القاهرة تدعو المجتمع الدولي لدعم تمويل كافٍ لبعثة السلام بالصومال بعد حديث الاتحاد الأفريقي عن جهود لاستكمال الوجود المصري بالبعثة
مستوى العلاقات بين القاهرة ومقديشو ارتفع إلى الشراكة الاستراتيجية الشاملة
بدأت بعثة الاتحاد الأفريقي لدعم الاستقرار في الصومال المعروفة باسم “أوصوم” عملياتها رسمياً بعد اعتماد مجلس الأمن الدولي قراراً بشأنها
لم يوضح الرئيس المصري هل وصلت قوات بلاده إلى الصومال أم لا غير أن أزمة التمويل لا تزال منذ أشهر محل حديث داخل أروقة الاتحاد الأفريقي
وقعت مصر والصومال بروتوكول تعاون عسكري، واتفق البلدان حينها على مشاركة مصر في البعثة الأفريقية لحفظ السلام خلال الفترة في 2025 – 2029
القاهرة / النهار
بحث الرئيسان المصري عبد الفتاح السيسي والصومالي حسن شيخ محمود الأوضاع الأمنية والسياسية في القرن الأفريقي وأمن البحر الأحمر، ومشاركة مصر العسكرية والشرطية في بعثة الاتحاد الأفريقي الجديدة للدعم والاستقرار في الصومال، حيث يسعى البلدان الى تعزيز التعاون العسكري.
وقال المتحدث باسم الرئاسة المصرية محمد الشناوي إن الرئيسين عقدا جلسة مباحثات ثنائية مغلقة في مدينة العلمين بشمال مصر أعقبتها مباحثات موسعة ضمت وفدي البلدين “للتشاور حول سبل تعزيز العلاقات الثنائية وتطورات الأوضاع الإقليمية والقارية”.
ووقعت مصر والصومال إعلانا سياسيا مشتركا في يناير/كانون الثاني برفع مستوى العلاقات بين القاهرة ومقديشو إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة.
وقال السيسي في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الصومالي إن مباحثات الاثنين شهدت “نقاشا معمقا حول عدد من القضايا الثنائية والإقليمية ذات الاهتمام، وفي مقدمتها الأوضاع الأمنية والسياسية في القرن الأفريقي، وأمن البحر الأحمر”.
وأضاف “توافقنا على استمرار تكثيف التعاون لضمان استقرار هذه المنطقة الحيوية، لما لها من تأثير مباشر على الاستقرار والأمن الإقليمي والدولي”.
ودعت مصر المجتمع الدولي لدعم “تمويل كافٍ” لبعثة السلام بالصومال، بعد يومين من حديث الاتحاد الأفريقي عن جهود لاستكمال الوجود المصري بالبعثة.
وخلفاً لبعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية “أتميس”، التي انتهت ولايتها نهاية 2024، بدأت بعثة الاتحاد الأفريقي لدعم الاستقرار في الصومال، المعروفة باسم “أوصوم”، عملياتها رسمياً في بداية يناير/كانون الثاني الماضي، بعد اعتماد مجلس الأمن الدولي قراراً بشأنها في ديسمبر/كانون الأول 2024، لفترة أولية مدتها 12 شهراً، بهدف دعم الصومال في مكافحة حركة “الشباب” التي تتصاعد عملياتها في الصومال منذ 15 عاما.
وأواخر ديسمبر/كانون الأول 2024، أعلن وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي في تصريحات صحافية مشاركة مصر في البعثة التابعة للاتحاد الأفريقي بالصومال بناءً على طلب الحكومة الصومالية وترحيب من مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي.
وأضاف الرئيس المصري في المؤتمر الصحفي “اتفقنا في هذا الصدد على أهمية التنسيق مع الشركاء الدوليين، في إطار تحمل المجتمع الدولي مسؤولياته في حفظ السلم والأمن الدوليين، لضمان توفير تمويل كافٍ، ومستدام، وقابل للتنبؤ لتلك البعثة، بما يمكّنها من تنفيذ ولايتها على نحو فعال”.
ولم يوضح الرئيس المصري هل وصلت قوات بلاده إلى الصومال أم لا، غير أن أزمة التمويل لا تزال منذ أشهر محل حديث داخل أروقة الاتحاد الأفريقي، وأكد رئيس مفوضية الاتحاد، محمود علي يوسف في اجتماع للبعثة في أوغندا في أبريل/نيسان الماضي، ضرورة “توفير التمويل اللازم لبعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال”.
ونبه يوسف وقتها إلى أنه “لا تزال هناك موانع لتطبيق قرار مجلس الأمن بشأن بعثة دعم الصومال، وسيتطلب الأمر جهداً جماعياً لحشد موارد مالية تصل إلى 190 مليون دولار عام 2025”.
وفيما يتعلق بالتعاون في المجالين العسكري والأمني، أضاف السيسي في المؤتمر الصحافي ذاته “أكدنا التزامنا بمواصلة التنسيق في إطار بروتوكول التعاون العسكري الموقّع بين بلدينا في أغسطس/آب 2024، لتعزيز دور المؤسسات الوطنية في حفظ الأمن والاستقرار، ومكافحة التنظيمات الإرهابية والمتطرفة.
وأضاف “اتفقنا على أهمية البناء على الزخم الراهن، واتخاذ خطوات ملموسة لتعميق التعاون في مجالات محددة تحظى باهتمام مشترك، لا سيما في الجوانب السياسية، والاقتصادية، والأمنية، والعسكرية”.
ووقعت مصر والصومال، في أغسطس/آب الماضي، بروتوكول تعاون عسكري، واتفق البلدان حينها على مشاركة مصر في البعثة الأفريقية لحفظ السلام خلال الفترة في 2025 – 2029، ودعمت القاهرة مقديشو بمعدات عسكرية في سبتمبر/أيلول الماضي.
وتأتي هذا المباحثات بينما تدور معارك بين القوات المسلحة الصومالية وعناصر من حركة الشباب الجهادية في الصومال في بلدة استراتيجية تقع على بُعد نحو 300 كيلومتر شمال شرق مقديشو، بحسب ما أفاد مصدر أمني محلي وكالة فرانس برس الاثنين.
وتتكرر هجمات حركة الشباب الإسلامية المتمردة منذ أشهر في هذا البلد الفقير الواقع في القرن الإفريقي.
وقال عبد الله عدن وهو قائد ميليشيا محلية عبر الهاتف إن حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة شنت هجوما على بلدة موكوكوري “باستخدام مركبات مفخخة ومئات المقاتلين” وأعلنت مسؤوليتها عنه.
وأضاف “تمكنوا من السيطرة على البلدة بعد انسحاب القوات الصومالية وميليشيا المجتمع المحلي تكتيكيا من مواقعها”، مؤكدا أن “قتالا متقطعا” ما زال مستمرا.
وتتمتع بلدة موكوكوري بموقع استراتيجي، إذ تشكل مدخلا إلى مدن رئيسية عديدة أخرى في منطقة هيران في وسط الصومال. واحتلت حركة الشباب هذه البلدة، في الماضي خصوصا عام 2016. وأفادت وكالة الأنباء الصومالية الرسمية “صونا”، بأن الهجوم على موكوكوري أُحبط، وقُتل “عدد من المسلحين خلال القتال”.
وفي أبريل/نيسان، سيطرت حركة الشباب على بلدة عدن يابال، الواقعة أيضا في منطقة هيران، حيث يقع مركز عسكري تابع للحكومة الصومالية.
وتضم البلاد أكثر من 10 آلاف جندي من بعثة الاتحاد الإفريقي لدعم الاستقرار في الصومال “أوصوم” إلا أنها لم تمنع جهاديي حركة الشباب من مواصلة شن هجمات.
وفي نهاية يونيو/حزيران، قُتل سبعة جنود أوغنديين على الأقل خلال اشتباكات مع حركة الشباب في بلدة في منطقة شبيلي السفلى.
وأعلنت الحركة مسؤوليتها عن انفجار قنبلة في 18 مارس/آذار في وسط البلاد بعد وقت قصير من مرور الموكب الرئاسي، وأطلقت في مطلع نيسان/أبريل عدة قذائف قرب مطار العاصمة ما أثار مخاوف من تجدد الهجمات.
الى ذلك استهدف انتحاري تجمعا لمجندين شباب كانوا يسجلون أسماءهم في ثكنة دامانيو العسكرية بالعاصمة مقديشو، اليوم الأحد، مخلفا ما لا يقل عن عشرة قتلى وعشرات الجرحى، وفق ما أفاد شهود عيان.
ويعيد هذا المشهد الدموي، إلى الأذهان فصولا مؤلمة من تاريخ الصومال الحديث، ويأتي ليؤكد هشاشة الوضع الأمني وتصاعد وتيرة العنف في البلاد، وسط تقارير مقلقة تتحدث عن اختراقات محتملة في صفوف القوات الحكومية وقوات الأمن، مما يثير مخاوف جدية بشأن مدى تغلغل التنظيم المتطرف داخل الأجهزة الأمنية وقدرته على الحصول على معلومات استخباراتية وتنفيذ عمليات نوعية.
ولم يكن هذا التفجير مجرد استهداف لمجموعة من الشبان الطامحين للانضمام إلى صفوف الجيش، بل يمثل ضربة موجعة لجهود الحكومة الصومالية المضنية في بناء جيش وطني قوي ومتماسك، قادر على التصدي لخطر حركة الشباب المتطرفة التي لا تزال تمثل تهديدا وجوديا للدولة.
ويثير تزامن الهجوم مع تقارير تتحدث عن اختراقات محتملة في صفوف القوات الحكومية، تساؤلات حول مدى فعالية الإجراءات الأمنية المتخذة، وقدرة الأجهزة الاستخباراتية على كشف ومنع مثل هذه العمليات النوعية التي تنفذها الحركة بدقة متناهية.
كما يشير استهداف تجمع للمجندين الجدد، الذين يفترض أن يكونوا تحت حماية مشددة داخل قاعدة عسكرية، إلى خلل كبير في الإجراءات الأمنية أو إلى وجود عناصر متواطئة سهلت وصول الانتحاري إلى هدفه.
وهذا الاحتمال يضاعف من خطورة الهجوم، لأنه لا يقتصر على الخسائر البشرية المباشرة، بل يمتد ليشمل تقويض الثقة في قدرة الجيش على حماية نفسه وتأمين مواطنيه، ويفتح الباب أمام مخاوف من وجود خلايا نائمة أو متعاونين مع حركة الشباب داخل صفوف الجيش والأمن، مما يستدعي تحقيقا عاجلا وشفافا لكشف ملابسات هذا الاختراق ومعالجته بشكل جذري.
ووصف شهود العيان اللحظات التي سبقت الانفجار، حيث أكدوا أن الشبان كانوا يصطفون عند بوابة القاعدة العسكرية عندما فجر المهاجم المتفجرات التي كانت بحوزته.
واستطاع ضابط برتبة نقيب في الجيش، قال إن اسمه سليمان، أن يرسم اللحظات الأخيرة للانفجار قائلا “كنت على الجانب الآخر من الطريق. توقفت دراجة توك توك مسرعة وترجل منها رجل وركض لداخل الطابور ثم فجر نفسه. رأيت 10 أشخاص ميتين، من بينهم مجندون ومارة. قد يرتفع عدد القتلى”.
وتحول مسرح الجريمة إلى ساحة دموية تناثرت فيها عشرات الأحذية وبقايا الانتحاري في مكان الواقعة، في مشهد يجسد وحشية الهجوم.
وأكد شاهد آخر يدعى عبدالسلام محمد أنه رأى “مئات الشبان عند البوابة في أثناء مروره بحافلة”، مضيفا “فجأة، وقع انفجار يصم الآذان، وغطى المنطقة دخان كثيف. لم نتمكن من رؤية تفاصيل الضحايا”.
واستقبل الطاقم الطبي في المستشفى العسكري في مقديشو ثلاثين مصابا جراء الانفجار، فارق ستة منهم الحياة على الفور، مما ينذر بارتفاع محتمل في عدد القتلى.
وفي أول تعليق رسمي، أصدرت الحكومة الفيدرالية بيانا عبر وزارة الإعلام قالت فيه أن “القوات الأمنية نجحت في التصدي للانتحاري الذي كان يسعى لاستهداف عدد كبير من المواطنين”.وأضاف البيان أن الأجهزة الأمنية تعمل على التأكد من حصيلة الخسائر جراء التفجير الإنتحاري، وتدعوا المواطنين إلى استيفاء المعلومات الرسمية من الجهات الحكومية المعنية.وفرضت القوات الحكومية طوقا أمنيا حول المنطقة بأكملها بسرعة.وحتى الآن، لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن هذا الهجوم الدامي، ولم يتسن الحصول على تعليق من المسؤولين الحكوميين حول ملابساته.
ويحمل هجوم الأحد بصمات تكتيكات حركة الشباب المتطرفة، ويستدعي إلى الأذهان واقعة مماثلة حدثت في عام 2023، عندما قتل انتحاري 25 جنديا في قاعدة جالي سياد الواقعة قبالة منشأة دامانيو. ويبرز هذا التكرار في استهداف مراكز التجنيد العسكرية الثغرات الأمنية التي لا تزال تعاني منها القوات الحكومية، ويشير إلى فشل الاستراتيجيات الأمنية الحالية في توفير الحماية اللازمة للمواقع الحساسة والأفراد المستهدفين.ويزيد من تعقيد المشهد الأمني وقوع عملية اغتيال استهدفت العقيد عبدالرحمن حجالي، قائد الكتيبة 26 في منطقة هيران، السبت، أي قبل يوم واحد فقط من تفجير مقديشو.وفي سياق منفصل، أعلن الجيش الصومالي عن تمكنه من تدمير مواقع تابعة لحركة الشباب في ضواحي مدينة براوي جنوب البلاد، في عملية عسكرية تهدف إلى طرد عناصر التنظيم من تلك المناطق.وهذه العمليات العسكرية المتفرقة، وإن كانت تحقق بعض النجاحات التكتيكية، إلا أنها تشير إلى استمرار قدرة حركة الشباب على شن هجمات دموية في قلب العاصمة، مما يضع علامات استفهام كبيرة حول فعالية الاستراتيجية الأمنية الشاملة.
كما قالت الحكومة الصومالية ومسؤول عسكري إن مسلحي حركة الشباب اشتبكوا مع الجيش وقوات متحالفة معه من أجل السيطرة على قاعدة استراتيجية له في وسط الصومال اليوم الخميس في وقت تحاول فيه الحركة المرتبطة بتنظيم القاعدة توسيع مكاسب حققتها بالمنطقة في الآونة الأخيرة.وقالت حركة الشباب التي تشن تمردا في الصومال منذ 2007 للاستيلاء على السلطة في بيان إن مقاتليها استولوا على القاعدة وبلدة ورغاطي، وهو ما نفته الحكومة.ومن شأن السيطرة على القاعدة الواقعة في بلدة ورغاطي بمنطقة شبيلي الوسطى وتضم جنودا وقوات خاصة ومقاتلين من العشائر أن تمكن الحركة من قطع طريق رئيسي مهم بين العاصمة ومنطقة جلمدج. وتبعد مقديشو 200 كيلومتر إلى الجنوب الغربي من منطقة المواجهات.وقالت وكالة الأنباء الوطنية الصومالية “أعلنت وزارة الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة الفيدرالية الصومالية أن قوات الجيش الوطني بالتعاون مع الأهالي تمكنت من تصفية أكثر من 40 عنصرا من ميليشيات الخوارج المرتبطة بحركة الشباب في عمليتين منفصلتين بمحافظة شبيلي الوسطى”.
لكن الضابط في الجيش الصومال حسين علي قال إن المسلحين سيطروا على بلدة ورغادي بعد “معارك ضارية”، مضيفا “خسرت قواتنا 12 رجلا معظمهم من مقاتلي العشائر. وقتل نحو 20 مسلحا من حركة الشباب”، مستدركا “لكن في النهاية وصلت تعزيزات إلى حركة الشباب وتمكنت من الاستيلاء على البلدة”.
وأوضح أن القوات الصومالية تواجه صعوبة في إرسال التعزيزات نظرا لحاجتها إلى استخدام طرق تمر عبر مناطق تسيطر عليها حركة الشباب.
وقال جنديان إن القوات الحكومية تمكنت من استعادة جزء من البلدة بحلول الصباح وذلك بدعم من الغارات الجوية.
وهاجمت حركة الشباب الأسبوع الماضي بلدة عدن يابال على بعد نحو 245 كيلومترا شمالي مقديشو والتي كان الجيش يستخدمها قاعدة عمليات لشن غارات على الحركة.
ويأتي ذلك بعد هجمات شنتها الشهر الماضي. وسيطرت الحركة لفترة وجيزة على قرى تقع على بعد 50 كيلومترا من مقديشو، مما أثار مخاوف سكان العاصمة من استهدافها.
واستعادت القوات الصومالية تلك القرى منذ ذلك الحين لكن حركة الشباب واصلت التقدم في الريف في وقت يبدو فيه مستقبل الدعم الأمني الدولي للصومال محفوفا بالمخاطر على نحو متزايد.
وفي بداية العام حلت بعثة حفظ سلام جديدة تابعة للاتحاد الأفريقي محل قوة أكبر لكن شكوكا تلف تمويلها وسط معارضة الولايات المتحدة لخطة تحول إلى نموذج تموله الأمم المتحدة.