روسيا والصين تقتربان من الانضمام إلى داعمي الحل المغربي في الصحراء
دعم الصين وروسيا لمبادرة الحكم الذاتي هو الحل لنزاع الصحراء وسيعطي دفعة قوية للقضية المغربية
تدرك الصين أن مصالحها الاقتصادية تقتضي تعزيز التقارب مع المملكة وهو ما يحتم عليها النسج على منوال العديد من الدول والقوى الكبرى
يعد المغرب البلد الأكثر استقرارا في منطقة المغرب العربي رغم التوترات مع الجزائر التي تدعم جبهة بوليساريو الانفصالية وتوفر الغطاء السياسي لقادتها
بكين تولي أهمية بالغة لتعزيز تعاونها مع المغرب لا سيما في مجال الطاقات المتجددة وصناعة البطاريات
روسيا والصين هما العضوان الدائمان الوحيدان في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة اللذان لم يعلنا بعد دعمهما الرسمي لخطة الحكم الذاتي المغربية
الرباط/ النهار
رجح تقرير دولي انضمام كل من روسيا والصين إلى قائمة الدول التي تدعم مقترح الحكم الذاتي في الصحراء المغربية تحت سيادة الرباط، فيما ينتظر أن تعزز الخطوة المحتملة الانتصارات الدبلوماسية التي حققتها المملكة في قضيتها، وسط مؤشرات على أن المغرب يقترب أكثر من أي وقت مضى من حسم الملف، بالنظر إلى الدعم الذي يحظى به من قبل أغلب الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
وأشار معهد أبحاث الهجرة الدولي إلى أن التحول الإستراتيجي المنتظر في موقف بكين بشأن قضية الصحراء يأتي في ظل تنامي العلاقات الصنية المغربية، في وقت تدرك فيه الصين أن مصالحها الاقتصادية تقتضي تعزيز التقارب مع المملكة وهو ما يحتم عليها النسج على منوال العديد من الدول والقوى الكبرى، ومن بينها واشنطن، التي تدعم الحل المغربي لإنهاء النزاع المفتعل.
وبحسب المصدر نفسه فإن بكين تولي أهمية بالغة لتعزيز تعاونها مع المغرب، لا سيما في مجال الطاقات المتجدة وصناعة البطاريات، بالنظر إلى جاذبية المملكة في استقطاب الاستثمارات الأجنبية في القطاعات الواعدة.
وروسيا والصين هما العضوان الدائمان الوحيدان في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة اللذان لم يعلنا بعد دعمهما الرسمي لخطة الحكم الذاتي المغربية، فيما توقعت عدة تقارير نشرت خلال الآونة الأخيرة انضمامها إلى داعمي سيادة المملكة على صحرائها.
وأشار المعهد الدولي إلى أن “التحولات الدبلوماسية المرتقبة في الأشهر المقبلة ستكون حاسمة في ترسيخ موقف المغرب دوليا، خاصة إذا ما أعلنت موسكو وبكين بشكل رسمي تأييدهما للمقترح المغربي كحل نهائي لنزاع الصحراء”.
وتابع أن “المغرب يعد البلد الأكثر استقرارا في منطقة المغرب العربي، رغم التوترات مع الجزائر”، التي تدعم جبهة بوليساريو الانفصالية وتوفر الغطاء السياسي لقادتها، مشيرا إلى أن “هذا الاستقرار هو من بين الأسباب الرئيسية التي دفعت الولايات المتحدة إلى تقديم دعم غير مشروط للمملكة في قضية الصحراء”.
وأوضح أن “الاعتراف الأميركي بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية في العام 2020 شكّل منعطفا مفصليا، تبعه الدعم الفرنسي في يوليو/تموز 2024، ثم بريطانيا في مايو/أيار الماضي، في حين لا تزال مواقف الصين وروسيا في طور البلورة الرسمية”.
ووصف الدعم الصيني المحتمل للموقف المغربي بأنه “القفل الدبلوماسي الأخير” داخل مجلس الأمن، مشيرا إلى أن “استكمال هذا التحول من شأنه أن يُعزز مشروعية الطرح المغربي ويُضعف الأطروحات الانفصالية المدعومة من الجزائر”.
ويُنظر إلى المغرب على أنه منصة استثمار وتجارة موثوقة في أفريقيا والبحر الأبيض المتوسط، مما يجعله شريكًا استراتيجيًا للصين وروسيا في المنطقة.
ودشنت الرباط وبكين شراكة إستراتيجية، في وقت تسعى فيه الأخيرة إلى تكثيف تعاونها والاستثمار في عدة قطاعات في المغرب الذي رسخ مكانته كقوة اقتصادية صاعدة.
وهناك مؤشرات على أن الصين قد ترسل رسائل دعم لجهود المغرب في الحفاظ على أمنه واستقراره وسيادته، خاصة بعد لقاءات رفيعة المستوى خلال الآونة الأخيرة.
وعلى الرغم من أن روسيا حافظت على موقف محايد تقليديًا، إلا أن تقارير دولية أشارت إلى تحسن في العلاقات بين موسكو والرباط، حيث صرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بأن بلاده “تساعد المغاربة في حل المشاكل التي تقع ضمن اختصاص وزارة الخارجية، وفي المقام الأول قضية الصحراء المغربية”، ما يشير إلى استعداد روسي للتعاون بشكل أوثق في هذا الملف.
وبدأت موسكو خلال الأعوام الأخيرة الامتناع عن التصويت علنًا على قرارات الأمم المتحدة التي تؤيد جهود المغرب في العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، بدلاً من التصويت ضدها، في تحول يشير إلى رغبة في عدم الاعتراض على الموقف المغربي.
وسيمنح دعم الصين وروسيا القترح المغربي دفعة دبلوماسية قوية للمملكة، ويزيد من الضغط على الأطراف الأخرى لقبول الحل الذي تطرحه الرباط باعتباره الأكثر وجاهة لإنهاء النزاع، كما سيوجه هذا التطور ضربة موجعة لجبهة البوليساريو والجزائر.
ويمكن أن يُنظر إلى الخطوة المحتملة على أنها جزء من إستراتيجية بكين وموسكو الأوسع لتعزيز نفوذهما في أفريقيا والعالم النامي، وتحدي الهيمنة الغربية.
كما كشفت الأرقام الحديثة نجاح الرهان المغربي على برنامج التحديث الطموح الذي يرمي إلى تحقيق استدامة أكبر والدخول في سلاسل القيمة العالمية، على الرغم من التحديات الاجتماعية والاقتصادية. حيث سجل الاقتصاد المغربي نموا بنسبة 4.8 بالمئة خلال الربع الأول من العام الجاري، متجاوزا معدل النمو البالغ 3 بالمئة المسجل في الفترة نفسها من عام 2024.
وقالت المندوبية السامية للتخطيط، في تقرير إن النمو جاء مدفوعا بتحسن في الأنشطة الزراعية والصناعية التي نمت 4.6 بالمئة و4.5 بالمئة على الترتيب. عقب سنوات من الجفاف التي أثرت سلبا على الإنتاج الزراعي في البلاد.
وأضافت أن النمو كان مدعوما أيضا بزيادة الطلب المحلي ثمانية بالمئة في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري، مقارنة مع أربعة بالمئة في الفترة نفسها من العام الماضي، مما عوض أثر القراءة السلبية التي سجلتها التجارة الخارجية على النمو الاقتصادي.
وسجل الطلب المحلي نموا بنسبة 8 بالمئة، مقارنة بـ4 بالمئة في الفترة المقابلة من 2024، كما ارتفعت نفقات الاستهلاك النهائي للأسر بنسبة 4.4 بالمئة مقابل 2.8 بالمئة.
أما على مستوى الاستثمار، فشهد إجمالي تكوين رأس المال الثابت إلى جانب التغير في المخزون نموا قويا بنسبة 17.5 بالمئة، مقارنة بـ4.9 بالمئة في نفس الفترة من 2024، ليساهم بـ4.9 نقطة في النمو الاقتصادي.
في المقابل، ساهمت التجارة الخارجية بشكل سلبي في النمو، إذ ارتفعت الواردات من السلع والخدمات بنسبة 9.8 بالمئة، مقارنة بـ7.6 بالمئة.
وعلى صعيد الدخل الوطني، ارتفع إجمالي الدخل المتاح بنسبة 6 بالمئة خلال الربع الأول من 2025، مقارنة بـ5.9 بالمئة في نفس الفترة من العام السابق، رغم تراجع صافي التحويلات من الخارج بنسبة 7.5 بالمئة.
وفي ضوء هذه المؤشرات، بلغ معدل الادخار الوطني نحو 26.8 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، انخفاضًا من 27.6 بالمئة في نفس الفترة من العام الماضي، في حين ارتفع إجمالي الاستثمار إلى 28.8 بالمئة من الناتج، مقارنة بـ26.6 بالمئة.
وتوقع مشروع الموازنة العامة في المغرب لعام 2025 نمو اقتصاد البلاد بـ4.6 بالمئة، مع تضخم بنحو 2 بالمئة، فيما توقعت المندوبية السامية للتخطيط في يناير/ كانون الثاني الماضي، نموا بـ3.8 بالمئة.
ونفّذت الحكومات المتعاقبة في المغرب، على مدى ربع القرن الماضي، برنامجَ تحديث شاملًا استند إلى رؤية طويلة المدى. وقد أنشأت المملكة بنية تحتية متطورة مثل ميناء طنجة المتوسط، سمحت لها بالدخول في سلاسل القيمة العالمية، وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتعزيز الصناعة الموجّهة نحو التصدير. وفي الوقت نفسه، بذل المغرب جهودًا لتحقيق المزيد من الاستدامة، ووضع أهدافًا طموحة لزيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجدّدة والحفاظ على المياه.
ويأتي هذا التطور نتيجة ارتفاع القيم المضافة لأنشطة البناء والأشغال العمومية بنسبة 6.3 في المئة عوض 2.5 في المئة، والكهرباء والغاز والماء وشبكات التطهير ومعالجة النفايات بـ 5 في المئة عوض 4.2 في المائة، والصناعة التحويلية بـ 3.4 في المائة عوض 1.7 في المئة، وتباطؤ أنشطة الصناعات الاستخراجية إلى 6.7 في المائة عوض 19.1 في المائة.
من جهتها، سجلت القيمة المضافة للقطاع الثالثي، ارتفاعا في معدل نموها منتقلة من 3.8 في المئة خلال الفصل نفسه من السنة الماضية إلى 4.7 في المائة خلال هذا الفصل.
وقد تميزت هذه القيمة المضافة بتحسن أنشطة الفنادق والمطاعم بنسبة 9.7 في المئة عوض 3.2 في المئة، وخدمات التعليم والصحة والعمل الاجتماعي بـ 6.2 في المئة عوض 5.9 في المئة، والخدمات المقدمة من طرف الإدارات العمومية والضمان الاجتماعي بـ 5.3 في المئة عوض 3.4 في المئة، والتجارة وإصلاح المركبات بـ 4.3 في المئة عوض 4 في المائة، والأنشطة العقارية بـ 0.8 في المئة عوض انخفاض بـ 1.4 في المئة.
يذكر أن مجموعة البنك الدولي، توقعت أن يحقق اقتصاد المغرب نموًا بنسبة 3.6 بالمئة خلال العام الحالي، وبنسبة 3.5 بالمئة في العام المقبل.
وقال البنك الدولي في تحديث لتقرير “آفاق الاقتصاد العالمي”، إن تقديرات نمو الاقتصاد المغربي تشكل انخفاضًا بنسبتي 0.3 بالمئة و0.1 بالمئة على التوالي، مقارنة بالتوقعات الصادرة في شهر يناير /كانون الثاني الماضي.
وأوضحت مؤسسة “بريتون وودز” أن الاقتصاد المغربي من المتوقع أن يشهد تحسنًا طفيفًا في عام 2027، ليحقق نموًا بنسبة 3.6 بالمئة.
الى ذلك وافقت اللجنة الوطنية للاستثمارات في المغرب على 47 مشروعا استثماريا بتكلفة 51 مليار درهم ما يعادل حوالي 5.17 مليار دولار، فيما تعكس هذه الحزمة الاستثمارية الضخمة التزام الحكومة المغربية القوي بتسريع وتيرة التنمية الاقتصادية وتنويع القاعدة الصناعية وتحقيق العدالة المجالية وتعزيز مكانة المملكة كوجهة استثمارية جاذبة على الصعيدين القاري والدولي. وهي أيضا خطوة حاسمة نحو تحقيق أهداف النموذج التنموي الجديد الذي أرسى دعائمه العاهل المغربي الملك محمد السادس ضمن مقاربة شاملة تؤسس لإحداث نقلة نوعية في كافة المجالات.
ويشهد المغرب الذي يستعد لاستضافة حدثين رياضيين هامين هما كأس أمم افريقيا 2026 ومونديال 2030، تحولات ضخمة شملت البنية التحتية للنقل الجوي والبري والبحري وكذلك القطاعات الحيوية الأخرى من الصناعات والزراعة والتعدين مع انفتاح أوسع على العمق الافريقي والفضاء الأوروبي.
ومن التوقع أن تساهم هذه حزمة هذه المشاريع في خلق 17 ألف فرصة عمل، بينما ستوزع على 23 إقليما، مع تركيز خاص على صناعة السيارات التي تستحوذ على 54 في المئة من الوظائف.
وتحمل موافقة الرباط على هذه الحزمة الاستثمارية الضخمة دلالات إيجابية قوية على عدة مستويات اقتصادية واجتماعية واستراتيجية، بينما تأتي في إطار ميثاق الاستثمار الجديد الذي دخل حيز التنفيذ في مارس/اذار 2023، والذي يهدف إلى تعزيز جاذبية المملكة للاستثمار الخاص.
وتُعد القيمة الإجمالية لهذه المشاريع (47 مشروعاً) كبيرة وستساهم في إحداث حوالي 17000 منصب شغل (9000 مباشر و8000 غير مباشر). وهذه الأرقام تعكس في حد ذاتها التزام الحكومة المغربية بتنشيط الاقتصاد وخفض معدلات البطالة، مما يعزز الاستقرار الاجتماعي ويدعم القوة الشرائية للمواطنين.
وتغطي المشاريع المصادق عليها حوالي 20 قطاعا استراتيجيا، تتصدرها صناعة السيارات، متبوعة بقطاع ترحيل الخدمات (Outsourcing)ثم السياحة، بالإضافة إلى قطاعات حيوية أخرى كصناعة الأدوية والصناعات الغذائية، والطاقة واللوجستيك.
ويدل هذا التنوع على رؤية استراتيجية لتنويع مصادر الدخل اذ يهدف المغرب إلى تقليل الاعتماد على القطاعات التقليدية والتوجه نحو قطاعات ذات قيمة مضافة عالية، قادرة على المنافسة عالميًا.
كما تعني الدفع نحو جذب الاستثمارات في الصناعات الحديثة والمستقبلية مثل صناعة السيارات (التي تشهد استثمارات كبيرة في المغرب) والصناعة الكيميائية والنسيج وصناعة التعدين، مما يعكس طموح المملكة لتصبح مركزا صناعيا وتصديريا رائدا.
وتوزعت المشاريع على 23 إقليما وعمالة تشمل 10 جهات، بما في ذلك مناطق داخلية مثل الرشيدية ووزان وشفشاون، والصويرة وبني ملال وتارودانت.
وهذه الدلالة مهمة جدا لأنها تشير إلى: الحد من الفوارق المجالية حيث تسعى الحكومة المغربية إلى توزيع الاستثمارات بشكل متوازن على مختلف أقاليم المملكة، بدلا من تركيزها في المدن الكبرى فقط.
وتهدف هذه الاستثمارات إلى تحفيز التنمية الاقتصادية في المناطق الأقل حظًا تاريخيًا، مما يساهم في خلق فرص عمل وتحسين الظروف المعيشية لسكان هذه المناطق.
كما تُعد هذه الحزمة الكبيرة من الاستثمارات مؤشرا قويا على ثقة المستثمرين، سواء كانوا محليين أو أجانب، في مناخ الأعمال المغربي. وتأتي هذه الثقة نتيجة لعدة عوامل، منها: الإصلاحات الهيكلية مثل ميثاق الاستثمار الجديد وتبسيط الإجراءات الإدارية وتفعيل المراكز الجهوية للاستثمار. وكذلك الاستقرار السياسي والاقتصادي الذي يميز المغرب في المنطقة ومستوى البنية التحتية المتطورة مثل ميناء طنجة المتوسط والمناطق الصناعية التي تجذب الشركات الكبرى.
وتأتي هذه الحزمة الاستثمارية بينما خرج المغرب من اللائحة الرمادية لمجموعة العمل المالي وهو ما يعزز مصداقية الاقتصاد الوطني وثقة المستثمرين الدوليين.
وهذه الحزمة تُعد تطبيقا ملموسا لـميثاق الاستثمار الجديد الذي يهدف إلى تعبئة 550 مليار درهم من الاستثمار الخاص وخلق 500000 منصب شغل دائم بحلول عام 2026. والموافقة على هذا العدد الكبير من المشاريع في دورة واحدة للجنة الوطنية للاستثمارات يؤكد فعالية هذا الميثاق في جذب الاستثمارات ودعمها من خلال أنظمة دعم أساسية وخاصة.