بوليساريو تصطدم بتمسك لندن بدعمها الراسخ لسيادة المغرب على الصحراء

هيئة التحرير17 أغسطس 2025آخر تحديث :
بوليساريو تصطدم بتمسك لندن بدعمها الراسخ لسيادة المغرب على الصحراء

الجبهة الانفصالية تفشل في إقناع الحكومة البريطانية بمراجعة تأييدها للحل المغربي لإنهاء النزاع حول الصحراء

يأتي هذا التحرك بعد إعلان المملكة المتحدة عن دعمها لخطة الحكم الذاتي تحت سيادة المغرب مشددة على أنها الأساس الأكثر مصداقية وواقعية وعملية لتسوية دائمة للنزاع

يعد هذا الموقف انتصارا دبلوماسيًا كبيرًا للمملكة بالنظر إلى أن بريطانيا هي ثالث عضو دائم في مجلس الأمن الدولي يدعم موقف الرباط بعد الولايات المتحدة وفرنسا

ترى بريطانيا كغيرها من الدول الكبرى أن استقرار شمال إفريقيا يخدم مصالحها وهو ما يُحتم حل نزاع الصحراء كما أن هناك فرصًا اقتصادية واستثمارية كبيرة في المنطقة

 

لندن / وكالات

باءت محاولة بوليساريو لإقناع الحكومة البريطانية بالتراجع عن دعمها لمقترح الحكم الذاتي تحت سيادة المغرب لإنهاء النزاع حول الصحراء المغربية، بالفشل، في ضربة موجعة للجبهة الانفصالية التي تتخبط في عزلة تتفاقم يوما بعد يوما بعد أن انفض من حولها أغلب داعميها، إثر تلاشي طرحها الانفصالي في ظل الإجماع الدولي على وجاهة المبادرة التي تقترحها الرباط لتسوية القضية.

وأرسلت الجبهة الانفصالية خلال الأسبوع الجاري وفدا إلى مقر وزارة الخارجية البريطانية برئاسة ما تسميه “وزير خارجيتها” محمد يسلم بيسط، حيث التقى وزير الدولة لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا هاميش فالكونر، فيما لم يسفر اللقاء عن أي تجاوب من قبل حكومة كير ستارمر، وهو ما يؤكده بيان بوليساريو الذي تضمن عبارات فضفاضة من قبيل “التمسك بالمبادئ الأساسية لميثاق الأمم المتحدة” و”احترام حقوق الإنسان والشعوب”، دون أن يشير إلى أي تغيير في الموقف البريطاني، وفق موقع “الصحيفة”.

ويأتي هذا التحرك بعد إعلان المملكة المتحدة في يونيو/حزيران 2025 عن دعمها لخطة الحكم الذاتي تحت سيادة المغرب، مشددة على أنها “الأساس الأكثر مصداقية وواقعية وعملية لتسوية دائمة للنزاع”.

ويعد هذا الموقف انتصارا دبلوماسيًا كبيرًا للمملكة، بالنظر إلى أن بريطانيا هي ثالث عضو دائم في مجلس الأمن الدولي يدعم موقف الرباط، بعد الولايات المتحدة وفرنسا، ما يعزز الشرعية الدولية للمبادرة المغربية.

وعلى الرغم من لقاءات عقدتها بوليساريو مع مسؤولين بريطانيين في وقت سابق، إلا أن الموقف الرسمي المعلن جاء ليؤكد دعم لندن للقضية التي تقيس الرباط على أساسها علاقاتها مع كافة الدول وفق مقاربة أرسى دعائمها العاهل المغربي الملك محمد السادس.

ولم تصدر الخارجية البريطانية أي بيان حول اللقاء بين بيسط وفالكونر، ما يدلّ على أن المملكة المتحدة لا تولي أي أهمية لمطالب الجبهة الانفصالية، لا سيما بعد أن حسمت موقفها بدعم واضح لسيادة المملكة على أراضيها.

وتظهر محاولات البوليساريو الأخيرة، ومن بينها شن حملة ضد المخرج البريطاني كريستوفر نولان لاختياره الصحراء المغربية لتصوير فيلمه “الأوديسة”، ارتباك الجبهة بعد طي صفحة طرحها الانفصالي، خاصة بعد أن بدأت المنطقة تجذب اهتمام المنتجين العالميين.

وترى بريطانيا، كغيرها من الدول الكبرى، أن استقرار شمال إفريقيا يخدم مصالحها، وهو ما يُحتم حل نزاع الصحراء كما أن هناك فرصًا اقتصادية واستثمارية كبيرة في المنطقة التي تتمتع بإمكانيات هامة لا سيما في مجال الطاقات المتجددة.

وحاولت بوليساريو في وقت سابق الطعن قضائيًا في الاتفاقيات التجارية بين المغرب وبريطانيا التي تشمل الأقاليم الجنوبية، بذريعة أنها لم تستشر سكان المنطقة إلا أن هذه المحاولات باءت أيضا بالفشل، حيث أكدت لندن أن مذكرات التفاهم تبرم فقط مع الدول ذات السيادة، في أوضح دليل على عدم اعترافها بالكيان غير الشرعي.

وأبدت المملكة المتحدة خلال الآونة الأخيرة استعدادها للاستثمار في الصحراء، ضمن التزامها بتعبئة 5 مليارات جنيه إسترليني لدعم مشاريع اقتصادية في جميع أنحاء المملكة، في خطوة من شأنها أن ترسخ الاعتراف الفعلي بالسيادة المغربية على المنطقة.

ويشهد التعاون بين المغرب والمملكة المتحدة تناميا ملحوظًا، مدفوعًا بالمصالح المشتركة بين البلدين اللذين أبرما في العام 2021 اتفاقية شراكة لعبت دورا بارزا في تمتين العلاقات التجارية بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وتوسيع نطاق التجارة العالمية للمملكة المتحدة.

كما يبحث البلدان بشكل منتظم سبل تعزيز التعاون الأمني لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية، بما في ذلك الهجرة غير الشرعية والجريمة العابرة للحدود، بالنظر إلى الثقة العالية في المغرب كشريك يبذل جهودا هامة في بسط الأمن في منطقة شديدة الحساسية.

وسلطت مجلة “جون أفريك” الفرنسية الضوء على انحسار النفوذ الجزائر في منطقة الساحل الأفريقي، مقابل نجاح المغرب في توسيع حضوره في المنطقة بفضل حرصه على تمتين علاقاته مع حكوماتها وإقامة جسور التواصل مع شعوبها وتركيزه على الدخول في شراكات على أساس المنافع الاقتصادية المتبادلة، فيما تقيم المبادرة الأطلسية التي أطلقتها المملكة بهدف تسهيل ولوج هذه البلدان إلى الممر المائي الحيوي، الدليل على التزام المغرب بعمقه الإفريقي.

وتطرقت الصحيفة إلى تصدع العلاقات بين مالي والجزائر بعد إلغاء باماكو في أواخر العام 2023 اتفاق السلام الهش الذي رعته الحكومة الجزائرية بهدف وقف الصراع بين الجيش المالي والانفصاليين الطوارق بسبب ما اعتبرته السلطات المالية تدخلا في الشؤون الداخلية إثر استقبال مسؤولين جزائريين وفدا عن المتمردين والتباحث معهم دون إشراك المجلس العسكري الحاكم.

 

ولفتت إلى أن “الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون أعلن في يوليو/الماضي استعداده للتوسط بين الحكومة المالية والمتمردين”، معتبرة أن هذه المبادرة ولدت ميتة لافتقارها إلى الجدية، مضيفة أن “السلطات المالية ترفض أي وساطة أجنبية وخصوصا من الجزائر التي تُتهم بإيواء شخصيات بارزة من قادة التمرد، إضافة إلى الإمام محمود ديكو، أحد المؤثرين في المشهد السياسي والديني بمالي”.

وأوضحت أن بعض التحليلات ترى أن باماكو رفضت العرض الجزائري بسبب خلاف بشأن المقاربة، حيث تسعى الجزائر إلى “الحفاظ على علاقة متوازنة مع الطوارق، خشية امتداد النزاع إلى أراضيها الجنوبية التي تضم منشآت نفطية وغازية بالغة الأهمية”.

وتابعت أن “تراجع النفوذ الجزائري في الساحل يتجسد في انتكاستين واضحتين، الأولى، انسحاب مالي اتفاق السلام المبرم في العام 2015 بين أطراف الصراع، والثانية، رفض سلطات النيجر في أكتوبر/تشرين الأول 2023 مقترح الجزائر بانتقال سياسي مدني بعد الانقلاب العسكري”.

وأضافت أن اعتماد “ميثاق السلام” في مالي، بإشراف رئيس الوزراء الأسبق عثمان إسوفو مايغا، كان بمثابة إعلان نهائي عن طي صفحة الاتفاق الجزائري، الذي شكّل آنذاك أهم إنجاز دبلوماسي للجزائر في المنطقة.

وترى الحكومة الجزائرية أن استقرار مالي يؤثر مباشرة على أمنها القومي، وخاصة مع وجود حدود مشتركة طويلة، وتخشى من تداعيات الاضطرابات على حدودها الجنوبية.

وأشارت “جون أفريك” إلى أن تراجع النفوذ الجزائري في المنطقة فتح الباب أمام لاعبين إقليميين ودوليين آخرين للتأثير في المشهد، ومن أبرزهم المغرب.

وكشفت أن “الرباط تظهر كمستفيد أساسي من الفراغ الذي خلفه التراجع الجزائري”، لافتة إلى أن “المملكة تتحرك وفق مشروع شامل للنفوذ يجمع بين الجوانب الاقتصادية والدينية والأمنية، وتعتمد على رؤية طويلة المدى”.

وتطرقت إلى ما أسمته “الإستراتيجية الأطلسية”، مشيرة إلى أنها “تهدف إلى ربط دول الساحل غير الساحلية بالمحيط، وهو هدف طموح قد يكون في مرحلة الإعلانات أكثر من التنفيذ، لكنه يتمتع بوزن جيوسياسي”.

ويلعب المغرب دورا متزايد الأهمية في الساحل الأفريقي، مستفيداً من موقعه الجغرافي كنقطة وصل بين إفريقيا وأوروبا، ويسعى إلى تعزيز نفوذه من خلال مقاربة متعددة الأبعاد تجمع بين الدبلوماسية والمبادرات التنموية والروابط الروحية والثقافية.

 

كما تولي المملكة أهمية قصوى للتعاون الأمني مع دول المنطقة لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، التي تشكل خطراً على استقرار المنطقة. كما يتبادل المغرب المعلومات الاستخباراتية مع بلدان الساحل ويقدم التدريب العسكري لقواتها المسلحة، بهدف تعزيز قدراتها على مواجهة الجماعات المتطرفة.

ولا يقتصر دور المغرب على الجانب العسكري، بل يتبنى مقاربة شاملة تتضمن مكافحة التطرف من خلال الوقاية والتعليم والتنمية، بالإضافة إلى تنظيم الحقل الديني ونشر ثقافة التسامح.

كما انتخب المغرب ممثلا في شخص السفير عمر هلال، نائبا لرئيس مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للبلدان النامية غير الساحلية الثلاثاء بأوازا، بتركمنستان، وهو ما يعد إنجازا دبلوماسيا مهما يعكس مكانة المملكة ودورها الريادي في القارة الأفريقية وعلى الساحة الدولية.

وجرى الإعلان عن انتخاب المغرب خلال جلسة عامة لوفود الدول المشاركة في هذا المؤتمر، الذي انطلقت أشغاله الثلاثاء ويستمر إلى غاية 8 أغسطس الجاري، حيث سيكون المغرب، من خلال هذا المنصب، ضمن البلدان الممثلة للقارة الأفريقية.

وهذا التتويج الأممي الجديد ليس مجرّد البروتوكول، بل يعترف بدور المغرب الفعّال والتزامه بقضايا التنمية الدولية، وخاصة في ظل القيادة الحكيمة للعاهل المغربي الملك محمد السادس.

ويعكس انتخاب السفير عمر هلال تقدير المجتمع الدولي للجهود الدبلوماسية المغربية، ويؤكد على دور المملكة كشريك موثوق يدافع عن مصالح دول الجنوب. فمن خلال هذا المنصب، يشغل المغرب موقعا قياديا ضمن البلدان الممثلة للقارة الأفريقية، مما يمنحه منصة قوية للتأثير في النقاشات وصياغة القرارات التي تهم الدول النامية، خاصة في أفريقيا.

وقال هلال، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء بالمناسبة “إن دور المغرب تمت الإشادة به من خلال اختياري نائبا لرئيس المؤتمر، وهو ما سيمكننا من أن نكون أكثر نشاطا في النقاشات والاجتماعات الموازية”.

وأبرز هلال أن هذا المؤتمر جاء في الوقت المناسب بعد تأجيله مرتين، مشيرا إلى أن البلدان النامية غير الساحلية تمثل 9 في المائة من سكان العالم، وتشكل أيضا سدس الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وهو ما يبرز أهميتها.

وأكد الدبلوماسي المغربي على أهمية هذا الحدث الذي يأتي ليسلط الضوء على الصعوبات والتحديات التي تواجهها هذه الدول، وليتيح الفرصة للمجتمع الدولي لمناقشة سبل ووسائل مساعدتها.

وأبرز هلال أن هذا المؤتمر سيتوج بإصدار إعلان سياسي للتضامن مع الدول النامية غير الساحلية، وإيلاء المزيد من الاهتمام لمشاكلها، والعمل بشكل مشترك على تطوير دعمها ومساعدتها، مع اعتماد خطة عمل تتضمن تعزيز مرونتها وقدرتها على التكيف، وتشجيعها على التجارة وتسهيل التبادل التجاري وجلب الاستثمارات وطرق الولوج التي تعد من الوسائل المهمة لفك العزلة عنها.

وأبرز السفير المغربي رؤية الملك محمد السادس لمساعدة الدول النامية غير الساحلية والتعاون معها، مشيرا، على الخصوص، إلى مبادرتين هامتين هما المبادرة الأطلسية الرامية إلى ضمان حرية الوصول إلى المحيط الأطلسي لدول الساحل، ومبادرة فك العزلة عن دول الساحل، وهو عمل أساسي إستراتيجي بامتياز للتضامن جنوب-جنوب الذي يصب لفائدة هذه الدول.

وذكر المتحدث أن المغرب سيشارك ويتدخل في ثلاث جلسات موازية ضمن هذا المؤتمر من أجل تسليط الضوء على إستراتيجية الملك لمساعدة هذه البلدان، وسياسة المملكة في الإطار العام لأجندة 2030، وكذا إبراز ما يقوم به المغرب من عمل تضامني، لاسيما على مستوى القارة الإفريقية.

وشدد هلال على أن هذا المؤتمر سيمكن من مساعدة هذه الدول على مواجهة عائقين رئيسيين، يتمثل الأول في التخلف، لأن معظم الدول المعنية، إن لم تكن جميعها، بلدان نامية، أما الثاني فهو صعوبة الولوج إلى طرق الربط والنقل والتجارة، ما يزيد من تكلفة وارداتها وصادراتها، ويبطئ تقدمها، ولاسيما في مسارها نحو التنمية والازدهار.

ويمثل المغرب في مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للبلدان النامية غير الساحلية وفد يقوده وزير النقل واللوجستيك، عبدالصمد قيوح، ويضم، إضافة إلى هلال، سفير المغرب لدى جمهورية كازاخستان وجمهورية طاجيكستان وجمهورية تركمانستان وجمهورية قرغيزستان، محمد رشيد معنينو، وعددا من الدبلوماسيين ومسؤولين بوزارة النقل واللوجيستيك.

ويناقش هذا المؤتمر سبل إعادة صياغة مسار التنمية في البلدان غير الساحلية، ويشكل فرصة للقاء وفود رفيعة المستوى ومسؤولين دوليين ومستثمرين ومنظمات لمناقشة، على الخصوص، وضع إستراتيجيات بشأن تعزيز إدماج قضايا هذه البلدان في صياغة السياسات العالمية، وخطط الاستثمار، وبلورة أفكار تتعلق بأجندة أعمال التنمية المستدامة.

ويذكر أن الدورة الأولى من مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبلدان النامية غير الساحلية انعقدت في أغسطس 2003 بألماتي (كازاخستان)، فيما انعقدت الثانية في نوفمبر 2014 بفيينا (النمسا).

عاجل !!