العتبة  الاشهارية  في كتاب  (حين تتكلم الثقافة شعرا  ) دعاء عجمي بشيت /  أ.د مصطفى لطيف عارف

هيئة التحريرمنذ 3 ساعاتآخر تحديث :
العتبة  الاشهارية  في كتاب  (حين تتكلم الثقافة شعرا  ) دعاء عجمي بشيت  /  أ.د مصطفى لطيف عارف

العتبة  الاشهارية  في كتاب  (حين تتكلم الثقافة شعرا  ) دعاء عجمي بشيت

أ.د مصطفى لطيف عارف

 عد العنوان من أهم عناصر النص الموازي وملحقاته الداخلية؛ نظرا لكونه مدخلا أساسيا في قراءة الإبداع الأدبي, والتخييلي بصفة عامة، والشعري بصفة خاصة, ومن المعلوم كذلك أن العنوان هو عتبة النص وبدايته، وإشارته الأولى, وهو العلامة التي تطبع الكتاب أو النص, وتسميه, وتميزه عن غيره, وهو كذلك من العناصر المجاورة والمحيطة بالنص الرئيس إلى جانب الحواشي,والهوامش, والمقدمات والمقتبسات والأدلة الأيقونية, لقد أهمل العنوان كثيرا سواء من قبل الدارسين العرب أم الغربيين قديما وحديثا،لأنهم اعتبروا العنوان هامشا لاقيمة له, وملفوظا لغويا لايقدم شيئا إلى تحليل النص الأدبي؛ لذلك تجاوزوه إلى النص كما تجاوزوا باقي العتبات الأخرى التي تحيط بالنص , ولكن ليس العنوان الذي يتقدم النص ويفتتح مسيرة نموه يقول علي جعفر العلاق مجرد اسم يدل على العمل الأدبي يحدد هويته، ويكرس انتماءه لأب ما, لقد صار أبعد من ذلك بكثير وأوضحت علاقته بالنص بالغة التعقيد, إنه مدخل إلى عمارة النص، وإضاءة بارعة وغامضة لأبهائه, وممراته المتشابكة لقد أخذ العنوان يتمرد على إهماله فترات طويلة، وينهض ثانية من رماده الذي حجبه عن فاعليته، وأقصاه إلى ليل من النسيان, ولم يلتفت إلى وظيفة العنوان إلا مؤخرا , والعنوان هو العتبة المقدسة نصيا , فبه يتكثف المتن ومنه يأخذ هذا المتن شحنته التي تبقيه صالحا- وباستمرار- للقراءة بكل أشكالها المواجهة والفاحصة والمنتجة انه النص وعن طريق ضبطه نتمكن من إيصال طرود الانطباع والتأويل بسلامة تلق فاعل , على اعتبار أن العنوان هو الموجه الأساس الذي تسترشد به القراءة عن أخبار النص الأدبي والغاية التي يريدها, فهو أداة توجيه مهمة جدا بين الاداوات الأخرى انه تسمية النص , وجنسه وانتماؤه , ويعد العنوان أول المعايير التي يقاس في ضوئها – نصيا- مدى الاهتمام بالقارئ , ومدى الاشتغال على إغوائه عن طريق هذه العتبة الاشهارية – العنوان- أي الاهتمام بالقارئ المقصود , المخصوص بالخطاب , الذي – كما يرى وولف- يمثل فكرة النص المركزية التي تشكلت في ذهن الكاتب, فالاهتمام بالقارئ يعني الاهتمام بالنص نفسه , لان القارئ هو المتكفل بإعادة أنتاج النص وتشكيله على الدوام , فقد أصبح القارئ مشاركا ومتابعا ومفسرا لكل شفرات النص ودلالاته وفك شفراته انه مبدع ثان للنص 0

إن نظام العنوان يعمل وفق قوننة غاية في الحساسية , إذ يتبلور النص بموجبه , فإذا كان العنوان طويلا ساعد على توقع المضمون الذي يتلوه,أما إذا كان قصيرا فعندها لابد من قرائن تساعد على التنبؤ بالمضمون,ومن الممكن أن يكون دالا صوتيا كان تسمى القصة القصيرة  بالنهاية الحتمية  , أو أن يكون علامة محددة  بنوعها مروية مثلا , أو علامة استفهام , أو على شكل نقاط وعند ذلك يبدأ العنوان عمله بوصفه بحسب امبرتو ايكو – مفتاحا تأويليا, أو مفتاحا لمدخل القصة القصيرة  , على رأي الدكتور حمد محمود الدوخي ,فهو يختصر الكل , ويعطي اللمحة الدالة على النص المغلق , فيصبح نصا مفتوحا على كل التأويلات 0

وهنا في كتاب  ( حين تتكلم الثقافة شعرا  )  , سنتطرق للعنوان عن طريق تقسيمه إلى مفردتين , لقد اشتغلت المبدعة  (دعاء عجمي بشيت  )  العنونة الرئيسة الخارجية بترتيب متسلسل , إذ انطلقت من العنوان  المفردة (تتكلم)   وهي تعني التحدث أو النطق بالكلمات , والتعبير عن الأفكار أو مخاطبة الناس وهذا ما ذكرته بعض المعجمات , وربما ما أردته دعاء من معنى للعتبة الاشهارية لعنوان كتابها  , لتصل إلى العنونة الخبرية (الثقافة شعرا), و التي تساعد على توقع المضامين الشعرية  التي تنضوي تحت هذا الشريط العنواني , فضلا عن ذلك فقد مثلت الهندسة العنوانية عند الكاتبة جملة من الوظائف التي تعد وظائف ترويجية لمحتوى الكتاب   على قدر من الجودة, فنراها تقول : علما أن هذا الكتاب هو رسالة ماجستير كانت بعنوان ( المرجعيات الثقافية في شعر حازم رشك التميمي)

استطاعت الكاتبة  أن تبث الروح في شخصياتها,وتمنحها خصائصها المميزة على غفلة من قرائها,بحيث لا يستطيع المرء أن يحدد بسهولة أين,ومتى منحت الشخصية صفاتها المحددة,ورسختها في الذهن, فنراها تقول : يتماهى صوت الشاعر مع صوت الإمام الحسين عليه السلام واصفا السيدة زينب عليها السلام , فالشاعر يختفي وراء رمز ديني مهم متقنعا بشخصية عظيمة فالشخصية الدينية تعد من أهم الشخصيات على مستوى الرمز والقناع 0

إن التحديد الأوسع لعتبة الإهداء أنها تقدير من الكاتب للأخر وهذا التقدير ينطوي على اعتبارات كثيرة منها ما هو واقعي / عاطفي ( للام / للأب/ للولد ) وهذا الإهداء يفيدنا في تكهن ما عليه النص من تمجيد واعتزاز , أو رثاء للأب أو إلام أو الولد أو رثاء لأحدهم وما إلى ذلك , ومنها ما هو توصيفي / فني يستهدف القارئ بشكل أكثر تعقيدا ويقدم له أدوات تساعده في مشغله القرائي في استكشاف النص واستبيان إبعاده , والإهداء المخصوص الذي يعين مهدى إليه ويختص به دون أن ينفتح من خلاله على الآخر , وهذا الإهداء موجود بصنعة ودراية في كتاب( حين تتكلم الثقافة شعرا  ) للكاتبة دعاء عجمي  فنراها تقول :إلى أستاذي الفاضل الدكتور مصطفى لطيف عارف المحترم , تقديرا لعلمه , واعترافا بفضله ,وامتنانا لجهده الذي كان سندا في مسيرتي العلمية , واني اليوم أعود لأكمل رحلة الدكتوراه على يديه فزادني ذلك فخرا وعزا وامتنانا  طالبتكم دعاء عجمي 0

تميز أسلوب  الكاتبة دعاء عجمي في كتابها الموسوم ( حين تتكلم الثقافة شعرا / عالم حازم رشك التميمي ) بالسهولة, والوضوح , ولم نجد صعوبة في طرح المادة العلمية , بل كان طرحها  طرحا جميلا معبرا عن قدرتها الثقافية , والنقدية 0

عاجل !!