تشهد المنطقة في الآونة الأخيرة تصاعدا خطيرا في التوترات بين إسرائيل وإيران، وسط مؤشرات متسارعة تنذر بانزلاق الوضع نحو حرب إقليمية واسعة النطاق. هذه التطورات لا تقتصر على أطراف النزاع المباشرين، بل تمتد آثارها المحتملة لتشمل دولا عدة في الشرق الأوسط، وفي مقدمتها العراق، وسط تداخل واضح بين المصالح الغربية والصهيونية، ما يجعل من هذا الصراع أكثر تعقيدًا وخطورة.
بعيدًا عن التحليلات المتفائلة أو المتشائمة، تفرض المعطيات على الأرض واقعا مقلقا ينبئ بتوسع رقعة الصراع بين إسرائيل وإيران إلى حرب إقليمية شاملة. فالتقاطع بين المصالح الأمريكية والغربية مع أهداف الكيان الصهيوني يجعل من التدخل الدولي المباشر في هذا النزاع احتمالا واردا، بما يترتب عليه من تبعات كارثية على المدى القريب والبعيد.
أحد أبرز المؤشرات على خطورة الموقف هو دعوة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى إخلاء العاصمة الإيرانية طهران، ما يوحي بإمكانية تدخل أمريكي مباشر في الحرب. وفي حال حدوث ذلك، فإن الرد الإيراني سيستهدف المصالح والقواعد الأمريكية، وقد يمتد نطاق العمليات إلى دول مجاورة، وفي مقدمتها العراق، الذي يشكل ساحة محتملة لتوسع رقعة النزاع، خاصة مع دعوات لمغادرة الأجانب الأراضي الإيرانية والعراقية تحسبا لتطورات مفاجئة. كما أن الأردن قد تجد نفسها جزءا من هذه الحرب بسبب موقفها غير المعلن بدعم إسرائيل في صراعها مع إيران.
كل هذه المؤشرات يجب أن تقرأ بعينٍ فاحصة في إيران والعراق، لأنها تشكل تحذيرات صريحة من احتمالات اندلاع حرب مدمرة قد تعيد تشكيل الخارطة السياسية والأمنية للمنطقة.
أما الأهداف المعلنة للهجوم الإسرائيلي، فتتمثل في تدمير المنشآت النووية والصاروخية الإيرانية. ومع ذلك، تشير طبيعة الاستهداف – من ضرب للبنى التحتية المدنية ومراكز الإعلام وحتى مراكز الشرطة – إلى أن الهدف غير المعلن هو إسقاط النظام السياسي في طهران. فالتكثيف الجوي الإسرائيلي، ومعه المحتمل من دعم أمريكي، قد يؤدي إلى شل مؤسسات الدولة وإحداث حالة من الفوضى المجتمعية.
وفي حال نجاح إسرائيل وأمريكا في توجيه ضربات ساحقة، فإن النتيجة ستكون خلالا في توازن القوى الإقليمي سيدفع الجميع – شعوبا وحكومات – ثمنه الباهظ. أما إذا تدخلت قوى كبرى مثل باكستان أو الصين أو روسيا إلى جانب إيران، فإن المشهد قد يتحول إلى حرب عالمية مدمرة، أو على الأقل حرب إقليمية كبرى ترغم الأطراف على العودة إلى طاولة المفاوضات.
الخاتمة:
نحن اليوم أمام منعطف تاريخي خطير، إذ لم يعد الصراع بين إسرائيل وإيران مجرد مواجهة تقليدية، بل بات يهدد بنشوب حرب إقليمية وربما دولية. إن على القوى الإقليمية والعالمية أن تتعامل مع هذه المؤشرات بجدية بالغة، وأن تعمل على منع الانزلاق نحو حرب لا رابح فيها. فالخسائر البشرية والاقتصادية والسياسية ستكون فادحة، والمنطقة لن تعود كما كانت.