بعد أن شرب كأسه الثالثة وهو جالس على الرصيف ،الرصيف كومة من الذكريات تبدأ بعناوين لأبناء الارصفة الذين قضوا أيامهم سكارى ، الرصيف المقابل للحانة كان سرير لنجيه العورة ، نجيه العورة تبيع جسدها بالقسط للعابرين ومجانا لأبناء الارصفة ، تذكر وهو يعيد الكأس من فمه المتخم برائحة العرق المغشوش أنه بحاجة للتبول ، وقف قبالة نجيه وخلع سرواله للنصف ،حدقت النظر وضحكت بصوت داعر (صاير صوندا للبول فقط)!!! جلس فلم يجد قنينة العرق ، بحث في كافة الاتجاهات صرخ في علو صوته ، يا أبناء الق.. والأدق (ياولد ال… ) الفرق بينهما الاولى عبارة مؤدبة جدا ،بينما الثانية بمرور الزمن اصبحت تشير لكل من حكم بلد الطين وأفسد !! ماكو شي لكن أعبيس أبن عبد الرضا تشاجر مع رزوقي وقال له (وخر منا وجهك وجه البرلماني )!!! ويبدو أن كلمة برلماني تطورت بمرور الزمن لتصبح شتيمة قاسية تشبه (ابن الك..)او اقسى منها بكثير !!! عاد لمكانه ماسكا برأسه بكلتا يديه متحسرا على ما ضاع منه بسبب غباوته والبولة التي داهمته وهو في قمة السلطنة قرر أن يحمل اشيائه ويخبئها كلما فكر أن يبول !! عندما رأته نجيه العورة في حالة الكدر والضيق قررت ان تتعاطف معه وتمنحه ربع عرق من كدها ومجهود اليوم الذي انهته مع حمودي الابقع وهي تلصق صور لمرشح برلماني للدورة الانتخابية الجديدة !!! أشرب ،أشرب لا تتوقف فنحن نحتاج للسكارى في هذه المعمعة التي نعيشها ، يقول بعد أن كرع الربع ووصلت الفورة للرأس ونسم تنسيما لذيذا ، ان الخدر الذي يغزو جسده يمنحه فرصة لنسيان كل سنوات الركض التي ركضها خلف حلم الخلاص !!! لا خلاص لكم يا ابناء الأرصفة فمن وإلى رحلة من الوجع خطت بأيدي قتلة ،شوهت معالم كل شيء جميل لتحيل القتل إلى لوحة أخرى من الفساد ويعود القتل ويعلو الفساد ولا خلاص !!! يقف مترنحا محاولا السير نحو رصيف نجيه العورة يسقط منتصف الطريق ، تضحك نجيه ضحكتها الهستيرية التي يعرفها الجميع تنتقل الضحكة إلى مزيج من الصراخ والأصوات والتصفيق ،يرفع رأسه من الاسفلت وهو ممد ليسحب الكلمات من فمه بالقوة (كافي خوات البرلماني )!!! يعلو الصراخ ،ويغفو .. ظلت يمكم العافية.
الكأس الثالثة / يحيى رمضان حمادي
