تنامي التوتر بين السلطة والنقابات يُنذر باشتعال الجبهة الاجتماعية في الجزائر

هيئة التحرير12 يوليو 2025آخر تحديث :
تنامي التوتر بين السلطة والنقابات يُنذر باشتعال الجبهة الاجتماعية في الجزائر

تنامي التوتر بين السلطة والنقابات يُنذر باشتعال الجبهة الاجتماعية في الجزائر

توقيف سعيدي يندرج ضمن حملة الاعتقالات التي شملت مثقفين وباحثين ومعارضين لسياسات الرئيس عبدالمجيد تبون

منظمات حقوقية تتهم الجزائر بانتهاك حقوق الإنسان بما في ذلك حقوق العمال وهو ما تنفيه السلطات مشددة على استقلالية القضاء

يعكس اعتقال سعيدي توجس السلطة من أي حراك عمالي بينما تكابد في مواجهة ضغوط دولية لتعزيز حقوق الإنسان

النظام أراد من خلال توقيف هذا النقابي إرسال رسالة حازمة بعدم التسامح مع الإضرابات في قطاعات حيوية مثل النقل أو أي شكل من أشكال الضغط

أثار توقيف سعيدي إدانات واسعة في الأوساط الحقوقية والنقابية معتبرة اعتقاله مخالفا للقانون بالنظر إلى أن الدعوة للإضراب استندت في نصها الموجة لوزير النقل

 

 

الجزائر / وكالات

 أثار توقيف لونيس سعيدي الأمين العام لفيدرالية عمال النقل بالسكك الحديد في الجزائر على خلفية دعوته لإضراب مفتوح للمطالبة بتحسين الرواتب المتدنية، غضبا واسعا في الأوساط النقابية والعمالية، فيما ذهب بعض النشطاء والحقوقيين إلى حد اتهام السلطات باستخدام القضاء لترهيب النقابات بدل فتح قنوات الحوار من أجل تهدئة الجبهة الاجتماعية.

وتشير هذه الخطوة إلى تنامي التوتر بين السلطة والنقابات ما يهدد بانزلاق معركة لي الاذرع إلى تصعيد أكبر من قبل المنظمات النقابية التي تمثل شريحة واسعة من العمال، في وقت يتهم فيه حقوقيون ونشطاء النظام بتضييق مجال الحريات والالتجاء إلى التعامل الأمني مع المطالب الاجتماعية، ما يضاعف المخاوف بشأن حقوق العمال.

ويعكس اعتقال سعيدي توجس السلطة من أي حراك عمالي بينما تكابد في مواجهة ضغوط دولية لتعزيز حقوق الإنسان، في ظل تحذيرات من تحول البلاد إلى “سجن كبير” وهو ما تنفيه الجزائر، مشددة على استقلالية القضاء وتطبيق القانون دون استثناءات.ويُنظر إلى هذا الإجراء كنمط للرد الأمني بدل الحوار مع النقابات، مما يهدد مستقبل الممارسة النقابية المستقلة في الجزائر. وأفادت منظمة “شعاع لحقوق الإنسان” في منشور على إكس بأنه “تم إيداع النقابي لونيس سعيدي الحبس الاحتياطي على خلفية توقيعه بيانًا رسميًا بتاريخ 25 يونيو/حزيران 2025، وُجِّه إلى وزير النقل، يُعلمه فيه بدخول الفيدرالية في إضراب وطني مفتوح ابتداءً من 7 يوليو/تموز، احتجاجًا على التجاوزات والخروقات الخطيرة التي يشهدها قطاع النقل بالسكك الحديدية”.

ويرى متابعون للشأن الجزائري أن النظام أراد من خلال توقيف هذا النقابي إرسال رسالة حازمة بعدم التسامح مع الإضرابات في قطاعات حيوية مثل النقل أو أي شكل من أشكال الضغط.

ويُشير بعض المحللين إلى أن توقيف سعيدي يندرج ضمن حملة الاعتقالات التي شملت مثقفين وباحثين ومعارضين لسياسات الرئيس عبدالمجيد تبون، ما يعيد إلى الأذهان تحذيرات أطلقتها عدة منظمات حقوقية من ارتفاع وتيرة القمع واستمرار التضييق على الحريات بما فيها الحق في الإضراب الذي يكفله الدستور.

وتواجه الحكومة الجزائرية اتهامات بتحويل القضاء من جهاز مستقل يحمي الحقوق وينصف المظلومين إلى أداة لملاحقة المعارضين والنقابيين وكافة الأصوات التي تشكل إزعاجا للنظام.

وأثار توقيف سعيدي إدانات واسعة في الأوساط الحقوقية والنقابية معتبرة اعتقاله “مخالفا للقانون”، بالنظر إلى أن “الدعوة للإضراب استندت في نصها الموجة لوزير النقل، إلى أحكام الدستور الجزائري، والقوانين المنظمة للعمل النقابي والحق في الإضراب”.

وتضمنت برقية الإضراب عدة مطالب من بينها “تنفيذ الزيادات في الأجور المقرّرة منذ عامين وتحسين ظروف العمل وإنهاء التدخلات الإدارية في الشأن النقابي”، منتقدة ما وصفته بـ”الخروقات الجسيمة” في تسيير المؤسسة.

وأصدر حزب العمال الجزائري بيانا ندد فيه باعتقال لونيس سعيدي، معتبرا أن الخطوة تمثل “انتهاكا صارخا للحريات النقابية، لا سيما وأنها تزامنت مع يوم رمزي في البلاد، والمتمثل في عيد الاستقلال، ما يضفي على القرار طابعا استفزازيا”.

ويرجح أن التوقيت مقصود لإرسال رسالة بأن الدولة تفرض سيطرتها الكاملة حتى في الأيام الرمزية. واعتبر الحزب أن “تجريد النقابي من منصبه يعكس محاولة لتبرير اعتقاله”، مشيرا إلى أن السلطة السياسية القائمة “اختارت الرد الأمني بدل الحوار مع المطالب الاجتماعية المشروعة”، محذرا من “سابقة خطيرة تهدد مستقبل الحريات النقابية في البلاد”.

وأصدرت الجزائر في العام 2023 قانونا ينظم ممارسة حق الإضراب قوبل برفض من قبل النقابات والعديد الخبراء الذين اعتبروا أنه يهدف إلى تقييد العمل النقابي وليس تنظيمه.

ويتضمن القانون بنودًا تُضيّق على ممارسة حق الإضراب وتحدد القطاعات الاستراتيجية ذات الحساسية السيادية و”المصالح الأساسية ذات الأهمية الحيوية للأمة” التي يُمنع فيها الإضراب كما يعاقب على “الممارسات التعسفية” في هذا الشأن.

ويعتبر طلب الترخيص المسبق من السلطات الإدارية المختصة بالمنظمات النقابية شرطًا مقيدًا للحريات ويتعارض مع اتفاقيات العمل الدولية التي صادقت عليها الجزائر، والتي تنص على حق العمال في إنشاء منظماتهم دون ترخيص مسبق.

واعتقلت السلطات الجزائرية خلال الأعوام الأخيرة العديد من النقابيين ونشطاء اجتماعيين بتهم مختلفة، من بينها “الدعوة للإضراب في قطاعات حيوية” أو  “المس بأمن الدولة”، مما أثار جدلاً واسعاً وانتقادات من قبل منظمات حقوق الإنسان والنقابات المستقلة.

كما خفّفت محكمة استئناف جزائرية أحكاما بالسجن على ثلاث شخصيات طمحت للترشح لانتخابات الرئاسة لعام 2024 التي فاز فيها عبدالمجيد تبون بعهدة ثانية، من عشر إلى أربع سنوات بتهمة دفع أموال مقابل جمع التوقيعات الضرورية لقبول طلباتهم، وفق ما أفاد أحد محامي الدفاع.

ويرجح أن يكون تخفيف الأحكام بمثابة محاولة من النظام الجزائري لامتصاص غضب واسع أثارته الأحكام الأولية، خاصة وأن هذه الشخصيات تحظى بقاعدة شعبية.

 

وانتقد نشطاء ومعارضون الانتخابات الرئاسية الماضية، معتبرين أن تبون كان في طريق مفتوح للفوز فيها، محملين السلطات مسؤولية ما أسموه “فبركة” القضايا لكل من أبدى نيته في الترشح للاستحقاق.

والمدانون هم سيدة الأعمال سعيدة نغزة والوزير الأسبق بلقاسم ساحلي ورجل الأعمال عبدالحكيم حمادي، وكان قد صدر الحكم الابتدائي بسجنهم لعشر سنوات نهاية مايو/أيار.

ويسعى النظام الجزائري، من خلال هذه الخطوة، إلى تحسين صورته على الصعيدين الداخلي والخارجي، وإظهار التزامه بسيادة القانون وتجنب الملاحقات السياسية المفرطة.

 

وقال سعيد زاهي محامي ساحلي لوكالة فرانس برس إنهم “حكموا بأربع سنوات سجنا نافذا، وصدرت أوامر توقيف بحقهم خلال الجلسة”. ولم تكن نغزة حاضرة عند تلاوة نص الحكم، إذ تم نقلها إلى مستشفى في العاصمة بعد أن شعرت بتوعك خلال الجلسة، كما فرضت المحكمة على المدانين الثلاثة غرامة بقيمة مليون دينار (نحو 6600 يورو).

وناشدت نغزة غداة صدور الحكم الابتدائي الرئيس تبون “دراسة الملف”، مؤكدة أنه “فارغ”، مضيفة أن “رسالة من عام 2023” هي سبب مشاكلها القانونية. وقد تصدرت سيدة الأعمال عناوين الصحف آنذاك عندما استنكرت العوائق التي يواجهها المستثمرون.

وحُكم على نحو 70 متهما آخرين في القضية، بينهم مسؤولون محليون، بالسجن لمدد تراوح بين خمس وثماني سنوات، وقد خفّفت أحكامهم في الاستئناف إلى عقوبات تتراوح بين 18 شهرا وعامين.

وتمت محاكمتهم بتهم “منح ميزة غير مستحقة واستغلال النفوذ وتقديم هبات نقدية أو الوعد بتقديمها قصد الحصول أو محاولة الحصول على أصوات الناخبين وبسوء استغلال الوظيفة وتلقي هبات نقدية أو وعود من أجل منح أصوات انتخابية والنصب”، بحسب النيابة العامة.

ويتوجّب على الراغبين في الترشح للانتخابات الرئاسية جمع 600 توقيع على الأقل لنواب في مجالس محلية أو البرلمان في 29 من أصل 58 ولاية جزائرية، أو ما لا يقل عن 50 ألف توقيع لمواطنين مسجلين على القوائم الانتخابية على أن يكون 1200 منها على الأقل في كل ولاية.

وربما يشير التخفيف إلى تغير في توازنات القوى داخل مراكز صنع القرار، أو أن هناك أصواتًا داخل النظام تدفع باتجاه نهج أكثر انفتاحًا وتسامحًا سياسيًا، كما يثير تساؤلات حول مدى جدية النظام في الانفتاح على تعددية سياسية حقيقية تسمح بمنافسة جادة، أم أنه مجرد مناورة تكتيكية.

وبينما كانت الأحكام الأولية بمثابة “عصا” لردع أي محاولات للخروج عن الخط الرسمي، فإن تخفيفها يمثل “الجزرة” التي تشير إلى إمكانية التسامح لمن يلتزم بالحدود التي يرسمها النظام.

وعلى صعيد متصل أثارت  قضية الصحافي الرياضي الفرنسي كريستوف غليز الذي اعتقلته الجزائر العام الماضي وحكمت نهاية الأسبوع الماضي بحقه بالسجن سبعة أعوام، جدلا واسعا في الأوساط الفرنسية، فيما اتهم الإعلام السلطات الجزائرية باستخدام “دبلوماسية الرهائن” من أجل ابتزاز باريس لانتزاع مكاسب في عدة قضايا، في وقت لا تلوح في الأفق بوادر لتسوية الأزمة الحادة بين البلدين.

ويتابع الرأي العام الفرنسي عن كثب تطورات قضية الصحافي المتخصص في كرة القدم التي أثارت إدانات واسعة، فيما وصف نشطاء وشخصيات فرنسية محاكمته بـ”المفبركة” و”المسيسة”، وذلك بالتوازي مع ملف الكاتب الفرنسي من أصل جزائري بوعلام صنصال الذي ثبتت محكمة استئناف الثلاثاء حكما بسجنه 5 أعوام، رغم الدعوات بالإفراج عنه بالنظر إلى وضعه الصحي وتقدمه في السن.

وتأتي هذه الاتهامات في ظل تصاعد التوتر بين الجزائر وفرنسا، فيما يرى البعض أن قضية غليز ليست سوى حلقة من حلقات الشد والجذب بين البلدين اللذين يسيران إلى قطيعة، فيما ينظر إلى الدبلوماسية الجزائرية على أنها أهدرت عدة فرص لترميم العلاقات المتصدعة مع الشريك الأوروبي، بالنظر إلى أن باريس أبدت في عدة مناسبات انفتاحها على حوار يعبد الطريق لطي صحفة الخلاف.

وأثارت النائبة الفرنسية نعيمة موتشو هذه القضية تحت قبة البرلمان من خلال توجيه أسئلة إلى الحكومة بشأن وضعية ”الرهائن الفرنسيين” في العالم، في إشارة إلى قضية صنصال وغليز، فيما رد وزير الخارجية جان نويل بارو مؤكدا أن الدولة تبذل جهودا للإفراج عن رعاياها.

ويتابع الإعلام الفرنسي هذا الملف، وسط ترقب لاستئناف الحكم في قضية غليز خلال الأيام المقبلة، وذلك بالتزامن مع موجة الاستنكار من تأييد محكمة استنئاف جزائرية الحكم الصادر في حق صنصال.

وقال الصحافي الفرنسي إيفان ريوفول خلال مشاركته في برنامج على قناة “سي نيوز” إنه “ليس بوعلام صنصال هو من يُحاكم في الجزائر، بل فرنسا”، مشيرا إلى أن “الحكومة الجزائرية تخوض حربا ضد باريس عبر صنصال”.

وأدانت عدة منظمات حقوقية وإعلامية، من بينها “مراسلون بلا حدود” ومجموعة “سو بريس”، الحكم الصادر بحق غليز واعتبرته “غير عادل”، مشيرة إلى أن الجزائر تستخدم تهم “الإرهاب” كذريعة لقمع العمل الصحافي المشروع وتجريم التعبير السلمي، تحت غطاء حماية الأمن القومي.

وأكدت أن احتجاز غليز وإدانته والحكم بحقه سبع سنوات سجنا بتهمة “تمجيد الإرهاب” هو اعتداء مباشر على حرية الصحافة.

وكان كريستوف غليز توجه إلى الجزائر لإعداد تقرير عن أحد أكبر أندية البلاد، نادي شبيبة القبائل ومقره تيزي وزو شرق الجزائر العاصمة، لكن السلطات الجزائرية أوقفته في 28 مايو/أيار من العام الماضي قبل أن يوُضع تحت المراقبة القضائية 13 شهرا مع منعه من مغادرة البلاد، وحُكم عليه الأحد بتهمٍ أبرزها “تمجيد الإرهاب” و”حيازة منشورات لأغراض دعائية تضر بالمصلحة الوطنية”.

ويتهمه القضاء بالتواصل مع أحد قادة شبيبة القبائل، وهو أيضا زعيم حركة تقرير مصير القبائل التي صنفتها السلطات الجزائرية منظمة إرهابية عام 2021، بينما أكد مؤيدو الصحافي الفرنسي أن اتصالا واحدا من أصل ثلاثة جرى بعد هذا التصنيف، وأن الدافع وراءه كان إعداد التقرير.

وتتقلب العلاقات الفرنسية الجزائرية بين تصعيد وآخر بدءا باعتقال صنصال مرورا بسجن موظف قنصلي جزائري في باريس بتهمة خطف واحتجاز معارض جزائري وصولا إلى تبادل طرد دبلوماسيين.

وتشكل قضية بوعلام صنصال أحد أبرز القضايا التي أدت إلى تفاقم الأزمة الدبلوماسية، خاصة مع تزايد النفوذ اليميني المتطرف في فرنسا الذي يستغل هذه القضايا للضغط على الجانب الجزائري.

ويعتقد أن الجزائر تسعى من خلال قضيتي صنصال وغليز إلى الضغط على باريس من أجل فرض شروطها في الملفات الخلافية العالقة بين البلدين ومن أبرزها ملف الذاكرة المتعلق بالفترة الاستعمارية والهجرة وقضية الدعم الفرنسي للصحراء المغربية.

ويُنظر إلى السلطات الجزائرية على أنها ترفض التسليم باعتراف باريس الراسخ بسيادة المملكة على صحرائها رغم أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كان واضحا بتأكيده أن هذا القرار لا رجعة فيه، متعهدا بدعم الرباط في المؤسسات الدولية من أجل حسم الملف.

كما يثير التقارب بين المغرب وفرنسا الذي يتجسد في شراكة إستراتيجية هواجس الجزائر من خسارة مصالحها الاقتصادية بالتزامن مع تراجع نفوذها في محيطها وتصدع علاقاتها مع عدة دول أفريقية من بينها بلدان الساحل الأفريقي.

الى ذلك ثبتت محكمة استئناف في العاصمة الجزائرية اليوم الثلاثاء عقوبة بالسجن خمس سنوات بحق الكاتب الفرنسي من أصل جزائري بوعلام صنصال لاتهامه بـ”المساس بوحدة الوطن”، فيما يبقي عدم تشديد الحكم، مثلما طالبت به نيابة المحكمة منذ نحو أسبوع، الباب مفتوحا لتسوية القضية التي أججت التوتر مع فرنسا ووضعت البلدين على حافة قطيعة دبلوماسية.

وتحدثت رئيسة المحكمة بالفرنسية إلى صنصال، بعد تلاوة الحكم باللغة العربية، قائلة “لقد تم تأكيد حكم المحكمة الابتدائية أمامك ثمانية أيام لتقديم استئناف أمام محكمة النقض”.

ومع تقدم سن بوعلام صنصال البالغ من العمر 80 عامًا وحالته الصحية (إصابته بالسرطان)، يثير تثبيت الحكم مخاوف إنسانية، وكانت منظمات فرنسية ودولية دعت إلى “بادرة إنسانية” أو عفو رئاسي على الكاتب.

وأثارت هذه القضية أزمة دبلوماسية بين الجزائر وفرنسا، حيث أعربت باريس عن قلقها وطالبت بالإفراج عن صنصال، مشيرة إلى وضعه الصحي وعمره، فيما ربط الرئيس إيمانويل ماكرون تسوية هذا الملف بإعادة الثقة الكاملة بين البلدين.

وتشكل هذه المسألة نقطة توتر إضافية في العلاقات الجزائرية الفرنسية، التي تشهد تقلبات بسبب قضايا متعددة، بما في ذلك ملف الذاكرة المتعلق بالفترة الاستعمارية وملف الهجرة غير الشرعية وقضية ترحيل الرعايا الجزائريين من فرنسا.

ورفض المحامي الفرنسي الجديد للكاتب بيير كورنوت – جنتيل الذي وصل إلى الجزائر العاصمة في الأيام الماضية، التعليق على احتمال الطعن في الحكم على صنصال، ردا على سؤال لوكالة فرانس برس، قائلا “ليس لديّ أي تعقيب، ينبغي أن ازور موكلي لمناقشة إمكانية الطعن”، موضحا أنه “التقى به أمس الاثنين، وهو بخير”.

وأعرب رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا بايرو اليوم الثلاثاء عن أمله في صدور عفو رئاسي عقب تأكيد الحكم بالسجن خمس سنوات بحق صنصال، مضيفا أن “ما يتعرض له الكاتب وضعٌ لا يُطاق بنظر الفرنسيين والحكومة الفرنسية… والآن، وبعد صدور الحكم، يُمكننا أن نتصور صدور عفو عنه لا سيما بالنظر إلى صحة مواطننا”.

وتأمل عائلة ومناصرو صنصال عفوًا رئاسيًا عليه بمناسبة عيد استقلال الجزائر في 5 يوليو/تموز، فيما يُنظر إلى هذا الخيار على أنه يمكن أن يوفر مخرجًا “مشرفًا” للسلطات الجزائرية ويخفف من التوترات مع فرنسا.

ويُتوقع أن تستمر المفاوضات والضغوط الدبلوماسية بين الجزائر وفرنسا، فيما لم تستبعد مصادر مطلعة مساعي خلف الكواليس لإيجاد حل.

وحكمت محكمة ابتدائية في 27 مارس/آذار على صنصال بالسجن خمس سنوات لإدانته بتهمة المساس بسلامة وحدة الوطن، بسبب تصريحات أدلى بها في أكتوبر/تشرين الأول لوسيلة إعلام فرنسية يمينية هي “فرونتيير” وتبنى فيها طرحا مغربيا بأنّ قسما من أراضي المملكة اقتطع في ظل الاستعمار الفرنسي وضمّ للجزائر.

وأدى اعتقاله في 16 نوفمبر/تشرين الثاني في الجزائر العاصمة إلى تاجيج نزاع حاد بين باريس والجزائر اندلع في يوليو/تموز 2024 بسبب اعتراف فرنسا بخطة الحكم الذاتي تحت سيادة الرباط خلا وحيد للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.

ومنذ ذلك الحين، يمر البلدان بأزمة دبلوماسية غير مسبوقة تخللها تبادل طرد دبلوماسيين وقيود على حاملي التأشيرات الدبلوماسية، وتجميد التعاون. وتثير هذه القضية انقساما في الساحة السياسية الفرنسية بين شق يدفع باتجاه الضغط على الجزائر وصولا إلى إلغاء الاتفاقيات الثنائية، بينما تحث عدة منظمات وأحزاب ورجال أعمال الحكومة على التهدئة وتكثيف الجهود من أجل إعادة الدفء إلى العلاقات مع الشريك الاقتصادي والتجاري التاريخي.

عاجل !!