الخليل الفراهيدي ما بين عُمان والبصرة | د. هادي حسن حمودي

هيئة التحريرمنذ 3 ساعاتآخر تحديث :
الخليل الفراهيدي ما بين عُمان والبصرة | د. هادي حسن حمودي

هو من الأزديين عن طريق الفراهيد، وكان إمام أهل البصرة في العلم والزهد والتقى والنبل. شهد القدماء جميعا له بذلك وبما هو أكثر منه.

وتأريخ ميلاده سنة 100 للهجرة على ما هو مشهور ومتعالَمٌ عليه.

وعن مكان ميلاده ونشأته روايتان:

الأولى: أنه ولد في عُمان وبها نشأ وتعلم.

ويتفرع منها سبب الهجرة، وقد بررها السابقون بروايتين

أ‌-      أنه أراد مناقشة الحسن البصري (تـ 110 للهجرة).

ب‌-    أراد مناقشة أبي عمرو بن العلاء (تـ 155 للهجرة).

(ثم قيل إنه كان من الخوارج فلما دخل البصرة تخلى عنهم. وقد أخذ المرحوم الدكتور مهدي المخزومي برواية انتمائه للخوارج وتخليه عنهم متابعة لروايات قديمة. ولكن لا دليل عليها إذ إن أصلها رواية واحدة قد يكون لها غرضها).

الثانية: إنه ولد في البصرة وبها درج ونشأ وتعلم. ومرتكز هذه الرواية رواية عن الأصمعي (تـ 217) وأكّدها أبو العيناء (تـ 238). وذكرتها أغلب المصادر القديمة والحديثة.

(عرّفنا بهذه الروايات والرواة في كتابينا (أسطورة سيبويه) الذي صدر و(كتاب النحو للخليل بن أحمد برواية سيبويه) المؤمّل صدورة قريبا. (وقريبٌ كلُّ ما هو آتٍ)

** كلتا الروايتين، لها ما يزكيها، ولها ما يفنّدها. ويبقى الباحث المعاصر متأرجحا بينهما. وهذا ما حدث معي، فقد اقتنعت بالرواية الأولى في كتاباتي السابقة عن الخليل، متابعة للقائلين بها وعلى رأسهم المرحوم الدكتور مهدي المخزومي، وبقيتُ على هذا إلى أن نوقشتُ بأدلة الرواية الثانية.

التوافق:

ما ذُكر في السطور السابقة يتأسس على واقع غير ما كانت عليه الأوضاع في القرن الثاني للهجرة، قرن مشيخة الخليل بن أحمد.

كيف؟

البصرة من المدن العربية القديمة، سكنتها قبائل من الجزيرة العربية ومنها قبيلة الأزد منذ ما قبل الهجرات التي وقعت مع بداية عصر التصحر.

ويذكر ياقوت الحموي في معجم البلدان أحياء الأزديين فيها بشتى فروعها. إلى أن تقسمت الأراضي العربية إلى ولايات (عثمانية) بعد استيلاء العثمانيين على بغداد 1534 وعلى البصرة 1546. وقد شهدت هذه الفترة ظهور اليعاربة وامتداد الإمبراطورية العمانية.

ولم تمتد (العثمنة) إلى جزيرة العرب بما فيها عُمان واليمن. فإلى القرن السادس عشر، لم يكن العثمانيون قد استولوا إلا على أجزاء يسيرة من الحجاز وتهامة والأحساء.

وهكذا أخذت البصرة وضعا جديدا تكرس في العصور الحديثة ضمن (الدولة) العراقية في أعقاب الحرب العالمية الأولى.

في القرن الثاني للهجرة لم تكن حدود انفصال بين العراق والجزيرة العربية. فانتماء الناس كان إلى قبائلهم وإلى المدينة التي كانوا فيها. فالذي يولد في مضارب قبيلة ما، ينتمي لقبيلته لا إلى دولة محددة سواء كانت ملكية أم جمهورية، ولذلك يُنسب عادة إلى قبيلته ومدينته ميلادا ونشأة. وهكذا تداخلت الروايتان بحيث يصعب اتخاذ قرار موضوعي بشأن أين كانت ولادة الخليل. فما على الباحث إلا أن يذكر الروايات ويترك القرار الأخير لما ستظهره البحوث لاحقا. فسواء كانت ولادته في البصرة أم في عُمان فالمهم إبداعه وصفاته, ثم إن هذا الموضوع ليس محورا رئيسا في البحوث اللغوية. لذا فلا تأثير له في دراساتنا عن الخليل بما فيها (أسطورة سيبويه) و(كتاب النحو للخليل برواية سيبويه).

عاجل !!