بوتين وزيلينسكي وجها لوجه في قمة سلام مرتقبة بوساطة ترامب

هيئة التحرير20 أغسطس 2025آخر تحديث :
بوتين وزيلينسكي وجها لوجه في قمة سلام مرتقبة بوساطة ترامب

تقرير يكشف تعهد أوكرانيا بشراء أسلحة أميركية بقيمة 100 مليار دولار تموّلها أوروبا، لقاء توفير واشنطن ضمانات أمنية لها

محادثات تركزت على الضمانات الأمنية لأوكرانيا محادثات تركزت على الضمانات الأمنية لأوكرانيا

أكّد زيلينسكي أنّه مستعدّ للقاء بوتين لإنهاء الحرب التي أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف من الروس والأوكرانيين

القمة بين ترامب وبوتين لم تثمر اتفاقا على وقف لإطلاق النار إلا أنها دفعت باتجاه تحقيق خطوات ملموسة

شدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على أن من بين الضمانات الواجب تقديمها عدم تحجيم الجيش الأوكراني بموجب أي اتفاق سلام

واشنطن / النهار

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه سيبدأ الإعداد لجمع نظيريه فلاديمير بوتين وفولوديمير زيلينسكي في قمة يؤمل أن تؤدي الى تحقيق السلام بين موسكو وكييف، وذلك عقب استقباله نظيره الأوكراني وقادة أوروبيين في البيت الأبيض. وتمحور اللقاء الذي عقد في واشنطن على الضمانات الأمنية التي تطالب بها كييف في أي اتفاق سلام ينهي الحرب التي بدأت بالغزو الروسي مطلع العام 2022. وهو أتى بعد أيام من قمة جمعت ترامب وبوتين في ولاية ألاسكا.وعلى هامش الاجتماع الأميركي الأوروبي، أجرى ترامب اتصالا هاتفيا ببوتين، أبلغه فيه الأخير باستعداده للقاء نظيره الأوكراني. وستكون هذه القمة في حال حصولها، الأولى بين الرئيسين الروسي والأوكراني منذ بدء الحرب.ومنذ عودته إلى الرئاسة مطلع العام الحالي، يدفع ترامب (79 عاما) نحو تسوية تنهي النزاع الأعنف في أوروبا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.وكتب الرئيس الأميركي على منصته تروث سوشال “الجميع سعداء للغاية باحتمال إبرام سلام بالنسبة لروسيا وأوكرانيا”. وأضاف “في ختام الاجتماعات (في البيت الأبيض)، اتصلتُ بالرئيس بوتين، وبدأتُ الترتيبات لعقد اجتماع، في مكان سيتمّ تحديده، بين الرئيس بوتين والرئيس زيلينسكي”.

وأضاف “بعد هذا الاجتماع، سنعقد اجتماعا ثلاثيا أنا والرئيسان”.وأفاد مصدر مطلع على المباحثات أن بوتين أكد لترامب استعداده للقاء زيلينسكي.وقال المستشار الألماني فريدريش ميرتس الذي حضر اجتماع البيت الأبيض، إنّ ترامب وبوتين “اتّفقا على عقد اجتماع بين الرئيسين الروسي والأوكراني في غضون الأسبوعين المقبلين”.

وبعد الاجتماع في واشنطن، أكّد زيلينسكي أنّه “مستعدّ” للقاء بوتين لإنهاء الحرب التي أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف من الروس والأوكرانيين.

وقال للصحفيين “نحن مستعدّون للقاء ثنائي مع بوتين، وبعد ذلك نتوقع لقاء ثلاثيا بمشاركة دونالد ترامب”.

وفي موسكو، أعلن الكرملين أنّ بوتين منفتح على “فكرة” نقل المحادثات مع أوكرانيا “إلى مستوى أعلى”.

ونقلت وكالة تاس عن يوري أوشاكوف، المستشار الدبلوماسي للرئيس الروسي، قوله إنّه “خلال المحادثة الهاتفية أعرب فلاديمير بوتين ودونالد ترامب عن دعمهما لمواصلة المفاوضات المباشرة بين وفدي روسيا وأوكرانيا. وفي هذا الصدد، نوقشت على وجه الخصوص فكرة ضرورة دراسة إمكانية رفع مستوى ممثّلي الجانبين الأوكراني والروسي”.

ولم تثمر الجهود الدبلوماسية التي بذلت على مدى الأشهر الماضية، في تحقيق اختراق بشأن إنهاء الحرب.

وصحيح أن القمة بين ترامب وبوتين لم تثمر اتفاقا على وقف لإطلاق النار إلا أنها دفعت باتجاه تحقيق خطوات ملموسة، خصوصا مع تأكيد الرئيس الأميركي بعدها ضرورة الدفع نحو اتفاق سلام شامل عوضا عن هدنة فقط، وحديثه عن إمكان تقديم ضمانات أمنية لكييف مستلهمة من معاهدة حلف شمال الأطلسي.

وتواصل ترامب هاتفيا مع زيلينسكي وقادة أوروبيين عقب لقائه بوتين. ورافق الرئيس الأوكراني إلى البيت الأبيض الاثنين، زعماء كل من فرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وفنلندا، إضافة إلى رئيسة المفوضية الأوروبية والأمين العام للناتو.وعقد ترامب وزيلينسكي لقاء في المكتب البيضوي بداية، طبعته حفاوة الاستقبال من الرئيس الأميركي، في مشهد مغاير تماما للقاء المتشنج بينهما في فبراير، حين وبّخ ترامب ونائبه جاي دي فانس زيلينسكي أمام الصحافيين، في مشادة حادة أثارت صدمة في العالم ولدى الحلفاء الأوروبيين.وأكد زيلينسكي أن اللقاء  كان “الأفضل” له مع ترامب إلى الآن.

وتشكّل الترتيبات الأمنية التي تطالب بها أوكرانيا، وتريدها ضمانة لعدم تجدد الهجوم الروسي بعد أي اتفاق سلام، محورا أساسيا في النقاشات الهادفة لإنهاء الحرب بين الطرفين.

وأكد ترامب أنه تمّ خلال لقاء الاثنين، البحث في هذه الضمانات، وأن بوتين وافق عليها، علما بأن الرئيس الأميركي استبعد أن تنال كييف مبتغاها الطويل الأمد، وهو الانضمام إلى حلف الأطلسي.

وقال ترامب إن أوروبا يمكن أن تقدم بالتنسيق مع واشنطن ضمانات أمنية لأوكرانيا ضمن اتفاق سلام مع روسيا.

وكتب على منصته تروث سوشال “ناقشنا خلال الاجتماع ضمانات أمنية لأوكرانيا، ستقدمها مختلف الدول الأوروبية، بالتنسيق مع الولايات المتحدة”.

وأكد الأمين العام للناتو مارك روته أن اجتماع واشنطن كان “ناجحا للغاية” وساهم في “كسر الجمود” بشأن إنهاء الحرب. وأضاف “اليوم نركز على الضمانات الأمنية. الولايات المتحدة ستكون ضالعة بشكل أكبر، وسيتمّ إنجاز التفاصيل خلال الأيام المقبلة”.

وأوردت صحيفة فاينانشل تايمز استنادا إلى وثيقة اطلعت عليها، أن أوكرانيا تعهدت شراء أسلحة أميركية بقيمة 100 مليار دولار تموّلها أوروبا، لقاء توفير واشنطن ضمانات أمنية لها.

وقال زيلينسكي إنّ حلفاء بلاده سيقدّمون إليها “خلال 10 أيام” قائمة بهذه الضمانات الأمنية، موضحا “سيقرّرها على الأرجح شركاؤنا، وسيكون هناك المزيد والمزيد من التفاصيل لأنّه سيتمّ تدوين كلّ شيء على الورق وإضفاء الطابع الرسمي عليه (…) وذلك في غضون أسبوع إلى عشرة أيام”.

وشدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على أن من بين الضمانات الواجب تقديمها، عدم تحجيم الجيش الأوكراني بموجب أي اتفاق سلام، مشددا على ضرورة أن يكون الأخير “قويا” وقادرا على “التصدّي لأيّ محاولة هجوم وردعها، وبالتالي لا قيود على العديد أو القدرات أو التسليح”.

أما ميرتس، فتطرق إلى الحديث عن تبادلٍ للأراضي أو تخلي أوكرانيا عن مناطق أعلنت روسيا ضمّها إلى أراضيها.

وقال المستشار الألماني للصحافيين إنّ “الطلب الروسي بأن تتخلّى كييف عن الأجزاء الحرّة من دونباس يعادل، بصراحة تامّة، اقتراحا بأن تتخلّى الولايات المتحدة عن فلوريدا”.

وفي مقال تضمّن عبارات شديدة اللهجة بصحيفة نيويورك تايمز انتقد الكاتب المعروف توماس فريدمان نهج الرئيس الأميركي دونالد ترامب في إدارة ملف الحرب الأوكرانية، معتبرا أن ما يقوم به يكشف عن رؤية “غير أميركية” تتناقض جوهريا مع التقاليد التي تسير عليها سياسة الولايات المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية.

ويرى فريدمان أن ترامب يتعامل مع حرب أوكرانيا بمنطق شخصي مرتجل يفتقر إلى أي فهم للتحالف الغربي وقيمه التاريخية، ويخدع نفسه بوهم الصداقة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين “الذي لا يسعى إلى سلام، بل إلى ابتلاع أوكرانيا بأكملها”.

ويزعم الكاتب أن الرئيس الأميركي يفتقر إلى أي إحساس بالمسؤولية التاريخية للتحالف الغربي الذي تأسس على قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان واقتصاد السوق وسيادة القانون، وهو التحالف الذي ضمن للولايات المتحدة وأوروبا أطول فترة ازدهار واستقرار في العصر الحديث، حسب تعبيره.

“اضطرهم لتملقه”

وتعليقا على اللقاء الذي عُقد الاثنين الماضي في المكتب البيضاوي بين ترامب والرئيس الأوكراني بحضور بعض القادة الأوروبيين، قال فريدمان إنه لم ير قط -في كل المفاوضات الدبلوماسية التي غطاها منذ أن أصبح صحفيا في عام 1978- زعيم دولة يجد نفسه مضطرا إلى شكر الرئيس الأميركي نحو 15 مرة في غضون 4 دقائق، في إشارة إلى فولوديمير زيلينسكي.

وأضاف أن زيلينسكي لم يكن استثناء، لافتا إلى أن القادة الأوروبيين أنفسهم الذين شاركوا في الاجتماع، اضطروا -هم أيضا- إلى إغداق الثناء على ترامب.

وواصل الكاتب الأميركي هجومه، معربا عن قناعته بأن ترامب ينظر إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو) كما لو كان “مركزا تجاريا” مملوكا للولايات المتحدة ولا يدفع مستأجروه إيجارا كافيا.

كما أنه ينظر إلى الاتحاد الأوروبي على أنه مركز تجاري ينافس بلاده، ولهذا فهو يرغب في إغلاقه بفرض رسوم جمركية عليه.

وأضاف أن الفكرة القائلة “إن حلف الناتو هو الرمح الذي يحمي القيم الغربية، وأن الاتحاد الأوروبي هو -ربما- أفضل إنجاز سياسي حديث للغرب” هي فكرة غريبة على ترامب.

توماس فريدمان: ترامب ينظر إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو) كما لو كان “مركزا تجاريا” مملوكا للولايات المتحدة

منخدع بمظاهر الود

ويُبرز المقال مدى انخداع ترامب بمظاهر الود التي يبديها بوتين تجاهه، مستشهدا بتصريحات مبعوثه الخاص ستيف ويتكوف الذي نقل هدايا ورسائل شخصية من الرئيس الروسي، واصفا إياه بأنه “ليس رجلا سيئا”.

ويستشهد فريدمان أيضا بتسريبات تفيد بأن ترامب قال للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن “بوتين يريد أن يبرم صفقة من أجلي”، وهو ما يعكس سذاجة خطيرة.

ويؤكد الكاتب في مقاله أن الحقيقة الجوهرية التي يتجاهلها ترامب هي أن بوتين لا يسعى إلى “سلام” مع أوكرانيا، بل إلى الاستحواذ عليها كجزء من مشروعه للثأر من تفكك الاتحاد السوفياتي.

وينقل عن الباحث الروسي ليون أرون قوله إن بوتين “سيواصل التضحية بلا توقف حتى يحصل على أوكرانيا إلا إذا جعل الغرب تكلفة الحرب باهظة عسكريا واقتصاديا”.

الطريق الوحيد

ووفقا لفريدمان، فإن السبيل الوحيد لإنهاء الحرب بطريقة مستدامة هو أن تلتزم الولايات المتحدة وحلفاؤها بتسليح أوكرانيا بما يكفي للقضاء على آلة بوتين العسكرية، وتقديم ضمانات أمنية قوية تمنع روسيا من تكرار العدوان، إلى جانب وعد أوروبي واضح بدمج أوكرانيا في الاتحاد الأوروبي مستقبلا.

وبهذا فقط، يعتقد الكاتب أن العقاب الإستراتيجي لبوتين هو أن يرى أوكرانيا -حتى إن كانت أصغر مساحة- دولة ديمقراطية مزدهرة على حدود روسيا “المتراجعة اقتصاديا وسياسيا”.

لكن فريدمان يتساءل: كيف يمكن لترامب أن يستوعب هذه الحقائق فيما قد دمر مجلس الأمن القومي وقلّص وزارة الخارجية، وأقال قادة الاستخبارات استنادا إلى نصائح مثيري نظريات المؤامرة، وعهد بالملف الأمني إلى شخصيات متعاطفة مع بوتين مثل مديرة الاستخبارات الوطنية الأميركية تولسي غابارد؟ والنتيجة -بحسب الكاتب- أن لا أحد داخل الإدارة قادر على مواجهة الرئيس بالحقيقة.

الحقيقة موجودة على الأرض

ويخلص فريدمان إلى أن الحقيقة الوحيدة التي لا يستطيع ترامب إنكارها ستظل هناك في ميادين الحرب، في خنادق دونباس، حيث آلاف الأطفال الأوكرانيين الذين تقول كييف إن بوتين اختطفهم، وملايين القتلى والجرحى الذين سقطوا نتيجة الحرب.

ويختتم مقاله بالتأكيد على أنه كلما استمر ترامب في تجاهل هذه الحقائق وبنى إستراتيجيته على غروره وعدائه للغرب تحولت هذه الحرب إلى حربه هو “وإذا انتصر بوتين وخسرت أوكرانيا فإن التاريخ سيسجل الخسارة على ترامب وسمعته إلى الأبد”.

وقالت صحيفة واشنطن بوست إن تساؤلات رئيسية عما قد يقبله الجانبان، الروسي والأوكراني، لا تزال مطروحة بعد أن أجرى الرئيس الأميركي دونالد ترامب محادثات متتالية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

وأوضحت الصحيفة -في تقرير بقلم سامي ويستفال وماري إليوشينا- أن موسكو وكييف لا تزالان فيما يبدو متباعدتين بشأن الشروط التي قد تقبلانها لإنهاء أكثر الحروب دموية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.

ووسط جولة دبلوماسية سريعة شملت محادثات بين ترامب وبوتين في ألاسكا، وأخرى في البيت الأبيض مع زيلينسكي وقادة أوروبيين، حافظ الزعيم الروسي على شروطه القصوى لأي تسوية محتملة، وبدا أن أوكرانيا وروسيا في طريق مسدود بشأن قضايا رئيسية، لخصتها الصحيفة كالتالي:

بعد 3 سنوات ونصف من الحرب، تسيطر روسيا على نحو خمس مساحة أوكرانيا -حسب الصحيفة- وقد استبعد الكرملين التنازل عن أي من الأراضي التي استولى عليها، بعد أن ضم شبه جزيرة القرم عام 2014، رغم أنها لا تزال معترفا بها دوليا كجزء من أوكرانيا.

ومنذ أن غزت روسيا أوكرانيا عام 2022، ضمت بشكل غير قانوني -حسب الصحيفة- مناطق أخرى، وقالت روسيا وفي مذكرة أصدرتها في يونيو/حزيران، إن “المعيار الرئيسي” للتسوية النهائية هو الاعتراف القانوني الدولي بدمج جميع المناطق التي تسيطر عليها في الاتحاد الروسي، وأكد بوتين أن روسيا وأوكرانيا “شعب واحد. كيان واحد” واتهم الغرب باستخدام أوكرانيا “كمشروع عدواني مناهض لروسيا”.

أما زيلينسكي فقد ظل يؤكد أن أوكرانيا لن تتنازل عن أية أراض، وقال قبل اجتماعه مع ترامب إن مسألة الأراضي بالغة الأهمية، ولا تنبغي مناقشتها إلا “على المستوى الثلاثي بين أوكرانيا والولايات المتحدة وروسيا”، ولكن ترامب دعا لمناقشة التبادل المحتمل للأراضي، مع مراعاة خطوط الحرب الحالية.

وتشمل شروط روسيا أيضا نزع سلاح أوكرانيا، وتحديد الحد الأقصى لعدد القوات المسلحة الأوكرانية، والأسلحة “وخصائصها المسموح بها”، كما تطلب تأكيدا بأن أوكرانيا لا تمتلك أسلحة نووية ولن تقبل بها، علما أن كييف تخلت عن أسلحتها النووية عام 1994، مقابل ضمانات أمنية من روسيا.

الحياد والضمانات الأمنية

من جهة أخرى، ترفض موسكو إمكانية توسيع حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وقد صرحت بأن المعيار الرئيسي لاتفاقية السلام سيكون “حياد أوكرانيا”، أي رفض انضمامها إلى التحالفات والائتلافات العسكرية، بالإضافة إلى المعاهدات الدولية التي تنتهك مبدأ الحياد.

 

عاجل !!