الشاعرة والاديبه وفاء عبد الرزاق..في انتظار وحنين لصوت مذ فارقته اوصد الامل ابوابه انه نشيد حزن اليف….
قراءة في قصيدة..

وظننتُ أنَّكَ
ذاتَ مساءٍ،،
المهدُ الذي كان يباغتُني بأغنيةِ السَّكينةِ ، حلَّ ضيفًا واهنَ الَّلحنِ،
كان ساحرَ الصَّوتِ، مسكونةً أنغامُهُ بصبايْ.
مُذْ غادرتُهُ أوصدَ الأملُ أبوابَه،لكنَّه جنونُ نهبٍ ومطارقٍ،
والطَّريقُ لا يدري أنَّ الشِّغافَ تلوكُ ذاتَها اعتصامًا من الجوعِ ، والماءُ في الماءِ غريقٌ وغريبْ.
كثيرةٌ ثمالةُ نصف الَّليلِ
يستحمُّ بيَ عطرُها , تلثمُ وشاحيَ راغبةً بطرقةٍ أليفةٍ تغمرُني؛ أعيدُ بها تنهيدَ مخاض الحسراتْ.
وظننتُكَ أنتَ اليوم،
وقت ارتديتُ أثوابي بأسفارها؛ تركتُ البابَ مفتوحًا؛ دخلَ الخطُّ المائلُ ،أطفالٌ شربتْ أرياقَهم الزَّواحفُ،
قفرٌ تغلغلَ في مساماتِ الخشبِ العتيقِ،وغلوٌّ على هواهُ يصنِّفُ التهامي.
وظننتُكَ تعرفُ حينَ أحنيتُ عوديَ سجودًا؛رجوتُ اللهَ ألَّا يلوِّثَكَ الهزالُ، ألَّا يخنقَكَ إثمُهم المؤدلج بالدِّماءْ.
وظنَنتُ بنصفِكَ، لستَ النِّصفَ ؛ ظننتُ بكلِّكَ يا بعدَ كلِّي، خمسٌ وأربعونَ خلَتْ ،ولمْ يتحرَّكْ سكونُكَ المُستباح.
رغمَ المكابدةِ مازلتُ أخادعُ ظنِّي ، ولو بتوهُّمٍ منِّي ومنكَ؛ أن نفتحَ رئاتِ “الفواختِ”ونُطلقَ الأزغبَ للنشورْ.
الفواخت: جمع ” فاخت” وهي نوع من أنواع الحمام له هديل حزين ، وحين يمشي تمايلاً يباعد بين جناحيه .القصيدة تشبه نشيدًا داخليًا لامرأة تنتظر صدى لصوتها في هذا العالم، وربما في الآخر.
وفاء عبد الرزاق ترسم ملامح ألمٍ إنساني مشترك، بطريقتها التي تمزج بين العمق النفسي والخيال الشعري الأخاذ.
هذا النصّ الشعري للشاعرة وفاء عبد الرزاق هو مناجاة عميقة بين الذات والغياب، بين الحنين والخذلان، بين الظنّ واليقين الذي لا يأتي. تحمل القصيدة طابعًا وجدانيًا شفيفًا، مليئًا بالحزن النبيل والتمسك بالأمل رغم التشظي الداخلي.
العنوان الضمني “
وظننتُ أنك”
يوحي بتعليق آمالٍ على شخصٍ غائب لم يَعد، أو لم يَكُن كما ظُنَّ فيه. الظنّ هنا ليس وهمًا فقط، بل فعلُ مقاومة للخذلان.
اللغة في النصّ شاعريّة، ذات بعد صوفي ووجداني، تتكئ على رموز مثل الحنين، الفواخت، المهد، السجود، الأزغب، الخط المائل… وكلها تشير إلى الضعف الإنساني المجبول بالأمل الخافت.
– الصور الشعرية غنية للغاية، مثل “الطريق لا يدري أن الشغاف تلوك ذاتها اعتصامًا من الجوع”، و”الماء في الماء غريق”، تُعبّر عن حالة من الدوران الوجودي واليأس المُترف بالشعر.
– الثيمة: الحنين لشخص لم يفِ، أو زمنٍ لن يعود. هناك صوت مختنق للأنثى التي ما زالت تنتظر رغم مضي السنين. وتظهر ثيمة الخسارات المركّبة: من الحب، من الطفولة، من الوطن حتى.
-الإيقاع: حر، متحرر من الوزن والقافية، ولكنه غني بإيقاع داخلي ناتج عن التكرار (وظننتُ، رجوتُ، تركتُ…)، وتكثيف العاطفة في كل مقطع.
– “الفواخت” كرمز: تمثل الحنين المغلّف بالحزن، صوت الغياب، والحمام الحزين رمز للسلام المفقود.




