدان دقلو، قائد قوات الدعم السريع السودانية شبه العسكرية، اليمين رئيسا لحكومة سودانية موازية وفقا لبيان لها السبت وذلك في تطور يدفع البلاد خطوة أخرى نحو التقسيم الفعلي.

ونادرا ما شوهد دقلو، المعروف باسم حميدتي، في السودان منذ بداية الحرب المستمرة منذ 28 شهرا مع الجيش الوطني، لكنه أدى اليمين في مدينة نيالا السودانية وفقا للبيان.

وتعد نيالا واحدة من أكبر المدن السودانية، وتقع في إقليم دارفور، وهي بمثابة العاصمة الفعلية لقوات الدعم السريع التي عينت رئيسا للوزراء ومجلسا رئاسيا بقيادة دقلو. واستُهدفت المدينة بهجمات بطائرات مسيرة السبت.

وقال حميدتي بعد أدائه القسم إن “الحكومة تعمل على تحقيق الوحدة العادلة لجميع التراب السوداني”.

وشكّل تحالف السودان التأسيسي “تأسيس”، الذي يضم الدعم السريع والحركة الشعبية ــ شمال وقوى مسلحة وسياسية وأهلية، حكومة موازية للحكومة الخاضعة لسلطة الجيش.

 

وأدّى رئيس ونائب رئيس وأعضاء المجلس الرئاسي، الذين بينهم 8 أعضاء يشغلون مناصب حكام الأقاليم، اليمين الدستورية في مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور، ضمن الحكومة التي أُطلق عليها حكومة السلام.

وقال حميدتي، في خطاب نشره حساب المجلس الرئاسي على منصة إكس، ‏إننا في حكومة السلام وتحالف تأسيس “نعمل من أجل تحقيق الوحدة العادلة لكل التراب السوداني، وتطبيق الحكم اللامركزي الذي يمكّن جميع الشعوب من إدارة شؤون أقاليمهم والاستفادة من مواردهم بعدالة لتنمية مناطقهم وتقديم الخدمات الضرورية لمواطنيهم”.

واعتبر تشكيل الحكومة خطوة لتنفيذ كل المهام المتفق عليها في سبيل تحقيق السلام الشامل، العادل والدائم، ووضع نهاية للحروب الطويلة، وإنهاء معاناة السودانيين من النزوح واللجوء والمجاعات والفقر والحرمان.

وأشار إلى أن الحكومة ملتزمة بمواثيق تحالف تأسيس من الدستور والميثاق السياسي، وذلك بوضع نهاية للشمولية والديكتاتورية، وإقامة دولة مدنية ديمقراطية علمانية تسمح بالتداول السلمي للسلطة وتمنع تدخل الجيش في السياسة.

وتعهّد بالتزام الحكومة بجميع مواثيق حقوق الإنسان والحريات العامة لكل المواطنين، وبإقامة دولة القانون، مشددًا على ضرورة تحقيق العدالة التاريخية والمحاسبة على الانتهاكات التي ارتُكبت خلال السبعين عامًا من عمر السودان المستقل.

وأعلن حميدتي استعداد الحكومة للتعاون مع وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية لإيصال المساعدات إلى جميع المحتاجين في أي مكان داخل السودان.

وتعهّد بالسماح بمرور المساعدات وحماية القوافل والعاملين على توصيل الإغاثة إلى كل المحتاجين.

وذكر أن الحكومة ملتزمة بجميع المواثيق الدولية، وسياسة حسن الجوار، وبناء العلاقات مع الدول على أسس المصالح المشتركة، وتحقيق السلم والأمن الدوليين.

وجدّد حميدتي تصريحاته الخاصة بأن الحرب أشعلها عناصر النظام السابق. وأضاف “أجدّد دعوتي بضرورة إجراء تحقيق دولي شفاف يحدّد من خطّط ورتّب وأشعل هذه الحرب وتسبّب في معاناة السودانيين”.

واندلع النزاع بين الجيش وقوات الدعم السريع في 15 أبريل/نيسان 2023، حيث تعثّرت جميع محاولات إنهائه عبر الحلول السلمية، رغم أنه تسبب في أزمة إنسانية واسعة النطاق.

وعلى الرغم من سيطرة قوات الدعم السريع على معظم أنحاء دارفور، فإنها تقاتل الجيش وحلفاءه بضراوة للسيطرة على مدينة الفاشر، العاصمة التاريخية للإقليم.

وتحاصر تلك القوات مئات الآلاف من المدنيين هناك منذ أكثر من 500 يوم، مما أجبرهم على اللجوء إلى تناول العلف الحيواني كطعام يبقيهم على قيد الحياة.

وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) الأسبوع الماضي إن أكثر من ألف طفل قُتلوا أو تعرضوا لتشوهات جراء الغارات الجوية والقصف المدفعي والهجمات البرية.

وتقول قوات الدعم السريع إنها تتيح للمدنيين فرصة كافية للمغادرة.

وذكر مختبر الأبحاث الإنسانية التابع لجامعة ييل الجمعة أن صور الأقمار الصناعية أظهرت إقامة القوات حواجز فعلية تمنع السكان من الخروج، فيما أفاد من تمكنوا من الفرار بتعرضهم لهجمات عنيفة وسرقة على يد مسلحي قوات الدعم السريع.

واستعاد الجيش السوداني السيطرة على المناطق الواقعة في وسط وشرق السودان، وشكل أول حكومة منذ بدء الحرب، والتي عقدت أول اجتماع لها الأسبوع الماضي.

ولا تزال منطقة كردفان، الواقعة بين معقلي القوتين المتحاربتين، مسرحا للقتال والهجمات على القرى الصغيرة.

ودفعت الحرب نصف سكان السودان إلى براثن الجوع ودمرت الاقتصاد وتسببت في أسوأ أزمة إنسانية في العالم. وقالت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنها تسعى إلى إنهاء الصراع، ولكن لم يُحرز تقدم يُذكر حتى الآن.

 

عاجل !!