أستطيع أن اشعر بشيء من الفخر إنني سافرت حول العالم دون أن اكلف بلادي دولارا واحدا، وفي جميع تلك السفرات كنت أشارك في مؤتمرات وورش عمل بصفتي المهنية لا الرسمية على العكس من آلاف الأشخاص الذين يسافرون بعنوان الإيفاد، وينفقون آلاف الدولارات على قاعدة ( ماكو حلال وحرام). ومن خزينة الدولة.
بالفعل كنت أراقب المشهد المؤسف لأشخاص يسرقون بعض محتويات الغرف التي يقطنون فيها، وهي ظاهرة لاتقتصر على فئة إجتماعية بعينها، أو جنسية. فعمال الفندق الذي كنت أنزل فيه سرقوا من نزيل عراقي ثلاثة آلاف دولار، وكان البعض يحذرنا حين نزور عواصم أوربية أن نحذر من السير لوحدنا خشية السرقة، أو التهديد، وفي شارع أوبرا الباريسي، وكنت أجول في محل لبيع الملابس والحقائب صدمت برؤية فتاتين تقومان بسرقة بعض المحتويات بمهارة فائقة، بينما أعلن في سنغافورة عن إلقاء القبض على رياضيتين إيطاليتين بتهمة سرقة المتاجر، وتم إيقافهما عن النشاط الرياضي لتسعين يوما.
كنت أراقب أحدهم يسرق محتويات الغرفة التي ينزل فيها من مناشف، الى أوان زجاجية، الى سكاكين لتقطيع التفاح، وفي أكثر من عاصمة، وتذكرت حينها بطلة لمسلسل مصري شهير كان بطله الراحل حسن عابدين وفردوس عبد الحميد وميمي جمال وآخرين، وكانت إحدى شخصيات المسلسل تقوم بسرقة كل شيء برغم غناها المادي الظاهر، ويبدو إنها حالة مرضية. فهولاء تمتد أيديهم الى أموال لايحتاجونها، ومقتنيات يستطيعون شراءها بيسر، فهم يملكون الأموال خاصة من الذين لديهم وظائف حكومية، وهم لاينفقون شيئا من أموالهم الشخصية رغم حصولهم على رواتب عالية من الدولة التي تبعثهم الى دول أخرى بعناوين مختلفة، وكلنا يعلم ويعلم الناس إن العراق شهد هبة ثورية على الوظائف والمناصب والتعيينات في الداخل والخارج، وحتى لو كان الشخص بدرجة حمار فيمكن أن يحصل على منصب لأن طريقة الإدارة الفوضوية، وسيطرة الحزبية والمحسوبية والترهيب جعلت من العراق بلدا فاقدا للتوازن، وهو يتمايل كشخص شرب عرقا مغشوشا ! للأسف، ونأمل أن يغادر هذه الفوضى قريبا بفعل جهود بناء الدولة التي يقودها قلة من الخيرين الشرفاء الذين يرغبون في عراق قوي مزدهر لاتتحكم فيه الزعامات الفاسدة.
الضعف الذي عليه نفوس بعض الناس في العراق، وتمكنهم من فعل مايريدون جعل منا عرضة للإبتزاز الخارجي، وكأننا نعمل لصالح غيرنا، وننفذ أجندات لاتخصنا، ونزرع أوهاما في عقولنا لنقنع بعضنا إنها مصلحة واحدة، لكنها عابرة للحدود. يجب أن نوقف فكرة مصادرة العراق عن طريق الخداع الزائف الذي يمارسه البعض…