النفوس لم تعد كما كانت الالوان فقدت عذريتها والخطابات المتعالية تبث السموم والفقراء ملوا البلاد واصبحت وجوههم قطع نردية بلا ارقام ؛ كيف يصلح المُدان كل هذا الخراب )
كم سعدنا حين قرأنا التراث الأندلسي الثر وكم خلف لنا جماليات هائلة من خلال الموشح كما ان الفلسفة المتمثلة بابن رشيق وابن ميمون وابن رشد وابن طفيل لا زالت قيد الدرس –
لنذهب الى سياق اّخر يعطى الكلمة اكثر من رؤيا :
ديكارت ابو الحداثة في مركزية الانا – انا افكر اذن انا موجود – معلناً ان الذات الطبيعية يكتب لها ويفكر وهى تنقل – – في حين عد هيغل الذات جزء من المطلق ووفق ذاك المعيار تمسى الجملة جماعة والعبارة طائفة والنص امة والحرف كيان –
شبه ابن رشيق بيت الشعر بالخيمة بعمودها الوسطى واروقتها و اوتادها وربما المتصوفة سبقوا ابن رشيق بالتمثيل يقول احد العارفين حضرت مجلسا لمتصوفي بغداد فإذا قال احدهم ( قاف ) بكوا واذا ذكر الاّخر( ميم ) تبسموا –
قال ابن سينا هذه الابيات الفلسفية فى الروح :
رب ورقاء هتوفٍ في الضحى – – ذات شدوٍ صدحت في فنن
ذكرت إلفاً ودهرا سالفاً – – فبكت حزناً فهاجت حزني
ولقد تشكو فما افهمها – – ولقد اشكو فما تفهمني
غير انى بالشجا اعرفها وهى ايضاً بالجوى تعرفني
لازلت كغيرى من الأربعينين تأسرني المفردة المعبرة العميقة المعنى !
النابهون من كتاب اليوم يمتطون المفردة القلقة فيسخروها فى مدوناتهم الشعرية والسردية لأنها تمد المعنى بطاقة اضافية ديناميكية هائلة تجعل القارئ يسيح فى لججٍ عميقة الغور ! محاولا مسك المعنى ولنا فى شعر الجواهري والمتنبي وعبد الرزاق عبد الواحد عبرة
بالرغم من شكل القصيدة العادي المتواتر نرى اغلب الشعراء حديثي التجربة قصائدهم مبناها ومعناها مستقر يمكن الامساك به من اول وهلة بينما يمتطى الخبراء المجربون المفردة القلقة التي تخرب بيتها وتبنيه عند كل قراءة –
الشاعر اللا مجدد يرضى لنفسه بيتاً يسكن به الى ان يرحل والشاعر المكين ينتقل كل يوم لبيت جديد –
اما في قصة كل انواع الحلى لا تفيد الموتى :
(في لحظة امساك الغيم لم يتوقع شوقي ان روحه ستمطر ندماً فليس من الممكن ترويض الشتاء ، ارصفته التائهة كعمره المهدور يتساقط ريش الطائر على متن السهول المنبطحة والممتدة بين عين الدهر وزنده )
الاسلوب هو الرجل جملة رددها طه حسين يرحمه الله منذ عشرينيات القرن الماضي و الشعر والسرد المتقن صناعة فردية وفن يتميز به كل مبدع واصيل بالمراس والمران تلك الصناعة مكتسبة وقليل قليل هو الموروث فوادى عبقر لم يحدد له وجود على تضاريس خريطة اليوم وبقى قولا لا فعلا – فحسن التأليف والديباجة تزيد المعنى وضوحا وصاحب الاسلوب ما هو الا فنان يرسم و يصور افكاره على نحو متفرد ولما كانت اللغة صناعة فانه يستخدمها ويضيف عليها اسرار تعبيرية ايحائية ؛ فلغة الابداع قائمة بين الانتقاء والصياغة والشعر ثورة متجددة لا تعرف الهدوء والاستكانة – الكلمات كالعصافير تطير في فضاء الورقة وبطيرانها تزيل البياض الزائف وتثبت بياض حقيقي – – ذلك ما وجدته مع ( واثق الجلبى ) السارد الشاعر المفكر .




