البنتاغون يطالب بتخصيص 130 مليون دولار لدعم مجموعات مسلحة في سوريا من بينها قسد والجيش السوري الحر وذلك لمكافحة داعش
التمويل الجديد لقسد رغم أنه أقل من السابق لكنه يثير قلق أنقرة ودمشق ولا يستبعد أن يتجدد التصعيد السياسي بين واشنطن وأنقرة على خلفية القرار
الخطوة الأميركية تأتي في وقت تشهد فيه دمشق جهودًا حثيثة لإعادة ضبط المشهد الأمني والعسكري
التمويل المدرج ضمن موازنة الدفاع للعام المالي 2026 مخصص لتعزيز قدرات مجموعات محلية “شريكة” في محاربة تنظيم داعش
التصعيد السياسي بين واشنطن وأنقرة قد يتجدد على خلفية هذا القرار رغم العلاقات القوية بين الرئيس دونالد ترامب والرئيس التركي رجب طيب أردوغان
نقل التلفزيون الرسمي عن المكتب الإعلامي للوزارة أن الشيباني تلقى دعوة رسمية لزيارة المملكة المتحدة حيث سيتم العمل على إعادة فتح سفارة سوريا في لندن
واشنطن/النهار
من المنتظر أن يثير طلب وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) تخصيص 130 مليون دولار لدعم مجموعات مسلحة في سوريا، من بينها “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، استياءً متوقعًا في أنقرة، التي تنظر إلى هذا التنظيم الكردي باعتباره الواجهة السورية لحزب العمال الكردستاني، المصنف على قوائم الإرهاب التركية. ويأتي هذا الدعم الأميركي في وقت حساس، يشهد محاولات إقليمية لإعادة ضبط المعادلات الأمنية والعسكرية في سوريا، وسط تقارب ملحوظ بين واشنطن ودمشق.
ووفق وثيقة صادرة عن البنتاغون، فإن التمويل المدرج ضمن موازنة الدفاع للعام المالي 2026 مخصص لتعزيز قدرات مجموعات محلية “شريكة” في محاربة تنظيم داعش، وعلى رأسها “قسد” و”الجيش السوري الحر”، وهو ما تسوّغه واشنطن بأنه ضروري لضمان “الهزيمة الدائمة” للتنظيم الإرهابي ومنع عودته.
لكن هذه الذريعة لا تبدد المخاوف التركية المتكررة من الدعم الأميركي لهذه التشكيلات، خاصة في ظل استمرار تزويد قسد بأسلحة خفيفة، وتقديم رواتب لمقاتليها، بحسب الوثيقة. وترى أنقرة أن قوات سوريا الديمقراطية ، التي تسيطر على أجزاء واسعة من شمال شرقي سوريا، ليست سوى امتداد لحزب العمال الكردستاني الذي خاضت ضده معارك دامية لعقود.
والمخاوف التركية التي غالبًا ما يُعبّر عنها بمزيج من التنديد الدبلوماسي والضغط الميداني عبر العمليات الحدودية، يتسق مع سياسة أنقرة طويلة الأمد تجاه الدعم الأميركي لقسد. وتعتبر أنقرة هذا الدعم تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي، وتتهم واشنطن بتقويض استقرار المنطقة من خلال تمكين فصائل تعتبرها “إرهابية”.
ويُعتقد أن التصعيد السياسي بين واشنطن وأنقرة قد يتجدد على خلفية هذا القرار رغم العلاقات القوية بين الرئيس دونالد ترامب والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لا سيما وأن أنقرة لطالما ربطت أي تقدم في علاقاتها الثنائية مع الولايات المتحدة بوقف الدعم العسكري والمالي لقسد.
في المقابل، تأتي الخطوة الأميركية في وقت تشهد فيه دمشق جهودًا حثيثة لإعادة ضبط المشهد الأمني والعسكري في البلاد، بعد سنوات من التفكك والانقسام. وتسعى السلطات السورية، في إطار رؤية سياسية جديدة، إلى احتواء “قسد” تدريجيًا وحصر السلاح بيد الدولة، سواء عبر التسويات المحلية أو التفاهمات الأمنية، وهو مسار يبدو ضعيقا الآن بفعل استمرار الدعم الأميركي لتلك القوات.
ويقول مراقبون إن أي دعم خارجي لقسد يعزز من موقفها التفاوضي، ويقلل من احتمالية قبولها بتفكيك بنيتها العسكرية أو القبول بإدماجها الكامل في مؤسسات الدولة السورية، خاصة في ظل امتلاكها موارد نفطية ومناطق نفوذ شاسعة بدعم مباشر من القوات الأميركية.
وتُطرح تساؤلات عديدة حول ما إذا كان قرار البنتاغون يعكس تناقضًا في المقاربة الأميركية تجاه الملف السوري، خصوصًا بعد مؤشرات تقارب حذرة بين دمشق وواشنطن ظهرت مؤخرًا، من خلال قرار الإدارة الأميركية رفع بعض العقوبات عن قطاعات في سوريا، وإعادة النظر في تصنيف كيانات على قوائم الإرهاب، فضلًا عن فتح الباب لتعزيز التعاون الاقتصادي والإنساني.
ويذهب بعض المراقبين إلى أن هذا “التقارب النسبي” قد يتعرض لانتكاسة في حال استمرت واشنطن في تمويل جماعات مسلحة خارج إطار الدولة السورية، خصوصًا أن حكومة دمشق تضع في سلّم أولوياتها مسألة بسط السيادة الكاملة على أراضيها وإنهاء أي وجود مسلح غير شرعي، سواء كان بدعم تركي أو أميركي.
وبحسب الوثيقة الأميركية، فإن التمويل يشمل أيضًا نحو 7.4 ملايين دولار لصالح “الجيش السوري الحر” في الجنوب، مع الإشارة إلى إمكانية توسيع عملياته ضد خلايا داعش في منطقة البادية. ويُذكر أن حجم هذا الدعم يشهد تراجعًا تدريجيًا، إذ بلغ 156 مليون دولار في موازنة 2024، وانخفض إلى 147 مليونًا في 2025، وصولًا إلى 130 مليونًا في موازنة 2026.
ورغم هذا التراجع النسبي، إلا أن الاستمرارية في التمويل تعكس تمسك البنتاغون باستراتيجية الشراكة مع قسد، ما قد يُفشل أي حلول داخلية سورية تسعى إلى إغلاق ملف السلاح غير الشرعي، أو إعادة دمج تلك المجموعات ضمن إطار وطني موحّد.
كما أن استمرار تمويل مرافق الاحتجاز التي تضم عناصر داعش، وتحسين ظروف مخيمات النزوح مثل “الهول”، لا يُخفي حقيقة أن السيطرة الفعلية على هذه المنشآت لا تزال بيد قوات غير خاضعة للدولة، ما يطرح تحديًا مزدوجًا أمنيًا وإنسانيًا.
من المتوقع أن ترد أنقرة رسميًا على القرار الأميركي خلال الأيام المقبلة، إما عبر التصريحات الدبلوماسية أو بإجراءات ميدانية على الأرض، كما حصل في السابق. ويخشى من أن يؤدي استمرار هذا النهج الأميركي إلى توسيع الفجوة بين الحليفين في الناتو، وربما إعادة خلط الأوراق في الشمال السوري، الذي يشهد أصلًا تعقيدًا شديدًا بفعل تداخل المصالح الدولية والإقليمية.
في ضوء ما تقدم، يبدو أن قرار الدعم الأميركي الجديد لقسد يأتي في لحظة حرجة، لا على صعيد العلاقات التركية–الأميركية فحسب، بل أيضًا في ما يتعلق بمصير التسويات الأمنية في سوريا، ومساعي احتواء الجماعات المسلحة. وبينما تبرر واشنطن قرارها بـ”ضرورات مكافحة داعش”، تراه دمشق وأنقرة مساسًا مباشرًا بأمنهما القومي وبجهودهما لإعادة الاستقرار إلى منطقة ما تزال رهينة الحسابات الدولية المتضاربة.
كما أعلنت بريطانيا إعادة العلاقات الدبلوماسية مع سوريا وذلك خلال زيارة وزير خارجيتها ديفيد لامي إلى دمشق، فيما تعهدت المملكة المتحدة بدعم جهود التعافي الاقتصادي.وتعكس هذه الخطوة اعترافًا بريطانيًا بالحكومة السورية بقيادة أحمد الشرع (زعيم هيئة تحرير الشام سابقًا) كجهة فاعلة وشرعية على الأرض، بعد سنوات من رفض التعامل مع دمشق.
وبعد سنوات من الصراع، تسعى القيادة السورية الجديدة لإعادة بناء الاقتصاد المتدهور، فيما تمهد عودة العلاقات مع بريطانيا، ورفع العقوبات الجزئي، الباب أمام استثمارات ومساعدات دولية حيوية.
وذكر بيان حكومي أن لندن أعلنت عن حزمة من الدعم المالي بنحو 94.5 مليون جنيه إسترليني (129 مليون دولار) ستُوفر مساعدات إنسانية عاجلة لسوريا، وستدعم تعافي البلاد على المدى الطويل من خلال تطوير مجالات مثل التعليم.
وقال لامي في بيان “هناك أمل متجدد للشعب السوري… من مصلحتنا دعم الحكومة الجديدة للوفاء بالتزاماتها ببناء مستقبل مستقر وأكثر أمنا وازدهارا لجميع السوريين”.
وبدأ الغرب إعادة تقييم نهجه تجاه سوريا تدريجيا منذ أطاحت قوات المعارضة بقيادة هيئة تحرير الشام الإسلامية بالرئيس بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول بعد حرب دامت 13 عاما.
وتأتي زيارة لامي، وهي الأولى لوزير بريطاني منذ 14 عاما، بعد أيام من توقيع الرئيس الأميركي دونالد ترامب على أمر تنفيذي يوقف برنامج العقوبات على سوريا ويُنهي عزلتها عن النظام المالي العالمي ويساعدها على إعادة الإعمار بعد الحرب.
وخففت بريطانيا أيضا عقوباتها في أبريل/نيسان، حين ألغت تجميد أصول مصرف سوريا المركزي و23 كيانا آخر، بما في ذلك بنوك وشركات نفط، لتشجيع الاستثمارات لكنها أبقت على العقوبات التي تستهدف أعضاء من النظام السابق.
وقال لامي عقب لقائه بنظيره السوري أسعد حسن الشيباني والرئيس أحمد الشرع إن استقرار سوريا سيُقلل من مخاطر الهجرة غير الشرعية ويضمن تدمير الأسلحة الكيميائية ويُعالج خطر الإرهاب.
وأوضحت وزارة الخارجية البريطانية أن إطاحة الأسد تشكل فرصة “للتصريح عن كامل برنامج الأسد للأسلحة الكيميائية الشرير وتدميره”، مضيفة أن لندن ساهمت بمبلغ 2.7 مليون دولار إضافي في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لمساعدة سوريا في هذا الإطار.
وفي العام 2018، انضمت المملكة المتحدة إلى ضربات جوية أميركية على مواقع أسلحة كيميائية سورية ردا على هجوم بغاز سام يشتبه في أن الجيش السوري نفذه.
ونقل التلفزيون الرسمي عن المكتب الإعلامي للوزارة أن الشيباني تلقى دعوة رسمية لزيارة المملكة المتحدة حيث سيتم العمل على إعادة فتح سفارة سوريا في لندن.
وجرى الاتفاق بين الجانبين على تشكيل مجلس اقتصادي سوري – بريطاني، كما نقل لامي لنظيره السوري تعهد المملكة المتحدة بدعم قطاعي الزراعة والتعليم.
وشدد الوزير البريطاني خلال تلك الاجتماعات على أهمية “انتقال سياسي شامل يمثل جميع الأطياف” في سوريا وأكد استمرار دعم بريطانيا. وتأتي عودة العلاقات في سياق تقارب أوسع بين دمشق وعدد من الدول العربية والغربية، مما يشير إلى رغبة دولية في إعادة دمج سوريا في المجتمع الدولي بعد سنوات من العزلة.
وتسعى بريطانيا إلى تعزيز شراكاتها الدبلوماسية في المنطقة، ومن المؤكد أن عودة مياه العلاقات مع دمشق إلى مجاريها جزء من هذه الاستراتيجية للحفاظ على الأمن في منطقة الشرق الأوسط.
ومن المقرر أن يتوجه لامي أيضا إلى الكويت، حيث سيكون الأمن الإقليمي وتعزيز العلاقات الثنائية على رأس جدول أعماله. ومن المتوقع أيضا أن يُعلن عن شراكة جديدة مع الدولة الخليجية الثرية لمعالجة الأزمة الإنسانية في السودان.
الى ذلك طلبت النيابة العامة في فرنسا اليوم الجمعة تأييد مذكرة التوقيف التي أصدرها قضاة تحقيق بحق الرئيس السوري السابق بشار الأسد المتهم بالتواطؤ في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في الهجمات الكيميائية القاتلة التي وقعت في 2013، فيما يؤكد هذا الطلب أن باريس وعدة دول أوروبية ملتزمة بملاحقة المسؤولين عن الجرائم التي ارتكبت في سوريا.
جاء ذلك خلال جلسة استماع بشأن الحصانة الشخصية التي يتمتع بها رؤساء الدول الأجنبية، عقدت في محكمة النقض، أعلى هيئة قضائية، للنظر في مسألة منح استثناء في حال الاشتباه بارتكابهم جرائم حرب أو جرائم ضد الانسانية.
وكانت محكمة الاستئناف في باريس صادقت في يونيو/حزيران 2024 على مذكرة توقيف بحق الأسد. وعلى الرغم من أن الرئيس السوري السابق قد أُطيح به في نهاية العام الماضي وفقًا لبعض المصادر، إلا أن هذه البطاقة تعزز الضغط الدولي عليه وتجعله مطلوبًا للعدالة.
ويبعث هذا الإجراء برسالة أمل لضحايا الصراع السوري وأسرهم بأن العدالة قد تتحقق يوماً ما، وأن المسؤولين عن معاناتهم لن يفلتوا من العقاب، كما يعكس موقفًا فرنسيًا حازمًا تجاه الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الدولي، ويعزز دور باريس كدولة مدافعة عن العدالة الدولية.
وطعن في مذكرة التوقيف كل من النيابة العامة لمكافحة الإرهاب ومكتب المدعي العام في محكمة الاستئناف في باريس، نظرا إلى الحصانة المطلقة التي يتمتع بها رؤساء الدول أثناء توليهم مناصبهم أمام القضاء الأجنبي.
وصدرت مذكرة توقيف بحق الأسد في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، بتهمة التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية والتواطؤ في جرائم حرب، وذلك على خلفية هجمات بغاز السارين استهدفت في 21 أغسطس/آب 2013 الغوطة الشرقية ومعضمية الشام (الغوطة الغربية) قرب دمشق، ما أسفر عن مقتل أكثر من ألف شخص.
وأشار النائب العام في محكمة النقض ريمي هايتز إلى مبدأ “سيادة” الدول و”شرعيتها” الذي ينص على ألا تفرض أي دولة سلطتها على دولة أخرى بالوسائل القانونية. لكنه اقترح على المحكمة “خيارا” يتمثل في إسقاط الحصانة الشخصية لبشار الأسد لأنه لم يعد يُعتبر في نظر فرنسا “رئيسا شرعيا” لسوريا عند صدور مذكرة التوقيف.
وأوضح أن “الجرائم الجماعية التي ارتكبتها السلطات السورية هي التي دفعت باريس إلى اتخاذ هذا القرار غير المألوف” بـ”عدم الاعتراف” بشرعية الأسد منذ العام 2012. ومن المتوقع أن يصدر القرار في 25 يوليو/تموز في جلسة علنية.