حاورها / علي صحن عبد العزيز
إحدى أركان كتابة الشعر إن تأتي بلغة جديدة يبتكر فيها الشاعر أو الشاعرة وسائل تعبيرية مغايرة تتفاعل فيها الصور الشعرية مع المتذوقين، وما نجده في قصائد ضيفتنا الشاعرة السورية الدكتورة لُجين الغصن استقلالية كاملة في هذا المعنى ، ومن هنا فأن الدخول الى عالم قصائدها من اول لحظة تجذب وتأسر المتلقي منذ أولى السطور حتى أخر القصيدة بشغف لتكشف لنا عن موهبتها اللغوية والرصينة ، لأنها لا تنحصر في صياغة الكلمات تتجلى براعتها في صياغة الصور الشعرية ، بل تخليدها في ذكراه الأيام الصعبة الممزوجة بالوجدان الشفاف والصادق المعبر عن شعورها الإنساني النبيل.
(جريدة النهار) كان لها حوار مع الشاعرة والدكتورة السورية لُجين الغصن في عدة محاور منها عن النقد والشعر والأدب ، وكانت هذه الأجوبة الواردة.
* تقولين في إحدى قصائدك
نرسم أحلامنا
فوق ماء يفر
ولا ترسو على بر الأمان
متى نشعر ونلتمس نعمة الأمان؟
– نشعر بالأمان عندما تتصالح أرواحنا مع ذاتنا، ونجد وطناً يحتوينا وقلوباً صادقة تحمينا، فالأمان هو إحساس داخلي يستقر فينا قبل أن يظهر في الواقع الخارجي.
* هل تعتقدين بأن كل ما يكتب من الشعر واقعيًا وليس بالضرورة أن يكون مجازيًا؟
– الشعر مزيج من الواقع والمجاز، فبعضه يعكس تجربة حقيقية، والآخر يستخدم رموزاً وصوراً تعبيرية، ولا يشترط أن يكون كل شعر واقعيًا حرفيًا، بل يمكن أن يكون مجازيًا وجماليًا.
* ما العلاقة بين كتابة الشعر الحر أو الومضة وما بين الشعر المقفى من وجهة نظرك كشاعرة؟
– الشعر الحر والومضة يمنحان مساحة للتجريب والتكثيف، بينما الشعر المقفى يعتمد على القافية والوزن، وكل نوع يعبر عن فكرة أو شعور بشكل مختلف ويكمل الآخر في التعبير الشعري.
* هنالك بعض الشعراء يتخم قصائده بالكثير من المفردات ويظن أنها من باب الحداثة …إلاّ تعتقدين بأنها نوع من الغثيان في الشعر؟
– الإفراط في الكلمات دون خدمة المعنى يثقل النص ويضعف تأثيره، والحداثة الحقيقية تكمن في اختيار الألفاظ بدقة وجمال، وليس في تكديس الكلمات فقط لخلق انطباع عصري.
* في بعض الأحيان نجد قصائد وكأنها أسنتسخت من روح قصائد أخرى…اذن أين الإبداع في ذلك؟
– تقليد روح قصيدة أخرى يفقد النص أصالته، لأن الإبداع ينبع من تجربة الشاعر ورؤيته الخاصة، وجرأته في التعبير بلغته الخاصة التي تميز نصه عن غيره.
* يقال بأن النقد السيف الذي يشذب القصيدة ، ولذلك نجد الكثير من الشعراء والشاعرات ينؤون بنفسهم عن هذا المواجهة …كيف لنا أن نقرب وجهات النظر بين الطرفين؟
– لتقريب وجهات النظر بين النقاد والشعراء يجب الحوار المفتوح والأحترام المتبادل، فالنقد البنّاء يساعد في تطوير النصوص، وينبغي أن يُستقبل كفرصة لصقل العمل وتحسينه.
* بروح رياضية وأدبية … إلاّ تشعرين بأن الاعجابات وحتى القراءات النقدية تميل إلى العنصر النسائي؟
– قد تميل بعض الإعجابات للعنصر النسائي بدافع التشجيع، لكن في النهاية الجودة والعمق هما الفيصل، والجمهور الواعي يقدر النصوص التي تحمل قيمة وأصالة بغض النظر عن جنس الكاتب.
* ما مدى تأثير البيئة والزمكان عليك كشاعرة حينما تكتبين القصيدة ؟
– تؤثر البيئة والزمان على القصيدة بشكل كبير، فالمكان يضيف صورًا وحواسًا، والزمان يحدد مزاج النص، وكلاهما يلهمان الشاعر ليخلق نصًا مميزًا يعكس تجربته الخاصة.
* حدثينا عن أنطباعك عن الشعر العراقي ، ولمن تقرأين؟
– الشعر العراقي غني وعميق، أقرأ السياب ونازك الملائكة ولمظفر النواب، وأجد في أعمالهم صدق المشاعر وعمق التجربة، مما يجعلها من أهم الشعراء في تاريخ الأدب العربي الحديث.
* لمن تكتبين؟ للوطن أو للنخبة أو لشخص ما؟
أكتب للوطن حين يشعرني بالألم، للإنسان حين يخيبني، ولأشخاص تركوا بصمة في حياتي، وأحياناً للنخبة، لكن في النهاية أكتب لقلبي أولاً، فهو مصدر كل شعور وإلهام.
* ما العلاقة بين أسم القصيدة ومتنها؟
– أسم القصيدة هو مدخلها الذي يهيئ القارئ، أما متنها فهو محتوى النص وأفكاره، والعلاقة بينهما تكاملية، فالاسم يعكس روح القصيدة والمتن يحقق المعنى والرسالة التي يحملها.
* هل استخدمتِ المضادات الطبية لعلاج الأسنان في معالجة ما يعانيه الشعر من عّلل في المنطوق اللفظي للقصائد أو العكس كذلك؟
– كما تعالج المضادات الطبية أسناننا بعد تشخيص دقيق، تُعالج قصائدنا بعد تحديد نقاط ضعفها، عبر إعادة صياغة واعية ومدروسة تعيد للنص حيويته وقوته الفنية واللغوية.
* يسعى بعض الشعراء إلى إبراز مفاتن المرأة دون تفعيل دورها الإنساني والمعنوي في المجتمع …ماذا تقولين إليهم؟
– المرأة أكثر من جمال ظاهر، فهي روح وقيمة إنسانية، وعلى الشعراء أن يعطوا دورها المعنوي والإنساني مساحة في نصوصهم، لا أن يكتفوا بإبراز مفاتنها فقط بشكل سطحي.
* ربما فسحت مواقع التواصل الأجتماعي انتشار موجة من الشعراء والشاعرات دون التقيد بقواعد وأسس كتابة النص الشعري …إلا يمكننا وصفها كأعصار توسنونامي ينسف كل شيء أمامه؟
– مواقع التواصل أطلقت موجة شعرية تشبه تسونامي قوي، لكنه يتيح الفرصة لتمييز النصوص الأصيلة من التي تفتقر للعمق، فتظل الجودة والصدق معيارًا لا يغيب في بحر الكم الكبير.
نبذة عن انجازاتك ومطبوعاتك
بدأت الكتابة عام 2017، شاركت في كتب جماعية ومجلات أدبية عربية وأوروبية وكندية، وأعدّ لإصدار ديواني الأول نبض إبريل، الذي يتناول موضوعات الحب، الوطن،الأمل، والخذلان.