الصحافة المعارضة ليست حالة طارئة في المجتمعات الحرة، بل هي ضرورة لصحّة النظام الديمقراطي، وأداة لمساءلة السلطة وكشف مواطن الخلل والفساد. ومع ذلك، في البلدان التي تعاني من هشاشة القانون وهيمنة النفوذ السياسي، تصبح الصحافة المعارضة هدفًا للملاحقة والتضييق، ويصبح الصحفي مهددًا في رزقه وأمنه وحتى حريته.
في العراق، ورغم التحديات الأمنية والسياسية، ما زالت هناك صحف ومحاولات نزيهة ترفع صوتها بوجه الظلم، كما في تجربة جريدة النهار العراقية، التي يبرز فيها كتّاب مثل حسن جمعة، المعروف بجرأته في نقد الفساد والمفسدين بلا تردد أو انحياز، و عبدالأمير الماجدي ، الذي اختار الأسلوب الساخر ليضرب بقوة دون أن يخرج عن آداب الكلمة.
هؤلاء الكتّاب يكتبون من خندق الشجاعة، لا من مكاتب فارهة ولا ضمن “صفقات إعلامية”. هم يدفعون ثمن أقلامهم الصادقة عبر الملاحقات القضائية، والتضييق، والتهديد، لا لشيء سوى أنهم عبّروا عن وجع الناس.
النجاح الحقيقي للصحافة المعارضة لا يُقاس بعدد المنشورات أو القراءات، بل بمدى تأثيرها على الرأي العام، وعلى فضح الفساد وإيقاظ الضمائر. لكن هذا النجاح يحتاج إلى دعم شعبي، وغطاء قانوني، ومواقف نقابية وإعلامية متضامنة، بدلًا من ترك الأصوات الشجاعة وحدها في مهب الريح.
حماية الصحافة المعارضة، ودعم الكتّاب الأحرار، مسؤولية جماعية… فالأقلام التي تُحاصر اليوم، قد تكون هي من تكتب مستقبلًا أنظف لهذا البلد الجريح.
قلوبنا مع العراق.. ومع كل قلم نزيه لا يُشترى.
الصحافة المعارضة وسبل نجاحها / د.عزيز جبر
