عمل جنوبي لم يولد من فراغ، بل من رحم التعب، من ذاكرة الوجع، من تراب أرض ما زالت تحلم بمن يحكي حكايتها بصدق. فيلم_رقية ما يزال في طور التكوين لكنه يشق طريقه بثبات، كما يشق النهر اليابسة بروحه الهادئة وعزيمته التي لا تهدأ. عمل يتشكل بملامح الجنوب، برائحة دخانه وحنين ناسه ودمعة أمسه التي لم تجف.
المشاركون في هذا المشروع من ممثلين ومصورين وفنيين ومساعدين ليسوا مجرد فريق إنتاج، بل أرواح تتحرك بروح واحدة كأنهم جسد واحد يكتب بالحركة نبض الحكاية ويزرعها في قلوبنا دون ادعاء، بل بحب نقي ورغبة صادقة في أن نقول للعالم: نحن هنا، نحن نعيش، نحن نتألم. الذين يقفون أمام الكاميرا لا يمثلون بل يعبرون، يذوبون في الشخصيات كأنهم يعيدون رسم الذاكرة التي كدنا ننساها، والذين يعملون خلف الكاميرا هم الجنود المجهولون الذين يصنعون من الضوء ظل الحنين، ومن الصوت إيقاع الحقيقة، ومن كل لقطة مرآة نرى فيها أنفسنا. تحية لكل يد تعمل بصمت، لكل عين ترصد التفاصيل، لكل فكرة تولد وسط الصعوبات وتظل تنمو رغم قلة الإمكانيات. تحية للمونتاج القادم الذي سيخيط المشاهد بخيط الوجدان، وللموسيقى التي سترافقنا كأنها نبض داخلي لا يسمعه إلا من عاش الوجع، وإلى كل من آمن بهذا المشروع، إلى كل من قال نعم لجنوب يتكلم ولحكاية لا تموت، نرفع قلوبنا قبل كلماتنا، لأن رقية وإن لم تكتمل بعد فقد اكتملت في نيتكم، في صدقكم، في شغفكم وفي تعبكم الذي لن يضيع. أنتم صناع الأثر، أنتم الذين تمنحون الفن وجهه النظيف وللحقيقة صوتها العادل، أنتم الذين تعطون للجنوب حقه في أن يكون مرئياً مسموعاً مفهوماً بلا تزييف ولا تزويق. ليكن هذا الفيلم بداية لا نهاية، ليكن بذرة تتفتح منها أعمال أخرى تمثلنا وتشبهنا وتحمل عن هذا الجنوب بعضاً من وجعه وبعضاً من جماله. دمتم نواة الضوء في عتمة الواقع، دمتم مرآة تعكسنا كما نحن، بصدقنا، بحزننا، بكرامتنا وبحبنا الكبير للحياة. وهنا لا بد من وقفة شكر واعتزاز خاصة بالمؤلف والمخرج حسن اليمامة الذي لم يكتب سيناريو فحسب، بل كتب وجدان جنوب كامل بحروفه، ولم يوجّه الكاميرا فقط بل وجه البوصلة نحو الحقيقة بصبر الفنان وحكمة العارف. هذا العمل يحمل بصمته الصادقة ونبضه الحي، ويشهد له بأنه ليس مخرجاً فقط بل حامل رسالة وصوت أرض تنبض رغم التعب. له منا كل الحب والامتنان على هذا الجهد الكبير والرؤية النبيلة التي منحها لفيلم رقية ليكون أكثر من مجرد عمل، بل شهادة روحية ووجدانية على أن الجنوب لا يزال قادراً أن يقول كلمته وأن يروي حكايته بصوت من أبنائه.
ولا يفوتنا هنا أن نخص ريجيسير شؤون الممثلين امجد الناصري بكل الشكر والامتنان أيضاً، لما قدمه من جهد استثنائي في إدارة شؤون الممثلين بكل حكمة وهدوء، ولروح التعاون الجميلة التي بثها بين الجميع، ولثقته الكبيرة بالمواهب التي احتضنها وسعى لأن تظهر بأصدق ما فيها من شعور وحقيقة. لقد كان أمجد جسراً حقيقياً بين الكواليس وعدسة الكاميرا، وجزءاً لا يتجزأ من روح الفريق الواحد الذي اجتمع ليزرع بذرة حلمنا جميعاً. له منا كل المحبة والتقدير على إخلاصه وتفانيه، ولتبقَ بصمته شاهدة على أن النجاح لا يكتمل إلا بروح صادقة ومخلصة مثله.لا نستطيع الحكم فنيا حتى يكتمل الفيلم ونشاهده لكننا نتفاءل خيرا خاصة وان المخرج حسن اليمامة اثبت انه مخرج واعد في اعماله القصيرة التي اخرجها الفيلم من سيناريو واخراج حسن ومساعد الاخراج محمد الباري ومحمد الغزي ومدير التصوير احمد حليم والمساعد احمد غالب ومونتاج مرتضى عبدالله والادارة الفنية احمد ابو العهد ومصطفى عبد الكاظم والريجيسير امجد الناصري وشيماء الاسدي وهندسة الصوت مؤمل حازم وحنين صادق ومن انتاج هيئة الحشد الشعبي ومدنه ساعة ونصف وهو من بطولة ا عباس كاظم و بيام الأحمدي و انوار طالب و انعام الخليفي و محمد الباري و علي عبد الحسين و سرحان العاجل و مازن نجم و علي كريم والطفلة رهف علي كريم.