ملك البحرين يقرر إقامة بعثة دبلوماسية دائمة في بيروت فيما اتفق البلدان على تكثيف الزيارات المتبادلة للوفود الاقتصادية والتجارية
تُعد هذه الزيارة جزءًا من جهود لبنان لإعادة ترميم علاقاته مع الدول العربية وخاصة بلدان الخليج بعد سنوات من التوتر الدبلوماسي
تطرقت المباحثات إلى مستجدات الأوضاع الإقليمية الراهنة، وتداعياتها على الأمن والاستقرار الإقليميين والجهود الدولية الهادفة إلى تسوية الصراعات
هناك سبب آخر للتوتر الدبلوماسي بين البحرين ولبنان وهو استضافة بيروت لبعض الفعاليات المناهضة للبحرين ومعارضين بحرينيين
أكد العاهل البحريني على موقف بلاده الثابت والداعم لسيادة الجمهورية اللبنانية واستقرارها ووحدة أراضيها
أعرب عون عن التقدير والامتنان لمواقف ملك البحرين الداعمة للبنان مشيدا بتنامي العلاقات اللبنانية الخليجية
المنامة / النهار
تركز لقاء القمة الذي جمع عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة والرئيس اللبناني جوزيف عون في المنامة التي وصلها في إطار زيارة رسمية سبل التعاون والتنسيق في كل ما من شأنه تجنيب المنطقة الأنشطة المزعزعة للأمن والاستقرار، بما في ذلك مكافحة التنظيمات الإرهابية ومنع تمويلها، فيما أعلنت المنامة عن قرارها إنشاء بعثة دبلوماسية دائمة في بيروت، ما يمثل خطوة مهمة نحو استئناف كامل للعلاقات الدبلوماسية وإنهاء سنوات من القطيعة.
وتُعد هذه الزيارة جزءًا من جهود لبنان لإعادة ترميم علاقاته مع الدول العربية وخاصة بلدان الخليج بعد سنوات من التوتر الدبلوماسي، في وقت تسعى فيه بيروت إلى استقطاب استثمارات خليجية لتنفيس أزمتها الاقتصادية والمالية.
وتطرقت المباحثات إلى مستجدات الأوضاع الإقليمية الراهنة، وتداعياتها على الأمن والاستقرار الإقليميين والجهود الدولية الهادفة إلى تسوية الصراعات، وحل الأزمات عبر الحوار والطرق الدبلوماسية، وإرساء دعائم الأمن بالمنطقة، وفق بيان مشترك.
كما تناولت “أوجه التعاون في المجالات الاقتصادية والاجتماعية، وفرص تطويرها والارتقاء بها إلى آفاق أشمل، عبر تعزيز دور القطاع الخاص وزيادة التبادل التجاري، وتكثيف الزيارات المتبادلة للوفود الاقتصادية والتجارية”.
وشدد الجانبان على ضرورة “احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، والالتزام بالمبادئ الواردة في ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ حسن الجوار”.
وأكدا على “ضرورة استمرار التواصل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتعزيز الثقة وتأمين الدعم اللازم للبنان في مواجهته للتحديات الراهنة ودخوله مرحلة إعادة الإعمار”.
وخلال السنوات الماضية، توترت العلاقات بين لبنان والبحرين بسبب مواقف وتصريحات مرتبطة بحزب الله، الذي تصنّفه المنامة “تنظيما إرهابيا” وتتهمه بدعم جماعات معارضة داخل المملكة وبالتدخل في شؤونها الداخلية.
وتصاعدت حدة الخلاف إثر تصريحات أطلقها مسؤولون في الحزب انتقدوا فيها السلطات البحرينية ما دفع المنامة إلى سحب سفيرها من بيروت عام 2021، أسوة بعدد من دول مجلس التعاون الخليجي.
وكان هناك سبب آخر للتوتر الدبلوماسي بين البحرين ولبنان، وهو استضافة بيروت لبعض الفعاليات المناهضة للبحرين ومعارضين بحرينيين وقد عبرت المنامة عن غضبها من هذه الأنشطة، وطالبت السلطات اللبنانية بوقفها.
لكن في وقت سابق أعلنت الرئاسة اللبنانية، أن ملك البحرين قرر “إقامة بعثة دبلوماسية بحرينية دائمة في بيروت”، دون تفاصيل إضافية.
ووفق البيان المشترك، أكد العاهل البحريني على موقف بلاده “الثابت والداعم لسيادة الجمهورية اللبنانية واستقرارها ووحدة أراضيها، ورفض أي تدخل خارجي في شؤونها الداخلية”.
وأشار إلى مساندة المملكة لجهود الرئيس عون والحكومة اللبنانية “للمضي في الاصلاح السياسي والاقتصادي وتعزيز الوحدة الوطنية لما فيه خير وصالح الشعب اللبناني”.
وشدد على دعم المنامة “لجهود لبنان الرامية إلى الحفاظ على وقف إطلاق النار مع إسرائيل وخفض حدة التصعيد، والانسحاب الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية المحتلة، وتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701”.
وأكد على ضرورة حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، وبسط سيطرة الحكومة على جميع الأراضي اللبنانية بقواها الذاتية حصراً، مع دعم الجيش.
من جانبه، أعرب عون عن التقدير والامتنان لمواقف ملك البحرين الداعمة للبنان مشيدا بتنامي العلاقات اللبنانية الخليجية، ودعم مجلس التعاون لدول الخليج العربية لسيادة بلده واستقراره وسلامة أراضيه ووحدته الوطنية.
والثلاثاء، قال عون، في تصريحات صحفية من البحرين، إن “تطبيق القرار المتخذ بحصر السلاح بيد الدولة لا رجوع عنه ويتم بروية على نحو يحفظ وحدة لبنان ويمنع الإضرار بالسلم الأهلي”.
وجاءت التصريحات غداة تسليم الرئيس اللبناني، المبعوث الأميركي إلى سوريا، سفير واشنطن لدى تركيا توماس باراك، رد بيروت على مقترح واشنطن بشأن نزع سلاح حزب الله وانسحاب الجيش الإسرائيلي من جنوب البلاد.
وتمحور الرد بيروت، حسب بيان للرئاسة اللبنانية حول “الضرورة الملحة لإنقاذ لبنان، عبر بسط سلطة الدولة على كامل أراضيها بقواها الذاتية دون سواها، وحصر السلاح في قبضة القوى المسلحة وحدها، والتأكيد على مرجعية قرار الحرب والسلم لدى المؤسسات الدستورية”.
وفي 4 يوليو/تموز الجاري، قال الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم “على مَن يطالب حزب الله بتسليم سلاحها، المطالبة أولا برحيل إسرائيل، لا يُعقل ألا تنتقدوا الاحتلال، وتطالبوا فقط من يقاومه بالتخلي عن سلاحه”.
ووقعت شركات بحرينية وأميركية خلال زيارة بدأها ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير سلمان بن حمد آل خليفة إلى واشنطن حزمة من الاتفاقيات بقيمة تقارب 17 مليار دولار بهدف تعزيز العلاقات الاقتصادية والتعاون في القطاعات الرئيسية.
وأعطت هذه الزيارة دفعة قوية للشراكة الإسراتيجية ما من شأنه أن يدعم جهود البحرين لتنويع اقتصادها، كما أقامت الدليل على الدور المحوري للمنامة في السياسة الخارجية الأميركية بالشرق الأوسط، خاصة في ظل التحديات الجيوسياسية الراهنة.
وتشمل الاتفاقيات عدة مجالات من بينها الطيران والتكنولوجيا والصناعة والاستثمار، فيما أكد مسؤول بالبيت الأبيض إنه من المقرر أن توقع البحرين اتفاقية بين “طيران الخليج” و”بوينغ” و”جنرال إلكتريك” تُقدر قيمتها بنحو سبعة مليارات دولار لشراء 12 طائرة مع خيار شراء ست طائرات إضافية.
وأضاف المسؤول أن الصفقة تشمل أيضا بيع 40 محركا من جنرال إلكتريك، فيما يأتي ذلك في أعقاب اتفاقيات استثمارية أبرمها الرئيس دونالد ترامب خلال زيارته إلى الشرق الأوسط في مايو/أيار.
وخلال زيارته للرياض، حصل ترامب على تعهد سعودي بقيمة 600 مليار دولار بالاستثمار في الولايات المتحدة ووافق على بيع السعوديين أسلحة بقيمة تقارب 142 مليار دولار.
وقال المسؤول بالبيت الأبيض إن الاتفاقية مع البحرين ستدعم 30 ألف وظيفة في الولايات المتحدة، وقد تم تأمينها بمساعدة ترامب ووزير التجارة هوارد لوتنيك.
وسيلتزم ولي العهد بضخ رؤوس أموال إضافية تتجاوز مليارات الدولارات. وأضاف المسؤول أنه من المقرر أن توقع البحرين اتفاقيات مع شركتي “أوراكل” و”سيسكو”، مع خطط لاستبدال الخوادم الصينية بمنتجات “سيسكو”.
وتسعى المنامة أيضا إلى زيادة استثماراتها في قطاعات الطاقة والتكنولوجيا والتصنيع الأميركية. وأضاف المصدر نفسه أن ولي العهد يعتزم ضخ رؤوس أموال لزيادة إنتاج الألمنيوم في الولايات المتحدة والاستثمار في إنتاج الغاز الطبيعي المسال الأميركي لتأمين وشراء رقائق الذكاء الاصطناعي المتطورة بالشراكة مع الشركات الأميركية العملاقة.
وأوضح أن إحدى مذكرات التفاهم تشكل إطارا للبحرين لبدء مناقشات تهدف إلى تطوير قدرات نووية تجارية، مضيفا أن العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة سيزور واشنطن في وقت لاحق من هذا العام لوضع اللمسات الأخيرة على هذه الاتفاقيات لتعزيز التقدم المُحرز في بناء الازدهار الاقتصادي للبلدين.
وضمن هذه الاتفاقيات أيضا، ستوفر شركة سيسكو سيستمز “حلولا تقنية لشبكة المعلومات والاتصالات الحكومية” بالبحرين.
وأفادت وكالة أنباء البحرين بأنه تم الإعلان عن خطط لإنشاء كابل ألياف ضوئية بحري بطول 800 كيلومتر يربط البحرين والسعودية والكويت والعراق بالشبكات العالمية.
وأعلنت مؤسسات مالية بحرينية ومؤسسات بالقطاع الخاص أيضا عن خطط لاستثمار 10.7 مليار دولار في الولايات المتحدة، في حين وقع صندوق الثروة السيادي (شركة ممتلكات البحرين القابضة) اتفاقيات مع عدد من الشركات الأميركية لاستثمار ملياري دولار “بهدف خلق فرص عمل في الصناعات التحويلية المرتبطة بالألمنيوم”.
وفي عام 2023، وقعت البحرين والولايات المتحدة اتفاقية أمنية واقتصادية، وتستمر البحرين في استضافة الأسطول الخامس للبحرية الأميركية ومقر القيادة المركزية للقوات البحرية.
كما وقعت شركة بوينغ عقدا لبيع 12 طائرة من طراز787 دريملاينر، مع خيار شراء ستة طائرات إضافية، لشركة طيران الخليج، فيما تمثل هذه الصفقة جزءًا أساسيًا من استراتيجية الناقلة الوطنية البحرينية لتحديث أسطولها.
وتمتاز هذه الطائرات بكفاءتها في استهلاك الوقود ومدى طيرانها الطويل، مما سيمكن الشركة من تحسين الكفاءة التشغيلية، تقليل الانبعاثات، وتوسيع شبكة وجهاتها.
وأعلنت “طيران الخليج” أن الاتفاقية التي وقّعت مع بوينغ لطلب 18 طائرة تبلغ قيمة 4.6 مليارات دولار أميركي، وفق وكالة أنباء البحرين. وستعزز هذه الطائرات قدرة الشركة على الوصول إلى أسواق جديدة وربط البلد بالمزيد من المدن في آسيا وأوروبا والولايات المتحدة، مما يعطي دفعة قوية على طريق تحويل البحرين إلى مركز طيران إقليمي.
وتأتي هذه الصفقة في إطار الشراكة طويلة الأمد بين بوينغ وطيران الخليج، والتي تعود لأكثر من 60 عامًا، مما يدل على استمرارية العلاقات القوية بين الطرفين.
ومع تحديث الناقلة البحرينية لأسطولها، تزداد المنافسة في المنطقة التي تضم بالفعل ناقلات كبرى مثل طيران الإمارات والخطوط الجوية القطرية والاتحاد للطيران، ما من شأنه أن يؤدي إلى تحسين الخدمات وخيارات السفر للمستهلكين.
ورحّبت وزارة التجارة الأميركية في بيان بالصفقة “التي تتضمّن شراء 18 طائرة من طراز 787 دريملاينر بقيمة سبعة مليارات دولار”.
من جانبها، أعلنت شركة صناعة الطائرات الأميركية و”طيران الخليج” أنّ هذا العقد “سيرفع طلبات الشركة المؤكدة إلى 14 نموذجا من هذه الطائرة النفاثة ثنائية المحرّك متعدّدة الاستخدامات، وسيدعم 30 ألف وظيفة في جميع أنحاء الولايات المتحدة”.
وقال خالد تقي رئيس مجلس إدارة مجموعة “طيران الخليج”، إنّ “بوينغ 787 دريملاينر أثبتت أنها طائرة استثنائية لرحلاتنا للمسافات الطويلة، ويعكس الطلب الجديد ثقتنا في أدائها وجاذبيتها للركّاب ومساهمتها في أهدافنا المتعلّقة بالاستدامة”.
وسلّمت شركة صناعة الطائرات الأميركية 150 طائرة تجارية في الربع الثاني، وهو أعلى عدد من التسليمات في سبع سنوات منذ تحطّم طائرتي بوينغ 737 ماكس في أكتوبر/تشرين الأول 2018 ومارس/آذار 2019، ما أسفر عن مقتل 346 شخصا.
والشهر الماضي، تحطمت طائرة تابعة لشركة طيران الهند من الطراز نفسه بعد أقل من دقيقة من إقلاعها من مدينة أحمد آباد في شمال غرب الهند، ما أسفر عن مقتل 260 شخصا.
وتشير النتائج الأولية للتحقيق إلى أنّ إمدادات الوقود للطائرة انقطعت مباشرة بعد إقلاعها. والثلاثاء، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن اتفاق تجاري مع إندونيسيا، من شأنه الحدّ من التعرفات الجمركية على السلع الإندونيسية عند نسبة 19 في المئة وينص على استحواذ هذه البلاد على 50 طائرة بوينغ، بما في ذلك “الكثير” من طائرات 777، وهي طائرة نفاثة كبيرة ذات ممرين.